لك يا ابن فيلا الباسل احتشدا
حوليك قومك ينظم العددا
أنتم إزاء الفلك قابلكم
فوق الهضاب يعج جيش عدى
•••
لم يبق من حورية سكنت
نبعًا جرى أو جدولا جدلا
أو غابة أو روضةً نضرت
إلَّا سعت فورًا لتمتثلا
فإذا بهم والصَّرح غصَّ بهم
من حول زفس بمحفلٍ حشدا
•••
جلسوا على سدد تفيض سنا
لأبيه هيفست النبيل بنى
ومزعزع الأرضين من لجج الـ
ثم انبرى إذ قرَّ وسطهم
مستفسرًا عمَّا دعاه هنا:
«يا ذا الذي يرمي الصَّواعق ما
أفضى لحشد بني العلى وبدا
•••
أبذينك القومين تفتكر
والحرب بينهم ستشعر»
فأجاب ركام الغيوم: «نعم
أدركت ما علقت به الفكر
ما زلت دومًا عانيًا بهم
حتى ولو هلكوا ولو دمروا
فأنا أسرح ناظري جذلًا
فوق الألمب إذا اللظى اتقدا
•••
وجميعكم بين السرى انقسموا
وبسلك أي شئتم انتظموا
ما خلت طروادًا تطيق لقا
آخيل لو فذًّا بدا لهم
مرآه راعهم فكيف وقد
أضحى على فطرقل يحتدم
لا بدع إن دك الحصون وإن
قصد القضاء خلاف ما قصدا»
٦
•••
فبهم أوار الفتنة التهبا
وتطايروا كل كما رغبا
للفلك هيرا أسرعت وكذا
فالاس ثمة فوسيذٌ ذهبا
وكذلك القوام هرمس والـ
ـجبار هيفست القوي عقبا
يجري يخمع لا تطيق له
ساقاه حملًا إن جرى وعدا
•••
وأريس ربُّ القونس القلق
أمَّ الطراود بادي الحنق
وكذاك لاطونا وزنث جرى
من ضفتيه جري مندفق
•••
وقبيل ما آل العلى انحدروا
كرت سرى الإغريق تفتخر
آخيل عاد عقيب عزلته
ولهول رؤيته العدى صغروا
ألفوه مشتدًا بشكته
كأريس هول الإنس يستعر
وبنو العلى بالناس ما اشتبكوا
حتى غمام الفتنة التبدا
•••
فالاس بين الثغر والحفر
صاحت تشدد جملة الزمر
وأريس هبَّ هبوب عاصفة
يغري طراوده على الأثر
بهضاب سيموس يهدُّ وفي
قبل المعاقل واري الشرر
فكذلك الأرباب فتنتهم
صدعت وزفس من العلى رعدا
•••
فتنوا سرى الجيشين فاصطدما
وفسيذ هزَّ الأرض محتدما
فارتج إيذا من دعائمه
حتى أماد بميده القمما
وتزعزعت طروادة وغدا
بالفلك وجه اليم ملتطما
حتى بجوف الأرض آذس عن
عرش الجحيم اهتزَّ مرتعدا
•••
بالويل صاح وهاله الخبر
يخشى فجاج الأرض تنفجر
ومنازل الظلمات ظاهرة
تبدو يراها الجن والبشر
تلك الوهاد اللاء مخبرها
حتى بنو العليا له ذعروا
ولذاك زلزال العوالم إن
بسرى العلى عادي الشقاق عدا
•••
لفسيذ ملك الهول مذ ظهرا
فيبوس بين سهامه صدرا
ولهرمسٍ لاطونةٌ برزت
وإلى أثينا آرس انحدرا
ولزوج زفس بدت شقيقة من
في القاصيات سهامه نشرا
•••
وعلى هفست انقض مصطفقا
ذيالك النهر الذي اندفقا
