تَمَنَّعَ في الطرواد يخفُر جندُهم
وفرط الأسى والبث هد الأخائيا
يُساق لهم من موقف الخلد رعدة
يلازمها داعي الفرار مباريا
٢
وتخفُق أحشاهم كما اللُّجُّ خافق
إذا لقي البحر الرياح السوافيا
ومن بطن إثراقا دبورٌ وشمأل
معًا هبَّتَا فيه هبوبًا مفاجيا
٣
فتركُم دُهْمُ الموج من فوق يَمِّهِ
وتقذفها حتى تجوزَ الشواطيا
٤
وأتريذ والتبريح ينتاب لُبَّهُ
يطوف بهم يدعو الدعاة تواليا
ويأمر بالشورى بأن يهمسوا بها
بأسمائهم للصِّيد واجتاز عاديا
وبلغ صدر الجند حتى إذا بَدَوْا
جلوسًا وصمت الحزن بَرَّحَ باديا
٥
على قدميه قام والدمع هامرٌ
تدفَّق من عينيه كالسيل هاميا
كشؤبوب ماءٍ شُقَّ من قلب صخرة
وفي زفرات الحزن صاح مناديا:
«أحبَّاي والأقيال والصيد خلتُني
رماني زفسٌ في حبائل آتيا
وقد كان والاني بإيماء رأسه
بأنَّا بإليونٍ نَدُكُّ المراميا
ولا ننثني للأهل إلا بسَبْيِهَا
فمانَ وما أغراه فيما رمانيا
فقدتُ صناديد الرجال وقد قضى
عليَّ إلى أرغوسَ أرجعُ خاسيا
نعم ذاك أمرٌ شاءه الآمر الَّذي
يُقَوِّضُ أركان البلاد العواتيا
فهَيُّوا أطيعوني الهزيمةُ مغنمٌ
بعودتنا إني أرى زفسَ قاضيا
وأصدقكم وعدًا يقينًا فلن نرى
معاقل إليونٍ رُكامًا فوانيا»
٦
أصاخوا وطال الصمت فوق وُجُومِهِمْ
فصاح ذيوميذٌ أخو البأس عاليا
«شططت أَأَتْرِيذٌ وأول منكرٍ
لقولك ذا لا تَحْنَقَنَّ أرانيا
فذا حق شُورانا وقبلُ بهمتي
عَبِثْتَ وقد أعلنتَ عزميَ واهيا
بذا شهد المردان والشيب جملةً
على أن زفسًا قسَّم الرزق وافيا
فلم تؤت بأس الكفِّ والبأس أولٌ
وأوتيت فخر الملك والعزِّ ثانيا
٧
أأحمق هل خلتَ الأراغس أُوهِنُوا
فإن رمت عَودًا دونك السبل هاهيا
وذي السفنُ اللائي عزمت بِهِنَّ مِن
مِكِينَا تراها بالجدود رواسيا
٨
وسائرُنا لن نبرحنَّ بأرضنا
إلى أن نرى هذي الحصونَ بواديا
وإن آثَرَ الكلُّ انهزامًا وعودة
فإني وَأَسْتِينِيلُ نكفِي الأعاديا
نقاتلهم حتى نفوزَ بدكها
وينصرني ربٌّ لحربٍ دعانيا
٩
فضجت له الإغريق ضجة مُطْرَبٍ
وقام بهم نسطور يخطب تاليا:
«سموتَ ذيوميذٌ ببأسك مثلما
برأيك بالأتراب قد كنت ساميا
١٠
فما لك في الإغريق لومةُ لائم
ولكنَّ فصل القول ما زال خافيا
فأنت فتًى لو قيس عمرك لم يكن
لأحدث أبنائي الصغار مساويَا
على أنك اخترت الحصافة منهجًا
وصيد السُّرَى خاطبتَ بالحق عانيا
وإني وحسبي الشَّيْبُ دونك مفخرًا
سيجمع أطراف الحديث كلاميا
ولن ألتقي بالقوم حتى زعيمِهم
أخي المجدِ أَتْرِيذٍ لقولي لاحِيا
فلا شرع لا مأوى ولا أسرة لمن
بِفِتْنَتِهِ في القوم يُفسد عاثيا
١١
فقد خيم الليل البهيمُ فهَيِّئُوا
طعامكم ولنُحْكِمَنَّ التصافيا
ويخفُر من فتياننا حرسٌ على
حفير خططناه لدى السور صاحيا
لك الأمر أتريذٌ أقمهم وأولمن
لشيبك منهم تأخذ الرأي شافيَا
فخيمُك فاضت بالرحيق تسوقه
سفائن إثراقا بها جاء ضافيا
وعندك ما تبغي لخيرِ وليمة
وعدةُ غلمان تناهت تناهيا
وعند التئام القوم تجمع رأيهم
وتتبع ما قد كان بالقصد وافيا
فما أحوج الإغريق للرأي والعدى
أُوَارُهُمُ أضحى لدى الفلك واريا
فَلَيْلَتُنَا هذي وَوَا حَظَّ من رأى
سنَهْلِكُ فيها أو ننالُ الأمانيا»
١٢
أصاخوا ولَبَّوْا ثم هبَّت خفارةٌ
بشِكَّتِهَا منهم تَجِدُّ المساعيا
يقودهم من نخبة الجند سبعة
ثَرِيسِيمُ نسطورَ الملقب راعيا
وَيَلْمِينُ عَسْقَالَافُ مِنْ وِلْدِ آرِسٍ
وَمِرْيُونُ ذِيفِيرٌ كذاك أَفَارِيَا
وَلِيقُومُ قُرْيُونٍ وكلٌّ مُؤَمَّرٌ
على مئة منهم تَقِلُّ العواليا
فحلوا انتظامًا بين سور وخندق
وأَذْكَوْا لإعداد الطعام المذاكيا
١٣
