الولد الشقي في السجن
«في الخارج يرفع النصَّاب عادةً شِعار الشَّرف، ويرتدي الجَبان زِيَّ الشجاعة، ويتغنَّى البخيل بالكرم، ويتَّشح السافل بمكارم الأخلاق، ولكن في السجن، كلُّ شيء ظاهر ومكشوف وعلى عينك يا تاجر! وهم عندما يُنادون الآخَرين، ينادونهم بأسمائهم وصفاتهم دونَ تزويق ولا رُتوش: فاروق النصَّاب، وإسماعيل القوَّاد، وسيد الحرامي، وإبراهيم مخدرات!»
بالرغم من اعتقال الكاتب الكبير «محمود السعدني» عدَّةَ مرات، تظل تجرِبة اعتقاله في ديسمبر ١٩٧١م الأكثرَ تأثيرًا في رؤيته لعالَم السجن؛ ففيها التقى بنماذجَ مختلفة من المساجين، وتعرَّف على عالَم النشَّالين والقوَّادين واللصوص، وتفتَّحت عيناه على تناقُضات عالَمهم العجيبة؛ فجميع المُوبِقات مُباحة عندهم، ولكن الوفاء بالوعد مبدأ لا مَحيدَ عنه. لذا خصَّص كاتبنا هذا الكتابَ للحديث عن عالَم السجن وشخوصه، ومنهم «أبو سداح» الذي يمكث في السجن منذ ثلاثين عامًا، ولا يملُّ إرسالَ الخطابات إلى رئاسة الجمهورية طلبًا لعفوٍ رئاسي، و«اليانكي» الذي يشير على صديقه الياباني بالانتحار بعد أن حُكم عليهما بالسجن المؤبَّد لاتِّجارهما بالحشيش، دونَ أن يخطر بباله أن صديقه سيعمل بمَشورته، وشخصيات أخرى مثيرة زامَلها «السعدني» وعلقَت بذاكرته.