الفصل العاشر
في اللحظات القليلة الأولى المشوَّشة من الكابوس، الذي تطوَّر ببطءٍ إلى رعبٍ حي، تخيَّل دوميني نفسه مرةً أخرى في أفريقيا، ويدُ عدوٍّ على حلْقِه. ثم اندفعت ذكريات يقظة — صمت المنزل الكبير، الحفيف الغامض للستائر الثقيلة حول سرير البلوط الأسود ذي الأربعة القوائم الذي كان يرقد عليه، الوخز الضعيف لشيء مُميتٍ عند حلْقِه — هذه الأشياء كشفت ستارةَ عدم الواقعية، وجعلته يُدرك بشكلٍ حادٍّ ومؤلم الموقفَ الذي يكاد يكون مروِّعًا. فتح عينَيه، ورغم أنه رجل شجاع وقاسي القلب ظل ساكنًا، مشلولًا بالخوف الذي يمنعه من الحركة. التمع ضوءٌ خافتٌ لشمعةٍ مضاءةٍ مؤخَّرًا، على خنجرٍ يشبه دبوس الشعر مثبَّتٍ عند حلْقه. حدَّق مذهولًا في الحد الرفيع للفولاذ اللامع. كان جِلده قد جُرح بالفعل، ونزلت بضع قطرات من الدم على ياقة منامته. خرجت اليدُ التي كانت تحمل ذلك السلاح الفتاك المعتدي من مكانٍ ما خلف ستارة السرير وكانت صغيرة، نحيفة، أنثوية للغاية، وتخصُّ شخصًا غير مرئي. حاول الانكماش أكثرَ في الوسادة. تبعتْه اليد، ولمح الآن ذراعًا ناعمةً ذاتَ كمٍّ أبيض. استلقى ساكنًا، وعضلات ذراعه اليمنى تزداد توترًا بينما كان يستعد للإمساك بتلك الأصابع القاسية. ثم جاء صوت، صوت بطيء، أنثوي، رائع.
قال: «إذا تحركتَ فستموت. ابقَ هادئًا تمامًا.»
كان دوميني واعيًا تمامًا الآن، وعقله يعمل، يحسب فرصه بدهاءِ صيادٍ مدرَّبٍ يسعى لتجنُّب الموت. اضطُرَّ على مضضٍ إلى إدراكِ أنه لا توجد حركةٌ يمكن أن تكون سريعة بما يكفي لِمنْع دفْع ذلك الخنجر الرفيع إلى حلْقه، إذا كانت مهاجِمتُه الخفيةُ تريد أن تُنفِّذ خطَّتها. لذلك ظل ساكنًا.
سأل بتوتُّر بسيط: «لماذا تريدين قتلي؟»
لم يأتِ ردٌّ، لكنه عرَف بطريقةٍ ما أنه مراقَب. وبشكل طفيف جدًّا، افترقَت الستائر التي جاءت منها الذراع. ومن خلال الفرق كان ثمةَ شخصٌ ينظر إليه. تبادرت إلى ذهنه فكرة الاستغاثة، ومرة أخرى قرأ عدوُّه غيرُ المرئي فِكره.
وقال الصوت: «يجب أن تكون هادئًا جدًّا» ذلك الصوت الذي كان يصعب عليه تصديقُ أنه لم يكن صوتَ طفل. «إذا تحدَّثتَ بصوتٍ أعلى من الهمس، فستكون هذه هي النهاية. أريد أن أنظر إليك.»
اتسع الفرقُ قليلًا، وبدأ يشعر بالأمل. كانت اليد التي تحمل الخنجر ترتجف، وسمع شيئًا بدا وكأنه تنفسٌ سريع من خلف الستائر — تنفسُ امرأة مندهشة أو مذعورة — ثم فجأة، لدرجة أنه لم يستطِع الحركة لعدة ثوانٍ أو الاستفادة من الظروف، سُحبت اليدُ التي كانت تحمل السلاح القاسي خلف الستارة وبدأت امرأةٌ تضحك، بلطف في البداية، ثم ببعض البكاء الهستيري الذي تداخل مع تلك النغمة المتناقضة من الفرح.
