بين الحاضر والغابر
كلنا يعلم أنه تجري في مصر حفريات عديدة تكشف عن آثار قديمة رائعة، ولا يخامرنا شك في أن تلك الآثار أنشأها وأبدعها أناس مثلنا كانوا لا يقلون عنَّا ذكاءً وعقلًا، ثمَّ يعزز هذه الثقة بأجدادنا أن ما عثر عليه من بقاياهم التشريحية يدلُّ بوضوح على أنهم كانوا لا يختلفون عنَّا تركيبًا ولا سَحْنة إلا بمقدار ما يختلف بعضنا عن بعض في هذه الأيام. فإذا فُرِض أنه وجِد بعض هذه الآثار في أي وقت من الأوقات دون أن يكون معها بقايا بشرية، فإن هذا لا يمنعنا من الجزم بأن صُنَّاع هذه الآثار كانوا من المصريين القدماء الذين عرفناهم من قبل؛ وعلى ذلك يكون من الأمور المشروعة أن يُعتَبر مجرد وجود آثار مصنوعة في أي مكان دليلًا قاطعًا على أنها من صنع البشر، بصرف النظر عن نوعها وعن درجة إتقانها، ولا سيَّما أن من المعروف أن درجات الحضارة حتى في يومنا هذا تختلف اختلافًا شاسعًا من مكان إلى مكان. فبينما بلغ قوم الذروة في الصناعة والفن نجد قومًا آخرين لم يرتقوا بصناعتهم إلى أبعد من تشكيل بعض المواد الطبيعية كالحجر والخشب إلى أدوات صالحة للاستعمال أو الزينة، ولما كان من المقطوع به أن أولئك الأقوام هم من بني الإنسان، أي من نوع واحد بحكم التعريف البيولوجي الذي سبق ذكره، فإنه يجوز لنا الآن في ضوء هذه الاعتبارات وهذا المنطق أن نُعرِّف الإنسان الحديث بأنه صانع تدل عليه في غيبته صناعته كما تدل عليه عظامه.
ولقد عثر على آثار قديمة وجد بعضها مصحوبًا ببقايا تشريحية، فلا بدَّ إذن للأسباب التي ذكرناها من قبل من اعتبار هذه البقايا من نوع بشري، ولو أنها تختلف إلى درجة محسوسة عما يقابلها من أجزاء الجسم البشري الذي نعرفه اليوم؛ ولذلك يمكن أن نستنتج أنه عاش في الأزمان الغابرة أنواع بشرية كانت تختلف في تشريحها عن النوع الحديث، ولكنها كانت تعقل وتفكر على طريقتنا بدليل ما خَلَّفته من مصنوعات، حتى ولو لم ترق هذه المصنوعات إلى مثل ما بلغه نوعنا الحديث من إتقان في الصناعة والفن.
ولقد لوحظ على تلك الآثار أنه من الممكن ترتيبها في نظام متسلسل على حسب درجة الإتقان في صنعها، ولوحظ أيضًا أن هذا التسلسل يتفق مع ترتيبها الزمني الذي تقرره طبيعة الأرض التي حوتها وحافظت عليها، ويستطيع علماء طبقات الأرض أن يعرفوا فيها تعاقب العصور كما يعرفون إلى حدٍّ ما تقدير طول كل عصر ولو بالتقريب، ولقد تبع هذا كله بطبيعة الحال أن أصبح كل نوع من الأنواع البشرية المنقرضة منسوبًا إلى حضارة معينة وإلى عصر جيولوجي معين، ولعله من المفيد أن نذكر قبل وصف الأنواع ذاتها خلاصة لسلسلة الحضارات القديمة التي يقرُّها الخبراء مرتبة على حسب تقدير درجات إتقانها، كما سنذكر سلسلة العصور الجيولوجية التي يُظَن أن البشر العاقل عاش فيها، وسنذكرها مرتبة على حسب تعاقبها الزمني، وإنما يجب التنبيه إلى أن تلك التقديرات ما هي إلا تقديرات تقريبية والتعاقب الزمني هو وحده المهم.
