أسماء النيل من النصوص المصرية القديمة
كان قدماء المصريين يعتقدون أن النيل الذي تروى منه الأقاليم القبلية نيلًا خاصًّا، وأطلقوا عليه «حعب رسيت»، ويقولون إنه لولاه لما استطاع النيل المخصص لري الوجه البحري إيفاء الحاجة لأقاليمه، وحددوا النيل القبلي «كاعتقادهم» بأنه يبتدئ من جزيرة أسوان، والنيل الخاص بالوجه البحري دعوه «حعب محيت»، وقالوا: إن ابتداءَه من منطقة الدلتا المعروفة قديمًا باسم بابيلون التابعة لإقليم هليوبوليس، وقد نقش في معبد بيلاق النص الآتي: «إن نيل الوجه القبلي أبو الآلهة الخارج من مغارته «جزيرة أسوان»، ونيل الوجه البحري الخارج من خزانته.»
ولما قَدِم لمصر هيردوت؛ لمباحثه عن النيل، وحادث في شأنه الكهنةَ الصاويين حاولوا إقناعه بعقيدتهم هذه، ولكن أظهرت المباحثُ الجغرافية والحديثة أنها لا تطابق الصواب.
وكانوا يرسمون نيل الوجه البحري على شكل رجل في ريعان الشباب، ضخم الجسم ثقيل الكتفين كبير الثديين، متشح برداء عليه أثمار النيل في بلاد الوجه القبلي ولونها أزرق، ويرسمون تمثال النيل للوجه القبلي على شكل رجل متشح برداء فوقه أثمار النيل الممثلة ببلاد الوجه البحري، ولونها أحمر.
وقال بروكش باشا: إن كلمة «وعر» معناها باللغة المصرية القديمة المياه الغزيرة في وقت الفيضان، وقال لباج رينوف: إنه ورد النيل باسم عرتي، وإن هذا الاسم يشبه كثيرًا الفعل «أر» الذي معناه باللغة المصرية القديمة صعد.
وبعضهم أعطى للنيل من الجانب الغربي للقاهرة اسم «أيوما» أي اليم-البحر، وورد هذا الاسم في قصة شهيرة «تدعى قصة الأخوين»، مكتوبة باللغة المصرية القديمة، وفيها كثيرًا ما أطلق على النيل هذا الاسم «اسم البحر» حتى اليوم.
واسمه الأصلي مجهول، وقيل: إنه مأخوذ من اللغة اليونانية التي نقلنها من الشعوب الأجنبية، كالفنيقيين وقبائل ليبيا وآسيا الصغرى.
ولما بطلت عبادة النيل زال اسمه المقدس «حعبي»، وأطلقوا عليه لفظ البحر أو النهر، وجاء في قرار ممفيس المنقوش بالديموطيقية «لغة الشعب» أن النيل كان فيضانه منخفضًا في السنة الثامنة من حكم الملك بطليموس أبيفان، وذكر فيه النيل بالديموطيقية بلفظ «إِل» أي النهر.
وذكر في قصة سَتَنَا المكتوبة بالديموطيقية اسم النيل «ن-إل» ومعناه النهر، فالنون أداة التعريف للجمع المذكر و«إل» معناه النهر.
عدد الجمل | ||
---|---|---|
المجموع | ٣٦٥ | |
٥٠ | N | |
٣٦٥ − ٥٠ الباقي ٣١٥ | ٥ | E |
٣١٥ − ٥ الباقي ٣١٠ | ١٠ | T |
٣١٠ − ١٠ الباقي ٣٠٠ | ٣٠ | L |
٣٠٠ − ٣٠ الباقي ٢٧٠ | ٧٠ | O |
٢٧٠ − ٧٠ الباقي ٢٠٠ | ٢٠٠ | S |
إن مجموع الأعداد المذكورة ٣٦٥ «٥ + ٦ + ٣ = ١٤»، وهذا العدد هو الحرف الرابع عشر من الأبجدية؛ أي النون، والعدد الجملي ٥٠ كما تقدم.
وهنا للنقد مجال؛ إذ من المبادئ المتبعة أن الكلمة تُشتق من مأخذ واحد، فكيف يكون اسم نيلوص مأخوذًا من اللغة السامية العبرية «نهر»، ومن اللغة المصرية القديمة «ن-إل-و»، أو من اسم مخترع مركَّب من الأعداد ٣٦٥، ومن السهل معرفة نتيجة شيء واحد وإن كانت أسبابه كثيرة، فمن الممكن أن يكون اليونان قد سمعوا من الساميين لفظة نهر عن النيل، وتعلموا من المصريين أن فروع النيل التي تمر بالدلتا تسمى «ن-إل-و»؛ أي الأنهر، ولكن من الصعب فهم أسباب كلمة نيلوص، وهو ٣٦٥ الموافق تمامًا لعدد أيام السنة المصرية.
وقيل: إن لفظ النيل كلمة عربية مشتقة من نال، فإن النيل نوال من السماء، وإن الهنود نقلوا اسم النيل إلى بلادهم ومنها النيلة «الصبغة» كما نقله قبلهم العجم والعرب إلى لغاتهم.
وقال بلين المؤرخ الروماني: إن النيل يخرج من بحيرة تدعى نيلوص؛ وأعطى هذا الاسم للنيل نفسه.
فيتضح مما تقدم أن كلمة نيل لم تجتمع آراء المؤرخين على حقيقة مأخذها، بل تشعبت الآراء كما علمت، والذي أراه أن الأقرب هو أن النيل أخذ من لفظة نيلوص اليونانية المأخوذة من الكلمة الديموطيقية «ن-إل-و» أي الأنهر كما تقدم.