فلما كانت الليلة ٤٢٩
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن عبدَ صاحبِ البيت لما جاء وطرق الباب على علي المصري ابن التاجر حسن، فتح له الباب، فلما رآه جالسًا رجع بسرعة إلى سيده ليُبشِّره، فلما وصل إلى سيده قال له: يا سيدي، إن التاجر الذي سكن في البيت المعمور بالجن طيِّب بخير، وهو جالس على المصطبة التي وراء الباب. فقام سيده وهو فرحان وتوجَّهَ إلى ذلك البيت ومعه الفطور، فلما رآه عانَقَه وقبَّلَه بين عينيه وقال له: ما فعل الله بك؟ قال: خيرًا، وما نمتُ إلا فوق في القاعة المرخمة. فقال له: هل أتاكَ شيء أو نظرتَ شيئًا؟ قال: لا، وإنما قرأتُ ما تيسَّرَ من القرآن العظيم ونمتُ إلى الصباح، ثم قمتُ وتوضأت ونزلت وجلست على المصطبة. فقال: الحمد لله على السلامة. ثم قام من عنده وأرسل إليه عبيدًا ومماليك وجواري وفرشًا، فكنسوا البيت من فوق وتحت، وفرشوه له فرشًا عظيمًا، وبقي عنده ثلاثة مماليك وثلاثة عبيد وأربع جوارٍ للخدمة، والباقي توجَّهوا إلى بيت سيدهم، ولما سمع بخبره التجار أرسلوا إليه هدايا من كل شيء نفيس، حتى من المأكول والمشروب والملبوس، وأخذوه عندهم في السوق وقالوا له: متى تجيء حملتك؟ فقال لهم: بعد ثلاثة أيام تدخل. فلما مضت الثلاثة أيام، جاء له خادم الكنز الأول الذي أنزل له الذهب من البيت وقال له: قُمْ لاقِ الكنز الذي جئتُ لك به من اليمن، وحريمك وصحبتهم من جملة الكنز مال على صورة المتجر العظيم، وجميع ما معه من البغال والخيل والجمال والخَدَم والمماليك كلهم من الجان، وكان ذلك الخادم قد توجَّهَ إلى مصر فرأى زوجةَ علي وأولاده في هذه المدة صاروا في عري وجوع زائد، فحملهم من مكانهم في تختروان خارجًا عن مصر، وألبسهم خلعًا عظيمة من الخلع التي في كنز اليمن، فلما جاء إليه وأخبره بذلك الخبر، قام وتوجَّهَ إلى التجار وقال لهم: قوموا بنا نطلع خارج المدينة لنلاقي القافلة التي فيها متجرنا، وتشرفونا بحريماتكم لأجل ملاقاة حريمنا. فقالوا له: سمعًا وطاعةً. ثم أرسلوا أحضروا حريمهم وطلعوا جميعًا وقعدوا في بستان من بساتين المدينة وجلسوا يتحدثون.
فبينما هم في الحديث وإذا بغبار قد ثار من كبد البر، فقاموا ينظرون ما سبب ذلك الغبار، فانكشف وبان عن بغال ورجال وعكامة وفراشين وضويه، وهم مقبلون في غناء ورقص إلى أنا أقبلوا، فتقدَّمَ مقدم العكامة إلى علي المصري ابن التاجر حسن الجوهري وقبَّلَ يده وقال له: يا سيدي، إننا تعوقنا في الطريق لأننا أردنا الدخول بالأمس فخفنا من قطاع الطريق، فمكثنا أربعة أيام ونحن مُقِيمون في محلنا إلى أن صرفهم الله تعالى عنَّا. فقام التجار وركبوا بغالهم وساروا مع القافلة، وتأخرت الحريمات عند حريم التاجر علي المصري إلى أن ركبوا معهم ودخلوا في موكب عظيم، وصار التجار يتعجَّبون من البغال المحملة بالصناديق، ونساء التجار يتعجَّبن من ملبس زوجة التاجر علي وملبس أولادها، ويقلن: إن هذه الملابس لا يوجد مثلها عند ملك بغداد ولا غيره من سائر الملوك والأكابر والتجار. ولم يزلوا سائرين في موكبهم؛ الرجال مع التاجر علي المصري، والنساء مع حريمه، إلى أن دخلوا المنزل. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.