في الإطلاق والتقييد١
إذا اقتصر في الجملة على ذكر جزأيها «المسند إليه والمسند» فالحكم «مطلق» وذلك حين لا يتعلق الغرض بتقييد الحكم بوجه من الوجوه؛ ليذهب السامع فيه كل مذهب ممكن.
وإذا زيد عليهما شيء مما يتعلق بهما أو بأحدهما فالحكم «مقيد» وذلك حيث يراد زيادة الفائدة وتقويتها عند السامع؛ لما هو معروف من أن الحكم كلما كثرت قيوده ازداد إيضاحًا وتخصيصًا، فتكون فائدته أتم وأكمل، ولو حُذف القيد لكان الكلام كذبًا أو غير مقصود، نحو قوله تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ، فلو حُذف الحال وهو «لاعبين» لكان الكلام كذبًا، بدليل المشاهدة والواقع.
ونحو قوله تعالى: يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ؛ إذ لو حُذف «يكاد» لفات الغرض المقصود، وهو إفادة المقاربة.
واعلم أن معرفة خواص التراكب وأسرار الأساليب وما فيها من دقيق الوضع، وباهر الصنع، ولطائف المزايا — يسترعي لُبك إلى أن التقييد بأحد الأنواع الآتية يكون لزيادة الفائدة وتقويتها عند السامع؛ لما هو معروف من أن الحكم كلما ازدادت قيوده ازداد إيضاحًا وتخصيصًا.
(١) المبحث الأول: في التقييد بالنعت
- (أ)
منها: تخصيص المنعوت بصفة تميزه إن كان نكرة، نحو: جاءني رجل تاجر.
- (ب) ومنها: توضيح المنعوت إذا كان معرفة لغرض:
- (١)
الكشف عن حقيقته، نحو: الجسم الطويل العريض يشغل حيِّزًا من الفراغ.
- (٢)
أو التأكيد، نحو: تلك عشرة كاملة، وأمسِ الدَّابرُ كان يومًا عظيمًا.
- (٣)
أو المدح، نحو: حضر سعد المنصور.
- (٤) أو الذم، نحو: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ.
- (٥)
أو الترحم، نحو: قَدِم زيد المسكين.
- (١)
(٢) المبحث الثاني: في التقييد بالتوكيد
- (١)
لمجرد التقرير، وتحقيق المفهوم عند الإحساس بغفلة السامع، نحو: جاء الأميرُ الأميرُ.
- (٢)
وللتقرير مع دفع توهم خلاف الظاهر، نحو: جاءني الأمير نفسه.
- (٣) وللتقرير مع دفع توهم عدم الشمول، نحو: فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ.
- (٤) ولإرادة انتقاش معناه في ذهن السامع، نحو: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ.
(٣) المبحث الثالث: في التقييد بعطف البيان
- (أ) لمجرد التوضيح للمتبوع باسم مختص به،٣ نحو: أقسم بالله أبو حفص عمر.
- (ب) وللمدح: كقوله تعالى: جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ فالبيت الحرام عطف بيان؛ للمدح.
(٤) المبحث الرابع: في التقييد بعطف النسق
- (١)
لتفصيل المسند إليه باختصار، نحو: «جاء سعد وسعيد» فإنه أخصر من: «جاء سعد وجاء سعيد»، ولا يعلم منه تفصيل المسند؛ لأن الواو لمطلق الجمع.
- (٢) ولتفصيل المسند مع الاختصار أيضًا، نحو: «جاء نصر فمنصور»٤ أو «ثم منصور» أو «جاء الأمير حتى الجند»؛ لأن هذه الأحرف الثلاثة مشتركة في تفصيل المسند، إلا أن الأول: يفيد الترتيب مع التعقيب، والثاني: يفيد الترتيب مع التراخي، والثالث: يفيد ترتيب أجزاء ما قبله، ذاهبًا من الأقوى إلى الأضعف، أو بالعكس، نحو: «مات الناس حتى الأنبياء».
- (٣)
ولرد السامع إلى الصواب مع الاختصار، نحو: «جاء نصر لا منصور» أو: «لكن منصور».
- (٤)
ولصرف الحكم إلى آخر، نحو: «ما جاء منصور بل نصر».
- (٥) وللشك من المتكلم أو التشكيك للسامع، أو للإبهام، نحو قوله تعالى: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ.
