فصل واحد
(وذلك في بيت الست صفصف زوجة المرحوم طنوس، ومزمع زواجها بالخواجة نعمة الله.)
المنظر الأول
(نجيب فقط)
نجيب
(غنوة نجيب)
:
ياما أكره ما عليَّ يوم وصول البوسطة الإنجليزي؛ لأنه ينتج لي منها وجع راس
كبير؛ أولًا: ملزوم أصحى بدري عن العادة، وأروح القونسلاتوا أسأل على جوابات على
شان أختي، ومستحيل إني أبعت خَدَّام زي العالَم اللي خلَقها ربنا؛ لأنَّ بسلامتها أختي
وردة إذا رجع الخدَّام من البوسطة بدون جوابات بيده، تِتْحِمِق وتِزْعَل وتقول: ما يصحِّش
إن ابن عمي ما كتبليش، لا بد ان الخدَّام ما سألْش طيب، أو مفرِّق الجوابات ما فهمش
منه. وكذا العبد الفقير لمنع الشكَل والخناق اللي يقطع الرزق، ملزوم وعيني جبنة
والتانية مِش أروح أنا، أما الأغرب إنه صار لنا تلات أشهر ما استفتحناش بجواب
تفرح به أختي من ابن عمها اللي تحبه زي عينيها، والنهار دا الصبح — ولو اني
حلمت ليلة امبارح إني رجعت من البوسطة مبسوط منصور بحزمة جوابات قد كدا،
(يشاور بالمقدار) واني شُفت أختي بترقص
من كترة فرحها — طلع النهار ورحنا البوسطة، ورجعنا يا كبداه يا تعساه! إيد من
ورا والتانية من قدام. أما احنا في بسلامتها دلوقت تخرج علينا ملهوفة على جواب
واحد، ولو يكون فيه كلمتين تبل به ريقها المسكينة، ويريِّح غُلْبها، ويطَمِّنها على
من تعزه زي نور عنيها، ولكن أنا أعمل إيه وأساوي إيه؟ ربنا يدبَّرها. إذا قلت
لها: إنه البوسطة ما اجتشي. يا ترى رايح يجرا إيه في الدنيا؟ أما دي شورة! بس
فاتتك الواحدة يا أبو نجيب؛ لأن اللي انتا خايف منه دلوقت ينبغي عليك تحاذر
منه بعد الظهر؛ لأن إذا قلت لها بعد الضهر إن البوسطة لسة ما وصلتشي، بس فقط ما
تصدقنيش، إلَّا زيادة عن ذلك تِلْبِس وتروح بنفسها، وعندما تعلم حقيقة الأمر ما
يخلصنيش من إيديها ولا سبحانه وتعالى! يا أخي إيه! يا واد دا انت كفرت! أقول لكم،
والله، ما احكي لها إلا على الحق، بس ربنا يلهمني بكلمتين حلوين أسلِّيها بهم
واصبَّرها؛ لأنه حقيقة أمرها يصعب عليَّ قوي، بس يا واد؛ لأني سامعها خارجة من
أوضتها، وباب الأوضة انفتح.
أختي وردة بانغمَّ على غمَّها
الله يجازي ابن عمَّها
والله ما يستاهل محبتها
ولا نصف صداقتها
دي أختي وردة جميلة
بس ناقصها شوية حِيلة
أما العاشق دايمًا أهبل
والمحب عمره ما يعقل
المنظر الثاني
(وردة ثم نجيب)
وردة
:
صباح الخير يا نجيب.
نجيب
:
أسعد الله صباحك ياختي، انتي طيبة؟
وردة
:
أيوا، أنا اليوم مبسوطة قوي.
نجيب
(في نفسه)
:
ما حدا رايح يغمها غيري.
وردة
:
وتعرف مبسوطة ليه يا خويا؟
نجيب
:
لا يا أختي قولي لي وفرحيني؛ لأن ربنا يعلم اني أنسَرّْ على سرورك. (في نفسه) ما سألتنيش على الجوابات والبوسطة، إن
شا الله تكون نسيت.
وردة
:
بقا ليلة امبارح حلمت حلم عظيم.
نجيب
:
خير إن شا الله يا اختي، وأنا كمان امبارح حلمت أحلام.
وردة
:
بالله عليك، تحكي لي.
نجيب
(في نفسه)
:
وأنا إذا قصِّيت عليها أفكَّرها الجوابات. (إلى
وردة) خليكي من حلمي أنا؛ لأنه موش كويس، لا هو طالع ولا نازل،
حلم هلس في هلس، ما فيه جنس فايدة.
وردة
(مصروعة)
:
لا، لا، إنتا بِدَّك تسبك عليَّ والَّا إيه؟ لا بد أنك شفت في منامك شي ردي
ومهول ومسرع ومزعج بخصوص ابن عمي نعوم.
نجيب
(في نفسه)
:
إحنا اللي خفنا منه وقعنا فيه. (إلى
وردة) شيء ردي إيه؟! وابن عمك إيه؟! دا اللي شفته بالمنام شيء يضحك.
وردة
:
طمنِّي يا خويا، حيث إن حلمك مضحك بتقول، ما تحكيه لي وتضحكني.
نجيب
(في نفسه)
:
أما دي ألطف! دا باين عليه نهار عِكِر، يكتب عنه بماء الفسيخ.
وردة
:
إنتا بتفتكر في إيه؟ بتفنِّن لك حكاية تضحك على دقني فيها؟!
نجيب
:
ها، يا محلا دقنك يا أختي! هوا أنت لكي دقن لما أضحك عليها؟!
