فلما كانت الليلة ٣٦٠
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن ابن الملك لما رأى الملك بيده سيف مسلول، وقد هجم عليهما كأنه الغول، قال لها: أهذا أبوكِ؟ قالت: نعم. فعند ذلك وثب قائمًا على قدميه، وتناول سيفه بيديه، وصاح على الملك صيحة منكرة فأدهشه، وهَمَّ أن يحمل عليه بالسيف، فعلم الملك أنه أوثب منه، فأغمد سيفه، ثم وقف حتى انتهى إليه ابن الملك فقابَلَه بملاطفة، وقال له: يا فتى، هل أنت إنسي أم جني؟ فقال له ابن الملك: لولا أني أرعى ذمامك وحرمة ابنتك لسفكتُ دمَك، كيف تنسبني إلى الشياطين، وأنا من أولاد الملوك الأكاسرة الذين لو شاءوا أخذوا مُلْكَك، وَلَزَلْزَلُوك عن عزك وسلطانك، وسلبوا عنك جميع ما في أوطانك؟ فلما سمع الملك كلامه هابه، وخاف على نفسه منه، وقال له: إن كنتَ من أولاد الملوك كما زعمتَ فكيف دخلت قصري بغير إذني، وهتكت حرمتي، ووصلت إلى بنتي، وزعمت أنك بعلها، وادَّعيت أني قد زوجتك بها؟ وأنا قد قتلت الملوك وأبناء الملوك حين خطبوها مني، ومَن ينجيك من سطوتي، وأنا إن صحتُ على عبيدي وغلماني وأمرتهم بقتلك قتلوك في الحال؟ فمَن يخلِّصك من يدي؟ فلما سمع ابن الملك منه ذلك الكلام قال للملك: إني لا أعجب منك ومن قلة بصيرتك، هل تطمع لابنتك في بعل أحسن مني؟ وهل رأيت أحدًا أثبتَ جنانًا، وأكثرَ مكافأةً، وأعزَّ سلطانًا وجنودًا وأعوانًا مني؟ فقال له الملك: لا والله، ولكن وددتُ يا فتى أن تكون خاطبًا لها على رءوس الأشهاد حتى أزوِّجَك بها، وأما إذا زوَّجْتُك بها خفيةً فإنك تفضحني فيها. فقال له ابن الملك: لقد أحسنتَ في قولك، ولكن أيها الملك إذا اجتمع عبيدك وخدمك وجنودك عليَّ وقتلوني كما زعمت، فإنك تفضح نفسك، وتبقى الناس فيك بين مصدِّق ومكذِّب، ومن الرأي عندي أن ترجع أيها الملك إلى ما أشير به عليك. فقال له الملك: هاتِ حديثك. فقال له ابن الملك: الذي أحدثك به؛ إما أن تبارزني أنا وأنت خاصة، فمَن قتل صاحبه كان أحقَّ وأولى بالمُلْك، وإما أن تتركني في هذه الليلة، وإذا كان الصباح فاخرج إلى عسكرك وجنودك وغلمانك وأخبرني بعدتهم. فقال له الملك: إن عدتهم أربعون ألف فارس غير العبيد الذين لي، وغير أتباعهم وهم مثلهم في العدد. فقال ابن الملك: إذا كان طلوع النهار فأخرجهم إليَّ، وقل لهم … وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.