فلما كانت الليلة ٣٤٢
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوالي أراد عقابهم، وإذا برجل قد أقبَلَ وشقَّ الناس حتى وقف بين يدَيِ الوالي والجندي، فقال: أيها الأمير، أطلق هؤلاء الناس كلهم فإنهم مظلومون، وأنا الذي أخذت مالَ هذا الجندي، وها هو الكيس الذي أخذتُه من خُرْجه. ثم أخرجه من كمه ووضعه بين يدي الوالي والجندي، فقال الوالي للجندي: خذ مالك وتسلَّمه، فما بقي لك على الناس سبيل. وصار الناس وجميع الحاضرين يثنون على ذلك الرجل ويدعون له، ثم إن الرجل قال: أيها الأمير، ما الشطارة أني جئتُ إليك بنفسي وأحضرت هذا الكيس، وإنما الشطارة في أخذ الكيس ثانيًا من هذا الجندي. فقال له الوالي: وكيف فعلتَ يا شاطر حين أخذتَه؟ فقال: أيها الأمير، إني كنتُ واقفًا في مصر في سوق الصيارف إذ رأيت هذا الجندي لما صرف هذا الذهب ووضعه في هذا الكيس، فتبعته من زقاق إلى زقاق، فلم أجد لي إلى أخْذِ المال منه سبيلًا، ثم إنه سافَرَ فتبعته من بلد إلى بلد، وصرت أحتال عليه في أثناء الطريق فما قدرت على أخذه، فلما دخل هذه المدينة تبعته حتى دخل في هذا الخان، فنزلت إلى جانبه ورصدته حتى نام وسمعتُ غطيطَه، فمشيتُ إليه قليلًا قليلًا وقطعت الخُرْج بهذه السكين، وأخذت الكيس هكذا، ومَدَّ يده وأخذ الكيس من بين أيادي الوالي والجندي، وتأخَّرَ إلى خلف الوالي والجندي والناس ينظرون إليه، ويعتقدون أنه يُرِيهم كيف أخذ الكيس من الخُرْج، وإذا به قد جرى ورمى نفسه في بركة، فصاح الوالي على حاشيته وقال: الحقوه وانزلوا خلفه. فما نزعوا ثيابهم ونزلوا في الدرج، حتى كان الشاطر مضى إلى حال سبيله، وفتشوا عليه فلم يجدوه، وذلك أن أزِقَّة الإسكندرية كلها تنفذ إلى بعضها، ورجع الناس ولم يحصلوا الشاطر، فقال الوالي للجندي: لم يبقَ لك عند الناس حقٌّ؛ لأنك عرفت غريمك وتسلَّمْتَ مالك وما حفظتَه. فقام الجندي وقد ضاع عليه ماله، وخلصت الناس من يدي الجندي والوالي، وكل ذلك من فضل الله تعالى.
حكاية الملك الناصر والولاة الثلاثة
ومما يُحكَى أن الملك الناصر أحضر الولاة الثلاثة في بعض الأيام؛ والي القاهرة، ووالي بولاق، ووالي مصر القديمة، وقال: أريد أن كل واحد منكم يخبرني بأعجب ما وقع له في مدة ولايته. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.