فلما كانت الليلة ٣٢٧
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن زمرد قالت لسيدها علي شار: أتخالفني فتكون ليلة مشئومة عليك، بل ينبغي لك أن تطاوعني، وأنا أعملك معشوقي، وأجعلك أميرًا من أمرائي. فقال علي شار: يا ملك الزمان، ما الذي أطيعك فيه؟ قالت: حلَّ لباسك، ونَمْ على وجهك. فقال: هذا شيء عمري ما فعلته، وإن قهرتني على ذلك فإني أخاصمك فيه عند الله يوم القيامة، فخذ كل شيء أعطيتني إياه ودعني أروح من مدينتك. ثم بكى وانتحب، فقالت له: حلَّ لباسك ونَمْ على وجهك وإلا ضربتُ عنقك. ففعل، فطلعت على ظهره، فوجد شيئًا ناعمًا أنعم من الحرير، وألين من الزبد، فقال في نفسه: إن هذا الملك خير من جميع النساء. ثم إنها صبرت ساعة وهي على ظهره، وبعد ذلك انقلبت على الأرض، فقال علي شار: الحمد لله، كأن ذكره لم ينتصب. فقالت: يا علي، إن من عادة ذكري أنه لا ينتصب إلا إذا عركوه بأيديهم، فقُمْ واعركه بيدك حتى ينتصب وإلا قتلتك. ثم رقدت على ظهرها، وأخذت يده ووضعتها على فرجها، فوجد فرجًا أنعم من الحرير، وهو أبيض مربرب كبير، يحكي في السخونة حرارة الحمام أو قلب صبٍّ أضناه الغرام، فقال علي شار في نفسه: إن الملك له كس فهذا من العجب العجاب. وأدركته الشهوة فصار ذكره في غاية الانتصاب، فلما رأت منه ذلك ضحكت وقهقهت، وقالت: يا سيدي، قد حصل هذا كله وما تعرفني؟ فقال: ومَن أنت أيها الملك؟ قالت: أنا جاريتك زمرد. فلما علم ذلك قبَّلها وعانقها، وانقضَّ عليها مثل الأسد على الشاة، وتحقَّقَ أنها جاريته بلا اشتباه؛ فأغمد قضيبه في جرابها، ولم يزل بوابًا لبابها، وإمامًا لمحرابها، وهي معه في ركوع وسجود، وقيام وقعود، إلا أنها صارت تتبع التسبيحات بغنج في ضمنه حركات، حتى سمع الطواشية فجاءوا ونظروا من خلف الأستار، فوجدوا الملك راقدًا وفوقه علي شار، وهو يرصع ويرهز، وهي تشخر وتغنج. فقالت الطواشية: إن هذا الغنج ما هو غنج رجل، لعل هذا الملك امرأة! ثم كتموا أمرهم ولم يظهروه على أحد.
فلما أصبحت زمرد أرسلت إلى كامل العسكر وأرباب الدولة وأحضرتهم، وقالت لهم: أنا أريد أن أسافر إلى بلد هذا الرجل، فاختاروا لكم نائبًا يحكم بينكم حتى أحضر عندكم، فأجابوا زمرد بالسمع والطاعة، ثم شرعت في تجهيز آلة السفر من زاد وأموال وأرزاق، وتحف وجمال وبغال، وسافرَتْ من المدينة، ولم تزل مسافرة إلى أن وصلت إلى بلد علي شار، ودخل منزله، وأعطى وتصدَّقَ ووهب، ورُزِق منها الأولاد، وعاشَا في أحسن المسرات إلى أن أتاهما هادم اللذات ومفرِّق الجماعات، فسبحان الباقي بلا زوال، والحمد لله على كل حال.
حكاية جبير بن عمير والست بدور
ومما يُحكَى أن أمير المؤمنين هارون الرشيد أرق ليلة من الليالي، وتعذَّر عليه النوم، ولم يزل يتقلب من جنب إلى جنب لشدة أرقه، فلما أعياه ذلك أحضر مسرورًا وقال له: يا مسرور، انظر إلى مَن يسلِّيني على هذا الأرق. فقال له: يا مولاي، هل لك أن تدخل البستان الذي في الدار، وتتفرَّج على ما فيه من أزهار، وتنظر إلى الكواكب وحسن ترصيعها، والقمر بينها مشرق على الماء؟ قال له: يا مسرور، إن نفسي لا تهفو إلى شيء من ذلك. قال: يا مولاي، إن في قصرك ثلاثمائة سرية، لكل سرية مقصورة، فَأْمُرْ كلَّ واحدة منهن أن تختلي بنفسها في مقصورتها، وتدور أنت تتفرج عليهنَّ وهن لا يدرين. قال: يا مسرور، القصر قصري والجواري ملكي، غير أن نفسي لا تهفو إلى شيء من ذلك. قال: يا مولاي، اؤمر العلماء والحكماء والشعراء أن يحضروا بين يديك، ويفيضوا في المباحث، وينشدون لك الأشعار، ويقصون عليك الحكايات والأخبار. قال: ما تهفو نفسي إلى شيء من ذلك. قال: يا مولاي، اؤمر العلماء والندماء والظرفاء أن يحضروا بين يديك، ويتحفوك بغريب النكات. قال: يا مسرور، ما تهفو نفسي إلى شيء من ذلك. قال: يا مولاي، فاضرب عنقي. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.