فلما كانت الليلة ٤٤٤
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الجارية لما سُئِلت عن آداب الأكل وذكرت الجواب، قال لها الفقيه السائل: أحسنتِ، فأخبريني عن عقائد القلب وأضدادها. قالت: هي ثلاث، وأضدادها ثلاث؛ الأولى: اعتقاد الإيمان، وضدها مجانبة الكفر؛ والثانية: اعتقاد السنة، وضدها مجانبة البدعة؛ والثالثة: اعتقاد الطاعة، وضدها مجانبة المعصية. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن شروط الوضوء. قالت: الإسلام، والتمييز، وطهور الماء، وعدم المانع الحسي، وعدم المانع الشرعي. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن الإيمان. قالت: الإيمان ينقسم إلى تسعة أقسام: إيمان بالمعبود، وإيمان بالعبودية، وإيمان بالخصوصية، وإيمان بالقبضتين، وإيمان بالقدر، وإيمان بالناسخ، وإيمان بالمنسوخ، وأن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالقضاء والقدر خيره وشرِّه حلوه ومُرِّه. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن ثلاث تمنع ثلاثًا. قالت: نعم، رُوِي عن سفيان الثوري أنه قال: ثلاثٌ تُذهِب ثلاثًا: الاستخفاف بالصالحين يُذهِب الآخرة، والاستخفاف بالملوك يُذهِب الروح، والاستخفاف بالنفقة يُذهِب المال. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن مفاتيح السموات، وكم لها من باب؟ قالت: قال الله تعالى: وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا، وقال عليه الصلاة والسلام: «ليس يعلم عدة أبواب السماء إلا الذي خلق السماء، وما من أحد من بني آدم إلا وله بابان في السماء؛ باب ينزل منه رزقه، وباب يصعد منه عمله، ولا يُغلَق باب رزقه حتى ينقطع أجله، ولا يُغلَق باب عمله حتى تصعد روحه.»
قال: أحسنتِ، فأخبريني عن شيء، وعن نصف شيء، وعن لا شيء. قالت: الشيء هو المؤمن، ونصف الشيء هو المنافق، واللاشيء هو الكافر. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن القلوب. قالت: قلب سليم، وقلب سقيم، وقلب منيب، وقلب نذير، وقلب منير؛ فالقلب السليم هو قلب الخليل، والقلب السقيم هو قلب الكافر، والقلب المنيب هو قلب المتقين الخائفين، والقلب النذير هو قلب سيدنا محمد ﷺ، والقلب المنير هو قلب مَن يتبعه، وقلوب العلماء ثلاثة: قلب متعلِّق بالدنيا، وقلب متعلِّق بالآخرة، وقلب متعلِّق بمولاه. وقيل: إن القلوب ثلاثة: قلب معلَّق وهو قلب الكافر، وقلب معدوم وهو قلب المنافق، وقلب ثابت وهو قلب المؤمن. وقيل: هي ثلاثة: قلب مشروح بالنور والإيمان، وقلب مجروح من خوف الهجران، وقلب خائف من الخذلان. قال: أحسنتِ. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.