وأتريذُ وافى بالشيوخ لخَيْمِهِ
لمأدَبة فاضت طعامًا مُوَافِيَا
فلما بأيديهم قَضَوْا من أمامهم
وكلُّ الظما والجوع أُجْلِيَ نائيا
بدا من بهم فاق اختبارًا وحكمةً
نبيلهم نسطور يخطب باديا:
«أَأَتْرِيذُ مولى الصيد أول من جرى
وآخر من يجري إليه مقاليا
١٤
توليتَ من زفس عصا الملك واليًا
شعوبًا سمت عَدًّا ونِلْتَ المعاليا
١٥
لك الرأي والإصغاء والأمر تنتقي
بآرائنا ما شئت تأتيه راضيا
وتنفذ قولًا قاله أيُّنا إذا
مضى عن فؤادٍ ظل بالخير ساعيا
فرأيي أراني لستَ تؤتى نظيره
وما هو في ذا الحين جالَ بباليا
أردِّدُهُ منذ استلبت أخيلَنا
بَرِيسا على رغم الأراغس باغيا
تولَّاك كيد النفس كبرًا فلم تُصِخْ
لحُكْمِي وقولٍ فيه جئتُك ناهيا
وقمتَ وأغلظتَ المقال لسيد
سما شرفًا حتى بني الخلدِ راقيَا
ومهما يكن من بُعْدِ مَنْآهُ فلنجدْ
سبيلًا لنستصفيه يأتِ مصافيا
نلينُ له قولًا به نَسْتَلِينُهُ
ونُتْحِفُهُ منَّا الصلات السَّوانيا»
١٦
فقال أغاممنون: «أخطأتُ إنما
أصبتَ بتثريبي ولستُ بمنكِر
فإن فتًى زفس اصطفاه وزادنا
وبالًا لِمَنْآهُ يُقاسُ بعسكر
عَثا بي داعي الشر حتى أهنتُه
وعَلِّيَ إن أستغفر الذنبَ يغفرِ
سأُتحفه غُرَّ الهدايا وكلكم
شهود على قولي بحافل محضري
مناضد سبعًا لم ترَ النار جُدَّدًا
وعشرين طَسًّا ساطعاتٍ لمنظر
١٧
ومن ذهبٍ يغلو شواقل عشرة
وخيرَ جياد تُحْرِزُ السبق ضُمَّرِ
١٨
فيحرزها اثنَيْ عَشْرَ أجرد سلهبًا
حبتني كُنُوزًا في السباق المُكَرَّرِ
١٩
كنوزًا إذا ما نالها أيُّما امرئٍ
ترفع عن شكوى شجيَّةِ مُعْسِرِ
وسبع غوانٍ فُقْنَ حسنًا وصنعةً
من اللاءِ في لسبوس نال بأبترِ
٢٠
وقد كُنَّ لي سهمًا وذلك عندما
تولى عليها بالطِّعان المدَمر
كذاك بَرِيسَا مُقْسِمًا ومُثَقِّلًا
بأني إليها القربَ لم أتصور
فهذي صِلاتي اليوم يُحْرِزُهَا وإن
ننل دَكَّ إليون بحكم مُقَدَّرِ
نضارًا وصفرًا يُؤْتَ ملءَ سفينةٍ
وعند اقتسام السَّبْيِ بالغيد يظفرِ
بعشرين حُسنًا فُقْنَ غير هِلَانَةٍ
له بانتقاها خيرةُ المتخير
وإما رجعنا للخصيبة أرغُسٍ
يكونَنَّ صِهْرِي بالمقام الْمُوَقَّرِ
يُجَلُّ كأورستَ الحبيبِ الذي نشا
بأرغد عيشٍ في يسار مُوَفَّرِ
٢١
ثلاثٌ بناتي هن أَخْرِيْسَثِيْمةٌ
ولَوْذِيقُ أَفْيَانَاسُ من يرضَ يَخْتَرِ
ولست بباغ مهرها وأزيدُها
جدًا لم يجُد فيه أبٌ منذ أدهر
٢٢
فينزلها في دار فيلا وفوق ذا
مدائن سبع فوق بَرٍّ معمر
فريس النقى إيرا الزهور وإنْيُفا
وقَرْذَمِلا أنْثَا الفجاج المنوِّرِ
٢٣
وإيفيةُ الحسناءُ فيداسُ كرمةٍ
إزاء فلوسَ الكلُّ في جُرْفِ أَبْجُرِ
يُجَلُّ بأهليها كرَبٍّ خُطُورَةً
ويؤتونه جَمَّ الخَراج المُقَرَّرِ
غنيمًا وأبقارًا تناهَى عديدُها
فتلك هِبَاتِي فَلْيَلِنْ ثم يحضُر
فكلُّ مَغِيظٍ غير آذِيسَ يرتضي
لذاك قلاهُ الخلقُ عن شر مخبر
٢٤
كفى حنقًا مذ كنتُ أعظمَ رِفْعَةً
وأكثر أيامًا ليَذْعَنْ ويُقْصِرِ»
٢٥
فقال له نسطور: «يا سيد الورى
أجل جُدْتَ فيما لا يهان ويُسْتَقَلْ
فهيِّ بنا نَدْعُ الدعاةَ ليذهبوا
لخيمة آخيلِ بْنِ فِيلا بلا مَهَلْ
أنا أتنقَّاهم ففينكس قائد
لهم معه يمضي أياسُ الفتى البطلْ
كذا المُجْتَبَى أُوذِسْ وفَيْجَانِ هُذْيُسٌ
وأُورِيبَطٌ وَلْنَغْسِلَنَّ على عجلْ
٢٦
وبالصمت فَأْمُرْ نَسْتَغِثْ زفسَ علَّه
يرق» فضجَّ الجمع واستصوب العمل
فصب على الأيدي الفُيُوجُ قراحُهم
وفتيانهم بالخمر في أكؤس تُقَلْ
يَمُزُّونَ منها طافحاتٍ وبعد ذا
يديرونها دَوْرًا بكلهم اتصل
٢٧
ولمَّا أراقوها على الأرض قربة
وفوق مرام النفس رشفُهُم اكتمل
