الفصل الثاني عشر
في عصر اليوم التالي دفع الخادم بطاقة نينا فرست إلى كاترين شراط فرحَّبت هذه بتلك، ولما انتهت المرأتان من التحيات، قالت كاترين شراط: لماذا تركت تريستا يا نينا؟
فابتسمت نينا وقالت: لما علمت أنك حرمت الملاعب من بهائك، قلت في نفسي إذا توارت الشمس يظهر نور النجوم، فلعل نور نجمي يظهر في فينا يا مدام.
فضحكت نينا وقالت: لا يخفى القمر يا نينا، إني أقدر لك مجدًا باهرًا هنا، هل قابلت أحدًا من مديري الملاعب.
– لا، وإنما جئتُ أستوسطك لدى مدير الملعب الإمبراطوري.
فوجمت كاترين قليلًا فتلقتها نينا مستدركة: لم أجسر على التماس هذه الخدمة منك يا مدام إلا لما علمت من المصور ماركس فورسن أنك تودين أن تريني، فشعرت أنك لا تبخلين بمعروفٍ لي.
– بل أخدمك بكل قواي يا نينا، وسأغنم الفرصة المناسبة لمقابلة مدير الملعب الإمبراطوري، كنتُ سمعتُ أنك انقطعت عن التمثيل مدة يا نينا.
فوجمت نينا وانقبضت قليلًا ثم قالت: نعم انقطعت عنه منذ برحت أنت تريستا.
– طبعًا لو استمررتُ لكنتُ شمس الملاعب.
فازمهرت عينا نينا وقالت: لا أقصد ذلك، وإنما أعني أني لو استمررت على ممارسة التمثيل لكان لي فيه مقام، ولكنتُ ذا مال.
– وماذا كنت تفعلين في مدة انقطاعك عن التمثيل؟
فتنهدت نينا وقالت: كنت متوارية وراء حجاب من الغيب يا مدام.
فحملقت كاترين شراط فيها وقالت: لا أفهم ماذا تعنين.
فتململت نينا وقالت: في فمي ماء يا مدام.
فوجمت كاترين وقالت: عفوك يا عزيزتي يا نينا، لم أقصد أن أستطلع أسرارك، وإنما تواريك وراء حجاب الغيب يحملني على الاستفهام عن حجاب الغيب هذا. فعذرًا.
– لم أقصد بكلامي هذا أن أصدك عن الخطاب يا مدام، وإنما عنيت أني حاولت أن أكون شخصًا آخَر في حظي، آخَر يتردد بين السعاة والشقاء.
– عسى أن تكوني قد نجحت يا نينا.
فتأوهت نينا وقالت: بل أخفقت إخفاقًا أعيذك منه.
فأجفلت كاترين وقالت: تعيذينني منه؟
– نعم، علمت أن جلالته راضيًا عليك كل الرضى.
فابتسمت كاترين وقالت: أجل كل الرضى.
– أهنئك وإنما أحذرك.
فوجمت كاترين وانقبضت وقالت: ممَّاذا؟
– من مكايد البلاط.
فتجهمت كاترين قائلة: وهل يُخشَى من مكايد البلاط؟
– كثيرًا، فإني لولا تلك المكايد …
– فاعتدلت كاترين في مكانها وقالت: لولاها …
– لكنتُ سعيدة مثلك.
– إذن كانت لك صلة بالبلاط؟
– أجل، ولكنها سرية جدًّا.
– إذن، لا يحق لي التمادي في هذا الحديث، وإنما سمعت أن للمصور ماركوس فورسن علاقة بالبلاط. تُرَى هل هي علاقة قديمة؟
فأجفلت نينا وقالت: لا عِلْمَ لي بذلك.
– بلى، سمعت أنه يتردد إلى البلاط.
عند ذلك نقر الزنجي على الباب، فأذنت له كاترين فدخل ودفع إليها بطاقة الفون الدر فلت، فاستأذنت كاترين من صديقتها نينا وخرجت إليه لتقابله على انفراد.