استلقى على السرير كما لو كان منوَّمًا مِغناطيسيًّا، ليجدَ مع أول محاولة أن أطرافه ترفضُ التحرك، مثل أطراف شخصٍ يرقد مستعبدًا من كابوس. تلاشت الضحكة، وكان ثمة صوتٌ مثل كشطٍ على الحائط، وفجأة انطفأت الشمعة. ثم بدأت أعصابه في العودة ومعها سيطرتُه على أطرافه. زحف إلى جانب السرير بعيدًا عن الستائر، وتسلَّل إلى المنضدة الصغيرة التي ترك عليها مسدسه ومصباحًا كهربائيًّا، وانتزعهما، ووضع الأول في يده اليمنى، وأضاء دائرة صغيرة من الضوء في ظلمات الجناح الكبير. مرةً أخرى استولى عليه شيءٌ مثلُ الخوف. واختفى الشخص الذي كان يقف بجانب سريره. لم يكن يوجد مكانٌ للاختباء على مرمى البصر. كل شبر من الغرفة كان مضاءً بالمصباح القوي الذي كان يحمله، وفيما عداه، كانت الغرفة فارغة. كانت لحظة الإدراك الأولى مرعبةً ومثيرة للقلق. ثم أصبح ألم الجرح الطفيف في حلقه دليلًا مقنعًا له على أنه لم يكن ثَمة شيءٌ خارق للطبيعة في هذه الزيارة. أشعل نصف دُزينة من الشموع الموزعة حول المكان ووضع مصباحه اليدوي. كان يشعر بالخجل لأن جبهته كانت تتصبَّب عرقًا.
تمتمَ في نفسه، منحنيًا للحظة ليفحصَ الأبواب المغلقة القابلةَ للطيِّ التي كانت تفصل غرفته عن الغرفة المجاورة: «أحد الممرات السريَّة، بالطبع.» وأضاف قائلًا: «ربما، بعد التفكير مَليًّا، أكون قد عرَّضتُ نفسي لمخاطرَ غير ضرورية.»
كان دوميني يقفُ عند النافذة، وينظر إلى مياه بحر الشمال الرمادية المتلاطمة، عندما أحضر له باركنز الماء الساخن والشاي في الصباح. دفع قدمَيه في نعليه ومدَّ ذراعيه لارتداء روب.
قال: «اكتشف مكانَ أقربِ حمَّام، يا باركنز، وجهِّزه. فقد نسيتُ تمامًا طريقي هنا.»
«حسنًا يا سيدي.»
كان الرجل ساكنًا للحظة، يحدِّق في الدم على منامةِ سيده. ألقى دوميني نظرةً خاطفة عليه ورفع ياقة الروب لأعلى نحو حلقه.
وقال بلا مبالاة: «لقد تعرضتُ لحادثٍ بسيط هذا الصباح.» وأضاف قائلًا: «أي إنذار بظهور الأشباح الليلة الماضية؟»
أجاب الرجل: «لم أسمع شيئًا يا سيدي.» وأضاف قائلًا: «أخشى أننا سنواجه صعوبةً في إبقاء الشابَّات من لندن، إذا سمعنَ ما سمعته ليلة وصولي.»
سأل دوميني بابتسامة: «كان فظيعًا جدًّا، أليس كذلك؟»
ظل تعبير وجه باركنز ثابتًا. ومع ذلك، كان في نبرة صوته احتجاجٌ صامت على سخافة سيده.
وقال: «كانت الصيحاتُ أفظعَ ما سمعت يا سيدي.» وأضاف قائلًا: «أنا لست شخصًا عصبيًّا، لكنني وجدتها مزعجة للغاية.»
«إنسان أم حيوان؟»
«مزيجًا من الاثنين، يجب أن أقول، يا سيدي.»
علَّق دوميني: «يجب أن تُخيم ليلةً على أطراف غابة أفريقية. هناك تجد أوركسترا كاملةً من الحيوانات البرية، كلُّ واحد منها يحاول أن يُخيفك.»
أجاب باركنز: «كنت في الخارج في جنوب أفريقيا أثناء حرب البوير، يا سيدي، وذهبتُ لصيد الطرائد الكبيرة مع سيدي بعد ذلك. لا أعتقد أنه يوجد على الإطلاق أيُّ حيوان وُلد في أفريقيا يصرخ مثل هذه الصرخة المرعبة التي سمعناها الليلة قبل الماضية.»