عدا رسلُهُم من خيمة الملك عاجلًا
فقلَّب نسطور بهم محدِق المُقَلْ
وحَثَّهُمُ فردًا ففردًا وسِيَّمَا
أُذِيسَ ليسترضُوا أخيل الذي اعْتَزَلْ
فسار رسولَا القوم فيمن تلاهما
على جَدِّ بحرٍ عَجُّ أمواجِه اقتتلْ
٢٨
محيطَ البرايا يستغيثان عَلَّهُ
يُبَدِّدُ حقدًا بابن آياك قد نزل
٢٩
ولما إلى خيمِ الْمَرَامِدِ بُلِّغَا
إذا بأخيل يُطْرِبُ النفس عن مللْ
بقيثارةٍ غناءَ قد شاق صُنْعُهَا
يُنَغِّمُ في ذكر الجبابرة الْأُوَلْ
بقوس لُجَيْنٍ طُوِّقَتْ وأُنِيلَهَا
من الكسب مُذْ في دَكِّ إِيتُونَةَ استقلْ
يقابله فَطْرُقْلُ بالصمت ريثما
مليًّا تطيب النفس من ذلك الزجل
٣٠
إذا بأُذِيسٍ يرئِسُ الوفد داخل
ففي دَهَشٍ من فوق مجلسه انتقل
وفي يده القيثارة انساب ناهضًا
كذلك فَطْرُقْلٌ على القدم امتثل
فصافحهم قال: «السلام ومرحبًا
فلا شك وافيتم لأمر لكم جَلَلْ
ومهما يكن من نفرتي فَلَأَنْتُمُ
لآخيل أدنى من يَوَدُّ ومن يُجَلْ»
وأجلسهم من فوق فُرْش تَدَبَّجَتْ
ببُسْطٍ من البِرْفِيرِ نادرة المثل
وقال لِفَطْرُقْلٍ: «عليك إذن لنا
بأكبر دَنٍّ وَلْتَفِضْ قِسْمَةً الْجُعْلِ
بكأس لكلٍّ من قراح مَلِيَّةٍ
فمن تحت سقفي خير رهطٍ وَدَدْتُ حَلْ
فبادر فَطْرُقْلٌ وآخيلُ عامدٌ
إلى وَضَمٍ قرب اللهيب الذي اشْتَعَلْ
٣١
ومد عليه صُلْبَ كبشٍ وسَخْلَةٍ
كذا صُلْبَ خِرْنَوْصٍ سمينٍ لهم قَتَلْ
وَأَفْطُوْمِذُوْنٌ ممسكٌ وهو خازل
وينظم في تلك السفافيد ما خزل
وفَطْرُقْلً ذو الهمَّات يضرم وقده
إلى أن لهيب النارِ بُدِّدَ واضمحلْ
فألقى على الجمرِ السفافيد تحتَها
قوائمُ والملحَ الذكيَّ بها جبل
٣٢
ولما استتم النضجُ مد سماطَه
وثَمَّ قفاعَ الخبز فَطْرُقْلُ قد حمل
لكل من الأضيافِ قدَّم قَفْعَةً
وآخيلُ توزيعُ اللحوم به اشتغلْ
تُجاهَ أُذِيسٍ جالسًا لرفيقه
أشار فباسترضاءِ آل العلى استهلْ
فللنار ألقى خير لحمٍ ضحيةً
ومُدَّتْ أياديهم وكُلُّهُمُ أَكَلْ
٣٣
ولما انتهوا آياسُ أومأَ داعيًا
فنِكْسَ فأُوذِيسٌ أحاطَ بما سألْ
٣٤
ففي كأسه صَبَّ الْمُدَامَ مُرَدِّدًا
بها نخبَ آخيلٍ ومن ثَمَّةَ ارتجلْ:
٣٥
«سلامٌ أخيلٌ لا بحاجةِ مطعم
نُرَى فلدينا خير زاد مُيَسَّرِ
٣٦
ففي خَيْمِ أَتْرِيذٍ يفيض شَهِيُّهُ
وعندك منه كلُّ أطيبَ أفخرِ
وما الآنَ آنُ القول في طيب مأكلٍ
وقد راعنا وقع البلاء الْمُدَثِّرِ
وإنا لفي ريبٍ بأمر سفيننا
أتَهْلِكُ أم تنجو إذا لم تُشَمِّرِ
فقد عسكر الطروادُ في حلفائهم
لديها وقد أَوْرَوْا لهيبَ مُسَعِّرِ
يلوح لهم أنَّا وَهَيْنَا وأنَّنَا
سنلقى عليها حتفنا بِتَقَهْقُرِ
وذا زفس أورى البرقَ فوق يمينهم
دليلًا به يشتد ساعد هَكْطُرِ
فأصبح لا يَرْعَى إلهًا خلافه
ويرمقنا طُرًّا بعينِ مُحَقِّرِ
ويدعو فتاة الفجر تَبْرُزُ عاجلًا
ليقطع أطراف السفين ويبتري
٣٧
ويَذْكِي بها النيران ثم إزاءها
يُذَبِّحُ كلَّ العسكرِ المتضوِّرِ
تَحَدَّمَ غيظًا واستشاط وخَشْيَتِي
يُتَاحُ له فوزٌ فيفرِي ويفتري
ونهلِك في منأًى عن الوطن الذي
غَذَا الخيل في مرجٍ من الروض أخضر
فهُبَّ ابن فيلا إن ترُم نصر قومِنَا
وإن يكُ جلَّ الخطب واشتدَّ وانبري
ستندم لكن لاتَ حين ندامة
فذا الحين حين الكر والذب فافكِرِ
أما قال فيلا يومَ فارقْتَ إفثِيا
إلى جيش أتريذٍ: «بُنَيَّ تَبَصَّرِ
أثينا وهيرا تُولِيَانِكَ نُصرةً
إذا شاءتا لكن على جاشك اصبرِ
فبالحلم كل الخير والفتنة اطَّرِحْ
رعاية كل الشيب والمُرْدِ تذخر»
نعم ذاك قولٌ قاله الشيخُ إنما
تناسيتَه فاذعن وقومَك فانصرِ
وعِ الآن قولي إذ أَعُدُّ نفائسًا
سَيَحْبُوكَ أتريذٌ بأعظم مظهر:
