أبواب الجحيم!
انفتحَت أبواب الجحيم … وأبواب الجحيم لا يفتحها عادة غير الشياطين … فما كاد الحارس الغبي يفتح باب الزنزانة، حتى طوَّقَت «إلهام» رقبتَه بيدها في عنفٍ هائل من الخلف … حتى ترنَّح الحارس من شدة الألم … وقالت له وهي تضغط عليه أكثر: من المؤسف أن شهيتي للطعام قد ضاعَت، عندما شاهدتُ وجهكَ القبيح!
وضربَته ضربةً قوية فترنَّح الحارس وسقط على الأرض، وفي نفس اللحظة قفز بقيةُ الشياطين خارجين من زنزانتهم، وأفاق الحارسان الآخران ليجدَا أنفسهما مع الشياطين وجهًا لوجه.
كانت المعركة قصيرة خاطفة، تمدَّد بعدها الحراس الثلاثة داخل الزنزانة مقيدين مكمَّمي الأفواه.
وأغلق «أحمد» عليهم الباب قائلًا: بهذا نضمن ألَّا ينكشفَ أمرُ هربِنا قبل الصباح.
عثمان: فلنُسرع بإخراج رقم «٣-ب» من زنزانته.
فتح الشياطين زنزانة «زيني أمان» بالمفاتيح التي أخذوها من الحراس، وكان رقم «٣-ب» راقدًا أمامهم يُعاني من آلامٍ شديدة.
ظهر الألمُ على وجهِ «إلهام»، وقالت: هؤلاء الوحوش … لقد كادوا يقتلونه!
قال «زيني أمان» في ألمٍ: لقد أجبروني على الاعتراف بأسرار هذه العملية … لقد صمدتُ طويلًا للتعذيب، ولكنني اضطررتُ للاعتراف في النهاية.
عثمان: ثِقْ أنهم سيدفعون ثمنَ ذلك غاليًا … والآن عليك أن تحاول الوقوف على قدمَيك لإخراجك من هنا.
تحامل رقم «٣-ب» على نفسه، واستندَ على أكتاف الشياطين، واتجهوا إلى نهاية الممر وصَعِدوا إلى السرداب، ووقفوا في قلقٍ، وقال «أحمد»: أخشى أن يرانا بقيةُ رجال العصابة إذا حاولنا الخروج.
قال رقم «٣-ب»: إنني أعرف طريقًا آخر يؤدي إلى الخروج.
هدى: خُذْنا إليه.
سار الشياطين خلف «زيني أمان» الذي استعاد حماسَه، وبدَا كأنه شيطانٌ جديد ينضمُّ إلى بقية الشياطين، وقادهم رقم «٣-ب» إلى ممرٍّ آخرَ كان ينتهي ببابٍ مصفح مغلق، أخذَت «إلهام» تُعالج قُفْلَه حتى انفتح أخيرًا … وظهرَت السماء أمامهم في الخارج، فقال «عثمان»: لقد تحرَّرنا.
هدى: فلنُسرع إلى الميناء قبل أن يتمكنَ رجال العصابة من إخراج الذهب الغارق!
أحمد: إننا بحاجة إلى أسلحة أولًا.
زيني أمان: سأقودكم إلى مخزن للسلاح تملكه العصابة، تستطيعون أن تأخذوا منه ما تشاءون.
إلهام: سيكون هذا رائعًا … أن نحارب هؤلاء المجرمين بسلاحهم.
قال رقم «٣-ب»: إننا بحاجة إلى سيارة سريعة أولًا.
كانت السيارة الجيب التابعة للعصابة لا تزال في مكانها أمام أبواب المعبد ولا أحدَ بها، فتسلَّل «أحمد» إليها، وأدار محركاتها بطريقة خاصة … وقفز بقية الشياطين ورقم «٣-ب» إلى داخل السيارة، وقادها «أحمد» إلى مكانٍ ناءٍ قادَهم إليه «زيني أمان»، وتوقَّفَت السيارة أمام كوخ كبير من الخشب يُحيطه الظلام، قال رقم «٣-ب» هامسًا: في هذا المكان ستعثرون على كلِّ ما تحتاجون من أسلحة.
