الفصل السابع عشر

بدا لدوميني أنه لم يرَ مطلقًا شيئًا مثيرًا للشفقةِ أكثرَ من تلك النظرة الشغوفة، المليئةِ بالأمل والتخوُّف، التي نظرَت بها إليه تلك العينان الغريبتان المتعَبتان للمرأة التي كانت تقف أمام المدفأة في أحد الأركان الخفيَّة في القاعة الرئيسية. إلى جانبها كانت تقف امرأةٌ لطيفة وودودةُ المظهر ترتدي زيَّ ممرضة؛ وخلفها بقليل خادمةٌ تحمل علبة مجوهرات. كانت روزاموند، التي كانت قد ألقت غِطاء وجهها للوراء، واقفة ورجلها على سياج المدفأة. تغيرت تعابيرُ وجهها بالكامل عندما أسرع دوميني نحوها بيدَين ممدودتين.

وصاح قائلًا: «عزيزتي، أهلًا بك في بيتك!»

كرَّرت، بغصَّة سعيدة في حلقها: «أهلًا؟» وأضافت: «هل تعني ذلك حقًّا؟»

بتحكُّم في نفسه لم يُبدِ له أيَّ أمارة، لمس بحنانٍ ووقار الشفتَين اللتين ارتفعَتا بشغفٍ شديد إلى شفتيه كما لو كانت طفلةً غريبة يلتزم برعايتها.

أجاب بحرارة: «بالطبع أعني ذلك.» وتابع: «ولكن ما الذي جعلكِ تأتين دون إخطارنا؟ كيف حدث هذا، أيتها الممرضة؟»

أجابت الأخيرة: «سيادتها لم تنَم منذ ليلتَين.» وتابعت قائلةً: «لقد كانت أفضلَ بكثير لدرجةِ أننا خشينا من فكرة الانتكاس؛ لذلك اعتقدَت السيدة كولسون، رئيسةُ الممرضات، أنه من الأفضل أن ندَعَها تعود لمنزلها. وبدلًا من إرسال برقيةٍ إليك، لسوء الحظ، أرسلنا برقيةً إلى الدكتور هاريسون، وأعتقد أنه لم يكن موجودًا.»

سألت روزاموند، متشبثةً بذراع دوميني: «هل ارتكبت خطأً فادحًا؟» وتابعت قائلةً: «شعرت فجأةً أنني يجب أن أعود إلى هنا. أردت أن أراك مرةً أخرى. كان الجميع لطيفًا وطيبًا في فالماوث، خاصة الممرضة ألِيس هنا، لكنهم لم يكونوا مثلها تمامًا. هل أنت غاضب؟ هل سيُمانع هؤلاء الناس الذين يقيمون هنا؟»

طمأنها بمرح: «بالطبع لا.» وأضاف قائلًا: «سيكونون ضيوفَكِ. غدًا عليك تكوينُ صداقات معهم جميعًا.»

قالت بخجل: «كانت ثَمة امرأةٌ جميلة جدًّا، شعرها أحمر، مرت الآن. بدَت غاضبة جدًّا. هل كان ذلك بسبب قدومي؟»

أجاب: «لماذا يجب أن يكون بسبب ذلك؟» وأضاف قائلًا: «لديك حقٌّ هنا — حق أفضل من أي شخص آخر.»

تنهدَت تنهيدةً طويلة تنمُّ عن اقتناعها.

وصاحت: «أوه، هذا رائع!» وأردفت قائلةً: «وأنت يا عزيزي، سأدعوك إيفرارد، هل يُمكنني ذلك؟ تبدو كما كنت أتمنَّى. هلا تأخذني إلى الطابق العلوي من فضلك؟ أيتها الممرضة، يمكنكِ اللَّحاقُ بنا.»

اتَّكأت بشدةٍ على ذراعه حتى إنها تباطأتْ في الطريق، لكن خطواتها أصبحت أخفَّ عندما اقتربت من جناحها الخاص. أخيرًا، عندما وصلا إلى الممر، انفصلتْ عنه وأسرعت ببهجة وكأنها طفلةٌ إلى باب غرفتها. وعندما فتحتِ البابَ أطلقتْ صيحةً خافتةً تنمُّ عن خيبةِ أملٍ. كان يوجد العديد من الخادمات، مشغولاتٍ بالمدفأة التي كان يصعبُ إشعالها وإزالةُ الأغطية من على الأثاث، وكانت الغرفة نصف مليئة بالدخان وغيرَ مهيَّأة تمامًا.