- (٦) وللإباحة أو التخيير.
- مثال الأول: تعلَّمْ نحوًا أو صرفًا، أو نحو: تعلَّمْ إما صرفًا وإما نحوًا.
- ومثال الثاني: تزوج هندًا أو أختها، أو نحو: تزوج إما هندًا وإما أختها.
(٥) المبحث الخامس: في التقييد بالبدل
أما البدل: فيؤتى به للمقاصد والأغراض التي يدل عليها، ويكون لزيادة التقرير والإيضاح؛ لأن البدل مقصود بالحكم بعد إبهام.
نحو: «حضر ابني علي» في «بدل الكل».
ونحو: «سافر الجند أغلبه» في «بدل البعض».
ونحو: «نفعني الأستاذ علمه» في «بدل الاشتمال».
وذلك لإفادة المبالغة التي يقتضيها الحال.
(٦) المبحث السادس: في التقييد بضمير الفصل
- (١) منها التخصيص، نحو أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ.
- (٢) ومنها تأكيد التخصيص إذا كان في التركيب مخصص آخر، كقوله تعالى: وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
- (٣)
ومنها تمييز الخبر عن الصفة، نحو: «العالم هو العامل بعلمه».
(٧) المبحث السابع: في التقييد بالنواسخ
وكالتوقيت بزمن معين في «ظل، وبات، وأصبح، وأمسى، وأضحى».
وكالتوقيت بحالة معينة في «ما دام».
وكالمقاربة في «كاد، وكرب، وأوشك».
وكالتأكيد في «إنَّ وأنَّ».
وكالتشبيه في «كأنَّ».
وكالاستدراك في «لكنَّ».
وكالرجاء في «لعلَّ».
وكالتمني في «ليت».
وكاليقين في «وجد، وألفَى، ودرَى، وعلم».
وكالظن في «خال، وزعم، وحسب».
وكالتحول في «اتخذ، وجعل، وصير».
(٨) المبحث الثامن: في التقييد بالشرط
التقييد به يكون للأغراض التي تؤديها معاني أدوات الشرط؛ كالزمان في «متى وأيان»، والمكان في «أين، وأنى، وحيثما»، والحال في «كيفما». واستيفاء ذلك وتحقيق الفرق بين تلك الأدوات يُذكر في علم النحو.
وإنما يُفرق هنا بين «إنْ، وإذا، ولو» لاختصاصها بمزايا تُعد من وجوه البلاغة.
(٨-١) الفرق بين «إنْ، وإذا، ولو»
الأصل عدم جزم وقطع المتكلم بوقوع الشرط في المستقبل مع «إنْ».
كقوله تعالى: فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ فلكون مجيء الحسنة منه تعالى محققًا ذُكر هو والماضي مع «إذا»، وإنما كان ما ذُكر محققًا؛ لأن المراد بها مطلق الحسنة الشامل لأنواع كثيرة: من خِصب، ورخاء، وكثرة أولاد، كما يفهم من التعريف بأل الجنسية في لفظة «الحسنة» ولكون مجيء السيئة نادرًا ذُكر هو والمضارع مع «أن».
وإنما كان ما ذكر نادرًا؛ لأن المراد بها نوع قليل، وهو جدب وبلاء كما يُفهم من التنكير في «سيئة» على التقليل.
ولو: للشرط في الماضي مع الجزم والقطع بانتفائه، فيلزم انتفاء الجزاء. على أن الجزاء كان يمكن أن يقع لو وُجد الشرط، ويجب كون جملتيها فعليتين ماضويتين، نحو: لو أتقنت عملك لبلغت أملك.
وتسمى «لو» حرف امتناع لامتناع، كقوله تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا ونحو: وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ؛ أي انتفت هدايته إياكم بسبب انتفاء مشيئته لها.
تنبيهات
-
الأول: عُلم مما تقدم أن المقصود بالذات من الجملة الشرطية هو الجواب،
فإذا قلت: «إن اجتهد فريد كافأته» كنت مخبرًا بأنك ستكافئه، ولكن
في حال حصول الاجتهاد، لا في عموم الأحوال.٨
ويتفرع على هذا أنها تعد خبرية أو إنشائية باعتبار جوابها.