أحمد: هل به حراسٌ كثيرون؟
أجاب «٣-ب»: ثلاثة على الأكثر.
أحمد: سأذهب أنا و«عثمان» لاقتحامه … ولينتظرنا الباقون.
تسلَّل الاثنان نحو الكوخ ودارَا حوله … ومرَّت لحظات … وسمع الباقون صوتَ ضربات مكتومة … ولم تكَدْ تمرُّ دقيقة واحدة حتى ظهر «أحمد» و«عثمان»، وهما يحملان عددًا من القنابل والمدافع الرشاشة وقنابل الأعماق وضعوها داخل السيارة، وقال «عثمان» ضاحكًا: لقد تسلَّحنا بما يكفي جيشًا.
تساءلَت «هدى»: والحراس داخل المخزن؟
أحمد: إنهم يغطون في نومٍ عميق.
إلهام: كان عليكما تفجيرُ هذا المخزن بأسلحته.
أحمد: لقد قمنا بتشغيل إحدى القنابل الزمنية التي عثرنا عليها داخل المخزن لتنفجر بعد ساعة بالضبط، بعد أن نكون قد أتممنا مهمَّتَنا؛ فتفجير المخزن الآن سيلفت الأنظار إلى هروبنا … ويُفسد خططنا … وقد وضعنا الحراس في الخارج حتى لا يقتلَهم الانفجار …
قال «عثمان»: ولكني لا أشك أنهم عندما يستيقظون من غيبوبتهم على صوت الانفجار الرهيب، سوف يُصابون بصدمة رهيبة ينسون معها أسماءَهم.
ابتسم الشياطين لدعابةِ «عثمان»، وانطلقَت بهم السيارة الجيب تجاه الشاطئ … وأطفأ «أحمد» محركاتِ السيارة … وقال «أحمد»: إننا بحاجة إلى زورق سريع.
أشار «عثمان» إلى أحد الزوارق الواقفة على الشاطئ، وقال هامسًا: ها هو أحد زوارق رجال خفر السواحل … من العجيب أنه خالٍ من أصحابه!
أحمد: لستُ أشكُّ أن هذا الزورق خاصٌّ بذلك الضابط الذي شاهدناه في قلب الماء بعد نجاتنا من الأسماك المتوحشة، وأنه قام بصرف جنوده حسب أوامر العصابة، حتى لا يشاهدوا عملية إنقاذ الذهب.
إلهام: هذا الضابط المرتشي، إنه بحاجةٍ إلى عقابٍ سريع!
ظهر الضابط أمامهم وهو يسير على الشاطئ يُدندن بأغنية عاطفية عن «ملاك الحب» الذي سيأتيه من السماء بمحبوبته، ثم توقَّف ذاهلًا عن الغناء عندما شاهد «إلهام» تبرز له في الظلام، فسألها: مَن أنتِ؟
أجابَته ساخرة: إنني ملاك الحب الذي كنتَ تبحث عنه … وقد جئتُ لك بهدية خاصة.
سألها الضابط في شك: ما هي هذه الهدية؟
إلهام: ها هي هديتي أيها المرتشي الفاسد الأخلاق!
طارَت «إلهام» في الهواء، وبضربةٍ هائلة أطاحَت بالضابط إلى الوراء … ثم هوَت عليه بضربةٍ قوية … ففقد الضابطُ وَعْيَه … وقفز الشياطين إلى الزورق ومعهم رقم «٣-ب»، وقد نقلوا كلَّ أسلحتهم إلى داخل الزورق … وبدَّل «أحمد» ملابسه بملابس الضابط … ثم انطلق الزورق تجاه زوارق رجال العصابة الذين كانوا قد نجحوا في استخراج أربعة من صناديق الذهب …
همس «أحمد» للباقين: أخفضوا رءوسكم.