«أوه، كم هذا بائس!» وتابعت قائلةً: «إيفرارد، ماذا أفعل؟»

فتح باب جناحه. كانت النيران مشتعلةً في المدفأة، وكانت الغرفة دافئةً ومريحة. ألقت بنفسها وهي تُطلِق صيحةَ فرح خافتة على الأريكة الضخمة الموضوعة عند حافة السجادة المفروشة أمام المدفأة.

قالت مناشِدةً: «يمكنني البقاءُ هنا، يا إيفرارد، حتى تدلفَ إلى الفراش، أليس كذلك؟» وتابعت قائلةً: «وحينها يمكنك الجلوسُ والتحدُّث معي، وإخباري مَن هنا وكلَّ شيء عن الناس. ليس لديك فكرةٌ كم تحسنتُ كثيرًا. كل موسيقاي عادت إليَّ، ويقولون إنني ألعب البريدج بشكل جيد. سأحب مساعدتك في التسلية.»

كانت الخادمة تفكُّ ببطء رباطَ حذاء سيدتها طويلِ الرقبة. رفعَت روزاموند قدَمها له ليتحسسَها.

قالت شاكيةً: «انظر كم أشعر بالبرد!» وتابعت قائلةً: «دلِّكها لي من فضلك. سأتناول العشاءَ هنا مع الممرضة. هل يمكن أن تنزل إحدى الخادمات لتدبِّر هذا الأمر؟» أضافت وهي تنظر حولها: «كم لديك الكثير من الأشياء الجديدة الرائعة، يا إيفرارد!» صاحت والفرحُ يغمر عينَيها: «وتلك الصورة لي من قاعة الاستقبال، على المنضدة! عزيزي! ما الذي دفعك إلى إحضارها؟»

قال لها: «أردتُ أن تكون لديَّ هنا.»

تنهدَت بقليل من الحزن: «أنا لستُ جميلة جدًّا هكذا الآن.»

أجاب: «لا أصدِّق هذا.» وأضاف قائلًا: «فأنتِ لم تتغيَّري على الإطلاق. وستُصبحين أجملَ عندما تمكثين هنا بضعة أشهر.»

نظرت إليه بخجلٍ وبحنان، ولكن كان لا يزال يوجد ذلك البريقُ من التحفُّظ في عينيها.

تمتمَت قائلةً: «أظن أنني سأكون كما تريدني أن أكون. وأظن أنه يمكنُك أن تجعلَني كما تريد. لكن من فضلك، كن لطيفًا معي»، توسَّلَت، وهي تمدُّ ذراعَيها إليه. وأردفت: «أظن أن السبب في ذلك هو أنني كنتُ مريضة مدةً طويلة، لكنني أشعر بعجز شديد، وأحبُّ قوَّتك وأريدك أن تعتنيَ بي. يداك باردتان جدًّا»، أضافت بقلق. وتابعت: «وتبدو شاحبًا أيضًا. هل أنت مريض، يا إيفرارد؟»

أكَّد لها وهو يُكافح من أجل إبقاء صوته ثابتًا: «أنا بأحسنِ حال.» وأضاف قائلًا: «سوف تُسامحيني، أليس كذلك، إذا غادرتُ بسرعة. فيوجد هنا ضيوفٌ مهمون إلى حدٍّ ما. وغدًا يجب أن تأتي وتتعرفي بهم جميعًا.»

«وأساعدك؟»

«وتُساعديني.»

•••

هرَب دوميني وسار مترنحًا في الرَّدهة. أعلى الدَّرَج الكبير الرباعيِّ الزوايا توقَّف بعينين شبهِ مغلقتَين عدة لحظات. كان يسمع أصواتًا مرتفعة لطيفة من الطابق السفلي، وموسيقى بيانو من بعيد، ونقرات كرات البلياردو. انتظر حتى استعاد زِمام نفسه. ثم، عندما كان على وشك النزول، رأى سيمان يصعد الدرَج. أومأ إليه لينتظرَه، وعندما وصل إليه أخذه من ذراعه، وقاده إلى أريكةٍ كبيرة في زاوية مظلمة. فقد سيمان بهجتَه المعتادة. لم تَعُد الابتسامة المرحة على شفتيه.