وردة
:
ما أعرفش، خلينا من كلامك، دا موش وقت الهزار.
نجيب
:
أي نعم يا اختي، إحنا خلينا في الجد. (يتفكر ويقول
في نفسه) أيوا دي حكاية لطيفة، وفي الحقيقة موش كذب. (إلى وردة) بقا شوفي أنت، تعرفي تقلة البنت
اللطيفة اللي تقول للقمر: غيب وأحضر بدالك. اللي تشبِهك في الحسن والجمال، اللي
جدعان إسكندرية ميتين في هواها. تقلة بنت الخواجة نعمة الله التاجر الشهير
الشامي، الراجل الختيار الرِّزل اللي حاطت عينه على عمِّتنا صفصف، وقال بدُّه
يتجوزها.
وردة
:
أعرفها، وراسية على حبكم في بعض.
نجيب
:
لِهيَّ قالت لك إنها بتحبني؟
وردة
:
أيوا، إيش دخل تقلة في الحلم؟
نجيب
:
سألتيني. أنت ما تعرفيش المثل اللي قال: منام القطط كله فيران؟
وردة
:
إنتا قتلتني بكترة غلبتك.
نجيب
:
يخي لا، أديني رايح أقول لك في الكلام الجد. بقا ليلة امبارح ترآلي
في منامي إني كنت مع تقلتي في مركب، وطب علينا أبوها.
وردة
:
دي تقلت المركب وغرقت فيكم.
نجيب
:
أيوا، أما أبو نجيب يعرف يعوم فخلصت من الغرق.
وردة
:
هوا دا الحلم المضحك؟
نجيب
:
أدحنا جينا للحتة المضحكة: بقا لما وضعت تقلة على ضهري وعمت فيها للبر،
أبوها الرِّزل مِسِك في رجلي مسكة أعمى في ضلمة.
وردة
(تضحك)
:
وكنتو غرقتو إنتو التلاتة.
نجيب
:
اسمعي آخِر الحكاية، وامسكي اجنابك، بقا لما قبض على رجلي نعمة الله يخطفه
الله، قمت الرجل التانية ورفصته رفصة، فطيَّرت له جوز اسنان من اسنانه، فساب رجلي
حالًا، وصرخ وهو في البحر: غرقان بأعلى صوته، وقال: يفضح لاشتك الله. إن شا
الله تقلة تتقل عليك وتنزلك لقعر البحر وتجيب خبرك، زي ما جبت خبر حكايتنا.
وردة
(تضحك)
:
مسكين الرجل! أما دا انكتب له عمر جديد.
نجيب
:
إحنا في حلمك أنت بقا.
وردة
:
اسكت أنا سامعة عمتي جاية، أبقى أحكي لك بعدين.
نجيب
:
طيب.
المنظر الثالث
(صفصف والمذكورين)
صفصف
(تدخل)
:
صباح الخير يا ولادي.
الاتنين
(يقبلوا أياديها)
:
يسعد صباحك يا عمتنا.
صفصف
(إلى نجيب)
:
الوقت راح يا بني، ما رحتش شغلك ليه؟
نجيب
(إلى صفصف)
:
النهار دا عيد خواجتي، وعطى فسحة لنا يا كتبة.
صفصف
:
طيب يا ابني. (إلى وردة) وانتي بتعملي إيه
هنا يا بنتي؟
وردة
:
باتحدت مع اخويا، أنا النهار دا مبسوطة قوي يا عمتي.
صفصف
:
إن شا الله دايمًا مبسوطة يا بنتي، بقا أنا دلوقت داخلة أوضة السفرة أفطر،
وإذا جا هنا الخواجة نعمة الله اندهو لي.
نجيب
:
ما تفتكريش، أنت ادخلي كلي وانبهجي، ودلوقت لما يحضر أدخل أقول لك.
صفصف
:
شاطر (تطقطق على وجهه، ثم تبوسه في خده).
المنظر الرابع
(المذكورين ما عدا صفصف)
نجيب
:
الحمد لله اللي راحت عمتنا، وخلصنا من نزاعها، سمَّعِينا بقا حلمك اللطيف.
وردة
(غنوة وردة)
:
حلمي كلمتين ونصف: رأيت ابن عمي في المنام كأنه حضر من بلاد الإنجليز. أما يا خويا كبِر،
بقا طول وعرض، ما شا الله.
رايح تسمع إيه يا نجيب
كلامي كله على الحبيب
على ابن عمي بديع الجمال
كحيل العين وظريف الخال
•••
دانا والله ما دُقت النوم
من يوم فراقك يا نعُّوم
عود إليَّ يا ابن عمي
يزول غرامي وهمي
نجيب
:
معلوم، ما صار له ست ٦ سنين غايب، هوا سافر من هنا ولد ابن خمسة عشر سنة، لا
دقن ولا شنب، ودلوقت لا بد أنه كبِر واتغيَّر؛ لأنه بقا ابن واحد وعشرين، جدع ملو
تيابه. يا خسارة إنه ما أرسلش لنا صورته، كنا على كل حال نشوف الفرق ونعرفه عند
وصوله. إحنا نرجع مرجوعنا في منامك، بتقولي إنك شفتيه وصل؟
وردة
:
أيوا، وجا عندنا هنا في البيت.
نجيب
:
دا شيء من اللازم، ولا بد أنه برده بيحبك واتجوزك وما أشبه.
وردة
:
دا انتا نبي.