في الخلد زنث جرى اسمه وكذا
بالإسكندر في الورى انطلقا
هذي هي الأرباب فتنتهم
وأخيل ظلَّ يؤج محترقا
للقاء هكطور وخرق سرى
تلك الكتائب صبره نفدا
•••
يذكر ليروي في تحدُّمه
رب الوغى السَّفاك من دمه
لكن فيبوسًا أثار له
أنياس يعصم بأس معصمه
في شكل ليقاوون خاطبه:
«أنياس أين صلى تعظمه
•••
قال: «ابن فريام علام على
رغمي إليه تسوقني عجلا
ليست بأول مرة ثبتت
قدمي لديه فأمني فشلا
في إيذة من وجه صعدته
وليت قبلًا هالعًا وجلا
•••
لكن زفس مشددا زكى
وقواي أنقذني من العطب
أولًا فكان أبادني عجلا
وأمامه فالاس في الحجب
توليه نصرتها ليقتضب الـ
ـليليغ والطرواد بالقضب
ما كان إنسيٌّ له كفؤًا
وبنو العلى كانوا له عضدا
•••
إن يرم صانوه وحيث رمى
طارت مناصله تسيل دما
فلو أنهم ما بيننا عدلوا
ما سامني ذلًّا كما زعما
حتى ولو صلبت مفاصله
مثل النحاس وصال واقتحما»
فأجاب فيبوس: «ادع أنت إذن
رهطًا بأكناف العلى خلدا
•••
فلعفرذيت ساقك النسب
ولبنت شيخ البحر ينتسب
فإذن لك الرجحان عن ثقة
حسبًا وزفس لعفرذيت أبُ
فهلم بادره بنصلك لا
يأخذك من نعراته الرعب»
من ثم أفرغ فيه قدرته
فانقضَّ لا يرتدُّ مبتعدا
•••
فرأته هيرا بارزًا يثب
من جيشه لأخيل يقترب
فدعت إليها من بطانتها
من نصرة الأرغوسة اطلبوا
قالت: «أثينا فُوسذُ انْتَبِها
لِمَآلِ حَربٍ دُونَها الحَرَبُ
أنياس رام أخيل مدّرعًا
بأسًا على فيبوس معتمدا
•••
فيبوس فلندفع بلا مهل
أو بعضًا فورًا أخيل يلي
ويخولنه فوق شدته
بأسًا ويعصمه من الوجل
فيرى عيانًا صيد أسرتنا
أولوه ودًّا جل عن مثل
وجميع أحلاف الطراود ما
هالوا وعنَّا يقصرون يدا
•••
أفما انحدرنا للكفاح هنا
لنقي أخيل اليوم كل عنا
فمناظر الأرباب مرعبةٌ
ولأي إنسيٍّ بدت وهنا
من ثم فليرد الحمام كما
غزل القضاء سنيه مذ وجدا»
•••
فأجاب فوسيذ: «دعي الشططا
ما كان شأنك أعهد الغلطا
ما رمت إذ كنَّا أشدَّ قوًى
حرب العباد نلي فننخرطا
للإنس خلي الحرب نرقبها
من فوق ذاك التل طي غطا
وإذا أريس وفيبس اعتديا
فورًا عمدنا مثلما عمدا
•••
وأخيل إن ردا وإن ردعا
فهناك بأس أكفنا صدعا
وهناك ظني للعلى هلعًا
نلقاهما لسرى العلى رجعا»
من ثم فوسيذٌ بأسرته
هرعوا إلى السور الذي ارتفعا
سور لأجل هرقل قبل بنت
فالاس والطرواد مذ جهدا
•••
مِن وَجْهِ وَحشِ البَحرِ فيهِ لَجا
لمَا عَلَيهِ هاجمًا خَرَجا
فهناك فوسيذٌ بمن معه
في طي حجب غمامةٍ ولجا
وإلى رياض هضاب سيميس
فيبوس مال وآرس عرجا