مناضدَ سبعًا لم تر النار جُدَّدًا
وعشرين طَسًّا ساطعاتٍ لمنظر
ومن ذهبٍ يغلو شواقِلَ عشرة
وجُرْدَ جيادٍ تَأْلَفُ السبق ضُمَّرِ
فتحرزها اثني عشْر أجردَ سلهبًا
حَبَتْهُ كُنُوزًا في السباق المُكَرَّرِ
كنوزًا إذا ما نالها أيُّمَا امرئٍ
ترفَّع عن شكوى شجيةِ مُعْسِرِ
وسبع غوانٍ فُقْنَ حُسنًا وصنعةً
من اللَّاءِ من لَسْبُسْ سَبَيْتَ بأبترِ
وكُنَّ له سهمًا وذلك عندما
تَوَلَّيْتَهَا تحت الطعان المدمر
كذاك بريسًا مُقْسِمًا ومُثَقِّلًا
يقول إليها القربَ لم يَتَصَوَّرِ
فهذي صلاتُ اليوم تُحْرِزُهَا وإنْ
نَنَلْ دَكَّ إليونٍ بحكمٍ مُقَدَّرِ
نُضارًا وصفرًا تُؤْتَ ملءَ سفينة
وعند اقتسام السبي بالغِيدِ تظفر
بعشرينَ حسنًا فُقْنَ بعد هِلَانَةٍ
تَحُزْ بانتقاها خيرةَ الْمُتَخَيِّرِ
وإمَّا رجعنا للخصيبة أرغُسِ
يرومك صهرًا بالمقام الْمُوَقَّرِ
تُجَلُّ كأُورِسْتَ الحبيب الذي نشا
بأرغدِ عَيْشٍ في يَسَارٍ مُوَقَّرِ
ثلاثٌ بناتُ الْمَلْكِ أَخْرِيسَثِيمَةٌ
ولَوْذِيقُ أَفْيَانَاسُ من ترضَ تخترِ
وليس بباغٍ مهرها ويزيدُها
ندًى لم يَجُدْ فيهِ أَبٌ مُنْذُ أَدْهُرِ
فتُنزلِها في دار فِيلا وفوق ذا
مدائن سبعٌ فوق بَرٍّ مُعَمَّرِ
فِرِيسُ التَقَى إيرا الزُّهُورِ وإِنْيُفَا
وقَرْذَمِلَا أَنْثَا الفجاج الْمُنَوَّرِ
وإيفيةُ الحسناءُ فيداسُ كرمةٍ
تجاه فِلُوسَ الكل في جرف أبحُر
تجل بأهليها كَرَبٍّ خطورةً
وتُحْرِزُ مذخور الخراج المقرَّر
غنمًا وأبقارًا تناهى عديدها
فتلك الهدايا فاترك الغيظَ واحضُر
ولكنما إن كنتَ أُشْرِبْتُ بغضَه
وإن تزدري هذي الهباتِ وتسخر
فرقَّ لقوم سوف تُحْرِزُ رفعة
كربٍّ لديهم أُحْرِجُوا في المعسكر
ونَلْ ذروةَ المجد الرفيع مخلَّدًا
بمقتل هكطورَ الفتى الباسل الجري
إليك تدنَّى حانقًا مُتَوَهِّطًا
ويزعم ما في القوم نِدٌّ به حَرِي»
٣٨
قال آخيلُ: «يا أذيس المؤانسْ
ليَ فاسمَعْ فإنني لا أُلَابسْ
لي مقالٌ فلن أحولنَّ عنه
فَعِهِ واطرحنَّ عنك الوساوسْ
من يقل غير ما تَيَقَّنَ فِكْرَا
كان عندي من الجحيم أَشَرَّا
٣٩
فالذي قد أَسْرَرْتُ هاكم جهارًا
لجميع الإغريق لستُ بناكِسْ
ما بأَتْرِيذَ والأغارِقِ جَمْعًا
مَنْ حُقوقَ الأبطال بالحقِّ يَرْعَى
٤٠
فَلَدَيْهِم سيَّان قرمٌ عنيد
وجبانٌ عن الوغى متقاعسْ
٤١
ولديهم سهم الفتى الصنديد
مثلُ سهمِ الهيابة الرعديدِ
والردى يحصدُ الجميعَ سواءٌ
متقي الهول والجسورُ الحمارِسْ
٤٢
أيَّ نفعٍ جنيتُ من قهرِ نفسي
واقتحام الأهوال فتكًا ببأسي
كنت كالطيرِ للفراخ يُوَافِي
كم ليالٍ أحييتُ كم من نهار
باصطكاك القنا أثرت أُوَارِي
كل هذا حفظًا لعرضِ نساكُم
ولكم خُضْتُ فادحات الدَّرَاهِسْ
٤٤
إِثنتي عشْرة مدائنَ بحرًا
نِلْتُ ثم الطرواد أأقلقتُ بَرَّا
حيث عشرًا وبلدة ثم دَمَّرْ
تُ ومنها قسرًا سلبتُ النفائس
٤٥
ولأترِيذَ سُقْتُ كلَّ الغنائم
وَهْوَ بين السَّفْينِ بالأمن قائمْ
فحبا الصيد والقُيول يسيرًا
وبِجُلِّ الأسلاب قد ظلَّ آنِسْ
إنما من جميعهم ما استردَّا
أنا من دونهم بسهمي اسْتَبَدَّا
٤٦
فعلام الإغريق هاجوا وماجُوا
وبحرب الطرواد ثار العَجاج
أفما في اطِّلَابِ هيلانةٍ قد
جاء أتريذ بالكُمَاةِ القَوَامِسْ
٤٨
كل شهم لِعِرْسِهِ يَتَوَدَّدْ
لم يكن ذا بِالْأَتْرِذَيْنِ مقيدْ
وبعرسي أنا كَلِفْتُ وإن لم
تكُ إلا من السبايا العطامس
٤٩
إن أتريذَ غَلَّ سهميَ مِنِّي
مثلما غرَّني فلن يخدعني
بك أُوذِيسُ والملوكِ لدرء الـ
ـضَّيْمِ عنه فليعقدنَّ المجالسْ
٥٠
بَعْدَ بُعْدِي كم جاء أمرًا خطيرَا
رفع السورَ ثم مَدَّ الحفيرَا