نجيب
:
لا موش نبي، أخوكي ابن فن (في نفسه) أنا
رايح أغيَّر لها عقلها في زواج ابن عمها؛ لأن الظاهر إن الواد بيغشها. (إلى وردة) بقا شوفي يا ختي.
وردة
:
أشوف إيه؟
المنظر الخامس
(صفصف والمذكورين)
صفصف
:
لسَّه ما جاش نعمة الله.
نجيب
:
لا يا عمتي، ما جاش لسه.
صفصف
(في نفسها)
:
دي موش عادته. يا ترى جرا له إيه؟ دا كل يوم بيجي بدري يصبح عليَّ. واللَّه
انه واحشني، أنا ما شفتوش من ليلة امبارح. ياما هو الحب قاسي!
وردة
(إلى نجيب بصوت خفي)
:
يا ترى بتبرجم وبتقول إيه في نفسها عمتنا؟
نجيب
(إلى وردة بصوت خفي)
:
أنا باعرف.
صفصف
(إلى نجيب)
:
يا نجيب.
نجيب
:
نعم، يا عمتي.
صفصف
:
روح يا بني بيت نعمة الله، شوف ما له جرى له إيه؟
نجيب
:
أنا شفته من نصف ساعة بس، راكب في عربية هوا وجدع إنجليزي، وقال انه قبل
الضهر بساعة يكون هنا.
صفصف
:
طيب، لَمَّا ادخل اتسرَّح، ولَمَّا يجي هنا اندهلي (ثم
تخرج).
المنظر السادس
(المذكورين ما عدا صفصف)
نجيب
:
أمَّا عمتي باين عليها اندبقت بنا النهار دا، دي خنقتنا وسدَّتْ منافسنا، أما
إحنا لازم نحبها؛ لأن فعل الخير ما ينكرش؛ لأنها ربِّتْنا، ولها الجميل علينا؛
لأنه صار لنا في بيتها أربع سنوات من وقت وفاة المرحوم والدي، وهي اللي اترجِّت
الخواجة أنطون بأن يأخدني عنده في البنك ويعلِّمني التجارة، وإلا ما كنتش وجدت
الخدامة دي اللي أنا فيها، وبحوِّش كل الفلوس دي.
وردة
:
أي نعم عمتنا مربيانا، وامرأة طيبة. إحنا فيك، كان في فمك كلام بدك تقولو
لي.
نجيب
:
أيوا، بس خايف لا يصعب عليكي.
وردة
:
لا.
نجيب
:
بقا باقول خسارة إن دائمًا تفسير المنام ضده.
وردة
:
أيوا صحيح.
نجيب
:
وتفسير حلمك: إن ابن عمك رايح يفضل في بلاد الإنجليز، وموش رايح يتجوزك، وانتي
الحق عليك دايمًا تفتكريه؛ لأنه صار له دلوقت مدة تلاتة شهور لم وصلك أدنى
جواب منه، وكان دايمًا يورد لنا الجوابات، ودلوقت — الله لا يقدر — مافيش، وغير ذلك
آخِر جواب اللي وصلك منه كان بارد؛ أنا قريت كلامه، موش زي العادة؛ ألفاظ حب
محرقة. يكونشي عشق له بنت إنجليزية من هناك من بنات لوندرة؟ بجوز عيون زرق خلته
ينشجي؟
وردة
(تبكي)
:
دا لازم يكون كدا يا أخويا.
نجيب
:
يختي، ما تبكيش، دا ما بيفُتْش عليَّ يوم من غير ما أعظَمْها جدَع من إسكندرية
يطلبك مني.
وردة
:
أما أنا ما بحبش إلَّا ابن عمي، وإذا كان هوا خان أنا ما أخنش، وأنا حلفت له
قبل ما يسافر.
نجيب
:
أنت كان عمرك إيه لما حلفتي له؟ كنت بنت صغيرة، وكان عمرك بالكتير اتنى عشر
سنة.
وردة
:
أما حبه كِبِر معي.
نجيب
(ينظر إلى الباب)
:
ادخلي أوضتك؛ لحسان الخواجة نعمة الله أهو جاي.
وردة
(تدخل وهي تبكي)
:
آه يا ابن عمي!
المنظر السابع
(نعمة الله ونجيب)
نجيب
(في نفسه)
:
أنا أستلطف الراجل دا، ولو إنه دمه تقيل، ودا كله على شان خاطر بنته اللي
واخدة عقلي؛ لأني أنا، صدق من قال: نظرتها نظرة وقع في قلبي ألف حسرة، ونسيت
أقول: أستغفر الله. في الواقع بنت لطيفة وظريفة، ولكن يا خسارة، إن اسمها موش
لايق على جسمها؛ تقلة، والحال هيَّ خفة، والله لَمَّا اتجوزها لا بد عن أني أغيَّر
اسمها، أسمِّيها مثلًا لولي، لأ، أحسن المس؛ لأن صوتها عجيب. اسكت يا واد؛ لأن
أبوها أهو جاي، لَمَّا ابهجه وأقول له: إن الشام أم الدنيا. ياما ألطفه لما يقول
لي: خيو!
نعمة الله
(يدخل)
:
دستور.
نجيب
:
دستورك معك يا خواجة نعمة الله، اتفضل.
نعمة الله
:
انت هوني يا أبو نجيب؟ (يسلموا على بعض)
يا صباح النور، اجرن الموضع منور.
نجيب
:
برؤياكم يا سيدي.
نعمة الله
:
ما ألطف ذيتك! وما أظرف شويربك! ولك! الله يحفظك لبَيَّك نعمة الله. إحنا وين
عمة جنابك؟ حتى داعيكم يصبح عليها. كيف مزاجها الشريف؟ عسى الله تكون بخير.
