فلما كانت الليلة ٣٩٣
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن عبد الله بن مالك الخزاعي قال لسعيد بن سالم: تحمَّلْ ذلك لأجل إصلاح حالك. فنهضت من عنده ومضيتُ إلى الفضل وجعفر ولدَيْ يحيى بن خالد، وقصصتُ عليهما قصتي، وأبديتُ لهما حالتي، فقالا: ساعَدَك الله بعونه، وأغناك عن خلقه بمَنِّه، وأجزل لك عظيم خير، وقام لك بالكفاية دون غيره، إنه على ما يشاء قدير وبعباده خبير. فانصرفتُ من عندهما ورجعتُ إلى عبد الله بن مالك ضيِّق الصدر، متحيِّر الفكر، منكسر القلب، وأعدتُ عليه ما قالاه، فقال: ينبغي أن تقيم اليومَ عندنا لننظر ما يقدِّره الله تعالى. فجلست عنده ساعة، وإذا بغلامي قد أقبَلَ وقال: يا سيدي، إن ببابنا بغالًا كثيرة بأحمالها، ومعها رجل يقول: أنا وكيل الفضل بن يحيى وجعفر بن يحيى. فقال عبد الله بن مالك: أرجو أن يكون الفرج قد أقبَلَ عليك، فقُمْ وانظُرْ ما الشأن. فنهضتُ من عنده وأسرعتُ عدوًا إلى بيتي، فرأيت ببابي رجلًا معه رقعة مكتوب فيها: إنك لما كنتَ عندنا وسمعنا كلامك توجَّهْنا بعد خروجك إلى الخليفة، وعرفناه أنه أفضى بك الحال إلى ذلِّ السؤال، فأمَرَنا أن نحمل إليك من بيت المال ألف درهم، فقلنا له: هذه الدراهم يصرفها إلى غرمائه ويؤدِّي بها دينه، ومن أين يقيم وجه نفقاته؟ فأمر لك بثلاثمائة ألف درهم أخرى، وقد حمل إليك كلُّ واحد منَّا من خالص ماله ألف ألف درهم، فصارت الجملة ثلاثة آلاف ألف وثلاثمائة ألف درهم، تصلح بها أحوالك وأمورك. فانظُرْ إلى هذا الكرم من هؤلاء الكرام رحمهم الله تعالى.
حكاية مكيدة امرأة مع زوجها
ومما يُحكَى أن امرأة فعلَتْ مع زوجها مكيدةً، وهي أن زوجها أتى لها بسمكة يوم الجمعة وأمرها بطبخها وإحضارها عقب صلاة الجمعة، وانصرف إلى أشغاله، فجاءها صديقها وطلبها لحضور عرس عنده، فامتثلت ووضعت السمكة في زير عندها وذهبَتْ معه، وقعدت غائبة عن بيتها إلى الجمعة الثانية، وزوجها يفتِّش في البيوت ويسأل عنها، فلم يخبره أحد بخبرها، ثم حضرت يوم الجمعة الثانية وأخرجت له السمكة بالحياة، وجمعت عليه الناس وأخبرتهم بالقصة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.