روسيا وستالين
يصدر هذا الكتاب في الوقت الذي تحتفل فيه روسيا بمرور ٤٠ عامًا على مولد الثورة الاشتراكية، وهي الثورة التي اعتبرت من أعظم الأحداث العالمية في هذا العصر.
وقد اقترن الاحتفال بعيد هذه الثورة بظاهرة عجيبة تدعو للتساؤل؛ وهي اختفاء اسم بطل من أبطال هذه الثورة، بل لعله أعظم بطل من أبطالها بعد لينين الذي بشَّر بها، وحمل رسالتها في الأعوام الأولى.
حتى صور هذا البطل لم تظهر في عيد الثورة كما كانت تظهر من قبل في الأعياد السابقة، وسُمِح للناس بأن يروا صورة لينين فقط.
هذا البطل الذي اختفى اسمه، واختفت صورته في عيد الثورة هو … ستالين!
ولكن ستالين مع ذلك وهو في ضريحه إلى جانب ضريح لينين، ما زال يفرض اسمه، ويفرض رسمه، ويفرض سياسته …
ولا شك أن ستالين يستحق الدراسة إذا كان قد نجح في فرض اسمه وفرض سياسته، دون أن يسعى إلى ذلك، سواء في الحياة أو بعد الموت؛ إذا كان في وسع أحد أن يفرض نفسه بعد الموت …
والواقع أن ما كُتِبَ عن ستالين يعتبر ضئيلًا جدًّا بالنسبة لما كُتِب عن لينين، أو عن تروتسكي وهو الزعيم الثاني الذي كان مرشحًا لخلافة لينين … وقد كان هو بطبيعته ميالًا للعزلة، والإقلال من الكلام أو التحدث عن نفسه، كما أن الكُتَّاب والمؤلفين والصحفيين لم يسعوا إلى مقابلته إلا بعد أن تركزت عليه الأنظار خلال الحرب العالمية الثانية؛ نظرًا لأهمية الدور الذي قامت به بلاده في تلك الحرب، وما ساهمت به في سبيل القضاء على الفاشية تحت قيادته القوية الحازمة …
-
دوره في الثورة الاشتراكية، والتمهيد لها بمختلف الوسائل السرية والثورية.
-
دوره بعد نجاح الثورة في عام ١٩١٧، وتألق نجمه في دوائر الحزب الشيوعي.
-
دوره كحاكم روسيا المطلق بعد لينين، وتحويلها من دولة زراعية إلى دولة صناعية كبرى.
-
دوره في الحرب العالمية الثانية، ومساهمته مع حلفائه في الحرب في هزيمة الفاشية.
-
دوره كناشر للمذهب الشيوعي في العالم.
وقد بلغ ستالين حد الذروة من النجاح في معظم هذه الأدوار …
ومع ذلك فيجب أن نعترف أن هناك حلقات كثيرة ما زالت غامضة في حياة ستالين، وقد تظل غامضة إلى الأبد … إلا أن قصة مغامرات ستالين في شبابه، ودوره في الثورة والحرب الأهلية، ثم عبادته للينين، ثم صراعه مع تروتسكي على السلطة، ثم انتصاره الكامل على جميع منافسيه في الحزب الشيوعي، كل ذلك يجعل من ستالين شخصية ممتازة جديرة بالدراسة.
… وقد تكون هناك صفات سوداء في تاريخ حياته، ولكن شخصيته تتسامى في صفحات أخرى حتى لتجعل منه رجلًا لا يقل عظمة عن لينين!