ثم شاد الأبواب لكن أراه
من لقا هَكْطُرَ المدمر راعسْ
٥١
قطُّ ما جاز هكطر الزانَ قبلَا
لا ولا باب إِسْكِيَا اجتاز فعلَا
بل إزاءَ الحصون ظل يُباري
عندما كنتُ في صدور الفوارس
للقائي بالحرب يومًا تربصْ
كاد يُصْمَى لكن نجا وتملَّص
٥٢
بيد أني لا أَبْغِيَنَّ له بعْـ
ـد كفاحًا فالعود بعد الحنادسْ
٥٣
فلزفس وسائر الأرباب
سأُضَحِّي غدًا قبيل المآب
وإذا شئتمُ ارْقُبُنَّ سفيني
جُسْنَ قلبَ العُباب أيَّ جوائسْ
٥٤
بثقيل الأحمال تمخر مخرا
وبها الأردمون تخرق بحرا
٥٥
وإذا شاء فُوسِذٌ ثالث الأ
يَّام في إِفْثِيَا رَسَوْنَ أَوَانِسْ
فبها قد غادرت مالًا وفيرًا
وإليه أضم كسبًا كثيرَا
ذهبًا ساطعًا حديدًا وصفرًا
والسبايا ذات القدود الموائسْ
كل هذا أحرزت سهمًا حلالًا
وأغاممنون أجاز وغالَا
أبلغوه قولي جَهارًا ليُخْزَى
إن رأى بعد أن يدسَّ الدسائسْ
وهو مهما عتا ولم يتهيَّبْ
ذل عن أن يدنو ووجهيَ يقرَب
لا يرومن بعدُ قولي وفعلي
لا يُطِيلَنَّ لي الحديث الخُلَابِسْ
٥٦
وَلْيَسِيرَنَّ للهلاك ثبورَا
إن زفسًا أباد منه الشعورا
هو عندي كشعرة باحتقارٍ
وأنا كُلَّ ما به جاد باخسْ
٥٧
لو حباني عشرًا وعشرين مِثْلَا
للذي رام والذي حاز فعلَا
أو حباني ما قد حوت أُرْخُمِينَا
أو حوت طِيبَةُ القصور الطوائسْ
٥٨
تلك في مصرَ رحبة الأبواب
مئةٌ قد علون مثل الروابي
أو حباني عدَّ الهبا والرمال
لن أحولَنَّ عن بعيد اعتزالي
لن أحِلَّنَّ وسط ناديه حتى
شر عقبى يلقى لتلك المدانس
بنتُه لو كَعَفْرُذِيتَ سناءً
أو أثينا الجلال كانت ذكاء
لن أرومَنَّهَا فغيري يلقى
من يُجَارِي هواه بين الأراغسْ
فإذا عدت سالمًا لِبِلَادي
ثَمَّ فِيلَا كُفْءٌ لكل مرادي
فَبِهِيلَاذَةٍ وفي إِفْثِيَا عنـ
ـدَ الصناديد لا تَقِلُّ العرائس
أَتَنَقَّى منهن من أتمنى
وبزاهي جمالها أَتَهَنَّا
تلك لي زوجةٌ حلال تليني
في رياش الشيخ الجليل المُؤَانِسْ
لا يوازي الحياة مالٌ توفر
ضمن إليون قبل سوق المعسكر
لا ولا كُلُّ ما بِفِيثُسَ في هَيْـ
ـكَلِ فِيبُسْ رب السهام الطوامسْ
٦٠
يتسنَّى بالسيف كسب عجول
وغنيم مناضد وخيول
إنما النفس لا تعود إذا جا
زت خلال الأسنان يوم الدلامسْ
٦١
أنبأتني ثِيتِيسُ أمي حقَّا
أنني للردى سبيلين ألقى
خالدَ المجد بعد موت قريب
أو طويل الحياة والذكر طامسْ
٦٢
ذاك فيما إذا طلبت الطعانا
ثُمَّ هذا إن أبتغي الأوطانا
ومرامي حَثُّ الأراغِسِ طُرًّا
أن يَئُوبُوا إلى الديار نواكسْ
فاذهبوا أخبروا الأَخَاءَةَ جدَّا
لن تنالُنَّ بالطراود قصدَا
زفسُ ألقى على القلوب يد الأمـ
ـنِ وبالنفس ظل من فوق حارس
أبلِغُوا والبلاغ شأن الشيب
ينظروا في خلاف رأيٍ مصيب
فعساهم ينجون إذ أخطأوا في
طلبي لست بينهم قَطُّ دائس
وفنكسٌ هنا يبيت وإمَّا
رام عودًا معي غدًا فَنِعِمَّا
بسفيني سأقلعنَّ يقينًا
عند طَرِّ الصباح غير مُلايِسْ»
٦٣
فاستتم الحديث والقومُ طُرَّا
بوجوم خالوا التصلبَ مرَّا
ثم فينكس والدموع هوامٍ
لاشتداد الوبال قال مُصِرَّا:
٦٤
«إن تكن عن تَحَدُّمٍ واحتدادِ
راغبًا عن لقاء جيش الأعادي
وطلبت المآبَ يا ابني المُفَدَّى
كيف ألقى على بِعَادِك صبرا
فمعي قد بُعِثْتَ للحرب لمَّا
رام فيلا تَؤُمُّ أتريذَ قدمَا
٦٥
باعتنائِي أُنْمِيكَ فَعَّالَ فِعْلٍ
وخطيبًا قوَّالَ قولٍ أَبَرَّا
٦٦
يانعًا كنت جاهلًا للطِّعَانِ
حيث تبدو شجاعة الشُّجْعَانِ
وكذا جاهلًا مفاوض شُورا
نا وفيها يعلو أخو الرأي فخرَا
لا فلن أَلْبَثَنَّ عنكَ بعيدَا
لو حباني رَبٌّ شبابًا جديدَا
ومحا شَيْبَتِي فعدتُ كَيَوْمٍ
فيه أَبْحَرْتُ من هِلَاذَةَ قَسْرَا