نجيب
(في نفسه)
:
دا الخِتْيار مُغرَم صبابا، يخي طيب، ربنا يهنِّي سعيدة بسعيد. (إلى نعمة الله) عمتي طيبة بخير، ومشتاقة لجنابك
غاية الشوق، وهي الآن في أوضتها بتتسرح، لَمَّا أروح أندها لك.
نعمة الله
:
ما بيلزم تتعب خاطرك يا خواجة نجيب، خلِّيها على راحتها تتزوَّق وتتزبرق، وتحط
ها الرشوق، وتصير تحفة لمن ينظرها. موهي شبه؟
نجيب
(في نفسه)
:
قال شبة! وهي تبلغ من السنين أربعين، ومغالطة ربنا في خمسة عشر. (إلى نعمة الله) في الواقع عمتي شبة. إن شا
الله ربنا يبيض بختها، ويرزقها بابن حلال متل جنابك.
نعمة الله
:
بحضي في عمري ما رأت عيني شب ظريف متل جنابك بيفهم الأمور وهي طايرة. إن شا
الله إذا بلغت مرادي باعرف كيف أجازيك.
نجيب
:
الله يحفظك ويحرس لك ستي تقلة ويفرَّحك فيها.
نعمة الله
(في نفسه)
:
ها الصبي ميِّت في هوا البنت، أما هلق مو وقت حكاية متل هيكي، بعد جوازنا
بنساوي ها العبارة. (إلى نجيب) وين وردة؟
نجيب
:
في أوضتها، ودلوقت تخرج تصبَّح على جنابك.
نعمة الله
:
أنا جايب لها هدية عظيمة وخبر أعظم واعظم: الهدية هي صورة تقلة، والخبر عريس
إنجليزي بدقنين هيكي، أما ذاته جميلة، وغير ذلك تاجر عظيم وله شهرة بين التجار
ما لها نظير، يا خسارة إن عربيته مو فصيحة مثل حكايتنا مكسَّرة، ربعها شامية
وربعها نحوية ونصها إنجليزية، أما الإنسان بيقدر يفهم منه.
نجيب
:
يكونش الجدع اللي كان في السهرة عند الخواجة جبران اسمه …
نعمة الله
:
المستر هنجس أو هجس، نسيت — بحضي — اسمه، ما علينا الأصل بأنه رجَّال معتبر.
نجيب
:
ربنا يوفق، أما صورة ستي تقلة فينها؟ هاتها لَمَّا أوَّريها إلى أختي.
نعمة الله
(في نفسه)
:
الصبي عينه راحت على الصورة (إلى نجيب)
بقا أنت بدَّك في الصورة إيه؟ طيب سيدي إحنا ناس أصحاب شفقة ونفهم الصورة، مو دا
نقط عجيب بيحاكيني في الصورة، والا نفهم الصورة.
نجيب
:
وإذا ما سمعنا الألفاظ اللطيفة من جنابك، راح نسمعها من مين؟
نعمة الله
:
الله بيحفظك. إيه خد (يعطيه الصورة) مو
هادي، مو ذات بديعة! تبارك الخلاق فيما خلق! ما تنظر يا أبو نجيب، إحنا ناس نفهم
الصورة، فهمتني معلم، بقا ما لك إلا رضا خاطرك بحياة شويربي.
نجيب
(يأخذ الصورة ثم يقبل أياديه)
:
أروح أنده لك عمتي، وأعطي الصورة إلى أختي (يوضعها
في جيبه ثم يخرج).
المنظر الثامن
(نعمة الله فقط)
نعمة الله
:
قال رايح يعطي الصورة لاخته وهو وضعها في جيبته! مسكين! دا ظاهر عليه إنه
بيحب تقلة وتقلة بتحبه، مسكين! أنا باعزره، وقلبي يرق لحاله، العشق بيفعل أكتر من
هيكي، واسأل مجرب ولا تسأل طبيب، أنا صار لي بيجي كام شهر ما فرقت صفصف، حقَّا
اللِّي سمَّاها صفصف ما غلط؛ لأن من ساعة ما شفتها لوقتنا هذا حاسس بعقلي مصفصف
وقلبي متولع، ولا باعرف أسوِّي لا شغل ولا مشغلة، حتى أجاني أكم شوال فستق، الله
وكيل، ما عرفت أصرفهم، وطول النهار ما بافتكر إلَّا في صفصفتي، وبالليل ما باحلم
إلَّا بها، إيه هي صارت تجارتنا على الحال أخيرًا. أولة امبارح شفتها في المنام
كأنها بدر، أنا سامع، الله وكيل، حس حد جاي لهوني، لا بد أنها صفصفتي، ما تدق
يا قلبي، تشوف إذا احمر وجهي؛ لأن عند ما تقرب لهوني باصير خجلان ومستحي
(يطلع مراية من جيبه وينظر وجهه) في
الواقع وجهي أحمر صار مثل الطربوش اللي على رويستي، أما اليوم لازم أعمل لي شو
شقفة جراعة، وأكلمها هيكي بدون خشو وخجل، وأقول لها مثلًا، دخلكم شو بدِّي أقول
لها؟ إيه؟! وقت الله بيعين الله.
المنظر التاسع
(صفصف ثم المذكور)
صفصف
:
نهارك سعيد، يا خواجة نعمة الله.