بجميع أنصار الطراود من
حوليهما فوق الربى قعدا
•••
وكذا من الصويين قائمة
لبثت سرى الأرباب ناقمةً
ظلت عناك بظل عزلتها
عن ساحة الهيجاء واجمة
لكن زفس بعرش عزته
قاضٍ بأن تنقضَّ هاجمةً
وصفائع الجيشين ساطعة
أجَّت ونقع خطاهما صعدا
•••
والأرض تحت الرجل والعجل
مادت لوطأة هاته الملل
من كل جيش زفَّ مقتحما
بطلٌ تحدَّم أيما بطل
أنياس رب البأس قابله
آخيل رب البيض والأسل
هز القناة مبرزًا وعدا
أنياس في الميدان منجردا
•••
في رأسه أعراف خوذته
قد هاج يرفع صلد جنته
فانقضَّ آخيل كليث شرى
نهض الجموع لكسر شوكته
فزعت لهم كل البلاد فلم
يعبأ وظلَّ على سكينته
حتى رماه بهم فتيتهم
بقنًا فأحدق مرغيًا زبدا
•••
حنقًا تقدَّم فاغرا فمه
يصلي بمهجته تضرُّمه
أسنانه صرَّت ومقلته
بشرارها تذكي تحدُّمه
ولذيله في صفحتيه غدا
قرع يروع من توسمه
فيهب منقضًا ليهلك أو
ليبيد من أبطالهم عددا
•••
فلذاك آخيل تحرقه
للقاء أنياسٍ يشوقه
حتى إذا ضاق المجال أتا
ه مخاطبًا بالعنف يرمقه:
«أنياس جيشك لم أراك كذا
برزت عنه إليَّ تسبقه
أزعمت فريامًا يشاطراك الـ
أحكام في طروادةٍ أبدا
•••
كلَّا فلن يجزيك ذاك فما
هو قاصرٌ حكمًا بما حكما
كلَّا وإن ما بي ظفرت هنا
فلديه أبناء سموا عظما
ولعله إن بي فسكت إذن
من أرضه لك يجزل الكرما
بقعًا زهت كرمًا ومزرعها
خصب فتحشد كل ما حصدا
•••
هيهات تدرك ها هنا الأربا
أفما لواك مثقفي هربا
أفما ادَّكرت اليوم يوم على
إيذا فررت لديَّ مضطربا
إذ عن سوامك قد فصلتك لم
تنفت فردت وراءك الهضبا
فلجأت في لرنيسة وأنا
هدَّمت من لرنيسة العمدا
•••
زفسٌ وآثينا بعونهما
إذ واصلاني عدت مغتنما
وسبيت منها الغيد مستلبًا
حرية متعنها قدما
لكن زفس وآله حفظوا
أنياس حتى ناجيًا سلما
وإخالهم ذا الحين ما عبئوا
فيه فصانوه كما اعتقدا
•••
فارجع نصحتك بين قومك لا
تتصدَّ لي فتسام شرَّ بلا
فالغر ليس بذاعن أبدا
إلا إذا بهوانه اتصلا»
قال: «ابن فيلا لست أعجز عن
فظ الكلام فذلك ابتذلا
أزعمت إرعابي بقولك ذا
أو خلت تلقى ها هنا ولدا
•••
إن غاب عن أبصارنا الأثر
ما غاب عنَّا العلم والخبر
فنقد روى الراوون قبل لنا
آثار أسلافٍ لنا اشتهروا
لأياك إمَّا كنت متصلًا
وكذا لثيتيس كما ذكروا
للزهرة الغرَّاء منتسبي
والشهم انخيسٌ أبي عهدا
•••
لا بد إحدى الأسرتين ترى
ذا اليوم نادبةً فتى قهرا
ما كان لغو القول فاصلنا
عن موقف الطعن الذي استعرا
ولئن ترم تحقيق نسبتنا
