فلما كانت الليلة ٤٤٩
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما غلبت المقرئ ونزع ثيابه وانصرف خجلًا، تقدَّمَ إليها الطبيب الماهر وقال: فرغنا من علم الأديان فتيقظي لعلم الأبدان، وأخبريني عن الإنسان، وكيف خلقه؟ وكم في جسده من عرق؟ وكم من عظم؟ وكم من فقارة؟ وأين أول العروق؟ ولِمَ سُمِّيَ آدمُ آدمَ؟ قالت: سُمِّي آدم لأدمته؛ أيْ سُمْرة لونه، وقيل: لأنه خُلِق من أديم الأرض؛ أيْ ظاهر وجهها، صدره من تربة الكعبة، ورأسه من تربة المشرق، ورجلاه من تربة المغرب. وخلق الله له سبعة أبواب في رأسه، وهي: العينان، والأذنان، والمنخران، والفم، وجعل له منفذين قُبُله ودُبُره، فجعل العينين حاسة النظر، والأذنين حاسة السمع، والمنخرين حاسة الشم، والفم حاسة الذوق، وجعل اللسان ينطق بما في ضمير الإنسان، وخَلق آدم مركبًا من أربعة عناصر، وهي: الماء، والتراب، والنار، والهواء؛ فكانت الصفراء طبع النار وهي حارَّة يابسة، والسوداء طبع التراب وهو بارد يابس، والبلغم طبع الماء وهو بارد رطب، والدم طبع الهواء وهو حار رطب. وخَلق في الإنسان ثلاثمائة وستين عرقًا، ومائتين وأربعين عظمًا، وثلاثة أرواح: حيواني، ونفساني، وطبيعي، وجعل لكلٍّ منها حكمًا، وخلق الله له قلبًا، وطحالًا، ورئة، وستة أمعاء، وكبدًا، وكليتين، وإليتين، ومخًّا، وعظمًا، وجلدًا، وخمس حواس: سامعة، وباصرة، وشامة، وذائقة، ولامسة، وجعل القلب في الجانب الأيسر من الصدر، وجعل المعدة أمام القلب، وجعل الرئة مروحةً للقلب، وجعل الكبد في الجانب الأيمن محاذية للقلب، وخلق ما دون ذلك من الحجاب والأمعاء، وركَّب ترائب الصدر وشبكها بالأضلاع.
قال: أحسنتِ، فأخبريني كم في رأس ابن آدم من بطن؟ قالت: ثلاثة بطون، وهي تشتمل على خمس قوى تُسمَّى الحواس الباطنية، وهي: الحس المشترك، والخيال، والمتصرفة، والواهمة، والحافظة. قال: أحسنتِ، فأخبريني عن هيكل العظام. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.