-
الثاني: ما تقدم من الفرق بين «إن» و«إذا» هو مقتضى الظاهر، وقد يخرج
الكلام على خلافه، فتستعمل «إن» في الشرط المقطوع بثبوته أو نفيه؛
لأغراض كثيرة:
- (أ) كالتجاهل، نحو قول المعتذر: «إن كنت فعلت هذا فعن خطأ.»
- (ب) وكتنزيل المخاطب العالم منزلة الجاهل لمخالفته مقتضى علمه، كقولك للمتكبر توبيخًا له: «إن كنت من تراب فلا تفتخر.»
- (جـ) وكتغليب غير المتصف بالشرط على المتصف به، كما إذا كان السفر قطعيَّ الحصول لسعيد، غير قطعي لخليل، فتقول: «إن سافرتما كان كذا.»٩
وقد تستعمل «إذا» في الشرط المشكوك في ثبوته أو نفيه؛ لأغراض:- (أ) منها: الإشعار بأن الشك في ذلك الشرط لا ينبغي أن يكون مشكوكًا فيه، بل ينبغي أن يكون مجزومًا به، نحو: «إذا كثر المطر في هذا العام أخصب الناس.»
- (ب) ومنها: تغليب المتصف بالشرط على غير المتصف به، نحو: «إذا لم تسافر كان كذا»؛ وهلم جرًّا من عكس الأغراض التي سبقت.
-
الثالث: لما كانت «إنْ» و«إذا» لتعليق الجزاء على حصول الشرط في المستقبل
وجب أن يكون شرط وجزاء كل منهما جملة فعلية استقبالية لفظًا ومعنًى،
كقوله تعالى: وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا
بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ.
ونحو:
والنفس راغبة إذا رغَّبتَهاوإذا تُرَدُّ إلى قليل تَقْنَعُولا يُعدل عن استقبالية الجملة لفظًا ومعنًى إلى استقباليتها معنًى فقط إلا لدواعٍ غالبًا.- (أ) منها: التفاؤل، نحو: «إنْ عشت فعلت الخير».١٠
- (ب) ومنها: تخيُّل إظهار غير الحاصل «وهو الاستقبال» في صورة الحاصل «وهو الماضي»، نحو: «إنْ مت كان ميراثي للفقراء».
-
الرابع: عُلم مما تقدم من كون «لو» للشرط في الماضي لزوم كون جملتي شرطها
وجزائها فعليتين ماضويتين، وعدم ثبوتهما، وهذا هو مقتضى الظاهر،
وقد يخرج الكلام على خلافه فتستعمل «لو» في المضارع لدواعٍ اقتضاها
المقام، وذلك:
- (أ) كالإشارة إلى أن المضارع الذي دخلت عليه يُقصَد استمراره فيما مضى، وقتًا بعد وقت، وحصوله مرة بعد أخرى، كقوله تعالى: لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ.١١
- (ب) وكتنزيل المضارع منزلة الماضي؛ لصدوره عمن المستقبل عنده كالماضي في تحقق الوقوع، ولا تخلف في أخباره، كقوله تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ.١٢
(٩) المبحث التاسع: في التقييد بالنفي
التقييد بالنفي: يكون لسلب النسبة على وجه مخصوص مما تفيده أحرف النفي السبعة، وهي: لا، وما، ولات، وإن، ولن، ولم، ولمَّا.
«فلا» للنفي مطلقًا. و«ما، وإن، ولات» لنفي الحال إن دخلت على المضارع. و«لن» لنفي الاستقبال. و«لم، ولما» لنفي المضي، إلا أنه «بلمَّا» ينسحب إلى ما بعد زمن التكلم، ويختص بالمتوقع، وعلى هذا فلا يقال: «لمَّا يقُمْ خليل ثم قام» ولا: «لمَّا يجتمع النقيضان» كما يقال: «لم يقم عليٌّ ثم قام، ولم يجتمع الضدان»، فلمَّا في النفي تقابل «قد» في الإثبات، وحينئذ يكون منفيُّها قريبًا من الحال، فلا يصح: «لمَّا يجئْ خليل في العام الماضي».
(١٠) المبحث العاشر: في التقييد بالمفاعيل الخمسة ونحوها
التقييد بها يكون لبيان نوع الفعل، أو ما وقع عليه، أو فيه، أو لأجله، أو بمقارنته، ويُقيد بالحال لبيان هيئة صاحبها وتقييد عاملها، ويقيَّد بالتمييز لبيان ما خفي من ذات أو نسبة، فتكون القيود هي محط الفائدة.
