فلما كانت الليلة ٣٤٥
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن اللص أخذ الكيس وذهب إلى أصحابه وأعلمهم بما جرى له مع الصيرفي والجارية، فقالوا له: والله إن الذي عملته شطارة، وما كل إنسان يقدر عليه، ولكن في هذا الوقت يخرج الصيرفي من بيت الراحة، فلا يجد الكيس، فيضرب الجارية ويعذِّبها عذابًا أليمًا، فكأنك ما عملتَ شيئًا تُشكَر عليه، فإنْ كنتَ شاطرًا فخلِّص الجاريةَ من الضرب والعذاب. فقال لهم: إن شاء الله تعالى أخلِّص الجارية والكيس. ثم إن اللص رجع إلى دار الصيرفي فوجده يعاقب الجارية لأجل الكيس، فدقَّ عليه الباب، فقال له: مَن هذا؟ قال له: أنا غلام جارك الذي في القيسرية. فخرج إليه وقال له: ما شأنك؟ فقال له: إن سيدي يسلِّم عليك ويقول لك: قد تغيَّرَتْ أحوالك كلها، كيف ترمي بمثل هذا الكيس على باب الدكان وتروح وتخليه؟ ولو لقيه أحدٌ غريب كان أخذه وراح. ولولا أن سيدي رآه وحفظه لَكان ضاع عليك. ثم أخرج الكيس وأراه إياه، فلما رآه الصيرفي قال: هذا كيسي بعينه. ومدَّ يده ليأخذه منه، فقال له: والله ما أعطيك إياه حتى تكتب ورقةً لسيدي أنك تسلَّمْتَ الكيس مني، فإني أخاف ألَّا يصدِّقني في أنك أخذتَ الكيس وتسلَّمْتَه حتى تكتب لي ورقة وتختمها بختمك. فدخل الصيرفي ليكتب له ورقةً بوصول الكيس كما ذكر له، فذهب اللص بالكيس إلى حال سبيله، وخلصت الجارية من العذاب.
حكاية والي قوص وقاطع الطريق
ومما يُحكَى أن علاء الدين والي قوص كان جالسًا ذات ليلة من الليالي في بيته، وإذا بشخص حسن الصورة والمنظر، كامل الهيئة، قد أتاه في الليل ومعه صندوق على رأس خادم ووقف على الباب وقال لبعض غلمان الأمير: ادخل وأَعْلِم الأميرَ أني أريد الاجتماعَ به من أجل سرٍّ. فدخل الغلام وأعلَمَه بذلك، فأمره بإدخاله، فلما دخل رآه الأمير عظيمَ الهيئة حسنَ الصورة، فأجلسه إلى جانبه وأكرم مثواه، وقال له: ما حاجتك؟ فقال له: أنا رجل من قطَّاع الطريق، وأريد التوجُّه والرجوع إلى الله تعالى على يدَيْك، وأريد أن تساعدني على ذلك؛ لأني صرتُ في طرفك وتحت نظرك، ومعي هذا الصندوق فيه شيء قيمته نحو أربعين ألف دينار، فأنت أولى بها، وأعطني من خالص مالك ألفَ دينار حلالًا أجعلها رأسَ مالٍ، وأستعين بها على التوبة، وأستغني بها عن الحرام وأجرك على الله تعالى. ثم إنه فتح الصندوق ليرى الوالي ما فيه، وإذا به مصاغ وجواهر ومعادن وفصوص ولؤلؤ، فأدهشه ذلك وفرح به فرحًا شديدًا، وصاح على خازنداره وقال له: أحْضِرِ الكيسَ الفلاني. وكان فيه ألف دينار. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.