فلما كانت الليلة ٣٥٤
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن وردان الجزار قال: فأوصيت صبيي على الدكان، وتبعتها بحيث لا تراني، ولم أزل أعاينها إلى أن خرجَتْ من مصر، وأنا أتوارى خلفها حتى وصلت إلى بساتين الوزير، فاختفيت حتى عصبت عينَيِ الحمال، وتبعتها من مكان إلى مكان إلى أن أتت الجبل، فوصلَتْ إلى مكان فيه حجر كبير، وحطَّتِ القفصَ عن الحمال، فصبرتُ إلى أن عادت بالحمال ورجعَتْ ونزعَتْ جميعَ ما كان في القفص وغابت ساعة، فأتيتُ إلى ذلك الحجر فزحزحته ودخلت، فوجدت خلفه طابقًا من نحاس مفتوحًا ودَرَجًا نازلة، فنزلت في تلك الدَّرَج قليلًا قليلًا حتى وصلت إلى دهليز طويل كثير النور، فمشيت فيه حتى رأيت هيئةَ باب قاعة، فارتكنت في زوايا الباب، فوجدتُ صفة بها سلالم خارج باب القاعة، فتعلقت فيها فوجدت صفة صغيرة بها طاقة تشرف على قاعة، فنظرت في القاعة فوجدت المرأة قد أخذت الخروف، وقطعت منه مطايبه، وعملته في قِدْر، ورمت الباقي إلى دبٍّ كبير عظيم الخلقة، فأكله عن آخره وهي تطبخ، فلما فرغت أكلت كفايتها، ووضعت الفاكهة والنقل، وحطت النبيذ، وصارت تشرب بقدح وتسقي الدب بطاسة من ذهب، حتى حصل لهما نشوة السُّكْر، فنزعت لباسها ونامت، فقام الدب وواقَعَها وهي تعاطيه من أحسن ما يكون لبني آدم حتى فرغ وجلس، ثم وثب إليها وواقَعَها، ولما فرغ جلس واستراح، ولم يزل كذلك حتى فعل ذلك عشر مرات، ثم وقع كلٌّ منهما مغشيًّا عليه، وصارا لا يتحركان، فقلت في نفسي: هذا وقت انتهاز الفرصة، فنزلت ومعي سكين تبري العظم قبل اللحم، فلما صرت عندهما وجدتهما لا يتحرك فيهما عرق لما حصل لهما من المشقة، فجعلت السكين في منحر الدب واتكأت عليه حتى خلَّصته، وانعزلت رأسه عن بدنه، فصار له شخير عظيم مثل الرعد، فانتبهت المرأة مرعوبة، فلما رأت الدبَّ مذبوحًا وأنا واقف والسكين في يدي، زعقت زعقة عظيمة حتى ظننتُ أن روحها قد خرجت، وقالت لي: يا وردان، أيكون هذا جزاء الإحسان؟ فقلت لها: يا عدوة نفسها، هل عُدِمت الرجال حتى تفعلي هذا الفعل الذميم؟ فأطرقت رأسها إلى الأرض لا ترد جوابًا، وتأمَّلت الدبَّ وقد نُزِعت رأسه عن جثته، ثم قالت: يا وردان، أي شيء أحبُّ إليك؛ أن تسمع الذي أقوله لك ويكون سببًا لسلامتك … وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.