سأل: «أين الليدي دوميني؟»

«في غرفتي، تنتظر حتى الانتهاءِ من تجهيز غرفتها.»

كان أسلوب سيمان جادًّا بشكل غير عادي.

قال: «صديقي، أنت تعلم جيدًا أنه عندما نسير في دروب الحياة العظيمة، أكون مجردًا من المبادئ. في تلك الساعات الأخرى، للأسف! لديَّ نقطة ضعف — أحب النساء.»

تمتم دوميني: «ماذا؟»

تابع الآخر: «سأعترف بأنك وُضِعْت في موقفٍ حساس وصعب. يبدو أن الليدي دوميني تميل إلى أن تُقدِّم لك العاطفةَ التي كانت تشعر بها دون شكٍّ تجاه زوجها، على الرغم من مشاكلهما معًا. سأخاطر بإغضابِك يا صديقي، وأنصحك بأن تكون حريصًا جدًّا في تشجيعِك لها.»

ومَضتْ عينا دوميني. وفي هذه اللحظة بدا أن كلمات الغضب ترتجفُ على شفتيه. ومع ذلك، كان أسلوب سيمان لطيفًا جدًّا. ولم يُسئ إليه.

«لو كنت ستستغلُّ موقعك مع أي شخص آخر، فلن أبدي أيَّ اعتراض، لكن زوجة هذا الرجل الإنجليزي المجنون، أو بالأحرى أرملته، كانت مريضةً عقليًّا. ولا يزال عقلُها ضعيفًا، وقلبها رقيقًا. شاهدتُها وهي تمر عبر القاعة معك الآن. إنها تلجأ إليك من أجل الحبِّ مثلما تلجأ زهرةٌ إلى الشمس بعد موجةٍ طويلة من الطقس البارد الرطب. أنت رجل شريف يا فون راجاشتين. يجب أن تجد وسيلة للتعامل مع هذا الموقف، مهما كان صعبًا.»

تعافى دوميني من موجةِ ضعفه الأولى. ولم تُثِر كلماتُ رفيقه مشاعرَ غضبٍ بداخله. حتى إنه أدرك أنه ينظر إليه بشعور عظيم من اللطف أكثرَ من أي وقت مضى.

وقال: «صديقي، لقد أظهرتَ لي أنك مدركٌ لمعضلةٍ واحدة أجد نفسي متورطًا فيها، وأعترف أنها تُسيطر على تفكيري إلى أقصى حد. دعني الآن أخبرْك بمعضلةٍ أخرى. جلبَت لي الأميرة إيدرستروم رسالةً موقَّعة بخط اليد من القيصر، يأمرني بالزواج منها.»

أعلن سيمان بعنف: «هذا الموقف، لولا جانبُه الجاد، لوفَّر كلَّ العناصر لمسرحيةٍ هزلية في القصر الملكي بباريس. ومع ذلك، في الوقت الحاضر، لديك واجبات بالأسفل. لقد أفصحتُ عن الكلمات التي كانت تعصف بقلبي.»

نزَلا في الوقت المناسب. فقد كان بعض الضيوف المحليِّين يستعدون للمغادرة، وكان دوميني هناك ليُودعهم. ترَكوا جميعًا رسائلَ لليدي دوميني، وتحدثوا عن إجراء زيارة سريعة لها، وأعرَبوا عن سعادتهم لسماعِ نبأ عودتها وشفائها. عندما انصرفَت آخرُ سيارة، أخذت كارولين ذراعَ مضيفها وقادته إلى مقعدٍ بجوار المدفأة الضخمة في القاعة الداخلية.

قالت: «عزيزي إيفرارد، أنت حقًّا شخص فظيع جدًّا.»

سأل: «لماذا بالضبط؟»

تابعَت قائلة: «إن إخلاصَك للنساء يستحقُّ الثناء، ولكنه شاملٌ للغاية. يبدو أن عودتك إلى إنجلترا قد فعلت ما فهمنا أنه مستحيل — أعادت إلى زوجتِك عقلَها. لقد طاردتْك أميرةٌ مجَرية شعرها أحمر إلى هنا، وذهبت الآن إلى غرفتها في حالة هِياج؛ لأنك تركتَها بضعَ دقائق للترحيب بزوجتك. ولا يزال هناك مُغازلتنا العاطفية الخفيفة، شيء محطم، وللأسف، مهمل! لا يوجد شكٌّ على الإطلاق، يا إيفرارد، في أنك شخصٌ سيئ للغاية.»