تمتم دوميني: «يجب أن ننظرَ في الأمر.»
أعلن الرجل: «لقد أعددتُ الحمَّام بالفعل، يا سيدي، في نهاية الممر.» وأضاف قائلًا: «إذا سمحت لي، سأُريك الطريق.»
عندما نزل دوميني بعد نحو ساعة، وجد ضيفه في انتظاره في غرفةِ طعامٍ أصغر، تُطل شرقًا نحو البحر، وهي جناح راقٍ ذو نوافذ كبيرة وجوٍّ من الفخامة الباهتة التي نتجت عن سوء اعتناءٍ بالمنسوجات المعلَّقة في أماكنَ من الحائط. كان السيد مانجان، على عكس توقعاته، قد نام جيدًا وفي حالة معنوية ممتازة. ألهمه صفُّ الأطباق الفضية على الخزانة بمزيد من البهجة.
علَّق، وهو يأخذ مكانه على الطاولة: «إذن لم يكن ثمة أشباح تمشي الليلةَ الماضية؟» وأضاف قائلًا: «الشيء الرائع هو هذا الهدوء المطلَق بعد لندن. أَصْدُقك القول إنني لم أسمع صوتًا البتة منذ اللحظة التي لمس فيها رأسي الوسادة حتى استيقظت منذ مدة قصيرة.»
عاد دوميني من الخوان حاملًا أيضًا طبقًا مملوءًا جيدًا.
وعلَّق: «لقد حظيتُ أنا نفسي براحة جيدة في الليل.»
رفع مانجان نظَّارته وحدَّق في حلْق مضيفه.
وتساءل: «هل جرحتَ نفسك؟»
قال له دوميني: «انزلقَت الشفرة.» وأضاف قائلًا: «فقد توقَّفت عن استخدام هذه الأشياء في أفريقيا.»
علَّق السيد مانجان بفضول: «لقد تمكنتَ من أن تجرح نفسك جرحًا سيئًا.»
أعلن دوميني: «سيُرسل باركنز مجموعة جديدة من الشفرات الآمنة من أجلي.» وأضاف قائلًا: «فيما يتعلَّق بخُططنا اليوم، لقد طلبت السيارة الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، إذا كان ذلك يُناسبك. يمكننا أن نتجوَّل حول المكان بهدوء هذا الصباح. ينام السيد جونسون في مزرعةٍ بالقرب من هنا. سنلتقطه في الطريق. وقد أخبرت لييز، وكيل المزرعة، أن يأتيَ معنا أيضًا.»
أومأ السيد مانجان بالموافقة.
واعترف قائلًا: «ثِق بي، سيكون من دواعي سروري أن أذهب وأرى بعضَ هؤلاء الرفاق دون الاضطرار إلى أن أكدِّرهم بشأن الإصلاحات وما شابهَ ذلك. لقد كان جونسون أكثرَ مَن عانى، يا له من رجل مسكين، ولكنَّ واحدًا أو اثنين منهم قرَّرا المجيء إلى لندن وإثارةَ قلقي في المكتب.»
«أعتزم ألا يكون ثمةَ المزيدُ من عدم الرضا بين المستأجرين.»
انطلق السيد مانجان في جولة أخرى باتجاه الخوان.
وصرَّح قائلًا: «لن تجد مستأجرين راضين في نورفولك أبدًا.» وأضاف قائلًا: «يجب أن أعترف، مع ذلك، أن بعضهم كان لديه سببٌ للتذمُّر مؤخرًا. يوجد رجلٌ بالقرب من ويلز يزرع ما يقرب من ثمانمائة فدان …»
قطع حديثَه. كان ثَمة طرْقٌ على الباب، لم يكن طرْقًا عاديًّا على الإطلاق، بل نقرٌ مدروس ومتأنٍّ، تكرَّر ثلاث مرات.
نادى دوميني: «ادخل.»
دخلَت السيدة أنثانك، صارمة، وغيرَ جذابة أكثرَ من أي وقتٍ مضى في ضوء الصباح القوي. جاءت إلى طرَف الطاولة، في مواجهة المكان الذي كان يجلس فيه دوميني.
