فلما كانت الليلة ٥٢٩
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن طيغموس هو وابنه جانشاه وزوجته السيدة شمسة، ارتقوا إلى أعلى القصر، وصاروا يتفرجون على قتال الأعوان مع عسكر الملك كفيد، وصار الملك كفيد ينظر إليهم وهو فوق التخت ويبكي، وما زال القتل في عسكره مدة يومين حتى قطعوا عن آخِرهم. ثم إن جانشاه أمر الأعوان أن يأتوا بالتخت، وينزلوا به إلى الأرض في وسط قلعة الملك طيغموس، فأتوا به وفعلوا ما أمرهم به سيدهم الملك جانشاه. ثم إن الملك طيغموس أمر عونًا من الأعوان يقال له شموال، أن يأخذ الملك كفيد ويجعله في السلاسل والأغلال، ويسجنه في البرج الأسود، ففعل شموال ما أمره به، ثم إن الملك طيغموس أمر بضرب الكاسات وأرسل المبشرين إلى أم جانشاه، فذهبوا وأعلموها بأن ابنها أتى وفعل هذه الأفعال؛ ففرحت بذلك وركبت وأتت، فلما رآها جانشاه ضمَّها إلى صدره فوقعت مغشيةً عليها من شدة الفرح، فرشُّوا وجهها بماء الورد؛ فلما أفاقت عانقَتْه وبكَتْ من فرط السرور، ولما علمت السيدة شمسة بقدومها، قامت تتمشَّى حتى وصلت إليها وسلَّمَتْ عليها وعانَقَ بعضهما بعضًا ساعة من الزمان، ثم جلستا تتحدثان، وفتح الملك طيغموس أبوابَ المدينة وأرسَلَ المبشرين إلى جميع البلاد، فنشروا البشائر فيها، ووردت عليه الهدايا والتحف، وصار الأمراء والعساكر والملوك الذين في البلدان يأتون ليسلِّموا عليه ويهنوه بتلك النصرة وبسلامة ابنه. وما زالوا على هذا الحال والناس يأتونهم بالهدايا والتحف العظيمة مدةً من الزمان.
ثم إن الملك عمل عرسًا عظيمًا للسيدة شمسة مرةً ثانية، وأمر بزينة المدينة، وجلاها على جانشاه بالحلي والحلل الفاخرة، ودخل جانشاه عليها وأعطاها مائة جارية من السراري الحسان لخدمتها. ثم بعد ذلك بأيام توجَّهَتِ السيدة شمسة إلى الملك طيغموس، وتشفَّعَتْ عنده في الملك كفيد، وقالت له: أطلِقْه ليرجع إلى بلاده، وإن حصل منه شرٌّ أمرتُ أحدَ الأعوان أن يخطفه، ويأتيك به. فقال لها: سمعًا وطاعة. ثم أرسل إلى شموال أن يحضر إليه بالملك كفيد، فأتى به في السلاسل والأغلال، فلما قدم عليه وقبَّلَ الأرض بين يدَيْه، أمر الملك أن يحلُّوه من تلك الأغلال، فحلُّوه منها؛ ثم أركبه على فرس عرجاء، وقال له: إن الملكة شمسة قد تشفَّعَتْ فيك، فاذهب إلى بلادك، وإنْ عدتَ لما كنتَ عليه، فإنها ترسل إليك عونًا من الأعوان فيأتي بك. فسار الملك كفيد إلى بلاده وهو في أسوأ حال. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.