نعمة الله
:
إيه، نهارك سعيد! نهارك أبيض! نهارك زي الحليب! نهارك زي القشطة! يا صباح
النور، يا صباح الهنا والسرور، حلِّت علينا البركة. (في
نفسه) إن ما كانت دي جراعة، الله وكيل، ما بعرف الجراعة شو حالها.
إلَّا خبروني الجراعة مو هيكي؟ (إلى صفصف)
إزاي جنابك؟ عسى الله تكوني حايزة الصحة التامة. أنا ما باسأل إلا عن صحة جنابك،
وها ده كله من دُعايا. الله بيعلم أنا من لحظة إلى لحظة باطلب لك من ربنا بأن
ينعم عليك بمن تريديه.
صفصف
:
كتَّر خيرك، القلوب عند بعضها.
نعمة الله
:
يحرس لي تمك.
صفصف
:
وإيه؟
نعمة الله
(في نفسه)
:
وينك يا جراعتي؟ بيساعدنا الله. (إلى
صفصف) الله وكيل، و… إيه؟ مو رق قلبك علينا؟! لأنه صدق من قال: صبري
فرغ يا جميل، حبك تلف حالي. إلَّا قولي لي عندك رجَّال متل حكايتنا أطيب، ولا
الجدعان اللي بيتمعشقوا بدون جنس فائدة. إحنا رجال تمام ما بدنا إلا في الحلال.
صفصف
:
دا شيء يشرفنا.
نعمة الله
:
الحمد لك يا ربي اللي جبرت بخاطرنا. إن كان الأمر هيكي فبنعقد الشروط بيننا
وبينك الليلة، ويوم الأحد الآتي يصير الإكليل. وإن شا الله مو إكليل واحد إلا
إكليلين؛ لأن وجدنا ابن الحلال للمحروسة بنت المرحوم خيِّك.
صفصف
:
أما دي ما بترضاش لجنس واحد.
نعمة الله
:
إيه مو على شان خاطر ابن عمها؟ يفضح لاشته الله! لو كان فيه خير ما كان بيقطع
عنها الجوابات هيكي.
صفصف
:
لما أندها لك هنا، ويمكن أنت تقدر تقنعها.
نعمة الله
:
إيه حبيبتي، على عيني وراسي. مو هادي بسلامتها اللي جاية علينا؟
صفصف
:
أيوا هي.
نعمة الله
:
اتفضلي يا ست وردة، إحنا في انتظار جنابك.
المنظر العاشر
(وردة والمذكورين)
وردة
(تدخل تقبِّل أياديه)
:
أهلًا وسهلًا يا خواجة نعمة الله.
نعمة الله
:
اتفضلي اجلسي تاسمعك خبر يسرِّك؛ لأننا وجدنا لك عريس ما له نظير طول وعرض
وذات جميلة، ودقنين هيكي شمال ويمين، وشوارب صفر شي قوي منيح، يعلم الله، أنا
اللي اسمي رجَّال لَمَّا نظرته عشقته، بقا شو بتقولي جنابك؟! وزيادة عن ذلك جنابك
تعرفيه وشفتيه ليلة أمس في سهرة الخواجة جبران وحكاتيه وحكاكي، وهيكي عجبتيه
للغاية، حتى إنه اليوم حضر عندنا بالدار، واترجَّاني تاطلبك من عمتك، إيه شو رأيك؟
ولك بنتي القشي علينا تا نعرف.
وردة
:
الجدع في الواقع لطيف قوي، وأنا لو ما كنتش أحب ابن عمي نعوم كنت أرضى به؛
لأنه في الواقع ظريف جدًّا.
نعمة الله
:
ابن عمك مو مفتكر فيك هلق، صار له كم شهر ما بل ريقك بشقفة جواب.
صفصف
:
لو كنت منها أرضى بالعريس واترك ابن عمي الخائن، ولا افتكر فيه.
نعمة الله
(إلى وردة)
:
الحق بيد الست صفصف، يحتمل أن ابن عمك وجد له شو شقفة بنت إنجليزية بشقلة
جنيهات كتار؛ لأن الإنجليز أغلبهم ناس أغنية، وهيكي الجنيهات نسِّتوا بنت عمه،
وزال حبها من قلبه.
وردة
:
بخاطره، إذا كان هو خان أنا ما أخنش، أفضل بنت طول عمري؛ لأن قلبي ما يقدرش
يحب غيره. (تبكي ثم تتوجه إلى أوضتها وتقول)
يا ربي أموت وأخلص من دي العيشة.
نعمة الله
:
ها البنت بتقطع قلبي، الله يجازي الخائن! أما إحنا في ها الجدع، شو نساوي
معه؟ وشو بدنا نرد عليه؟
صفصف
:
روح قول له يجي يتغدَّى عندنا، يمكن وردة تستحي منه، كلمة مني، كلمة منه، كلمة
من اخوها، والتساهيل على الله.
نعمة الله
:
إيه، رأيك منيح يا حبيبة عيوني، المستر هنجس بيستناني في الكافيه اللي بقرب
داركم، تاروح أنا أجيبه، وأرجع حالًا، إيه خاطرك معلمتي؟ (ثم يخرج).
صفصف
:
وأنا رايحة اتحايل على البنت.
(ثم تقفل الستارة.)
المنظر الحادي عشر
(صفصف ثم نعمة الله ونعوم ونجيب)
صفصف
:
قد إيه يحبني نعمة الله! صحيح أن المرحوم طنوس جوزي كان شب ظريف، لكن
كان معزِّبني. عمري ما سمعت منه كلمة حلوة، كان دايمًا يقول لي: عجوزة عجوزة. يخي هيه!
