فلما كانت الليلة ٤٣٩
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الجارية قالت: العقل عقلان؛ موهوب ومكسوب؛ فالعقل الموهوب هو الذي خلقه الله — عزَّ وجلَّ — يهدي به مَن يشاء من عباده، والعقل المكسوب هو الذي يكسبه المرء بتأدُّبه وحُسْن معرفته. فقال لها: أحسنتِ. ثم قال: أين يكون العقل؟ قالت: يقذفه الله في القلب، فيصعد شعاعه في الدماغ حتى يستقر. قال لها: أحسنتِ. ثم قال: أخبريني بِمَ عرفتِ النبي ﷺ؟ قالت: بقراءة كتاب الله تعالى، وبالآيات والدلالات، والبراهين والمعجزات. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن الفرائض الواجبة، والسنن القائمة. قالت: أما الفرائض الواجبة فخمس: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام مَن استطاع إليه سبيلًا؛ وأما السُّنَن القائمة فهي أربع: الليل، والنهار، والشمس، والقمر، وهن يبنين العمر والأمل، وليس يعلم ابن آدم أنهن يهدمن الأجل. قال: أحسنتِ، فأخبريني ما شعائر الإيمان؟ قالت: شعائر الإيمان: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، واجتناب الحرام. قال: أحسنتِ، فأخبريني بأي شيء تقومين إلى الصلاة؟ قالت: بنية العبودية مُقِرَّة بالربوبية. قال: فأخبريني كم فرَضَ الله عليك قبل قيامك على الصلاة؟ قالت: الطهارة، وستر العورة، واجتناب الثياب المتنجسة، والوقوف على مكان طاهر، والتوجُّه للقبلة، والقيام، والنية، وتكبيرة الإحرام. قال: أحسنتِ، فأخبريني بِمَ تخرجين من بيتك إلى الصلاة؟ قالت: بنية العبادة. قال: فبأيِّ نية تدخلين المسجد؟ قالت: بنية الخدمة. قال: فبماذا تستقبلين القبلة؟ قالت: بثلاث فرائض وسُنَّة. قالت: أحسنتِ، فأخبريني ما مبدأ الصلاة؟ وما تحليلها؟ وما تحريمها؟ قالت: مبدأ الصلاة الطهور، وتحريمها تكبيرة الإحرام، وتحليلها السلام من الصلاة. قال: فماذا يجب على مَن تركها؟ قالت: رُوِي في الصحيح: «مَن ترَكَ الصلاةَ عامدًا متعمِّدًا من غير عذرٍ، فلا حظَّ له في الإسلام.» وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.