وفقًا لما قد ذاع وانتشرا
فاعلم فدردنوس وهو فتى
زفسٍ بنى دردانيا بلدا
•••
إليون في ذيَّالك الزمن
في عرض هذا السهل لم تكن
والناس قد كانت منازلهم
في سفح إيذا الشامخ القنن
من ثم دردانوس منه نشا الـ
ـمولى إرخثونٌ فتى الفطن
أثرى الورى طرًّا مسارحه
مرحت بهنَّ خيوله رغدا
•••
ألفٌ وألفا حجرة سرحت
من خلفها أفلاؤها مرحت
فعلقن باثني عشر ما سحقت
قمم السنابل حيثما رمحت
وإذا هبين على البحار فمن
فوق المياه وثبن مطردا
•••
هذا إرخثونٌ ومنه نما
أطروس من طروادةً حكما
إيلوس عساراقسٌ وكذا
غانيمذٌ أبناؤه العظما
غانيمذ لجمال طلعته
رفعته أبناء العلى فسما
•••
إيلوس كان للومذون أبا
وللومذون طثونٌ انتسبا
وكذاك فريام قليطيسٌ
هيقيطوون ولمبس النجبا
وبنجل عساراقس عرفوا
قافيس جدي من علا رتبا
فأبي ابنه أنخيس كان كما
فريام هكطوٌر فتاه غدا
•••
هذا فخاري نسبتي ودمي
ولزفس ذلك قيم الأمم
إن شاء أعلى همَّة وإذا
ما شاء أوهن عالي الهمم
فهنا مجال الطعن ليس لنا
كالولد فيه ساقط الكلم
فلسان كل فتًى بفيه يرى
ذلقًا ومهما يبتغي سردا
•••
ميدان هذا اللغو متسع
وسبابهم من أسمعوا سمعوا
فعلام كامرأتين أشربتا
سفهًا بموقع حطة نقع
شتمًا تقاذفتا بقارعة
كذبًا على صدق بغير هدى
•••
كلَّا فلست برائعي جزعا
أقبل نجل صم النصال معا»
من ثم أرسل رمحه فمضى
وعلى المجن سنانه وقعا
فعليه صلَّ وفوق هامته
آخيل صلد مجنه رفعا
قد خاف أن الرمح يخرقه
لكنما ذا الخوف كان سدى
•••
هيهات عجز الإنس يعمل في
ما أولت الأرباب من تحف
وقف السنان على النضار فلم
ينفذ ولولا ذاك لم يقف
خمسٌ طباق الترس طرَّقها
هيفست تدفع آفة التلف
نضد اثنتين من الفلز على
ظهر المجن ونعم ما نضدا
•••
وعليهما لوحٌ من الذهب
ومن النحاس صفيحتا عجب
خرق النحاس النصل يرجع عن
لوح النضار رجوع مضطرب
فرمى أخيل سنانه فمضى
في جوب أنياسٍ ولم يخب
في صفحةٍ حيث النحاس عليـ
ـه السبت رقَّ وطائرًا صردا
١٦
•••
متلملمًا أنياس مستترا
مدَّ المجن أمامه حذرا
فقناة فليون به نفذت
والجوب ماد يصلُّ منكسرا
١٧
والنصل أنياسٌ رآه إلى
وجه الثرى عن وجهه صدرا
•••
فنجا ولكن صدره انتفضا
وأخيل صاح ودونه اعترضا
سلَّ الحسام وفي حزازته
أنياس هائل صخرةٍ قبضا
بطلين تجهض في زمانك ذا
فبها بغير تكلف نهضا
ومزعزع الأرضين بأسهما
من حيث فرَّ مراقبًا شهدا
١٩
•••
لولاه أنياسٌ بحدته
لرمى أخيل بصلد صخرته
ولكان صان أخيل مجوبه
أو خوذة لمعت بجبهته
ولكان سيف أخيل في يده