والكلام بدونها كاذب، أو غير مقصود بالذات، كقوله تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ.
وقد سبق القول في أول الباب مفصلًا، فارجع إليه إن شئت.
تنبيهات
-
الأول: عُلم مما تقدم أن التقييد بالمفاعيل الخمسة ونحوها للأغراض التي
سبقت، وتقييدها إذا كانت «مذكورة».
أما إذا كانت محذوفة فتفيد أغراضًا أخرى:
- (١) منها: التعميم باختصار، كقوله تعالى: وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ؛ «أي جميع عباده» لأن حذف المعمول يؤذن بالعموم١٣ «ولو ذُكر لفات غرض الاختصار المناسب لمقتضى الحال».
- (٢) ومنها: الاعتماد على ما تقدم ذكره، كقوله تعالى: يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ؛ أي ويثبت ما يشاء.
- (٣) ومنها: طلب الاختصار، نحو: يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ؛ أي يغفر الذنوب.
- (٤) ومنها: استهجان التصريح به، نحو: «ما رأيت منه ولا رأى منِّي»؛ أي العورة.
- (٥) ومنها: البيان بعد الإبهام، كما في حذف مفعول فعل المشيئة،١٤ ونحوها١٥ إذا وقع ذلك الفعل شرطًا فإنَّ الجواب يدل عليه، ويبيِّنه بعد إبهامه، فيكون أوقع في النفس، ويُقدر المفعول مصدرًا من فعل الجواب، نحو: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ؛ أي: فمن شاء الإيمان.
- (٦) ومنها: المحافظة على سجع، أو وزن.
فالأول كقوله تعالى: سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى إذ لو قيل: يخشى الله لم يكن على سنن رءوس الآي السابقة.
والثاني كقول المتنبي:
بناها فأعلى والقنا يقرع القناوموج المنايا حولها متلاطمأي: فأعلاها.
- (٧) ومنها: تعين المفعول، نحو: رعت الماشية «أي نباتًا».
ومنها: تنزيل المتعدي منزلة اللازم لعدم تعلق الغرض بالمعمول، بل يجعل المفعول منسيًّا، بحيث لا يكون ملحوظًا مقدرًا، كما لا يلاحظ تعلق الفعل به أصلًا، كقوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.١٦ -
الثاني: الأصل في العامل أن يُقدَّم على المعمول، وقد يُعكَس فيُقدَّم المعمول
على العامل لأغراض شتى:
- (١) منها: التخصيص، نحو: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.١٧
- (٢) ومنها: رد المخاطب إلى الصواب عند خطئه في تعين المفعول، نحو: «نصرًا رأيت» ردًّا لمن اعتقد أنك رأيت غيره.
- (٣) ومنها: كون المتقدم١٨ محط الإنكار مع متعجب، نحو: «أبعد طول التجربة تنخدع بهذه الزخارف».
- (٤) ومنها: رعاية موازاة رءوس الآي نحو: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ وهلم جرًّا من بقية الأغراض التي سبقت.
تطبيق عام على الإطلاق والتقييد
جملة «فارعها» إنشائية أمرية، والأمر مستعمل في أصل معناه. المسند إليه أنت، وهي مقيدة بالمفعول به لبيان ما وقع عليه الفعل، ومقيدة بالشروط للتعليق، وكانت أداة الشرط «إذا» لتحقق الحصول.
«فإن المعاصي تزيل النعم» جملة خبرية اسمية من الضرب الثالث، والمرور بالخبر للتحذير من المعاصي. المسند إليه «المعاصي»، والمسند جملة «تزيل»، وأُتي به جملة؛ لتقوية الحكم بتكرار الإسناد، وقُيد بالمفعول به «النعم» لبيان ما وقع عليه الفعل، والحكم مقيد بإن للتوكيد.
«إن اجتهد خليل أكرمته» الجملة «أكرمته»، وهي جملة خبرية فعلية من الضرب الابتدائي. المسند أكرم، والمسند إليه التاء، وهي مقيدة بالمفعول به لبيان ما وقع عليه الفعل، وبالشرط للتعليق، وكانت أداة الشرط «إن» لعدم الجزم بوقوع الفعل.
«وأصابت تلك الربى» جملة خبرية فعلية من الضرب الابتدائي، والمراد بالخبر أصل الفائدة.