يوم من فرط غيظ آمِنْطُورِ
فرع أُرْمِينَ والدي وأميري
٦٧
هاربًا جئت مُذْ سعيتُ إلى جا
ريةٍ رام رغم أُمِّيَ نُكْرا
فأشارت أمي بها ليَ حتى
تَمْقُتَ الشيخ إن رأتنيَ مَقْتَا
وعلى ركبتيَّ صُغْرًا ترامتْ
فأطعتُ الهوى ولَبَّيْتُ أمرا
فدرى بي أبي وباللعن مالَا
وبناتِ الرَّدَى استغاثَ وقالَا:
«ركبتيهِ لا يَعْلُوَنَّ غلامٌ
كان منه» وقام ينذُر نذرَا
فاستجاب الدعاء زفسُ الجحيمِ
وفُرْسُفِينُ هول كل عظيم
٦٨
فحدا بي غيظي فكدت أوافيـ
ـه بسيفٍ يَبْتَتُّ بطنًا وظهرَا
إنما راحَ بعض آل الخلودِ
يُخْمِدُ الغيظ من فؤادي الحديدِ
خشيةً أن يقال ما بين قومي
ذلكم كان قاتل الأبِ كِبْرَا
غير أني أَنْفِتُ طول المقام
ضمن صرحٍ فيه أبي باحتدامِ
بيد أن الخُلَّانَ والأهل راموا
بالتماسٍ أن لا أغادِرَ قصرا
ذبحوا للشِّوَا العجولَ السِّمانا
والخنانيص في لظى بُركانا
٦٩
وخِرافًا وخمرة الشيخ صَبُّوا
بأباريقه وطابوا مقرَّا
وأقاموا حولي ليالي تسعَا
إن ينم واحدٌ فآخر يسعى
ولدى باب غرفتي وبباب الـ
ـدَّارِ لم يُطْفِئُوا مدى الليل جمرا
غير أني بِعَاشِرِ الأيام
والدياجي قد خيَّمت بالظلامِ
فَلِأَبْوَابِ حجرتي عامدًا قُمـ
ـتُ وقد أوصدت فكسرتُ كَسْرَا
وعلى الفور جُزْتُ باب الدَّارِ
خافيًا عن نَوَاقِدِ الأبصار
وطلبت الفرارَ في بَرِّ هِيلَا
ذَةَ أعدُو لِإِفْثِيَا مستمرَّا
فلقيتُ المليك فِيلَا الحليما
وعليه نزلت ضيفًا كريمَا
وَدَّنِي وُدَّ رَبِّ مالٍ وفيرٍ
بتناهي المشيب أنتج بِكْرَا
فحباني مالًا وشعبًا كثيرَا
وبقوم الذُّولُونِ قُمْتُ أميرَا
لك وُدِّي من ثَمَّ تدري تناهى
وبجُهدي بلغتَ ما أنت قدرَا
لم تكن ترتضي بغير طعامي
جالسًا فوق ركبتي وأمامي
أقطع اللحم باعتناءٍ وأُعْطِيـ
ـكَ بِكَفِّي هَذِي وأسقيكَ خمرَا
ولكم قد قذفتَ من فيك راحَا
فَبَلَلْتَ الثِّيَابَ مني مِزَاحَا
٧٠
ولكم قد أجهدتُ بالقهرِ نفسي
ولكم قد لقيتُ بالجهد قهرَا
عالمًا كنت أنَّ آل الرشادِ
حرموني من لَذَّةِ الأولادِ
٧١
فبك ابنًا قد رُمْتُ آخيلُ حتى
تدفع العارَ إن عراني وتَدْرَا
فاكظم الغيظ لا تر الحقد أبقَى
إن نفس الأرباب تَذْعَنُ رِفْقَا
٧٢
ولهم ذروة الفضائل والمَجْـ
ـدِ وبأس الذراع فالرفقُ أحرى
إن يقم خاشعٌ لهم يتضرعْ
فالضحايا والنذرُ والخمر تشفعْ
إن زفسًا بناتُه الصلوات الـ
ـلَّاءِ تعدو ورِفْقَهُ تَتَحَرَّى
هن عُرْجٌ جُعْدُ الوجوهِ وحُسْرُ
يَتَعَقَّبْنَ زلةً حين تعرو
إنما زلةٌ لها السبقُ مذ كا
نت خطاها أشد وقعًا وأجرى
٧٣
تنهبُ الأرضَ حيث تُلْقِي الوَبَالَا
يَتَتَبَّعْنَهَا فَيَشْفَيْنَ حالَا
فالذي عندما يوافينه يُبْـ
ـدِي احترامًا فعنه يدفعنَ ضُرَّا
إنما الويل للذي صدَّ صدَّا
فَلِزَفْسَ يَعُدْنَ يطلُبْنَ رِفْدا
يتطلبن زلةً منه تُهْمِي
فوق ذاك العاتي وبالًا أَمَرَّا
فاتَّقِيهِنَّ يا آخيلُ احترامَا
يَتَّقِيهِنَّ كل قِرْمٍ تَسَامَى
ويقينًا لو أن أتريذ لم يُسْـ
ـدِ الهدايا الغراء تُذْخَرُ ذُخْرَا
أو توانى عن ذكر ما سوف يُسْدَى
بعد هذا أو ظل يشتدُّ حقدَا
لم أَرُمْ منك نُصرة القوم مهما اشْـ
ـتَدَّ فيهم وقع الرَزِيَّةِ عُسْرَا
٧٤
إنما الآن قد حبا وسيحبو
مُرْسِلًا في بلاغِهِ من تُحِبُّ
فخيار السَّرَاةِ جاءوك فاذعَنْ
وخُذِ الآنَ من بلاغي ذِكْرِي:
٧٥
قد أتانا عن سالف الأبطال
عندما الغيظُ كادَ صدرَ الرجالِ
أنهم بين نَيْلِ غُرٍّ الهدايا
والتماسٍ كانوا يلينون صُغْرَا
وبذكراي حادثٌ مَرَّ قِدْمَا
هاكَمُوهُ كما جرى وأَلَمَّا
ذاك لما الكُورِيتُ ثاروا على الإِيـ