اعترَف دوميني قائلًا: «إنك تزعجينني بشكل رهيب، لكن مع ذلك، بعد أمسيةٍ مضطربة إلى حدٍّ ما، يجب أن أعترف أنني أجد أنه من الجيد التحدثُ مع شخصٍ لا يُبرق ويُرعد. هل لي بويسكي وصودا؟»

طلبت كارولين: «أحضر لي واحدًا أيضًا من فضلك.» وأضافت قائلةً: «أخشى أن يؤديَ ذلك على نحوٍ خطير إلى إضعاف الانطباع الذي كنتُ أنوي أن أضْفِيَه على حديثنا، لكنني عطشى. وحَفنة من تلك السجائر التركية أيضًا. يُمكنك أن تُكرِّس نفسك لي بضميرٍ مرتاح تمامًا. لقد وجد ضيفُك المميز مهمةً تُناسب آراءه. لقد وضع هنري في زاويةٍ من غرفة البلياردو ويحاول إقناعه بما أنا متأكدةٌ من أن الرجل العزيز نفسَه يؤمن حقًّا به — أن نوايا ألمانيا تجاهَ إنجلترا ذاتُ طبيعة مسالمة بشكلٍ خاص. وذهب ضيفك الرايت أونرابل إلى الفراش، وإيدي بيلهام يلعب البلياردو مع السيد مانجان. الجميع سعداء. يمكنك أن تُكرِّس نفسك لتهدئة غروري الجريح، فضلًا عن قلبي المكسور.»

تذمَّر دوميني: «دائمًا ما تستهزئين بي.»

أجابت بهدوءٍ رافعةً عينيها للحظة: «ليس دائمًا.» وتابعت قائلةً: «في إحدى المرات لم أستهزئ بك، يا إيفرارد، قبل تلك المأساة الرهيبة — آخر مرة مكثتَ فيها في دنراتر.»

قال بعد التفكير مَليًّا: «عندما كنتِ، على العكس، في غاية اللطف.»

تنهدَت مستعيدةً الذكريات.

تمتمت: «لقد كان شهرًا رائعًا.» وتابعت قائلةً: «أظن أن تلك كانت المرةَ الأولى التي رأيت فيها آثارًا لشيءٍ ما بداخلك أظن أنه يُفسِّر ما أنت عليه اليوم.»

«تظنين أنني قد تغيَّرت، إذن؟»

نظرت إلى عينيه.

واعترفت قائلةً: «أجد صعوبةً أحيانًا في تصديق أنك الرجل نفسُه.»

التفتَ للوصول إلى الويسكي والصودا.

وسأل: «من باب الفضول، لماذا؟»

علَّقَت قائلة: «بادئ ذي بدء، لقد أصبحتَ شديد التمسك بالقواعد في كلامك. لقد اعتدت أن تكون عاميًّا إلى حدٍّ ما في بعض الأحيان.»

«ماذا أيضًا؟»

«لقد اعتدتَ دائمًا على ألا تنطق حرف الجي الأخير.»

غمغم: «عادة مروعة.» وأضاف قائلًا: «عالجتُ نفسي من ذلك بالقراءة بصوتٍ عالٍ في الأدغال. أرجوكِ استمرِّي؟»

«تتصرف بصرامةٍ كبيرة. وفي بعض الأحيان تُعطي إيحاءً بأنك مندهش من أنك لستَ بالزي العسكري.»

أعلن: «تفاهات، كل هذه الأشياء.» وأضاف قائلًا: «ألا يوجد شيء جادٌّ؟»

اعترفَت: «الأشياء الجادة جيدة.» وتابعت: «اعتدتَ أن تشرب الويسكي والصودا في جميع ساعات اليوم، وكمية كبيرة من النبيذ بقدرِ ما يُرضيك في وقت العشاء. الآن، على الرغم من أنك مضيفٌ رائع، إلا أنك نادرًا ما تأخذ أي شيء لنفسك.»