ما بقا يجوز عليه الَّا الرحمة، أما نعمة الله بيعرف مقامي وقلبي بيقول
لي إنه رايح يهنيني. هس دا اهو جا.
نعمة الله
:
أدحنا جينا وجبنا الحبيب معنا. (يمسك يد نعوم
ويقدمه إلى صفصف) الست الجميلة ها دي اللي في كل لوندرتك ما لها
أخت بنت عمة يعني أخت أبو الست وردة. يعني بلسان بلادكم العامرة ميس روز اللي
عين جنابك خارجة عليها. (إلى نجيب) هذا مو
نقط عجيب؟
نجيب
:
لطيف قوي.
نعوم
(باللغة الإنجليزية)
:
نخنو مسرورون يتعارفان بمدام طنوس.
صفصف
:
الشرف لنا، اتفضل ارتاح.
نعوم
:
كتر خيركم مدام طنوس.
نعمة الله
:
إيه! مدام طنوس مدام طنوس؟! هلق مدام طنوس عن قريب بتصير مدام نعمة الله، فهمت
يا مستر هنجس؟
نعوم
:
أو، يس، نخن يفهمون، إنتم الاتنين تتجوزان، ومدام طنوس يصير مدام نعمة الله
وشركاه.
نعمة الله
:
شو بتقول؟! نعمة الله وشركاه هناك في البنك، أما هوني ما بيتزوج الست إلَّا نعمة
الله فقط، والشركا ما لهم في ست صفصف لا دخول ولا خروج.
نعوم
:
نخن يطلبون من الجناب بتاعكم السماح للمستر هنجس.
نعمة الله
:
إيه، مسامحين نحن.
نعوم
:
فين ميس روز، نحن يرغبون ينظرونها.
نعمة الله
(إلى صفصف)
:
مو قلت لك إن الجدع ميت في هوا البنت، مو سامعه بيسأل عليها؟
صفصف
(إلى نعمة الله)
:
أديني رايحة اتحايل عليها وأجيبها.
نعمة الله
(إلى صفصف)
:
إيه أنا في عرضك؛ لأن المستر هنجس بيعرف كل عملاتي في بلاد الإنجليز، وجايب
لي منهم جوابات بالتوصية، وإذا ما صحَّت هالجوازة عند رجوعه إلى لورندة يتكلم
في حقي، ويعطل أشغالي وتفرقع عملاتي من يدي، وهيكي انخرب واتفضح بين العالم بوسط
التجار، وما بأحسن اتجوز. بقا دخلك دبري لنا هالحكِّيوة، الله يسترك.
صفصف
(إلى نعمة الله)
:
ما تفتكرش (ثم تخرج).
المنظر الثاني عشر
(المذكورون ما عدا صفصف)
نعمة الله
(إلى نجيب)
:
وأنت يا خواجة نجيب، كيف تقابلت مع المستر هنجس، ومنين فهمت إنه كان بيستنظر
حكايتنا بالكافيه؟
نجيب
:
مقابلتي به كانت بطريق الصدفة، وعلى رأي اللي قال: كل صدفة أخير من ميعاد.
أنا دخلت القهوة لاجل ما أبحث على واحد صاحبي، شفت المستر هنجس، وسلِّمنا على
بعض، وبَدِينا نتكلم إلَّا وحضرتك طبِّيت علينا.
نعمة الله
:
ولك! بشو لسان حاكيته بالإنجليزي ولا بالفرنساوي؟
نجيب
:
لأ، تكلمنا بالعربي؛ لأن المستر هنجس قال لي إنه سكن في بر الشام مدة سنتين،
وعند رجوعه إلى لوندرة كان بياخد
درس عربي من الكاتب المصري اللي عنده
بالبنك.
نعمة الله
:
اللي بيكتب له الجوابات لعملاته اللي في القاهرة.
نعوم
:
أي نعم، نحن يملكون كاتبون ماهرون، ولسانه فسيخ بالعربي، ونحن يتعلمون من
هوا.
نعمة الله
:
ما شا الله! وكيف حال أشغالك مع تجار القاهرة؟ عسى الله تكون منيحة.
نعوم
:
أوريت أوريت، أشغال مني فاتورة في البلدان المصريون ماشيون طيبون ويربحون
كتيرون من الليرات الإنجليزيات.
نجيب
:
أي نعم، فقط من فضلك فهِّمنا مين هما الذين يربحون الجنيهات الإنجليزيات، يا
ترى تجار بلدكم أو تجار وطننا العزيز؟
نعوم
:
الاثنان يربحان.
نعمة الله
(في نفسه)
:
الله يسامح هالإنجليزي، بحضي نفخ قلبي، وجعله مثل الكبة الشامي، وضيَّق منافسي
بلغته النحوية، ما نسمع منه إلا: المصريون والإنجليزيون والاثنان يربحان.
نجيب
:
ربنا يسهل على الجميع، أما حضرتك رايح تفتح بيت هنا في بلدنا؟
نعوم
:
نحن يتعشَّمون كذلك.
نعمة الله
:
إذا فتحت محل متجر هوني، ليراتك في أقرب وقت يصيروا الطاق عشرة؛ لأن هوني
بلدنا الحكومة مساعدة المتجر، وعاطياه غاية الحرية، وهيكي كلما له في التقدُّم.
