فلما كانت الليلة ٣٥٥
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن المرأة قالت: يا وردان، أيُّ شيءٍ أحبُّ إليك؛ أن تسمع الذي أقوله لك ويكون سببًا لسلامتك وغناك إلى آخر الدهر، أم تخالفني ويكون سببًا لهلاكك؟ قلتُ: أختار أن أسمع كلامك، فحدِّثيني بما شئتِ. فقالت: اذبحني كما ذبحتَ هذا الدبَّ، وخذ من هذا الكنز حاجتك، وتوجَّه إلى حال سبيلك. فقلت لها: أنا خير من هذا الدب، فارجعي إلى الله تعالى وتوبي وأتزوَّج بك، ونعيش باقي عمرنا بهذا الكنز. قالت: يا وردان، إن هذا بعيد، كيف أعيش بعده؟ والله إن لم تذبحني لأتلفنَّ روحك، فلا تراجعني تتلف، وهذا ما عندي من الرأي، والسلام. فقلتُ: أذبحك وتروحين إلى لعنة الله. ثم جذبتها من شعرها وذبحتها وراحت إلى لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وبعد ذلك نظرت في المحل فوجدت فيه من الذهب والفصوص واللؤلؤ ما لا يقدر على جمعه أحدٌ من الملوك، فأخذتُ قفص الحمال وملأته على قدر ما أطيق، ثم سترته بقماشي الذي كان عليَّ وحملته، وطلعت من الكنز وسرت، ولم أزل سائرًا إلى باب مصر، وإذا بعشرة من جماعة الحاكم بأمر الله مُقبِلون، والحاكم خلفهم، فقال لي: يا وردان. قلت: لبيك أيها الملك. قال: هل قتلتَ الدبَّ والمرأة؟ قلتُ: نعم. قال: حطَّ عن رأسك، وطِبْ نفسًا، فجميع ما معك من المال لك لا ينازعك فيه أحد. فحططتُ القفصَ بين يديه، فكشفه ورآه وقال: حدِّثني بخبرهما، وإن كنت أعرفه كأنني حاضر معكم. فحدَّثته بجميع ما جرى وهو يقول: صدقتَ. فقال: يا وردان، قُمْ سِرْ بنا إلى الكنز. فتوجَّهْتُ معه إليه، فوجد الطابق مغلقًا، فقال: ارفعه يا وردان، فإن هذا الكنز لا يقدر أحد أن يفتحه غيرك، فإنه مرصود باسمك وصفتك. فقلت: والله لا أطيق فتحه. فقال: تقدَّمْ أنت على بركة الله. فتقدَّمْتُ إليه وسمَّيْتُ الله تعالى، ومددت يدي إلى الطابق فارتفع كأنه أخف ما يكون، فقال الحاكم: انزل وأطلع ما فيه، فإنه لا ينزله إلا مَن هو باسمك وصورتك وصفاتك من حين وُضِع، وقَتْل هذا الدب وهذه المرأة على يديك وهو عندي مؤرَّخ، وكنتُ أنتظر وقوعَه حتى وقع. قال وردان: فنزلت ونقلت له جميع ما في الكنز، ثم دعا بالدواب وحمله، وأعطاني قفصي بما فيه، فأخذته وعدتُ إلى بيتي، وفتحتُ لي دكانًا في السوق، وهذا السوق موجود إلى الآن، ويُعرَف بسوق وردان.
حكاية بنت السلطان والقرد
ومما يُحكَى أيضًا أنه كان لبعض السلاطين ابنة، وقد تعلَّق قلبها بحبِّ عبد أسود، فافتض بكارتها، وأُولِعت بالنكاح، فكانت لا تصبر عنه ساعة واحدة، فشكت أمرها إلى بعض القهرمانات، فأخبرتها أنه لا شيء ينكح أكثر من القرد. فاتفق أن قرَّادًا مرَّ تحت طاقتها بقرد كبير، فأسفرت عن وجهها ونظرت إلى القرد وغمزته بعيونها، فقطع القرد وثاقه وسلاسله وطلع لها، فخبَّأته في مكان عندها، وصار ليلًا ونهارًا على أكل وشرب وجماع، ففطن أبوها بذلك وأراد قتلها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.