المسند أصاب، ذُكر؛ لأن الأصل فيه ذلك، وقُدم لإفادة الحدوث في الزمن الماضي مع الاختصار.
والمسند إليه عين شمس، وذُكر؛ لأن الأصل فيه ذلك، وأُخر لاقتضاء المقام تقديم المسند، وخصص بالإضافة لتعينها طريقًا لإحضار معناه في ذهن السامع.
والمضاف إليه «شمس» قيد بالصفة «أورثتها من لونها»؛ لأنها في محل جر صفة شمس للتخصيص، وقيد الحكم بالمفعول به «تلك» لبيان ما وقع عليه الفعل، وعرف المفعول به بالإشارة لبيان حاله في البعد، وقيد المفعول بالبدل «الربى» لتقدير حاله في نفس السامع. «تترك الناس سكارى» هي الجملة الرئيسية؛ لأن الشرطية لا تعتبر إلا بجوابها، وهي جملة خبرية اسمية من الضرب الابتدائي، والمراد بالخبر التفخيم.
المسند إليه الناس، ذُكر وقُدم؛ لأن الأصل فيه ذلك، وعُرِّف بأل للعهد الذهني؛ لأن المراد بالناس، الذين نظروا إليها.
والمسند سكارى، ذُكر وأُخر؛ لأن الأصل فيه ذلك، ونكر للتهويل، والحكم مقيد «بتترك» لإفادة التحويل، وبالشرط للتعلق. كانت أداة الشرط «كلما» لإفادة التكرار.
«وما هم بسكارى» جملة خبرية اسمية من الضرب الثالث، والمراد بالخبر أصل الفائدة، والمسند إليه هم، والمسند سكارى، والحكم مقيد بما لنفي الحال.
«لا تيأسن» جملة إنشائية نهيية، والمراد بالنهي الإرشاد. المسند لا تيأس، والمسند إليه أنت.
و«كن بالصبر معتصمًا» أصلها: «أنت معتصم بالصبر» وهي جملة إنشائية أمرية، والمراد بالأمر الإرشاد أيضًا. المسند إليه الضمير المستتر في كن، والمسند معتصمًا، والحكم مقيد «بالصبر» لبيان ما وقع عليه الفعل، وبالأمر «كن» لإفادة التوقيت بالاستقبال.
«لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا» أصلها «لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر» وهي جملة خبرية فعلية من الضرب الابتدائي، والمراد بالخبر الحث على الصبر. المسند تبلغ والمسند إليه أنت، الحكم مقيد بلن للنفي في المستقبل، وبالجار والمجرور لبيان غاية الفعل.
في البيت جملة إنشائية، غير طلبية، وهي اسمية من الضرب الثالث لما فيها من تقوية الحكم بتكرار الإسناد.
المسند إليه «الكرب» ذُكر وقُدم؛ لأن الأصل فيه ذلك، وعُرف بأل للعهد الذهني، وقُيد بالنعت «الذي أمسيت فيه» لتوضيحه، والمسند يكون … إلخ، والحكم مقيد بعسى لإفادة الرجاء.
وأما جملة النعت «الذي أمسيت» فيه فهي جملة خبرية اسمية من الضرب الابتدائي، المسند إليه فيها التاء، والمسند الجار والمجرور، والحكم مقيد بأمسى لإفادة المساء.
وجملة الخبر «يكون وراءه فرج قريب» جملة خبرية اسمية من الضرب الابتدائي. المسند إليه فيها «فرج» ذُكر؛ لأن الأصل فيه ذلك، وأخر لضرورة النظم، وقُيد بالنعت «قريب» لإفادة القرب، والمسند وراءه، ذكر؛ لأن الأصل فيه ذلك، وقُدم للضرورة، والحكم مقيد بالناسخ «يكون» لإفادة الاستقبال.
أصل الجملة «يوشك من فر من منيته يوافقها في بعض غراته» وهي جملة خبرية اسمية من الضرب الثالث، والمراد بها التيئيس من الخلود في هذه الدنيا.
المسند إليه «من» ذُكر وقُدم؛ لأن الأصل فيه ذلك، وعُرف بالموصولية لعدم العلم بما يخصه غير الصلة، والمسند جملة يوافقها، ذُكر وأُخر؛ لأن الأصل فيه ذلك، وأُتي به جملة لتقوية الحكم، وقُيد بالجار والمجرور لبيان زمنه، والحكم مقيد بالناسخ «يوشك» لإفادة المقاربة.
