فلما كانت الليلة ٤٠٤
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن المرأة قالت للفقيه: ما حملك على الذي فعلتَه معي؟ فقال لها: إني كنت في تلك الساعة مغتاظًا مشغول الخاطر، ورأيت المكمرة ملفوفة في الملحفة، فظننتُ أنه مات وكفَّنوه. وكانت المرأة لا تعرف الحيلة، فقالت له: أنت معذور. وأخذت الكتاب منه وانصرفت.
حكاية ملك خرج متخفيًا
وحُكِي أن ملكًا من الملوك خرج مستخفيًا ليطَّلع على أحوال رعيته، فوصل إلى قرية عظيمة فدخلها منفردًا، وقد عطش، فوقف بباب دار من دور القرية وطلب ماء، فخرجت إليه امرأة جميلة بكوز ماء فناولته إيَّاه فشرب، فلما نظر إليها افتتن بها فراودها عن نفسها، وكانت المرأة عارفة به، فدخلت به بيتها وأجلسته، وأخرجت له كتابًا وقالت: انظر في هذا الكتاب إلى أن أُصلِح أمري وأرجع إليك. فجلس يطالع في الكتاب وإذا فيه الزجر عن الزنا، وما أعدَّه الله لأهله من العذاب؛ فاقشعرَّ جلده وتاب الى الله، وصاح بالمرأة وأعطاها الكتاب وذهب. وكان زوج المرأة غائبًا، فلما حضر أخبرته بالخبر فتحيَّر، وقال في نفسه: أخاف أن يكون وقع غرض الملك فيها. فلم يتجاسر على وطئها بعد ذلك، ومكث على ذلك مدة، فأعلمت المرأة أقاربها بما حصل لها مع زوجها، فرفعوه إلى الملك، فلما مثلوا بين يديه قال أقارب المرأة: أعزَّ الله الملك، إن هذا الرجل استأجر منَّا أرضًا للزراعة فزرعها مدة، ثم عطَّلها فلا هو يتركها حتى نؤاجرها لمَن يزرعها، ولا هو يزرعها، وقد حصل الضرر للأرض فنخاف فسادها بسبب التعطيل؛ لأن الأرض إذا لم تُزرَع فسدَتْ. فقال الملك: ما الذي يمنعك من زرع أرضك؟ فقال: أعزَّ الله الملك، إنه قد بلغني أن الأسد قد دخل الأرض فهِبْته ولم أقدر على الدنوِّ منها، لعلمي أنه لا طاقةَ لي بالأسد، وأخاف منه. ففهم الملك القصة وقال له: يا هذا، إن أرضك لم يَطَأْها الأسد، وأرضك طيبة الزرع فازرعها بارَكَ الله لك فيها، فإن الأسد لا يعدو عليها. ثم أمر له ولزوجته بصلة حسنة وصرفهم.
حكاية عبد الرحمن المغربي وفرخ الرخِّ
ومما يُحكَى أن رجلًا من أهل المغرب كان سافَرَ الأقطار، وجاب القفار والبحار، فألقته المقادير في جزيرة وأقام فيها مدة طويلة، ثم رجع إلى بلده ومعه قصبة ريشة من جناح فرخ الرخِّ وهو في البيضة ولم يخرج منها إلى الوجود، وكانت تلك القصبة تسع قربة ماء، وقيل إن طول جناح فرخ الرخ حين خروجه من البيضة ألف باع، وكان الناس يتعجَّبون من تلك القصبة حين رأوها، وكان هذا الرجل اسمه عبد الرحمن المغربي، واشتهر بالصيني لكثرة إقامته هناك، وكان يحدِّث بالعجائب، منها ما ذكره من أنه سافر في بحر الصين … وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.