فلما كانت الليلة ٤١٣
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الراهب عبد الله قال: فحملته إلى الدير وداويت جراحه، وأقام عندي أربعة عشر يومًا، فلما قدر على المشي خرج من الدير إلى باب حانوت الجارية، وجلس ينظر إليها، فلما أبصرته قامت إليه وقالت له: والله لقد رحمتك، فهل لك أن تدخل في ديني، وأنا أتزوَّجك؟ فقال: معاذ الله أن أنسلخ من دين التوحيد، وأدخل في دين الشرك. فقالت: قُمْ وادخل معي داري واقضِ مني أربك وانصرف راشدًا. فقال: لا، ما كنتُ لأُذهِب عبادة اثنتي عشرة سنة بشهوة لحظة واحدة. فقالت: انصرف عني حينئذٍ. قال: لا يطاوعني قلبي. فأعرضَتْ عنه بوجهها، ثم فطن به الصبيان فأقبلوا عليه يرمونه بالحجارة، فسقط على وجهه وهو يقول: إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ. فخرجت من الدير وطردت عنه الصبيان، ورفعت رأسه عن الأرض، فسمعته يقول: اللهم اجمع بيني وبينها في الجنة. فحملتُه إلى الدير فمات قبل أن أصل به إليه، فخرجت به عن القرية وحفرتُ له قبرًا ودفنته. فلما دخل الليل وذهب نصفه، صرخت تلك المرأة وهي في فراشها صرخةً، فاجتمع إليها أهل القرية وسألوها عن قصتها، فقالت: بينما أنا نائمة إذ دخل عليَّ هذا الرجل المسلم، فأخذ بيدي وانطلق بي إلى الجنة، فلما صار بي إلى بابها منعني خازنها من دخولها، وقال: إنها محرمة على الكافرين. فأسلمْتُ على يديه ودخلتُ معه، فرأيتُ فيها من القصور والأشجار ما لا يمكن أن أصفه لكم، ثم إنه أخذني إلى قصر من الجوهر، وقال لي: إن هذا القصر لي ولك، وأنا لا أدخله إلا بكِ، وبعد خمس ليالٍ تكونين عندي فيه إن شاء الله تعالى. ثم مدَّ يده إلى شجرة على باب ذلك القصر فقطف منها تفاحتين وأعطانيهما، وقال: كلي هذه، وأخفي الأخرى حتى يراها الرهبان. فأكلتُ واحدة فما رأيتُ أطيب منها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.