قال لها: «يجب أن تُشاهديني أمام نبيذ البورت عندما لا توجد سيدات! المزيد من الأشياء الجيدة، من فضلك؟»

تابعَت قائلة: «يبدو أن أفضل صفاتك قد ظهرت على السطح، وأظن أن الطريقة التي عُدتَ بها وواجهت كل شيء رائعةٌ بكل بساطة. قُل لي، إذا اكتُشِفَت جثةُ ذلك الرجل بعد كل هذه السنوات، فهل ستُتَّهَم بالقتل غير العمد؟»

هزَّ رأسه. «لا أظن ذلك، يا كارولين.»

«إيفرارد.»

«ماذا؟»

«هل قتلتَ روجر أنثانك؟»

سقط جزءٌ من الجِذع المحترق في موقد المدفأة. ثم ساد صمت. سمعا صوتَ نقرات كرات البلياردو في الغرفة المجاورة. انحنى دوميني إلى الأمام، وبملقط صغير استبدل الخشب المحترق في المدفأة. وفجأةً شعر بيديه تتشابكان مع يدي رفيقته.

قالت: «عزيزي إيفرارد، أنا آسفةٌ للغاية. لقد أتيتَ إليَّ متعبًا قليلًا الليلة، أليس كذلك؟ أعتقد أنك كنتَ بحاجةٍ إلى التعاطف، وها أنا ذا أسألك مرة أخرى ذلك السؤال الرهيب. انسَ الأمر، أرجوك. تحدَّث معي مثلما كنت تفعل سابقًا. أخبرني عن عودة روزاموند. هل تعافتْ حقًّا، هل تظن ذلك؟»

أجاب دوميني: «لقد رأيتها بِضعَ دقائق فقط، لكنها بدَت لي أفضل حالًا بالتأكيد. يجب أن أقول إن التقارير الأسبوعية التي تلقَّيتها من دار الرعاية كانت تُبشرني بتحسنٍ كبير. إنها ضعيفةٌ للغاية، ولا تزال عيناها تحتويان تلك النظرةَ المضطربة، لكنها تتحدث بتماسكٍ تام.»

«ماذا عن تلك المرأة الفظيعة؟»

«لقد جَعلتُ السيدة أنثانك تتقاعد. ومما أدهشَني أنني سمعتُ أنها لا تزال تعيش في القرية.»

«ماذا عن شبحك؟»

«لم يحدث أيُّ عواءٍ طَوال الوقت الذي غابت فيه روزاموند.»

قالت كارولين مترددةً: «ثمةَ شيءٌ آخر.»

لم يحظَ هذا الشيء الآخر مطلقًا بفرصةِ الإفصاح عنه. فقد حدثَت مقاطعة غريبة، شبهُ درامية. كسر صمتَ القاعة صوتُ الجرس الكبير المعلَّق فوق الباب الأمامي. نظر دوميني إلى الساعة بدهشة.

وصاح: «منتصف الليل! مَن على وجه الأرض يُمكنه المجيء إلى هنا في هذا الوقت من الليل!»

بشكلٍ غريزي، نهض كِلاهما. أدار أحدُ الخدم المفتاح الكبير وسحب المزاليجَ وفتح الباب بصعوبة. اندفع القليل من الثلج ورياحٌ جليدية قوية إلى القاعة، تبعها رجلٌ، لونه أبيضُ من رأسه إلى أخمصِ قدمَيه، وشعره يتطاير بسبب الرياح، ويكاد يتعذَّر التعرُّف به بعد معاناته.

صاح دوميني، متخذًا خطوةً سريعة إلى الأمام: «يا إلهي، دكتور هاريسون!» وأضاف قائلًا: «ما الذي أتى بك إلى هنا في هذا الوقت من الليل!»

اتكئ الطبيبُ على عصاه للحظة. كان يلهث، وكان الثلج الذائبُ يتساقط من ملابسه على الأرضية المصنوعة من البلوط. خلعوا عنه معطفَه وجذبوه نحو النار.

قال بينما كان يأخذ القدحَ الذي وضعه دوميني في يده: «يجب أن أعتذرَ عن إزعاجك في مثل هذه الساعة.» وأضاف قائلًا: «لقد تلقيتُ للتو برقية الليدي دوميني. وتعيَّن عليَّ أن أراك … في الحال.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