نعوم
:
أوريت، إن شا الله تملِّي، وكمان إذا كان نحن يتزوَّجون مع ميس روز نحن
يشتغلون مع جنابكم، وأنتم تستقيمون في إسكندرية، ونحن يذهب إلى محلنا مع ميس
روز، يس، كذلك يا مستر نجيب ومدام طنوس يقول إيه في هذا التزويج؟
نجيب
:
أنا ومدام طنوس قابلين.
نعمة الله
:
والميس روز راضية نص واحدة إيه هلق تجي لهوني، وتحاكيها وتحاكيك، وتنظرها
وحبك يدخل في قلبها.
نعوم
:
نخن يحبونها كتير كتير.
نجيب
:
أهيَّا داخلة مع عمتها.
نعمة الله
(إلى نجيب)
:
ما بيفهم كلمة عمتها. قول له: مدام طنوس، ولا مدام نعمة الله.
المنظر الثالث عشر
(صفصف ووردة والمذكورين)
وردة
(وهي داخلة تقول لعمتها)
:
أنا جيت على شان خاطرك، أما إذا قتلتيني ما اتجوزش.
نعمة الله
:
اتفضلي يا ست، اتفضلي (يأخذ وردة من إيدها،
ويقدمها إلى نعوم) هادي ميس روز بديعة الجمال يا مستر هنجس.
نعوم
:
نحن يعرفونها (يسلم عليها) كان الشرف لنا
يشوفونها ليلة بتاع امبارح.
نعمة الله
:
أي نعم، ما ترتاحوا يا جماعة، الله ما خلقنا واقفين، خلِّينا نجلس امال
(جميعهم يجلسوا).
نعوم
(إلى نجيب)
:
نحن موش يكون لنا جراعة يسألون الميس روز. من فضلكم أنتم تطلبون اليد بتاع
هيا لأجل إحنا.
نجيب
(إلى نعوم)
:
على عيني وراسي. (إلى وردة) بقا شوفي يا
اختي، المستر هنجس طالب القرب منك، فمن خصوصنا إحنا مبسوطين بالنسابة دي؛ لأن
المستر راجل معتبر، وجايب معه جوابات بالتوصية إلى الخواجة نعمة الله من أعظم
تجار لوندرة. بقا قولي لي.
وردة
:
لو كان قلبي خالي من الحب كان أحبَّ ما عليَّ، لكن …
نعوم
:
لكن تحبين أحدًا غيرنا.
نجيب
:
تحب ابن عمها نعوم الحلبي اللي بقاله غايب من هنا مدة تنوف عن ستة (٦)
سنوات.
نعوم
:
من فضل جنابكم تكررون عيادة الاسم ذلك لنا؛ على شان إحنا نعرف هوا، وخايفين
إن آذان بتوعنا لم يسمعون، أوريت.
نعمة الله
:
اسم ابن عمها نعوم الحلبي، كاتب في بيت الخواجة هيسن ميسن التاجر الشهير
اللي إله بيوت متجر في أربع أركان الدنيا.
نعوم
:
أو، يس، نحن يعرفون هو طيب قوي، هو وإحنا مثل الإخوان، واليوم في الصبح وصل
لإحنا مكتوب من هو.
نعمة الله
(إلى وردة)
:
شفتي يا ست وردة هلق عدم تحرير جواباته لجنابك مو من عدم الفضا، دا من
خباسته، يفضح لاشته الله!
وردة
(إلى نعوم)
:
وبيكتب لحضرتك إيه في الجواب؟
نعوم
:
إنه قد خطبنا على بنت العم بتاعكم، وإن إحنا يعمل معروف يذهبان بيت نقولا
الحلبي، ويخبرون بنته بذلك.
نجيب
:
نقولا الحلبي دا المرحوم والدي ودي بنته (يشاور
على وردة).
وردة
:
الكلام دا كذب ولا صدق؟
صفصف
:
استحي يا بنت، هو الخواجة يكذب؟
نعوم
(إلى وردة)
:
حضرتك تعرفين الخط يده هوا؟
وردة
:
معلوم، أعرف خطه.
نعوم
:
إن كان الأمر كذلك اقرين (ثم يعطيها
الجواب).
وردة
(تقرأ وهي ترتعش)
:
خطبنا على بنت عمكم ميس مير والفرح الشهر الآتي (تقفل الجواب، وتُغمى، ثم يقع من يدها، والجميع يتحاوطوها).
نعمة الله
:
يا ناس، يا خدَّامين، يا جوار، اسعفونا؛ البنت راحت من يدنا، الله يفضح لاشة
الخيانة والعشق!
صفصف
:
ادخل يا نجيب في عرضك إلى أوضتي، وهات لنا قزازة الكولونية نفوَّق بها البنت.
يا روح عمتك فوقي يا بنتي، يا ريت أنا ولا أنت.
نعوم
:
المفصل بتاع هيا يخبطون، لا تخافان هيا طيبة.
نعمة الله
:
المفصل بتاعها إيه؟! الله يسامحك يا مستر هنجس، ما كنت توريها هالجواب
التعيس.
نجيب
(يرجع)
:
أهي يا عمتي القزازة.
صفصف
(تأخذ منه ثم تشممها)
:
فوقي يا روح عمتك.
وردة
(تفوق)
:
آه يا خاين! أنتم فوقتوني ليه؟! رايحة أشوف إيه من الدنيا دي؟ اللي كنت بدي
أعيش على شان خاطره كسر بخاطري، لكن الله يسامحو.
نعمة الله
:
الله يسامحو بتقولي؟ حضِّي ما هو مسامحه لا في الدنيا ولا في الآخرة، ما هو
إلَّا من أهل جهنم، نارها تشوي قلبه متل ما شَوَى قلب حكايتك.