يقدِّر علماء طبقات الأرض حقبة الزمن التي ينسب إليها كل ما عثر عليه من آثار مصنوعة بنحو مليون واحد من السنين، مبتدئين من وقتنا هذا في اتجاه الماضي، وهي مدة قصيرة جِدًّا بالنسبة لعمر الحياة على هذه الأرض، وهو يقدر بنحو ألف مليون من السنين؛ ولذلك فإن حقبة الصناعات البشرية تعد حديثة جدًّا، وهي تُسمَّى عصر البليستوسين، وقد تميز هذا العصر في أوروبا والأقطار الواقعة على مستواها من خطوط العرض في نصف الكرة الشمالي بنوبات من البرد الشديد يفصل بينها، فترات من الجو المعتدل، وفي أثناء نوبات البرد كان الجليد يغطي كل تلك الأقطار؛ ولذلك فإن عصر البليستوسين يُسمَّى أيضًا بالعصر الجليدي، ويذكر الخبراء أنه مرت بأوروبا أربع نوبات جليدية فصلت بينها ثلاث فترات معتدلة الجو، ويُقدَّر بصفة تقريبية أن النَّوبة الجليدية الأولى بدأت منذ نحو ٦٠٠٠٠٠ سنة، وأن الثانية بدأت منذ نحو ٥٠٠٠٠٠ سنة، والثالثة من نحو ٢٥٠٠٠٠ سنة، والرابعة من نحو ١٢٠٠٠٠ سنة، ويُقدَّر أن النَّوبة الجليدية الأخيرة انتهت منذ نحو ٢٠٠٠٠ سنة، ودخل العالم في فترة اعتدال هي التي نعيش فيها الآن.
كان هذا خاصًّا بالأصقاع الشمالية من الكرة الأرضية، وأمَّا فيما يتعلق بأصقاعها الوسطى كأفريقيا مثلًا، فإن الجليد لم يغط سطحها، وإنما اعترتها بدلًا من ذلك نَوْبات من الأمطار الغزيرة، فصلت بينها فترات من الجفاف النسبي، ويقول الخبراء إن نوبات المطر في أفريقيا كانت تقابل نوبات الجليد في أوروبا، وإن فترات الجفاف كانت تقابل فترات الجو المعتدل، وهذا ييسر المقابلة في التواريخ بين الآثار التي توجد في أفريقيا وما يشبهها من آثار أوروبا، حيث كانت الدراسة إثمًا، وتعاقب العصور مقطوع به.
وقد وُجدت أقدم الآثار البشرية في مدينة «أبيفيل» بفرنسا، وقد انتشر هنا هذا الصنف من الصناعة على مدى النَّوبة الجليدية الأولى والفترة المعتدلة الأولى، وكانت المصنوعات لا تعدو أن تكون بلطات أو سواطير كبيرة من الحجر تُستعمل باليد دون أي مقبض، وكانت فجة لا تنبئ عن مهارة، ثُمَّ أعقب هذا الصنف البدائي من الصناعة صنف أرقى وأدق عُثر عليه في أشيول، وكانت المصنوعات لا تزال بلطات وسواطير، ولكنها كانت أحدَّ حافةً وأحسنَ تشكيلًا، مما يدل على زيادة في العناية، وقد عاش هذا الصنف من الصناعة طويلًا، إذ إنه انتشر على مدى النَّوبة الجليدية الثانية، فعلى الفترة المعتدلة الثانية، ثُمَّ على النَّوبة الجليدية الثالثة، وأمَّا في الفترة المعتدلة الثالثة، فقد قفزت صناعة الأدوات الحجرية قفزة واضحة، تدلُّ على سبق التدبير في ذهن الصانع عند شظف الحجارة؛ ولذلك كانت المنتجات خيرًا من كل ما سبقها، كما يُلاحظ على الآثار التي عُثر عليها في لافلواز وفي موستير، وقد استمر هذا النوع من الصناعة إلى ما بعد حلول النَّوبة الجليدية الرابعة، ويجب أن نذكر هنا أن مما يميز حضارة موستير أيضًا هو أن أصحابها كانوا أول من مارس عملية دفن الموتى، وفي الجزء الأخير