قال: «صباح الخير، سيدة أنثانك.»
تجاهلَت التحية.
قالت: «أحمل لك رسالة.»
أجاب دوميني: «سلِّميها من فضلك.»
«يسرُّ سيادتها أن تدعوَك لزيارتها في جناحها على الفور.»
مال دوميني إلى الخلف في مقعده. كانت عيناه مثبتتَين على وجه المرأة التي كانت عداوتها له واضحةً للغاية. كانت واقفةً في طريق شعاع طويل من ضوء شمس الصباح. وظهرت بوضوحٍ التجاعيدُ في وجهها، وفمِها القاسي، وعينَيها الباردتين الفولاذيَّتين.
قال بغرض تحقيق هدفٍ من الكلمات: «لستُ متأكدًا على الإطلاق من أن أيَّ لقاء آخرَ بيني وبين الليدي دوميني هو أمرٌ مرغوب فيه في الوقت الحالي.»
إن كان قد فكَّر في إزعاجِ حاملةِ الرسالة باقتراحه، فقد أصيب بخيبةِ أمل.
أضافت بنبرة ازدراءٍ في صوتها: «إن سيادتها تُريدني أن أؤكد لك أنه لا داعيَ للخوف.»
اعترف دوميني بالهزيمة وسكب لنفسه المزيدَ من القهوة. لم يلحظ أيٌّ من الاثنين أن أصابعه كانت ترتجف.
قال: «إن سيادتها متفهِّمة للغاية. أخبريها من فضلكِ أنني سأتبعُك خلال بضع دقائق.»
دُلَّ دوميني، بعد دقائق قليلة من استدعائه، إلى جَناح كبير وأنيقٍ بشكل كئيب، جناح بجدران باهتة باللون الأبيض والذهبي، وثُريَّات بحُلًى متلألئة، وأثاث من طراز لويس الخامس عشر، بالٍ لكنه لا يُقدَّر بثَمن. وأدهشه، على الرغم من أنه بالكاد لاحظ ذلك في ذلك الوقت، أن السيدة أنثانك اختفت على الفور. وتُرك وحده منذ البداية مع المرأة التي كان قد أتى لزيارتها.
كانت جالسةً على أريكتها وتُراقب اقترابه. هل هي امرأة؟ من المؤكد أنها مجرد طفلة، بخدَّين شاحبَين، وعينين كبيرتين، قلقتين، وخُصلٍ من شعرٍ بُني مصفَّفة للخلف بعيدًا عن جبهتها. في النهاية، هل كان حقًّا رجلًا قويًّا، أقسمَ على أشياء عظيمة؟ كان ثمة شعورٌ غريب في حلقه، وكان غالبًا يرى ضبابًا أمام عينيه. بدَت هشَّةً للغاية، وحزينة جدًّا بطريقة جذابة. وطوال الوقت كان يوجد ضوءٌ غريب — أم كان نقصًا في الضوء — في هاتين العينين اللتَين لا يمكن نسيانهما. لم يُلقِ عليها التحية.
قالت بنبرة منكسرة: «إذن أتيتَ لرؤيتي، يا إيفرارد. أنت شجاع جدًّا.»
أمسك بيدِها، اليد التي كانت تحمل خنجرًا على حلْقه قبل سويعات، وقبَّل الأصابعَ الناعمة الشاحبة. سقطت يدها إلى جانبها وكأنها خاليةٌ من الحياة. ثم رفعتها وبدأت تفركها بلطف في المكان الذي لمسَته شفتاه.
أجاب: «لقد جئتُ لرؤيتكِ كما أمرتِ، وهذا من دواعي سروري.»
تمتمت بابتسامةٍ خفيفة مروعة: «سرور!» وأضافت: «لقد تعلمتَ التحكُّم في كلامك، يا إيفرارد. لقد نِمْت هنا وتعيش هنا. لقد أخلفت وعدي. أتساءل لماذا؟»
قال مناشدًا: «لأنني لم أستحقَّ أن تسعَيْ إلى قتلي.»