فاستلقى الشياطين داخل الزورق وأيديهم على أسلحتهم، ودنا الزورق حتى اقترب من زوارق رجال العصابة التي أخرجَت الصندوق الخامس، وكانت السماء مظلمة، بحيث إنه كان من الصعب تمييز الملامح … وما إن شاهد رجال العصابة زورقَ خفر السواحل يقترب حتى ظنوا أن بداخله ذلك المرتشي، وكان «جاك» فوق أحد الزوارق، فسأل «أحمد» وهو يظنُّه ذلك الضابط: ما الذي جاء بك إلى هنا، ألم نتفق أن يظلَّ الزورق على الشاطئ.
أجابه «أحمد»: إن المبلغ الذي منحتموه لي لا يعجبني … إنني أريد نصيبي في الذهب.
غمغم «جاك»: أيها الغبي … إنك لن تحصل إلا على الموت.
وأعطى إشارةً لرجاله، ولكن حركة الشياطين كانت أسرع، فقد انطلقَت رصاصاتُهم وقنابلهم تحصد رجال العصابة … وصاح «أحمد» في الشياطين: لا تؤذوا زورق «جاك»؛ فإن صناديق الذهب بها. وطارَت قنابل الشياطين ورصاصاتهم تحصد بقيةَ الزوارق، وألقَت «إلهام» بعددٍ من قنابل الأعماق في قلب الماء، فتفجرَت بقوةٍ جعلَت سطح الماء يتراقص كأنه يغلي.
واندفع «جاك» هاربًا بزورقه فانطلق الشياطين خلفه … وأطلق «جاك» الرصاص تجاه زورق الشياطين فأخطأهم بسبب الظلام، واقترب الزورقان … وقفز «أحمد» بحركةٍ بارعة إلى داخل زورق «جاك»، وبضربة واحدة ألقاه إلى قلب الماء، فاصطدم بزورق الشياطين القادم من الوراء فتمزق إلى أشلاء.
أغمضَت «هدى» عينَيها متألمة، وقال «عثمان»: إنه يستحق ما جرى له.
أوقف «أحمد» الزورق … وراح يتأمل صناديقَ الذهب، ثم ابتسم لبقية الشياطين وقال لهم: لقد نجح الجزء الأول من عمليتنا.
إلهام: علينا إخفاء هذه الصناديق إلى أن تتمَّ بقيةُ مهمتنا بإيقاع بقية العصابة، و«راج خان» في قبضة الشرطة.
أحمد: سندفن هذه الصناديق في الرمال على الشاطئ.
قاد الشياطين الزورق إلى مكانٍ متطرف مظلم على الشاطئ … وقاموا بصنع حفرة كبيرة وأخفَوا الصناديق بها، ثم أهالوا التراب فوقها بحيث عادَت كما كانت … ووضعوا علامةً تدل على مكان الصناديق …
قال «عثمان»: والآن فلنَعُد إلى وكر «راج خان».
قال «زيني أمان» في قلق: أليس من الأفضل إبلاغ الشرطة بمكان هذا المجرم بدلًا من المخاطرة بدخول هذا الوكر مرةً أخرى؟
أحمد: مَن يدرينا أن بعضًا من رجال الشرطة قد يكونون متواطئين مع هذا المجرم ويسمحون له بالهرب، وربما يُلقون القبض علينا بأية تهمة.
إلهام: وما العمل إذن يا «أحمد»؟
ضاقَت عينَا «أحمد» وقال: إن لديَّ خطة، سأشرحها لكم عند وصولنا إلى المعبد، والآن هيَّا بنا إلى السيارة الجيب.
وقفزوا جميعًا إلى السيارة الجيب التي انطلقَت بهم عائدة إلى وكر «راج خان»، و«أحمد» ينظر في ساعة يده بقلق.
فقد كانوا في سباقٍ مع الزمن …