من النَّوبة الجليدية الرابعة ظهرت عدة أصناف من الصناعات، سُمِّيَت على التعاقب: أورنياس، وسولوتر، ومجدلين، وتدلُّ الآثار الموسومة بهذه الأسماء على طفرة في الذوق وفي حسن التدبير، وعلى مهارة يدوية ملحوظة في صنع أدوات غير حجرية. ففي أورنياس وُجدت قطع مصنوعة من عظام وقرون ومن عاج، ووُجدت بعض العقود، وعلاوة على ذلك فقد وُجدت رسوم لا بأس بها على جدران بعض الكهوف، وأمَّا في «سلوتر» فتدلُّ الآثار على أن أصحابها أتقنوا شطف الصوان بطريقة الضغط؛ مما مكَّن لهم الحصول على شظايا صغيرة تتفق مع الغرض المقصود منها، فصنعوا رءوس حراب كانت ذات حد دقيق، وكانت حسنة الشكل، ولم تُعمِّر هذه الصناعة طويلًا، إذ حلت محلها صناعة مجدلين، حيث تنوعَّت الأدوات غير الحجرية، واستُعملت الألوان الزاهية في رسوم الحيوان على جدران الكهوف، ولقد بدأت حضارة مجدلين في أواخر العصر الجليدي الأخير، واستمرَّت في أوائل الفترة المعتدلة الحالية، ثُمَّ أعقبتها الحضارة الحجرية الحديثة، فالحضارة المعدنية.
ولقد ذكرنا من قبل أن بعض هذه الآثار كان مصحوبًا ببقايا بشرية، وسنلتفت الآن إلى تقديم ما تفصح عنه هذه البقايا التي عاش أصحابها في أزمان تمتد على ما لا يقل عن نصف مليون سنة، وإنما يجب أن نُنبِّه أوَّلًا إلى أن مثل هذه البقايا ما زال نادرًا، وإلى أن ما لدينا منها عُثر عليه في أماكن متباعدة من العالم، فبعضها وُجد بالقرب من بكين في الصين، وبعضها وُجد في جزيرة جاوه بإندونيسيا، ومنها ما وُجد في جهات متفرقة من أوروبا، ومنها ما وُجد في أُزبكستان بروسيا، وهكذا. ونُنبِّه أيضًا إلى أن ما كان يُعثر عليه في المكان الواحد كان في بعض الأحيان لا يزيد عن عظم واحد أو بعض عظم، ولم يُوجد في بقعة واحدة مقادير كافية من البقايا تدعو إلى الثقة بنتائج فحصها إلا في ثلاث حالات فقط، هي بقايا جاوه، وبقايا بكين، وبقايا العصر الموستيري في أوروبا.
ونظرًا إلى ندرة البقايا البشرية القديمة، وخاصة ما كان منها أبلغ في القدم، فقد كان هناك إسراف في اعتبار كل كشف على حدة ممثِّلًا لنوع خاص من البشر، وربما كانت هناك مغالاة أيضًا في الاستنتاج اعتمادًا على ما هو معروف لنا الآن من خصائص الجسم البشري الحديث، وتطبيق هذا على مادة ضئيلة لا تسمح بالاطمئنان إلى كل ما يُبنى عليها من آراء.
لكل هذه الاعتبارات نبادر إلى القول بأن البقايا البشرية القديمة الجديرة حقًّا بالاعتبار الجدي تؤلِّف مجموعتين، هما مجموعة بكين وجاوه والمجموعة الموستيرية، إذ إن كُلًّا منهما تضم بقايا عدد لا بأس به من الأفراد الذين عاشوا جنبًا إلى جنب، أو عاشوا في عصر واحد محدود، وتركوا من الآثار ما يساعد على معرفة بعض أحوال معيشتهم، إلى جانب ما يمكن تصوُّره من أشكالهم أثناء حياتهم، مُستخلَصًا من بقايا أجسامهم؛ ولذلك يمكن أن تُعدَّ كل مجموعة منهما ممثلة لنوع بشري رئيسي، وأمَّا كل النماذج الأخرى من البقايا فسنكتفي بالتعليق عليها باختصار.