قالت بعد التفكير مَليًّا: «ذلك يبدو غريبًا.» وأضافت قائلةً: «ألا يُقال في موضعٍ ما في الكتاب المقدَّس — حياة مقابل حياة؟ لقد قتلتَ روجر أنثانك.»
قال لها دوميني: «لقد قتلتُ رجالًا آخرين منذ ذلك الحين دفاعًا عن النفس.» وأضاف قائلًا: «أحيانًا يصلُ الأمر إلى حدِّ أن يتعينَ على المرء أن يَقتُل أو يُقتَل. لقد كان روجر أنثانك …»
قالت بهدوء شديدٍ وبلهجة تقريرية: «لن أتحدَّث عنه بعد الآن.» وتابعت قائلةً: «في الليلة قبل الماضية، كانت روحه تُناديني أسفل نافذتي. يريدني أن أنزل إلى الجحيم وأعيش معه. الفكرة ذاتها مروِّعة.»
قال دوميني: «حسنًا، سنتحدَّث عن أشياءَ أخرى. يجب أن تُخبريني أيُّ هدايا يُمكنني شراؤها لكِ. لقد عُدتُ غنيًّا من أفريقيا.»
«هدايا؟»
للحظة واحدة رائعة، كان وجهها مثلَ وجه طفلٍ عُرِضَ عليه لُعَب. كانت ابتسامةُ ترقُّبها مبهجة؛ حيث فقدت عيناها ذلك الفراغَ الغريب. ثم، قبل أن يتمكَّنَ من قول كلمة أخرى، عاد كل شيء مرةً أخرى كما كان.
قالت: «أصغِ لي.» وأردفت قائلةً: «هذا أمرٌ مهم. لقد أرسلت في طلبك لأنني لا أفهم لماذا، على نحوٍ مفاجئ جدًّا الليلة الماضية، بعد أن اتخذتُ قراري، فقدتُ الرغبة في قتلك. لقد اختفَت الآن. لم أعُد متأكدة من نفسي. اسحب مقعدك بالقرب مني. أو لا، تعالَ إلى جانبي، هنا في الطرَف الآخر من الأريكة.»
حرَّكت تنورتَها لإفساح المجال له. وعندما جلس شعر برِعشة غريبة في سائر أطرافه.
تابعَت قائلةً: «ربما، سأحنثُ في قسمي. في الواقع، لقد حنثتُ فيه بالفعل. دعني أنظر إليك، يا زوجي. إنه لأمرٌ غريب أن أمتلك بعد كل هذه السنوات — زوجًا.»
شعر دوميني وكأنه يتنفَّس هواءً مشبعًا بلطفٍ مملٍّ ومسموم. كان يكتنف الوضعَ برُمَّته نكهةٌ من عدم الواقعية — الغرفة، هذه المرأة المدلَّلة، جمالها، كلامها الموزون المملوء بالوقفات، والأشياء الغريبة التي قالتها.
سأل: «هل تجدين أنني تغيَّرت؟»
«لقد تغيَّرتَ تغيرًا رائعًا للغاية. تبدو أقوى، ربما يكون مظهرك أفضل، لكنَّ شيئًا ما اختفى من وجهك اعتقدت أن لا أحد يفقده أبدًا.»
قال بحذر: «أنتِ أجملُ من أيِّ وقتٍ مضى، يا روزاموند.»
ضحكت بقليل من الحزن.
«ما نفع جمالي لي، يا إيفرارد، منذ أن أتيتَ إلى كوخي الصغير وأحببتَني وجعلتني أحبك، وأخذتني بعيدًا عن دور روجر؟ هل تتذكَّر أن أطفال المدرسة كانوا يُطلقون عليه دور روجر؟ — لكن هذا لا يهم. هل تعلم، يا إيفرارد، أنه منذ أن تركتني لم تخطُ قدماي خارج هذه الحدائق؟»
قال بسرعة: «يمكن تغييرُ ذلك عندما ترغبين.» وتابع قائلًا: «يمكنكِ زيارة الأماكن التي تريدين الذَّهاب إليها. يمكنكِ امتلاك سيارة، أو حتى منزل في المدينة. سأُحضر بعض الأطباء الرائعين إلى هنا، وسوف يجعلونكِ قوية مرةً أخرى.»
