فلما كانت الليلة ٣٦٥
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الجارية فرحت عندما سمعت من ابن الملك هذا الكلام، وقالت له: افعل ما تريد. ثم خطر ببالها أنها لا تدخل إلا بالتبجيل والتشريف كما يصلح لأمثالها، ثم إن ابن الملك تركها وسار حتى وصل إلى المدينة ودخل على أبيه، فلما رآه أبوه فرح بقدومه وتلقَّاه ورحَّب به. ثم إن ابن الملك قال لوالده: اعلم أنني قد أتيت ببنت الملك التي كنتُ أعلمتُكَ بها، وقد تركتها خارج المدينة في بعض البساتين، وجئت أعلمك بها لأجل أن تهيِّئ الموكب وتخرج لملاقتها، وتُظهِر لها مُلْكَك وجنودك وأعوانك. فقال له الملك: حبًّا وكرامةً. ثم أمر من وقته وساعته أهل المدينة أن يُزيِّنوا المدينة بالزينة الحسنة، وركب في أكمل هيبة وأحسن زينة هو وجميع عساكره وأكابر دولته، وسائر مملكته وخدمه، وأخرج ابن الملك من قصره الحُليَّ والحلل، وما تدَّخره الملوك، وهيَّأ لها عمارة من الديباج الأخضر والأحمر والأصفر، وأجلس على تلك العمارة الجواري الهنديات والروميات والحبشيات، وأظهر من الذخائر شيئًا عجيبًا. ثم إن ابن الملك ترك العمارة بمَن فيها وسبق إلى البستان، ودخل المقصورة التي تركها فيها وفتَّش عليها فلم يجدها، ولم يجد الفرس؛ فعند ذلك لطم على وجهه ومزَّق ثيابه، وجعل يطوف في البستان وهو مدهوش العقل، ثم بعد ذلك رجع إلى عقله وقال في نفسه: كيف علمتْ بسرِّ هذا الفرس وأنا لم أُعلِمها بشيء من ذلك؟ ولعل الحكيم الفارسي الذي عمل الفرس قد وقع عليها، وأخذها جزاء ما عمله والدي معه. ثم إن ابن الملك طلب حرَّاسَ البستان وسألهم عمَّن مرَّ بهم، وقال لهم: هل نظرتم أحدًا مرَّ بكم ودخل هذا البستان؟ فقالوا: ما رأينا أحدًا دخل هذا البستان سوى الحكيم الفارسي، فإنه دخل ليجمع الحشائش النافعة. فلما سمع كلامهم صحَّ عنده أن الذي أخذ الجارية هو ذلك الحكيم. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.