ففيما بين عام ١٩٣٦ و١٩٤٠ عُثر بمكان في هذه الجزيرة يقع على مقربة من مكان الكشف الأول هناك على جمجمة تكاد تكون كاملة، وعلى الجزء المُؤَخَّري لجمجمة أخرى ومعه جزء كبير من عظم الفك العلوي بما يتبعه من أسنان، وجزء من قَبْوة جمجمة ثالثة، وأخيرًا على جمجمة طفل صغير مات وهو في نحو الثانية من العمر، وقد نُسبت هذه المجموعة من البقايا إلى أوائل عهد البليستوسين، ولقد أثبت الفحص شدة التشابه بين جمجمة الكشف الأول وجماجم الكشف الثاني بجزيرة جاوه، وبين هذه المجموعة كلها من ناحية ومجموعة بكين من الناحية الأخرى، وأصبح من الجائز ضم كل هذه البقايا في مجموعة واحدة تُمثِّل نوعًا واحدًا يبقى معروفًا باسم الإنسان القرد، له خصائص تشريحية نقدمها فيما يلي.
وبعد تجمُّع مثل هذه المعلومات، بالإضافة إلى ما تدل عليه الآثار الأخرى التي اكتُشفت إلى جانب بعض هذه البقايا، يجوز لنا أن نتصور حياة هذا النوع من الإنسان الذي عاش في النصف الأول من عهد البليستوسين في شرقي آسيا وفي جنوبها الشرقي، فقد عاش هناك قومٌ من قصار القامة، لم تكن سَحْنتهم بالضبط مثل سَحْنتنا ولا مثل سَحْنة القردة العليا المعروفة، وإنما كانت بين بين، وكانوا يمشون معتدلي القامة مثل مشيتنا، وكانت جباههم وذقونهم منحسرة ووجوههم بارزة، وكانوا على مقدرة في صنع بعض الأدوات النافعة لهم من حجر الكوارتز رغم صلابته الشديدة، ولقد عرفوا إشعال النار وطَهَوا عليه طعامَهم، وتدلُّ عظام الغزلان التي وُجدت بكثرة مع بقاياهم على أنهم كانوا صيادين مهرة، وخلاصة القول أن الإنسان القرد يُعدُّ اليوم عند العلماء أقدم الأنواع المنقرضة التي يجوز اعتبارها من الحيوانات الصانعة، أي من الأنواع البشرية.
ولقد عُثر في بقاع عديدة من العالم على بقايا أخرى مقرونة بآثار من الصناعة الأشيولية؛ ولذلك فهي تُنسب إلى زمن طويل جدًّا يلي عصر إنسان جاوه وإنسان بكين، يمتد في عهد البليستوسين على نَوبتي الجليد الثانية والثالثة، وعلى فترة الاعتدال الثانية فيما بينهما، وربما يكون قد امتد إلى أوائل فترة الاعتدال الثالثة كذلك، ولقد عُثر على مثل هذه البقايا في ألمانيا وفي إنجلترا وفرنسا وفي جنوب أفريقيا وفي كينيا، ولكن كل كشف بمفرده كان لا يخلو من شائبة تحد من المعرفة بصاحبه معرفة كافية، فبعضها كان لا يزيد عن عظم أو بعض عظم، وبعضها الآخر كان تاريخه مشكوكًا فيه؛ ولذلك لا يمكن ترتيب هذه المجموعة من البقايا ترتيبًا زمنيًّا مُسلسَلًا، وإنما يمكن بالرغم من كل ذلك أن يُقال بصفة عامة إنها في جملتها تدلُّ على أنه ظهر على سطح الأرض في تلك الأزمان السحيقة في القدم نوع من الكائنات الصانعة من البشر كان يشبه الإنسان الحديث من قريب، ولو في بعض الصفات التي تسمح البقايا