أنياس أدنى من منيتَّه
لكن فوسيذا بأسرته
في الحال صاح ينيله المددا:
•••
«أنياس آخيل سيقتله
أسفًا ونحو أذيس يرسله
فيبوس أغواه فدان له
جهلًا وذا فيبوس يغفله
فعلام وهو البر تدهمه
نوب الأنام ونحن نهمله
ما قط عن بث الفروض لها
بين العباد لكل من عبدا
•••
لا شكَّ زفس يغاظ إن سفكا
دمعه أخيل فاتقوا الملكا
يأبى القضاء له الهلاك هنا
وسليل دردانوس ما هلكا
أو كيف دردانوس أسرته
طرًّا تبيد وتألف الدركا
وهو الذي من نسل زفس له
في الإنس عهد الود قد عقدا
•••
فعلى بني فريام قد غضبا
زفسٌ وأنياس اجتبى وحبا
فلذاك سوف يسود محتكمًا
بين الطراود كيفما رغبا
وبنوه ثم بنوهم وكذا
من بعدهم من ولدهم نجبا»
٢٠
•••
لكنما فالاس أقسمت
ولكم أنا أقسمت من جهتي
أن لا نعين بني الطَّراود لو
إليون بالنيران ألهبت»
فانقض فوسيذٌ لمشتجر الـ
أرماح حيث الصم صلصلت
حيث ابن أنخيس بصخرته
وحسامه آخيل قد جردا
•••
فلدى أخيل غمامةً نشرا
غشيت نواظره فما نظرا
ومن المجن اجتر زانته
وأمامه ألقى بها وجرى
وبوثبةٍ فوق الرجال ومن
فوق العجال بنده عبرا
فإذا به طرف الكتائب حيـ
ـث معسكر القفقونة انتضدا
•••
قال: «ابن أنخيس وأي سري
أعماك فاستهدفت للخطر
آخيل آل الخلد تؤثره
ولقد عداك فكن على حذر
أولا فدار أذيس تبلغها
بالقسر عمَّا خطَّ في القدر
وسواه في الإغريق لا بطلٌ
تلقى إذا لاقيته الشددا
•••
وإذا القضاء أباده فجل
صدر الكتائب باطشًا وصل»
من ثم غادره بموقفه
وخلاف هذا القول لم يقل
وأنار حول أخيل فانقشعت
تلك الغياهب عنه في العجل
فرأى وصعد حر زفرته
لهفًا يناجي النفس والخلدا:
•••
«رباه أيَّ عجيبة رمقا
طرفي فذا رمحي الذي انطلقا
لا أبصر القرم الذي طعنت
كفي أروم هلاكه حمقًا
قد خلت أنياس انتمى خطأ
لبني العلى فإذا به صدقا
إن ينج حينًا حسبه فرجٌ
ابدًا فهذا الورد لن يردا
٢٢
•••
ولأدفعن كتائبي وأنا
لي عنه في بهم العداة غنى»
ومضى يجوب صفوف فيلقه
علنًا يمنيهم بليل منى:
«هلَّا رأيت بني أخاي هنا
كل امرئ منهم فتًى طعنا
•••
لا آرسٌ ذا الجمع إن هجموا
أو نفس فالاسٍ تصدُّهم
سأكرُّ ما ثبتت قوى قدمي
ويدي أصول بهم ولا أجم
وأخوض كل سرى كتائبهم
في همة من دونها الهمم
خا خلت من يلقى ظبي أسلي
هذا اللقاء هنيهةً حمدا
•••
فهنا أخيل يحثُّ عصبته
وهناك هكطورٌ بطانته:
«نبلاء طروادٍ أخيل فلا
تخشوا تبجحه وصولته
وأنا أطيق كذاك عن حمقٍ
رهطُ الخلود أهين حرمته
•••
إن قال بعض القول ثم وفى
