فلما كانت الليلة ٣٤٩
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الرجل أخذ القصعة والجرة وذهب بهما إلى السوق، فلم يشترهما أحدٌ منه، فبينما هو في السوق إذ مرَّ به رجل ومعه سمكة مُنتِنة منفوخة لم يشترها أحد منه، فقال له صاحب السمكة: أتبيعني كاسدك بكاسدي؟ قال: نعم. فدفع القصعة والجرة وأخذ منه السمكة وجاء بها إلى عياله، فقالوا له: ما تفعل بهذه السمكة؟ قال: نشويها ونأكلها إلى أن يشاء الله تعالى لنا برزقنا. فأخذوها وشقُّوا بطنها، فوجدوا فيه حبة لؤلؤ، فأخبروا بها الشيخ فقال: أنظروا إنْ كانت مثقوبةً فهي لبعض الناس، وإنْ كانت غير مثقوبة فإنها رزق رزقكم الله تعالى به. فنظروا فإذا هي غير مثقوبة، فلما أصبح الصباح غدا بها إلى بعض إخوانه من أصحاب المعرفة بذلك، فقال: يا فلان من أين لك هذه اللؤلؤة؟ قال: رزقٌ رزَقَنا الله تعالى به. قال: إنها تساوي ألف درهم، وأنا أعطي لك ذلك، ولكن اذهب بها إلى فلان فإنه أكثر مني مالًا ومعرفةً. فذهب بها إليه فقال: إنها تساوي سبعين ألف درهم لا أكثر من ذلك. ثم دفع له سبعين ألف درهم، ودعا بالحمَّالين فحملوا له المال حتى وصل إلى باب منزله، فجاءه سائل وقال له: أعطني مما أعطاك الله تعالى. فقال للسائل: قد كنَّا بالأمس مثلك، خذ نصف هذا المال. فلما قسم المال شطرَيْن وأخذ كل واحد شطره، قال له السائل: أمسِكْ عليك مالك وخذه بارك الله لك فيه، وإنما أنا رسول ربك، بعثني إليك لأختبرك. فقال: لله الحمد والمنة. وما زال في أرغد عيش هو وعياله إلى الممات.
حكاية أبي حسان الزيادي والخراساني
ومما يُحكَى أن أبا حسان الزيادي قال: ضاق عليَّ الحال في بعض الأيام ضيقًا شديدًا، حتى إنه قد ألحَّ عليَّ البقالُ والخباز وسائر المعاملين، فاشتدَّ عليَّ الكربُ ولم أجد لي حيلةً، فبينما أنا على تلك الحالة لا أدري كيف أصنع؟ إذ دخل عليَّ غلام لي فقال: إن بالباب رجلًا حاجيًا يطلب الدخول عليك. فقلت: ائذن له. فدخل فإذا هو رجل خراساني، فسلَّمَ عليَّ، فرددتُ عليه السلام، ثم قال لي: هل أنت أبو حسان الزيادي؟ قلت: نعم، وما حاجتك؟ قال: إني رجل غريب، وأريد الحج، ومعي جملة من المال، وإنه قد أثقَلَني حمله، وأريد أن أدع عندك هذه العشرة آلاف درهم إلى أن أقضي حجي وأرجع، فإن رجع الركب ولم ترني، فاعلم أنني قد متُّ، فالمال هبة مني إليك، وإن رجعتُ فهي لي. فقلت له: لك ذلك إن شاء الله تعالى. فأخرَجَ جرابًا، فقلت للغلام: ائتني بميزان. فأتى بميزان فوزنها وسلَّمَها إليَّ وذهب إلى حال سبيله، فأحضرت المعاملين وقضيتُ ديني. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.