خراج مصر في الإسلام
قال ابن وصيف شاه: جبى خراج مصر في الإسلام عمرو بن العاص لمَّا فتحها فكان اثني عشر ألف ألف دينار، ثم جبى عبد الله بن أبي سراح في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه خراج مصر أربعة عشر ألف ألف دينار، فقال الإمام عثمان لعمرو بن العاص يا أبا عبد الله دَرَّت اللِّقْحَة بعدك، فقال له عمرو بن العاص: نعم، درَّت ولكن أجاعت أولادها، وهذا الذي جباه عبد الله بن أبي السرح، إنما أخذه على الجماجم والرءوس خاصة دون الخراج، ثم مِن بعد ذلك انحط خراج مصر حتى جباها أسامة بن زيد عامل مصر في خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان الأموي اثني عشر ألف ألف دينار.
فلما ولي الأمير أحمد بن طولون على مصر وجدها خرابًا، وقد انحط خراجها حتى بقي ثمانمائة ألف دينار، فلا زال يجهد في عمارتها وإصلاح جسورها وقناطرها حتى بلغ خراج مصر في أيامه أربعة آلاف ألف دينار وثلاثمائة ألف دينار، وجباها ابنه خماوريه ألف ألف دينار مع وجود الرخا، حتى قيل: بيع في أيامه كل عشرة أرادب قمح بدينار، فبلغ خراج مصر في أيام الأمير محمد بن طغج الإخشيدي ألف ألف دينار، فلما قلد جوهر القائد من الغرب في أيام الخليفة المعز الفاطمي جبا خراج مصر في أيام الفاطميين ألف ألف ومائتي ألف دينار، وذلك في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وجباها في أيام الحاكم بأمر الله ثلاثة آلاف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار، وذلك في سنة ستين وثلاثمائة. قال المسعودي: آخر ما اعتبر في أحوال أراضي مصر فوجد حرثها ستون يومًا، ومساحة أرضها مائة ألف ألف وثمانون ألف ألف فدان، وأنه لا يتم خراجها حتى يكون فيها أربعمائة ألف وثمانون ألف حراث يلزمون العمل دائمًا، فإذا أقيم بها ما ذكرنا تمت عمارتها وكمل خراجها، وآخر ما كان بها مائة ألف وعشرون ألف مزارع، فكان بها في الصعيد الأعلى سبعون ألفًا من مزارعين، وفي أسفل الأرض خمسون ألفًا من مزارعين، وقد تغيرت أرض مصر الآن تغييرًا فاحشًا في جميع ما كان بها من الأحوال القديمة، واختلت اختلالًا فاضحًا، فلذلك قلَّ خراجها وضعف حال جندها.