ـتُولِ والحرب وقعها اشتدَّ حَرَّا
تحت أسوار قَالِذَوْنَ تلاقَى
ذلك الجمعُ واستباحوا الشقاقَا
فترامى الْكُورِيتُ يَبْغُونَ فتحًا
وترامى الإيتُولُ يَخْشَوْنَ غدرَا
ذلكَ الخطبَ أرطميسُ أثارتْ
حنقًا من وِينَاسَ والحربُ ثارتْ
إذ تغاضَى عن أن يُقَدِّمَ باكو
رَةَ زرع لها وأغفلَ بِرَّا
٧٦
والضحايا المئاتِ لما أتاها
لجميع الأرباب أذكى سواها
غفلةً أم تغافلًا كان منه
ذلك الأمر إنما كان وزرَا
فأثارت بالغيظِ خرنوصَ بِرٍّ
لأراضيه حيثُ عاث بكبرِ
بعُتُوٍّ يجتثًّ أصلًا وفرعًا
ويُبيدُ الأشجارَ غصنًا وزهرَا
فابن وِينَاسَ مِيلِيَغْرُ التقاه
قاتلًا بعد أن أعد سُرَاهُ
من بلاد الجوار رهطَ رُماةٍ
بكلابٍ لِتَذْعَرَ الوحشَ ذُعْرَا
رائعًا كان لم يكن باليسير
صَدُّهُ في سلاحِ نَذْرٍ يسيرِ
٧٧
قتلوه من بعد قتلِ كثيرٍ
واستتب الشقاق من ثَمَّ جهرَا
بنزاعٍ يبغُون رأسًا وجِلْدَا
ذاك ما أَرْطَمِيسُ رامَتْهُ حِقْدَا
وبهم طالما سَطَا مِيلِيَغْرٌ
نال قومُ الإيتول فوزًا ونصرَا
فالأعادي ولو يزيدون عدَّا
ما استطاعوا أن يبلغوا السور حدَّا
إنما الغيظ وَهْوَ يعبثُ بالعُـ
ـقَّالِ بالكيدِ منه أوغرَ صَدْرَا
فأثارته نفرةً واحتدامَا
أَلْثِيَا أُمُّهُ فعافَ الصِّدَامَا
وبذاتِ الجمال إِكْلِيُّبَطْرا
زوجِه قد خلا وعافَ المَكَرَّا
(أمُّها غادة العُلَى مَرْفِيسَا
من بناتِ الْمَهِيبِ إِيفِينُوسَا
وأبوها إيذاسُ أعظم قَرْمِ
كان ذاك الزمانَ في الأرض طُرَّا
صال حتى على أَفُلُّونَ لمَّا
رام مَرْفِيسَ منفذًا فيه سهمَا
أبواها من ثَمَّ قد لَقَّبَاهَا
أَلْكِيُونَا لحادثٍ كان مُرَّا
حيثُ مَرْفِيسُ فِيبُسٌ قد بغاها
مثلَمَا قبل أَلْكِيُونَا سباها
فبكت تَلْتَظِي بشدة بؤسٍ
ودعت بِنْتَهَا كذلِكَ ذِكْرَا)
٧٨
حانقًا مِيلِيَغْرُ من ثَمَّ ظَلَّا
عندها نار سُخطِه يتصلَّى
٧٩
ذاك مذ أَلْثِيَا لقتلِ أخيها
أوسعته لعنًا وشتمًا وزَجْرَا
٨٠
تضرب الأرض حِدَّةً بيديها
ثم تدعو سخطًا على رُكْبَتَيْهَا
وأَذِيسًا وفُرْسُفِينا تنادي
أن يذيقا ابنَها حمامًا أشرَّا
لإرينيسَ في دجى الظُّلُمَاتِ
بأريبا انتهى صدى الصلواتِ
٨١
ثم قضَّ العدى الحصونَ وفي الأبـ
ـوابِ عَجَّ العجاجُ طعنًا ونحرَا
فإلى مِيلَيْغَر شيبُ البلاد
بعثوا بالكهان لاستنجاد
وَعَدُوهُ خمسين فدانَ حقلٍ
حيثما شاءَهَا وكرمًا أَغَرَّا
وَوِنَاسٍ الشيخُ الجليل أبوه
جاثِيًا عند بابِه يرجوه
والشقيقاتُ أَلثِيَا نفسها والصحبُ
والأهلُ وهو يزداد نَفْرَا
ظلَّ حتى ببابه الحرب شبَّتْ
خُرِقَ السور ثُمَّةَ النارُ شَبَّتْ
فتبدَّت لديه زوجتُه الْمَيْـ
ـسَاءُ للرفق منه تسألُ عُذْرَا
وتريه كم من وبالٍ تُعَانِي
بلدةٌ ذُلِّلَتْ بِحَرِّ الطِّعَانِ
للمباني حَرْقًا وللقَوْمِ ذَبحًا
والغواني والْوُلْدِ ذُلًّا وأسرَا
٨٢
رَقَّ وارتدَّ يَرْفُدُ الصَّحْبَ رَفْدَا
شَكَّ وَاشْتَدَّ وَالْعِدَى صَدَّ صَدَّا
ولهذا ما نال غُرَّ الهدايا
ولئن كان سام أعداهُ كَسْرَا
صاحِ قُمْ لا تكُن كذاك عنادا
قبل أن تَلْهَبَ السفينُ اتِّقَادَا
والهدايا فاقبلْ وسِرْ معنا يُعْـ
ـلُوكَ طُرًّا مقامَ رَبٍّ أَبَرَّا
فإذا جئت عن مرامك آنِسْ
لصدامٍ به تُزِيحُ الدراهِسْ
٨٣
لن يُنيلوك ما أنالوك تَوًّا
لو تُبيدُ الأعداءَ بَرًّا وبَحْرَا»
٨٤
قال آخيل: «أيها الشيخُ صبرَا
ليس بي حاجة لما تَتَحَرَّى
إن زفسًا أجلَّنِي وسيحمي
سُفُنِي بي ما دمتُ بالعيش آنِسْ
هاك فصلَ الخطابِ لا تُهْمِ دَمْعَا
وتَسُمْنِي في حُبِّ أَتْرِيذَ صَدْعَا
لا تُحِبَّنَّهُ وأنت حبيبي
إن تكن من محبَّتِي غير بائس