فبسائر الأقوال قد هرفا
فلأبرزنَّ له لو التهبت
كالنار كفَّاه كما وصفا
كالنار لو كفَّا ألهبتا
أو كالحديد الصلب لو وقفا»
فارتدت الطرواد مسبلةً
سمر القنا مشتدة جلدا
•••
وتكثفوا وعلا هديدهم
لكن جرى فيبوس بينهم
قال: «ابن فريام أخيل على
جدة هنا إيَّاك تقتحم
قابله في قلب السُّرى أبدًا
إذ غص بالدّرَّاع حشدهم
•••
فارتاع هكطورٌ لما سمعا
وانصاع بين جنوده هلعا
وأخيل صاح تروع هدته
وبعزمه بين العدى اندفعا
بسليل أطرنت إفيتين
من خير صيد جنودهم شرعا
في سفح إيمولٍ بهيذة ذا
ت الخصب من حوريةٍ ولدا
•••
لاقاه آخيلٌ بكرَّته
بالرمح يفلق صلب هامته
فهوى يصلُّ سلاحه وعدا
آخيل مفتخرًا بنصرته:
«يا أشجع الأبطال أنت هنا
ميتٌ نأى عن أرض نشأته
عن بحر غيفس حيث هيلس والـ
ـهدَّار هرمس قد سقى الجددا»
٢٦
•••
غشى ظلام الموت مقلته
والمركبات ترضُّ جثته
وأخيل ذيمول بن انطنر
ذا الباس أورده منيته
في الصدغ وارى رمحه فمضى
للعظم مخترقًا تريكته
قضَّ الدماغ فقضه بطلا
واري العزيمة باسلًا نجدا
•••
وهفودماس رماه مذ وثبا
عن خيله متملصًا هربا
في ظهره فأكبَّ يزار مثـ
ـل الثور قيد لفوسذٍ قربا
وكذاك عج هفودماس إلى
أن فارقت أنفاسه الجسدا
•••
ومن ثم آخيل انثنى وسعى
وفليذر ابن مليكهم صرعا
من ولد فريامٍ وأحدثهم
سنًّا وأعداهم إذا طلعا
وأحبهم طرًّا إليه لذا
منع الوغى عنه فما امتنعا
فجرى بصدر الجيش مفتخرًا
في عدوه حمقًا وما رشدا
•••
آخيل وافاه بعدوته
في الظهر ينفذ حدَّ صعدته
حيث النجاد هناك يكنفه
حلق النضار ووصل لأمته
نفذ السنان إزاء سرَّته
فأكبَّ يشهق فوق ركبته
أمعاؤه اندلعت فأمسكها
بأكفه للأرض مستندا
•••
فرآه هكطور فهاج أسى
فورًا وعينيه الظلام كسا
فانقضَّ مثل النار يؤلمه
أن ظل من آخيل محترسا
بشحيذ منصله انبرى ومضى
يجري أخيل وباللقا أنسا
قال: «اطمئني نفس هاك بدا
من قد أذاب حشاشتي كمدا
•••
ذا قاتل الخل الحبيب دنا
فعسى هنا فصل الخطاب لنا
ما بعد هذا القرب من فرج
بلياذنا بالجيش يفصلنا»
ومن ثم أحدق ثم صاح به:
«هيَّ ادن فالموت الزؤام هنا»
فأجابه من غير ما جزعٍ:
«أفخلت تلقى ها هنا ولدا؟
•••
لن تجزعني هاته الكلم
لن يعجزني شتم من شتموا
لن أبخسنك طول باعك لا
إذ فقتني والبهم كلهم
لكنما الأرباب عصمتنا
يؤتون من شاءوا ولاءهم
ولعل ذا النصل الشحيذ إذا
وافاك في أحشائك اطردا»
•••
ورمى القناة وفي الخفا وقفت
فالاس تنفخ حينما حذفت
رجعت لدى قدميه ساقطةً
