فلما كانت الليلة ٤٤٣
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الفقيه لما انقطعت حجته قام قائمًا على قدمَيْه وقال: اشهد عليَّ يا أمير المؤمنين بأن الجارية أعلم مني بالفقه. فقالت له الجارية: أسألك عن شيء فَأْتِني بجوابه سريعًا إنْ كنتَ عارفًا. قال: اسألي. قالت: فما سهام الدين؟ قال: هي عشرة: الأول الشهادة وهي الملة، الثاني الصلاة وهي الفطرة، الثالث الزكاة وهي الطهارة، الرابع الصوم وهو الجنة، الخامس الحج وهو الشريعة، السادس الجهاد وهو الكفاية، السابع والثامن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما الغيرة، التاسع الجماعة وهي الألفة، العاشر طلب العلم وهو الطريق الحميدة. قالت: أحسنتَ، وقد بقيتْ عليك مسألة، فما أصول الإسلام؟ قال: هي أربعة: صحة العقد، وصدق القصد، وحفظ الحد، والوفاء بالعهد. قالت: بقي مسألة أخرى، فإنْ أجبتَ وإلا أخذتُ ثيابك. قال: قولي يا جارية. قالت: فما فروع الإسلام؟ فسكَتَ ساعةً ولم يُجِب بشيء. فقالت: انزع ثيابك وأنا أفسِّرها لك. قال أمير المؤمنين: فَسِّريها، وأنا أنزع لك ما عليه من الثياب. قالت: هي اثنان وعشرون فرعًا: التمسُّك بكتاب الله تعالى، والاقتداء برسوله ﷺ، وكف الأذى، وأكل الحلال، واجتناب الحرام، ورد المظالم إلى أهلها، والتوبة، والفقه في الدين، وحب الخليل، واتباع التنزيل، وتصديق المرسلين، وخوف التبديل، والتأهُّب للرحيل، وقوة اليقين، والعفو عند القدرة، والقوة عند الضعف، والصبر عند المصيبة، ومعرفة الله تعالى، ومعرفة ما جاء به نبيه ﷺ، ومخالفة اللعين إبليس، ومجاهدة النفس ومخالفتها، والإخلاص لله. فلما سمع أمير المؤمنين ذلك منها، أمر بنزع ثياب الفقيه وطيلسانه، فنزعهما ذلك الفقيه، وخرج مقهورًا منها خجلًا من بين يدي أمير المؤمنين.
ثم قام لها رجل آخَر وقال: يا جارية، اسمعي مني مسائل قليلة. قالت له: قُلْ. قال: فما صحة التسليم؟ قالت: القدر المعلوم، والجنس المعلوم، والأجل المعلوم. قال: أحسنتِ، فما فروض الأكل وسُنَنه؟ قالت: فروض الأكل الاعتراف بأن الله تعالى رزقه وأطعمه وسقاه، والشكر لله تعالى على ذلك. قال: فما الشكر؟ قالت: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه فيما خُلِق لأجله. قال: فما سُنَن الأكل؟ قالت: التسمية، وغسل اليدين، والجلوس على الورك الأيسر، والأكل بثلاث أصابع، والأكل مما يليك. قال: أحسنتِ، فأخبريني ما آداب الأكل؟ قالت: أن تصغِّر اللقمة، وتقلَّ النظرة إلى جليسك. قال: أحسنتِ. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.