بالحكم عليها، فبينما يدلُّ بعضها على ارتفاع البروز فوق الحاجب إلى درجة ملحوظة، وبعضها يدلُّ على كبر الفك وكبر الأسنان وانحسار الذقن، فإن بعضها يدلُّ من ناحية أخرى على أن مُؤخَّر الرأس أخذ في الامتلاء والاستدارة، وعلى أن حجم الدماغ كان لا يقل إلا قليلًا عن متوسط حجم الدماغ عندنا، ومما يستحق الذكر عن هذه المجموعة أنه وُجدت على شواطئ بحيرة فكتوريا آثار أشيولية كثيرة، ولكن لم يُعثر معها على بقايا تشريحية يمكن نسبتها إلى صُنَّاع تلك الآثار، غير أن كثرة الآثار في موقع واحد على هذا الشكل يدلُّ على أن صُنَّاعها كانوا يعيشون في مجتمعات، وتدعو إلى الظن بأن صناع الأشيولية الذين كانوا قريبي الشبه منَّا ربما ظهروا أول ما ظهروا في أواسط أفريقيا، ومن هناك انتشروا في أصقاع العالم الأخرى.
ومنذ ظهرت حضارة أورنياس بعد حضارة موستير في أواخر النَّوبة الجليدية الرابعة، أي منذ نحو ٦٠٠٠٠ سنة أو يزيد، فإن معظم ما عُثر عليه من بقايا بشرية يشير إلى أن أصحابها كانوا لا يختلفون عن خلفائهم الذين يعيشون في الوقت الحاضر في نفس المناطق التي وُجدت بها تلك البقايا.
ولقد وُجد في قرية جريمالدي بجنوب فرنسا هيكلان من عهد أورنياس أيضًا، ويرى بعض العلماء فيها بعض صفات الزنوج المعاصرين لنا، ولكن علماء آخرين لا يوافقون على هذا الرأي.
وأمَّا في عصر الحضارة المجدلينية، وقد بدأ في أواخر النَّوبة الجليدية الرابعة ولم ينته إلا منذ نحو ١٠٠٠٠ سنة، فقد سكن أوروبا قوم يرى بعض العلماء أنها يشبهون الإسكيمو الذين يقطنون المناطق القطبية في الوقت الحاضر، ففي شانسيلد بفرنسا وُجدت جمجمة ذات شكل جمالوني، ضيقة الأنف عريضة الوجه، على مثل ما هي الحال في الإسكيمو الحاليين، ومما يستحق الذكر بهذه المناسبة أن جو أوروبا في العصر المجدليني كان قارس البرودة يشبه جو المناطق القطبية حاليًّا.
وأمَّا بعد العصر المجدليني، فلعل أقدم البقايا هي ما وُجدت في مصر، وعاش أصحابها على ضفاف النيل منذ ما يقرب من ١٠٠٠٠ سنة، ولما كُنَّا سنقدم فصلًا خاصًّا بسكان مصر فيما بعد، فنكتفي هنا بالقول إن الشعب المصري منذ ذلك التاريخ مُحافظ على سماته، ولم يكن قدماؤه يختلفون فيما بينهم ولا يختلفون عنَّا إلا بمقدار ما يختلف سكان الدلتا مثلًا عن سكان الصعيد في الوقت الحاضر.
ونودُّ أن نشير هنا إلى ما بدأ يظهر في آراء العلماء بمناسبة هذه البقايا من حديث عن شعوب مختلفة، فتحدثوا عن شعب أوروبي بدأ ظهوره في كرومانيون، وشعب زنجي في جريمالدي، وشعب إسكيمي في شانسيلد، وهكذا، أي أن ما نلاحظه اليوم من وجود فروق بين المجموعات البشرية الحديثة ليس أمرًا حديثًا، وإنما هو موجود منذ زمن طويل، وموضوع الشعوب البشرية هو ما سنقدمه في الفصل التالي.