فلما كانت الليلة ٣١٧
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أنه بينما هو نائم، وإذا بلصٍّ من اللصوص خرج تلك الليلة في أطراف المدينة ليسرق شيئًا، فرمته المقادير تحت قصر ذلك النصراني، فدار حوله فلم يجد له سبيلًا إلى الصعود إليه، فصار دائرًا حوله إلى أن وصل إلى المصطبة، فرأى علي شار نائمًا فأخذ عمامته، وبعد أن أخذها لم يشعر إلا وزمرد طلَّتْ في ذلك الوقت فرأته واقفًا في الظلام، فحسبته سيدها فصفَّرَتْ له، فصفَّرَ لها الحرامي، فتدلَّت له بالحبل وصحبتها خُرْج ملآن ذهبًا، فلما رآه اللص قال في نفسه: ما هذا إلا أمر عجيب له سبب غريب. ثم حمل الخُرْج وحملها على أكتافه، وذهب بهما مثل البرق الخاطف، فقالت له: إن العجوز أخبرتني أنك ضعيف بسببي، وها أنت أقوى من الفرس. فلم يرد عليها جوابًا، فحسست على وجهه فوجدت لحيته مثل مقشة الحمام، كأنه خنزير ابتلع ريشًا فطلع زَغَبه من حلقه، ففزعت منه وقالت له: أي شيء أنت؟ فقال لها: يا عاهرة، أنا الشاطر جوان الكردي من جماعة أحمد الدنف، ونحن أربعون شاطرًا، وكلهم في هذه الليلة يفسقون في رَحِمك من العشاء إلى الصباح. فلما سمعت كلامه بكت ولطمت على وجهها، وعلمت أن القضاء غلب عليها، وأنه لا حيلةَ لها إلا التفويض إلى الله تعالى، فصبرت وسلَّمت لحكم الله تعالى وقالت: لا إله إلا الله، كلما خلصنا من هَمٍّ وقعنا في همٍّ أكبر منه. وكان السبب في مجيء جوان إلى هذا المحل أنه قال لأحمد الدنف: يا شاطر، أنا دخلت هذه المدينة قبل الآن، وأعرف فيها غارًا خارج البلد يسع أربعين نفسًا، وأنا أريد أن أسبقكم إليه، وأُدخِل أمي في ذلك الغار، ثم أرجع إلى المدينة وأسرق منها شيئًا على بختكم، وأحفظه على اسمكم إلى أن تحضروا، فتكون ضيافتكم في ذلك النهار من عندي. فقال له أحمد: افعل ما تريد. فخرج قبلهم وسبقهم إلى ذلك المحل، ووضع أمه في ذلك الغار، ولما خرج وجد جنديًّا راقدًا وعنده فرس مربوط، فذبحه وأخذ ثيابه، وأخذ فرسه وسلاحه وثيابه وأخفاها في الغار عند أمه، وربط الحصان هناك ثم رجع إلى المدينة، ومشى حتى وصل إلى قصر النصراني، وفعل ما تقدَّم ذكره من أخذ عمامة علي شار، ومن أخذ زمرد جاريته، ولم يزل يجري بها إلى أن حطَّها عند أمه، وقال لها: احتفظي عليها إلى حين أرجع إليكِ في بُكرة النهار. ثم ذهب. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.