نجيب
:
الحمد لله اللي خيانته ظهرت لنا، ودلوقت المانع اللي كان حاصل في عدم رضا
وردة بالمستر هنجس لله الحمد زال. وما بقا قدَّامنا إلَّا الفرح والسرور ونسيان
الخاين واحتقاره، موش كدا ياختي؟
وردة
:
لأ يا خويا، الفرح والسرور قدَّامكم أنتم، أما أختك المسكينة ما لها إلَّا
الحزن والبكاء.
صفصف
:
بس، بلا جنان، اعقلي.
نعمة الله
:
إيه؟ اعقلي يا بنتي، يعني رايحة توجدي أحسن من المستر هنجس؟
وردة
:
المستر هنجس على راسي، أما أنا ما أتجوِّزش حد، وإذا كان نعوم خلف وعده أنا ما
اخلفش.
نعمة الله
(إلى صفصف بصوت خفي)
:
الراجل راح يفتح لنا بيت متجر هوني، وإذا ما تمت ها الجوازة فمن غيظه يعمل
لنا أذية، وهيكي بينخرب داري، ولا باحسن أتجوز.
صفصف
(تزعل على وردة)
:
رايحة أقول لك كلمتين: يا تاخدي المستر يا باب البيت مفتوح؟
نجيب
:
الحق معا عمتي، أمورك دي بطَّالة يا وردة، ودا حرام عليكي ترفضي نعمة ربنا، حد
يدخل له الخير من الباب ويرميه من الشباك؟!
وردة
(تقف وتعزم على الخروج وتقول لصفصف)
:
أنا كنت خارجة من غير قولك.
نعمة الله
:
من فضلك رايحة وين؟ بدِّك تتَّبعي أدوات البنات الغجر؟
وردة
:
أنا رايحة. (تقوم نواحي الباب) الله
يهنيكم جميعًا.
نعوم
(يحوشها)
:
تعالي يا نور عيون نعوم، يا حايزة الفضايل جميعها، يا ست البنات، يا نادرة
بين مخلوقات الله، أنا لا أستحق صداقتك، بل كيف تظنين أن ابن عمك نعوم اللي أنت
مهجة قلبه يحب بنت غيرك؟! أهو أنا ابن عمك نعوم، أنا ما بعت لكيش جنس صورة من
صوري؛ لأنه من وقت ما سافرت من هنا لغاية الآن كان قصدي بأن أجربك؛ حتى يظهر لي
إن كنت تستحقين محبتي؛ ولذلك جواباتي الأخيرة كانت باردة، وهذا سبب عدم كتابتي
لكي مدة التلات اشهر الأخيرة، ولعلمي من أحد أصحابي باسكندرية أن الخواجة نعمة
الله مراده يتزوج بعمتي، ولمعرفتي بأحد عملاته اترجيتهم يعطوني جوابات توصية
إليه باسم المستر هنجس الاسم العِيرة اللي اتخذته، والآن الحمد لله إن أملي ما
خاب، وانتي وجدت فيكي كافة الفضائل العظيمة التي ما كان ظني أنك تحوزينها، فالآن
اأذنيني بأن أضمك إلى صدري. (إلى صفصف) وأنت
يا عمتي باركينا.
وردة
:
وأنا من زيادة فرحي مانيش واجدة لي كلمه أقولها.
صفصف
(توضع يدها على روسهم)
:
الله يفرحكم ببعض (وردة ثم نعوم يقبلان
أياديها).
نعمة الله
:
بحضي، ما فهمت ها الصورة، هادا ملعوب جميل، إيه هيكي المصريون والإنجليزون
والاثنان يربحان، كان كله كلام زور ولا طيب؟
نجيب
(إلى نعوم)
:
عفارم عليك يا نعوم! (يتباوسوا.)
نعمة الله
(إلى نعوم)
:
دخلك تسامح داعيك على السب اللي سبِّيته لجنابك. أما هلق رايح اشيلك من جهنم
وأوضعك في الجنة، الليلة رايحة تبقا ليلة فرح وسرور، جنابك وعروستك وست النسا
صفصف مع داعيكم عريسها.
نجيب
:
ربنا يهنيكم، بس أنا المسكين اللي رايح أفضل لوحدي كدا.
نعمة الله
:
إيه باعطيك تقلة تحضنها هيكي، متل حكايتي ما باحضن صفصف.
نجيب
(يقبل أيادي نعمة الله)
:
الله يحفظك. (في نفسه) أما أنا على بين
ما تجيني تقلة راح أحضن الكرسي دا. (ثم يحضن
الكرسي) العاقبة عند جمعنا السعيد. تتجوزوا وتفرحوا وتحضنوا موش
كراسي زي اللي في حضني، بنات لطاف.
نعمة الله
:
نلتمس من جنابكم تشرفونا يوم الأحد القابل في الإكليل في سكة شريف باشا نمرة
١٩.
نعوم
:
هذا جميعه جزا الصداقة.
(يتوجهون جميعهم، ثم تُسدل الستارة.)
(غنوة نجيب):
أختي وردة دي الغلبانة
يا سادات صبحت فرحانة
وابن عمها سي نعوم
عمره ما انبسط زي اليوم
حتى بسلامته نعمة الله
مسرور عقبالكم إن شا الله
وأنا الثاني يا فرحتي
رايح أدخل على تقلتي
أما فرحنا ده وحياتكم
كله ناتج من حضراتكم
والمستر جمس واحنا اللاعبين
برؤياكم مسرورين