فلما كانت الليلة ٣٣٩
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الجارية قالت: أنا مظلومة يا أمير المؤمنين. قال: ولِمَ ذلك؟ ومَن ظلمكِ؟ قالت: إن ولدك اشتراني من مدة بعشرة آلاف درهم وأراد أن يهبني لك، فأرسلَتْ إليه ابنةُ عمك الثمنَ المذكور وأمرته أن يحجبني عنك في هذه المقصورة. فقال لها: تَمَنِّي عليَّ. قالت: تمنَّيْتُ عليك أن تكون ليلة غدٍ عندي. فقال: إن شاء الله تعالى. ثم تركها ومضى، فلما أصبح الصباح توجه إلى مجلسه وأرسل إلى أبي نواس فلم يجده، فأرسل الحاجب يسأل عنه فرآه مرتهنًا في بعض الخمارات على ألف درهم أنفقها على بعد المُرْد، فسأله الحاجب عن حاله، فقَصَّ عليه قصته وما وقع له مع أمرد مليح أنفق عليه الألف درهم، فقال له: أَرِني إياه، فإن كان يستحق ذلك فأنت معذور. فقال له: اصبر وأنت تراه في هذه الساعة. فبينما هما في الحديث وإذا بالأمرد قد أقبَلَ ودخل عليهما وعليه ثوب أبيض، ومن تحته ثوب أحمر، ومن تحته ثوب أسود، فلما شاهَدَه أبو نواس صعد الزفرات وأنشد هذه الأبيات:
فلما سمع الأمرد هذا الكلام نزع الثوب الأبيض من فوق الثوب الأحمر، فلما رآه أبو نواس أكثر التعجبات وأنشد هذه الأبيات:
فلما فرغ أبو نواس من شعره، خلع الأمرد الثوب الأحمر وبقي في الثوب الأسود، فلما رآه أبو نواس أكثر إليه الالتفات، وأنشد هذه الأبيات:
فلما رأى ذلك الحاجب علم بحال أبي نواس وغرامه، فرجع إلى الخليفة وأخبره بحاله، فأحضر الخليفة ألف درهم وأمر الحاجب أن يأخذها ويرجع بها إلى أبي نواس ويدفعها عنه ويخلصها من الرهن، فرجع بها الحاجب إلى أبي نواس وخلَّصه وتوجه به إلى الخليفة، فلما وقف بين يديه قال له الخليفة: أنشدني شعرًا يكون فيه: «يا أمين الله ما هذا الخبر؟» فقال: سمعًا وطاعة يا أمير المؤمنين. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.