«إن الثمانين قد أحوجت» جملة خبرية اسمية من الضرب الثالث، والمراد بها إظهار الضعف.
المسند إليه «الثمانين» ذُكر وقُدم؛ لأن الأصل فيه ذلك، وعُرف بأل للعهد الذهني، والمسند «قد أحوجت» ذُكر وأُخر؛ لأن الأصل فيه ذلك، وأُتي به جملة لتقوية الحكم، والحكم مقيد بإن وقد للتوكيد.
وأما قوله: «وبلغتها» فهي جملة معترضة للدعاء، وهي جملة خبرية فعلية من الضرب الابتدائي. المسند إليه التاء، والمسند بلغ، والحكم مقيد بالمفعول به لبيان ما وقع عليه الفعل.
أسئلة على الإطلاق والتقييد يطلب أجوبتها
ما هو الإطلاق؟ ما هو التقييد؟ متى يكون الإطلاق؟ متى يكون التقييد؟ لماذا يقيد بالنعت؟ لماذا يقيد بالتوكيد؟ لماذا يقيد بعطف النسق؟ لماذا يقيد بالبدل؟ لماذا يقيد بالمفاعيل الخمسة؟ لماذا يقيد بالحال؟ لماذا يقيد بالتمييز؟ لماذا يقيد بالنواسخ؟ لماذا يقيد بضمير الفصل؟ ما الفرق بين «إن، وإذا، ولو»؟ ما المقصود من الجملة الشرطية؟ هل يمكن أن تُستعمل «إن» في مقام الجزم بوقوع الشرط؟ هل يمكن أن تُستعمل «إذا» في مقام الشك؟ هل يمكن أن تُستعمل «لو» مع المضارع؟ لماذا يقيد بالنفي؟
هوامش
فالإطلاق أن يقتصر في الجملة على ذكر «المسند والمسند إليه» حيث لا غرض يدعو إلى حصر الحكم ضمن نطاق معين بوجه من الوجوه، نحو: «الوطن عزيز».
والتقييد أن يزاد على المسند والمسند إليه شيء يتعلق بهما، أو بأحدهما، مما لو أُغفِل لفاتت الفائدة المقصودة، أو كان الحكم كاذبًا، نحو: «الولد النجيب يسر أهله».
وإما بدون ترتيب؛ وذلك عند تكرير اللفظ الأول، نحو: «بالله – فبالله».
وقد تجيء ثم للتراخي في الذكر دون الزمان، إما مع الترتيب المذكور، نحو:
وإما بدون ترتيب، نحو: وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ولاستبعاد مضمون جملة عن مضمون جملة أخرى، نحو: ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فنزلوا الترتيب في هذه الأمور منزلة الترتيب الزماني المستفاد منها بأصل الوضع؛ ولذا يكون استعمالها في هذه الأمور مجازًا.
واعلم أيضًا: أن المقصود بالذات من جملتي الشرط والجواب هو جملة الجواب فقط، وأما جملة الشرط فهي قيد لها، فإذا قلت: «إن زارني سليم أكرمته» فالمقصود أنك ستكرم سليمًا، ولكن في حال زيارته لك، فتعد الجملة اسمية أو فعلية أو خبرية أو إنشائية باعتبار الجواب كما سبق توضيحه مفصلًا، فارجع إليه إن شئت.
واعلم أن اختلاف الترتيب بين المعمولات: إما لأمر معنوي، نحو وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى فلو أخر المجرور لتوهم أنه من صلة الفاعل، والمراد كونه من صلة فعله.
وإما لأمر لفظي، نحو: وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى فلو قدم الفاعل لاختلفت الفواعل؛ لأنها مبنية على الألف. وقد يتقدم بعض المفاعيل على بعض إما لأصالته في التقدم لفظًا، نحو: «حسبت زيدًا كريمًا» فإن زيدًا وإن كان مفعولًا في الحال، لكنه مبتدأ في الأصل. أو معنًى، نحو: «أعطى زيد عمرًا درهمًا» فإن عمرًا وإن كان مفعولًا بالنسبة إلى زيد، لكنه لا يخلو من معنى الفاعلية بالنسبة إلى الدرهم؛ لأنه آخذه، والدرهم مأخوذ.