رفعت عينيها الكبيرتين بطريقةٍ مثيرة للشفقة.
وسألت بحزن: «ولكن كيف يمكنني مغادرةُ المكان هنا؟ فهو يأتي إليَّ كل أسبوع، وأحيانًا بوتيرة أكبر. إذا ذهبت بعيدًا، ستتحرَّر روحه وتتبعني. يجب أن أكون هنا لألوِّح له بيدي؛ فيذهبَ بعيدًا.»
كان دوميني مدركًا مرةً أخرى تلك الفورةَ الغريبة وغير المتوقَّعة في المشاعر. كان لا يُمكنه التعرُّف على نفسه. فلم يسبق له في حياته أن خفق قلبُه كما كان يخفق الآن. كانت عيناه أيضًا متوقِّدتين. لقد سافر حول العالم بحثًا عن أشياء جديدة، فقط ليجدها في هذه الغرفة الغريبة الباهتة، جنبًا إلى جنب مع هذه المرأة المعذَّبة. ومع ذلك قال بهدوء:
«يجب أن نُرسلك إلى مكانٍ يكون فيه الناسُ ألطفَ وتكون الحياةُ فيه أمتع. ربما تحبين الموسيقى ورؤية الصور الجميلة. أعتقد أننا يجب أن نُحاول ونمنعك من التفكير.»
تنهدَت في حيرة.
«أتمنَّى أن أتمكنَ من إخراج فكرةِ قتلك من رأسي. حينها يمكنك أن تأخذَني على الفور. فالأشخاص المتزوجون الآخرون يعيشون معًا وهم يكره بعضُهم بعضًا. لماذا لا يمكننا فعل ذلك؟ قد ننسى حتى الكراهية.»
نهض دوميني مترنحًا، ومشى إلى النافذة، فتحها على مِصراعيها ونظر من خلالها للحظة. ثم أغلقها وعاد. كان هذا العنصر الجديد في الموقف صدمةً له. طوال الوقت كانت تُراقبه بسَكِينة.
سألت بابتسامةٍ صغيرة غريبة: «حسنًا؟» وأضافت قائلةً: «ما رأيك؟ هل تريد أن تُمسك يدَ الزوجة التي أخافتك الليلة الماضية؟»
مدَّت له يدها الناعمة الدافئة. حتى إن أصابعها ضغطت على يديه مثلما كان يفعل. ونظرت إليه بسرور، ومرة أخرى شعر وكأنه رجلٌ تجوَّل في بلد غريب وضل طريقه.
قال بصوتٍ أجش: «أريد بشدة أن تكوني سعيدة، لكنك لستِ قوية بعدُ، يا روزاموند. لا يمكننا أن نقرِّر أيَّ شيء بتعجُّل.»
تمتمَت: «يا لدهشتك عندما وجدتَ أنني على استعداد لأن أكون لطيفةً معك!» وأردفت قائلةً: «لكن لمَ لا؟ لا يمكنك أن تعرف لماذا غيرتُ رأيي بشأنك فجأة — ولقد غيَّرته بالفعل. لقد رأيت الحقيقة في هذه الدقائق القليلة. ثمة سبب، يا إيفرارد، يمنعني من قتلك.»
سأل: «ما هو؟»
هزَّت رأسها بكل فرح مثل طفل يُخفي سرًّا.
قالت: «أنت ذكي.» وتابعت قائلةً: «سأترك لك أمرَ اكتشافه. أنا مستثارة الآن، وأريدك أن ترحلَ بعضَ الوقت. من فضلك أرسِل لي السيدة أنثانك.»
كان احتمال إطلاقِ سراحه مبعثَ ارتياح غريب، لكنه كان لا يزال يختلطُ اختلاطًا غريبًا بالأسف. لم يترك يدَها.
وتوسَّل قائلًا: «إذا كنتِ ستمشين أثناء نومك الليلة، إذن، فهلَّا تتركين الخِنجر؟»
أجابت كما لو كانت متفاجئة: «لقد أخبرتُك بأنني تخليت عن نيَّتي. لن أقتلك. مع أنني قد أسيرُ في نومي — وأحيانًا تكون الليالي طويلةً جدًّا — لن يكون موتُك الأمرَ الذي أسعى إليه.»