فاقْلِيَنَّ الذي قلانِي حتمَا
ومعي احكُمْ أُشَاطِرَنَّكَ حُكْمَا
٨٥
هؤلاءِ البَلَاغَ يُنْمُونَ حالًا
وهُنَا بِتْ على وتيرِ الطَّنَافِسْ
فإذا الفجر لاح نبحث فيما
نرتَئِيهِ لنغتدي أو نُقِيمَا»
٨٦
ولِفَطْرُقْلَ مُومِئًا قال يأتي
بفراشٍ غَضٍّ لتمضي النَّوَاطِسْ
٨٧
هب آياسُ قال: «أوذيسُ هَيَّا
لا أرى هكذا المُنَى يَتَهَيَّا
وعلينا نُنْمِي الجواب وإن سا
ءَ فإن الإغريق ظلوا بِهَاجِسْ
إن آخيل قد تصلَّبَ طبعَا
وأداني الخُلَّانِ ما ظل يرعى
عظَّمُوهُ من فوق كل عظيم
وَهْوَ عاتٍ جافٍ ظلومٌ قُنَاعِسْ
٨٨
كم أخ يفتدون بالمال وَابْنِ
ويظل الجاني برَغْدٍ وأَمْنِ
وأهالي المقتول إن أحرزوا الما
لَ وفيرًا عَفَوْا وعافُوا الْمَرَاجِسْ
٨٩
قلبك اكمَدَّ حانقًا لفتاةِ
وأتينا نَحْبُوكَ سَبْعَ بناتِ
وعدا الغيدَ باهراتِ العطايا
سَكِّنِ الرَّوْعَ ألقِ عنكَ الهواجسْ
عن جميع الإغريق جئنا إليكا
بغيةً أن نرى أحبَّ لديكا
نحن في بيتك الذي أنت فيه
فاحترمْه وارعَ الضيوف وآنسْ»
٩٠
قال آخيل: «يا أياسُ أراكا
فُهْتَ حقًّا بما حواه نُهَاكَا
بيد أني لم أنس أَتْرِيذَ يُزْرِي
بي كأني فيكم دخيلٌ مُخَالِسْ
كلما هاج ذكر ذلك فكري
يتلظى قلبي ويُوغَرُ صدري
فاذهبا بَلِّغَا فلا قمتُ حتى
دون خيمي تعثو العُداةُ الغَطَارِسْ
فهنا ألتقي ابن فِرْيَامَ مهما
صال بالبطش مستجيشًا وأَدْمَى
بعد أن يَهْلِكَ الأراغسُ ذبحًا
وبكُلِّ السَّفِينِ تذكُو المقابسْ»
٩١
ثم قاموا من ثَمَّ للقرُبات
بكئوس للخمر مزدَوِجات
فأراقوا وللسفائنِ عادت
رسلُهُم تقتفي لأوذيسَ إثرَا
والجواري بأمر فَطْرُقْلَ قُمْنَ
لِفِنِكْسٍ غضَّ الفراش أقمنَ
من جلود النعاجِ تحت غطاءٍ
وبَهِيُّ الكتان يُسْبَلُ سِتْرَا
ثم فِينِكْسُ نامَ يرقب صبحا
وأخيلٌ إلى الزوايا تنحَّى
وذُمِيذا من لَسْبُسٍ بنت فُرْيَا
سَ تليه في مرقدٍ شِيدَ خِدْرَا
ثم فَطْرُقْلُ في الخباء المقابل
وَلِيَتْهُ إِيفِيسُ ذات الشمائل
من آخيل أُنِيلَهَا مذ غزا إِسْـ
ـكِيرُسًا من إِيفِسْ وأحرز وَفْرَا
وإذ الوفد خَيْمَ أَتْرِيذَ حلَّا
نهض الجمع مكرِمًا ومُجِلَّا
وأتوهم بأكؤسٍ من نضارٍ
متقصِّين أمرهم كيف قرَّا
وأَغَامَمْنُونُ استهلَّ السؤالَا:
«قلْ أُذِيسٌ فَخْرَ الإخاءة حالا
أأرعوي مقبلًا لصد الأعادي
أم بغُلِّ الأحقاد يُكْمِنُ شرَّا»
قال: «بل غيظه العنيف أشدُّ
عن حباءٍ تحبو وعنك يصد
ويقول اشدُدْنَ فيمن سواه
لنجاة السفينِ والجيش أزرا
وعلى جملة الملوك يشير
أن يئوبوا لأهلهم ويسيروا
ولقد قال سوف يقذِفُ للبحْـ
ـرِ بأشراعه ويقفُلُ فجرَا
٩٢
قال إليونُ لا مرام إليها
إن زفسًا ألقى يديهِ عليها
وقلوب الفرسان فيها لقد شَـ
ـدَّدَ هذا ما قال طَيًّا ونشرَا
وأياسًا كذاك فَيْجَيْكَ فاسأل
ما وعوه وثَمَّ فِينِكْسُ قد ظلْ
معه راجعًا يسير إذا ما
رام لا مُحْرجًا غدًا فهو أدرى»
٩٣
فأصاخوا وكلهم بسكينهْ
ذُعِرُوا لاضطرام تلك الضغينهْ
وأطالوا الوجوم والصمت حتى
هب ذُومِيذُ صائحًا: «يا ابن أَتْرَا
حبذا لو لم تبغِ يا ذا الجلال
صلحَ آخيل بالهبات الغوالي
هو عاتٍ بنفسه وغشومٌ
ولقد زدتَه عتوًّا وجبرَا
٩٤
فلندعه وشأنه أأقامَا
أم مضى سوف يَقْحَمَنَّ الصِّدَامَا
ذاك لمَّا تهيجه النفس أم تَدْ
عُوهُ آلُ العلى فيأتي مِكَرَّا
فاستريحوا ذا الآن وَأْتُوا الرُّقَادا
إذ جميعًا طبنا شرابًا وزادَا
فبهذا تُؤْتَوْنَ قوَّة بأسٍ
وغدا الفجر فاسطُرِ الجند سطرَا
والعجالَ اصْفُفَنْ أمام السَّفِينِ
ثمَّ في الصدر أَوْرِ نارَ الْمَنُونِ»
٩٥
جاهروا بالثنا أراقوا وكلٌّ
راح يأتي فراشه مستقرَّا