فلما كانت الليلة ٤٧٢
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن المرأة قالت للرجل حين أتاها بالطعام: أَطْعِمْني لله عزَّ وجلَّ. فقال: لا، إلا أن تمكِّنيني من نفسك. فقالت: الموت ولا عذاب الله. ثم قامت وتركت الطعام وخرجت ولم تأكل شيئًا، وجعلت تقول هذه الأبيات:
ثم إنها غابت يومين وأتَتْ تقرع الباب، فخرجت فإذا الجوع قد قطع صوتها، فقالت لي: يا أخي، قد أعيتني الحِيَل ولا أقدر على إبداء وجهي لأحد من الناس غيرك، فهل تُطعِمني لله تعالى؟ فقلت: لا، إلا أن تمكِّنيني من نفسك. فدخلَتْ وقعدت في البيت ولم يكن عندي طعام حاضر، فلما نضج الطعام وجعلتُه في القصعة، تداركني الله تعالى وقلت لنفسي: ويحك! هذه امرأة ناقصة عقل ودين تمتنع من الطعام، ولا قدرةَ لها على الصبر دونه لما نالَهَا من الجوع، وهي ترد المرة بعد الأخرى وأنت لا تنثني عن معصية الله تعالى. فقلت: اللهم إني أتوب إليك مما خطر بنفسي. فقمت بالطعام ودخلت عليها وقلت لها: كُلِي ولا بأسَ عليك، فإنه لله عزَّ وجلَّ. فرفعَتْ عينها إلى السماء وقالت: اللهم إنْ كان هذا صادقًا فحرِّمْ عليه النار في الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير. قال: فتركتُها وقمتُ لأزيل النار من الكانون، وكان الوقت وقتَ فصل الشتاء والبرد، فوقعَتْ جمرةٌ على بدني، فلم أجد لها ألَمًا بقدرة الله عزَّ وجلَّ، فوقع في نفسي أنَّ دعوتَها أُجِيبت؛ فأخذتُ الجمرة بكفي فلم تحرقني، فدخلتُ عليها وقلت: أَبْشِرِي فإن الله قد أجاب دعوتَكِ. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.