فلما كانت الليلة ٥٢٧
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن أم السيدة شمسة قالت له: وفي كل عام نرسل إليك قومًا إذا أمرتَ واحدًا منهم بإهلاك أعدائك جميعًا، أهلكهم عن آخِرهم. ثم إن الملك شهلان جلس فوق التخت، وأمر أرباب الدولة أن يعملوا فرحًا عظيمًا، ويزيِّنوا المدينةَ سبعةَ أيام ولياليها، فقالوا: سمعًا وطاعةً. ثم ذهبوا في ذلك الوقت، وأخذوا في تجهيز الأهبة للفرح، ومكثوا في التجهيز مدة شهرين، وبعد ذلك عملوا عرسًا عظيمًا للسيدة شمسة حتى صار فرحًا عظيمًا لم يكن مثله، ثم أدخلوا جانشاه على السيدة، واستمر معها مدة سنتين في ألذ عيش وأهناه، وأكل وشرب، ثم بعد ذلك قال للسيدة شمسة: إن أباك قد وعدنا بالذهاب، وأن نقعد هناك سنة، وهنا سنة. فقالت السيدة شمسة: سمعًا وطاعةً. ولما أمسى المساء دخلت على أبيها، وذكرت له ما قاله جانشاه، فقال لها: سمعًا وطاعةً. ولكن اصبرَا إلى أول الشهر حتى نجهِّز لكما الأعوان، فأخبرت جانشاه بما قاله أبوها، وصبر المدة التي عيَّنَها، وبعد ذلك أذِنَ الملك شهلان للأعوان أن يخرجوا في خدمة السيدة شمسة وجانشاه، حتى يوصلوهما إلى بلاد جانشاه، وقد جهَّزَ لهما تختًا عظيمًا من الذهب الأحمر مرصَّعًا بالدر والجوهر، فوقه خيمة من الحرير الأخضر، منقوشة بسائر الألوان، مرصعة بنفيس الجواهر، يحار في حسنها الناظر، فطلع جانشاه هو والسيدة شمسة فوق ذلك التخت، ثم انتخب من الأعوان أربعة ليحملوا ذلك التخت، فحملوه وصار كل واحد منهم في جهة من جهاته، وجانشاه والسيدة شمسة فوقه.
ثم إن السيدة شمسة ودَّعَتْ أمها وأباها وإخوتها وأهلها، وقد ركب أبوها وسار مع جانشاه، وسارت الأعوان بذلك التخت، ولم يزل الملك شهلان سائرًا معهم إلى وسط النهار، ثم حطَّت الأعوان ذلك التخت، ونزلوا وودَّعوا بعضهم، وصار الملك شهلان يوصي جانشاه على السيدة شمسة، ويوصي الأعوان عليهما، ثم أمر الأعوان أن يحملوا التخت، فودَّعَتِ السيدة شمسة أباها، وكذلك ودَّعَه جانشاه، وسارَا ورجع أبوها، وكان أبوها قد أعطاها ثلاثمائة جارية من السراري الحسان، وأعطى جانشاه ثلاثمائة مملوك من أولاد الجان، ثم إنهم ساروا من ذلك الوقت بعد أن طلعوا جميعهم على ذلك التخت، والأعوان الأربعة قد حملته، وطارت به بين السماء والأرض، وصاروا يسيرون في كل يوم مسيرة ثلاثين شهرًا، ولم يزالوا سائرين على هذه الحالة مدة عشرة أيام، وكان في الأعوان عون يعرف بلاد كابل، فلما رآها أمرهم أن ينزلوا على المدينة الكبيرة في تلك البلاد، وكانت تلك المدينة مدينة الملك طيغموس، فنزلوا عليها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.