الفصل الثامن
في الساعة الثانية صباحًا، اقتحم شخصان مجريان متجر سيجار عند تقاطع شارعي فيفتينث وجراند أفنيو. انطلق دريفيتس وبويل من مركز شرطة شارع فيفتينث في سيارة من طراز فورد. كان المجريان يعودان إلى الوراء بعربتهما للخروج من زقاق. أطلق بويل النار على من كان على مقعد العربة، ثم على الآخر الذي كان في هيكلها. أصاب دريفيتس الرعب حين وجد أنَّ كِلَيهما قد مات. تحدَّث قائلًا: «اللعنة يا جيمي. ما كان لك أن تفعل هذا. إنَّ هذا سيفتح على الأرجح علينا جحيمًا من المتاعب.»
قال بويل: «إنهما مجرمان، أليسا كذلك؟ إنهما إيطاليَّان لعينان، أليسا كذلك؟ مَن ذا الذي سيُثير أية مشكلات بحق الجحيم؟»
قال ديفيرتيس: «ربما يمرُّ الأمر بسلامٍ في هذه المرة، لكن كيف عرَفَت أنهما إيطاليان حين أطلقت عليهما النار؟»
قال بويل: «إنهما إيطاليان لعينان. إنني أستطيع أن أميز الإيطاليين الملاعين من على بعد ميل.»
الثوري
في العام ١٩١٩، كان يُسافر من قِطار لآخر في إيطاليا، حاملًا من مقر الحزب قطعةً مربعة من المشمع مكتوب عليها بالقلم الرَّصاص الذي لا يُمحى ما يخطُّ به ما يفيد أنه رفيق قد عانى كثيرًا تحت وطأة حكم البيض في بودابست، وأنه يطلب من الرِّفاق أن يُقدِّموا له المساعدة بأي طريقة من الطرق. لقد استخدم هذه القطعة كبديل عن التذكرة. لقد كان خَجولًا للغاية وحديثَ السنِّ بعض الشيء، وكان رجال القطار يُسلمونه من طاقم إلى آخر. لم يكن يمتلك نقودًا، وكانوا يُطعِمونه في مطاعم السكة الحديدية في منطقة العاملين.
لقد أعجبَته إيطاليا. قال إنها بلد جميل، وجميع أناسها طيبون. لقد زار مدنًا عديدة، وسار فيها كثيرًا، ورأى الكثير من الرسومات. ابتاع نسخًا من أعمال جوتو ومازاتشو وبييرو ديلا فرانتشيسكا، وكان يحملها مُغلَّفةً في نسخة من جريدة «أفانتي». أما مانتينيا، فلم يُعجِبه.
ذهب إلى بولونيا، وقد أخذته معي إلى منطقة رومانيا حيث كان عليَّ أن أذهب كي أقابل شخصًا ما. كانت رحلتنا معًا جيدة. كان الوقت في بداية سبتمبر، وكان الريف جميلًا. كان مَجريًّا، وكان شابًّا لطيفًا للغاية وخجولًا جدًّا. لقد أساء إليه رجال هورتي، وهو الأمر الذي تحدَّث عنه قليلًا. وبصرف النظر عما حدث في المجر، فقد كان يؤمن تمامًا بالثورة العالمية.
سأل: «وكيف حال الحركة في إيطاليا؟»
أجبت: «سيئة للغاية.»
قال: «لكنها سوف تتحسن. لديكم كل شيء هنا. إنه البلد الوحيد الذي يثق به الكل. سيكون نقطة الانطلاق لكل شيء.» لم أقل شيئًا.
في بولونيا، ودعنا كي يستقل القطار إلى ميلانو، ثم إلى أوستا لكي يَعبُر الممرَّ إلى سويسرا. حدثته عن أعمال مانتينيا في ميلانو. وقال بخجل شديد: «كلا.» فقد كان مانتينيا لا يُعجبه. كتبتُ إليه أسماء الأماكن التي يمكن أن يأكل فيها في ميلانو، وعناوين الرفاق. شكَرني جزيل الشكر، لكنَّ عقله كان يتطلع بالفعل إلى عبور الممر. كان متلهفًا للغاية لعبور ذلك الممر بينما لا يزال الطقس جيدًا. كان يحب الجبال في الخريف. وقد كان آخر ما سمعته عنه أنَّ السويسريين قد وضعوه في السجن بالقرب من سيون.