وعن ابن فيلافي الهوى انحرفت
فعدا أخيلٌ ثائرًا حنقًا
في هدةٍ بين السرى قصفت
لكن فيبوسًا بقدرته
وولائه هكطورًا افتقدا
•••
بغمامةٍ دهماء حجبه
وأخيل منقضًّا تعقبه
فعدا ثلاثًا ضاربًا حنقًا
بطن الغمام يضيع مضربه
ثم انبرى كالرَّب رابعة
بهديده يوري تلهبه:
«ذي نجوةٌ أخرى وذاك جدا
فيبوس يا كلبًا وأيُّ جدا
٢٨
•••
ما خضت نقع الحرب مزدلفا
إلَّا لجأت لعونه سلفا
فلئن أتل نصر الأولى نصروا
ما عدت إلى منك منتصفا
والآن لي بسواك عنك غنى
في كل ما بلغت يدي وكفى»
•••
وسليل فيليتور البطلا
ذيموخسًا وافى وقد قفلا
في طعنةٍ نفذت بركبته
فرمته ثم بسيفه حملا
وعليه أجهز ثم كرَّ على
ولدي بياسٍ عمدة النبلا
•••
فكلاهما كانا بمركبة
وكلاهما خرَّا بصلصلة
هذا يراه بالحسام وذا
بمثقف للموت منصلت
وغدا فلاح فتى ألسطر أطـ
ـروس لديه بقلب معمعة
فلركبتي آخيل مرتميًا
أحنى ومنهدَّ القوى سجدا
•••
قال: «اعف وارفق بالصبا كرما
مذ كنت تربك واحقن دما»
وا جهله قد فاته حمقًا
أنَّ ابن فيلا قط ما رحما
لندائه ما رقَّ يسمع بل
بحسامه ذك الندا حسما
في طعنة فهقت بسيل دمٍ
واستخرجت من جوفه الكبدا
•••
من ثم من موليس اقتربا
وبصعدة ذك الفتى ضربا
خرقته من أذن إلى أذنٍ
فأكب فوق الأرض منقلبا
وتلاه إيخكلوس آغنرٍ
بمهندٍ في رأسه نشيا
•••
وبزند ذوقليون البطل
وارى السنان بمجمع العضل
فأميل ساعده بثقلته
فثوى يراقب وافد الأجل
بحسامه آخيل هامته
أنأى بخوذته ولم يمل
متناثرًا طار الدماغ ومنـ
ـه الجسم ظلَّ هناك منجردا
•••
وتلاه رغموس بن فيرس من
كانت له إثراق خير وطن
فسنانه آخيل أنفذ في
رئتيه لمَّا بالسنان طعن
فارتاع آريثوس سائقه
فلوى العنان وللفرار ركن
في ظهره آخيل بادره
فأكبَّ والخيل انثنت زؤدا
٣٢
•••
هذا أخيل وتلك سطوته
كالرب صال تروع صولته
حيث انبرى أجرى سيول دمٍ
واجتاحت الأعداء كرَّته
مثل اللهيب بقنةٍ كسيت
أجمًا بها تشتدُّ هبته
حيث الرياح جرت به التهم الـ
أشجار يحطم كيفما وقدا
•••
وكأنما في بيدرٍ طرقا
ثوران فوق السنبل انطلقا
يبسط الشعير لديهما فغدا
بخطاهما يندق منسحقا
داسا وعجَّا تحت نيرهما
ومن السنابل حبُّها اندفقا
٣٣
وكذا بمركبةٍ أخيل جرى
فمضت تدوس البهم والزردا
•••
ومن المحالات النجيع غدا
ومن الحوافر طائرًا أمدا
متفجرًا سيلًا يخضب ذا
ك الجذع تحت الخيل والعددا
٣٤
وأخيل للشرف الرفيع وللـ
ـعز المنيع به المرام حدا
وبراحتيه وقد تخضَّبتا
نقع العجاج على الدما جمدا
٣٥