فلما كانت الليلة ٤٢٣
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن المرأة الواعظة لما فرغت من شعرها قالت للرجل: سبحان الله العظيم، كيف يخفى عليك أن كمال اللذة في النساء، وأن النعيم المقيم لا يكون إلا بهِنَّ؟ وذلك أن الله — سبحانه وتعالى — وعد الأنبياء والأولياء في الجنة بالحور العين، وجعلهن جزاء لأعمالهم الصالحة، ولو علم الله تعالى أن في غيرهن لذة الاستمتاع لجزاهم به، ووعدهم إياه، وقال ﷺ: «حُبِّب إليَّ من دنياكم ثلاث: النساء، والطيب، وقرَّة عيني في الصلاة.» وإنما جعل الله الولدان خدمًا للأنبياء والأولياء في الجنة؛ لأن الجنة دار نعيم وتلذُّذ، ولا يكمل ذلك إلا بخدمة الولدان. وأما استعمالهم لغير الخدمة فهو من الخبال والوبال، وما أحسن قول الشاعر حيث قال:
ثم قالت: يا قوم، لقد أخرجتموني عن قانون الحياء ودائرة أحرار النساء، إلى ما لا يليق بالعلماء من اللغو والفحشاء، ولكنَّ صدور الأحرار قبور الأسرار، والمجالس بالأمانات، وإنما الأعمال بالنيَّات، وأنا أستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، إنه هو الغفور الرحيم. ثم سكتَتْ فلم تُجِبنا عن شيء بعد ذلك، فخرجنا من عندها مسرورين بما استفدناه من مناظرتها متأسِّفين على مفارقتها.
حكاية أبي سويد والعجوز الصبيحة
ومما يُحكَى أن أبا سويد قال: اتفق أنني أنا وجماعة من أصحابي دخلنا بستانًا يومًا من الأيام لنشتري شيئًا من الفاكهة، فرأينا في جانب ذلك البستان عجوزًا صبيحة الوجه غير أن شعر رأسها أبيض، وهي تسرِّحه بمشط من العاج، فوقفنا عندها فلم تحتفل بنا، ولم تُغطِّ رأسها، فقلت لها: يا عجوز، لو صبغتِ شعرك أسود لَكنتِ أحسن من صبية، فما منعك من ذلك؟ فرفعت رأسها إليَّ … وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.