الدين والثورة في أمريكا اللاتينية
كاميلو توريز، القديس الثائر
***
كاميلو توريز القديس الثائر
حياة المواطن ثورته، وثورته تطويره للواقع الذي يعيش فيه تحقيقًا لرسالته. فالمواطن الذي يعيش على وطنه فإنه يتعيش عليه، يفنى ولا يبقى له ذكر، وكأنه لم يوجد. أما الذي يطوره ويغيره ويحقق رسالته، فإنه يعيش له، ويعطيه حياته، ويخلد فيه، ولا يرضى إلا بأن يسقط فيه شهيدًا كما فعل كاميلو توريز، عندما سقط شهيدًا في ١٥ فبراير سنة ١٩٦٦م.
أولًا: حياته وأعماله
اصطحبه والده، وعمره سنتان إلى أوروبا، فعاش في إسبانيا وبلجيكا حتى الخامسة. وبعد عودته إلى كولومبيا، أنهى دراساته الأولية والثانوية بالمدارس الوطنية، والتحق بكلية الحقوق بجامعة كولومبيا الوطنية، ولكنه لم يشعر بميلٍ نحو القانون، بل شعر بميلٍ نحو الصحافة، فاشترك في نشر إحدى الجرائد اليومية.
ثم أرسله كادرينال بوغوتا إلى جامعة لوفان الكاثوليكية للتخصيص في علم الاجتماع، حتى يمكن الاستفادة به بعد ذلك في إدارة الأعمال الاجتماعية للأسقفية، فقضى أربع سنوات في بلجيكا، اهتم أثناءها بالعديد من المشاكل الاجتماعية، خاصة بؤس المدن الكبيرة، وزار عددًا من البلاد الأوروبية، وشارك في باريس مع الأب بطرس في نشاط إحدى الجمعيات الدينية، مما يدل على أن النشاط الديني كنشاطٍ اجتماعي كان موجودًا لديه وهو ما زال في مرحلة التكوين. وفي نهاية دراسته في لوفان عُين نائب المدرسة الأمريكية اللاتينية التي أسستها الأسقفية البلجيكية من أجل تكوين الرهبان في أمريكا اللاتينية. ولكنه لم ينسَ وطنه، وكان دائم التفكير فيه، فكون عدة منظمات، وعلى رأسها «الجماعة الكولومبية للبحوث الاقتصادية والاجتماعية» من أجل تجميع الطلبة الكولومبيين في أوروبا. وعقد الاجتماع الأول في بروكسل سنة ١٩٥٨م. وبعد أن قدم دبلومًا عن «مستوى المعيشة في بوغوتا»، حصل على ليسانس علم الاجتماع سنة ١٩٥٨م.
وينتهي نشاط الجماعة في آخر سنة ١٩٦٢م بعد الصراع الذي نشأ بين طلبة الجامعة ومديرها؛ فقد حدث أن قام الطلاب بمظاهراتٍ عامة، أدت إلى بعض الاصطدامات الخطيرة في الطريق العام، كشأن كل المظاهرات الطلابية، مما دعا مدير الجامعة إلى فصل طالبين ينتميان إلى الحزب الشيوعي من الجامعة، دون تحقيق سابق. وقد رد الطلبة على ذلك بإضرابٍ عام، وبسلسلةٍ من أعمال العنف في حرم المدينة الجامعية. أيد كاميلو توريز موقف الطلبة، بالرغم من إدانته لأعمال العنف التي لا سبب لها، وطالب مع زملائه وعميد كلية الاجتماع مدير الجامعة بالرجوع عن قراره بفصل الطالبين، ولكن مدير الجامعة أصر على رفض الطلب، ومنذ ذلك الوقت ظهر كاميلو توريز أمام الرأي العام كمدافعٍ عن حقوق الطلبة، كما ظهر الصراع على أنه صراعٌ بين مدير الجامعة والمشرف الاجتماعي. ولما كان أسقف بوغوتا يريد إبعاد الرهبان عن النشاط السياسي، فالكنيسة جزءٌ من السلطة الحاكمة، أمر توريز بترك منصبه كمرشدٍ اجتماعي، وكأستاذ كرسي علم الاجتماع؛ فقدم توريز استقالته طاعة منه لرؤسائه في الكنيسة. ومنذ ذلك الحين وصفته الصحافة والأسقفية والهيئات الحكومية بأنه وقع أسيرًا للشيوعيين أو عميلًا لهم!
كانت هذه هي البداية. بعدها شارك توريز في الحياة السياسية فساءت علاقته برؤسائه داخل الكنيسة. بعد أن غادر الجامعة، عينه الكاردينال في معهد الإدارة الاجتماعية الملحق بالمدرسة العليا للإدارة العامة، وأصبح النائب الأول في أحد الأديرة في بوغوتا، ولكنه استمر في ممارسة دعوته الدينية، داخل أبحاثه في العلوم الاجتماعية، وانضم كعضوٍ في عديد من التنظيمات، يعبر فيها عن آرائه في تجديد الأبنية الاقتصادية والاجتماعية في كولومبيا، ثم أصبح عضوًا في مجلس إدارة المعهد الكولومبي للإصلاح الزراعي، المكلف بتطبيق قانون سنة ١٩٦٢م للإصلاح الزراعي، وأسس مزرعةً نموذجية، وعديدًا من الجمعيات التعاونية في الحي العمالي ببوغوتا. وزادت اتصالاته الاجتماعية بعددٍ من المواطنين رجالًا ونساء، بصرف النظر عن ثقافاتهم وأيديولوجياتهم التي ينتمون إليها، تجمعهم جميعًا الرغبة في الإصلاح، وعبر لهم عن آرائه التي اعتبره أعداؤه لأجلها «ثوريًّا»، قبل أن يعرف هو نفسه أنه كذلك. وقد انتهى بمواقفه هذه إلى الاصطدام بالهيئات الحكومية، ومراكز التخطيط الاقتصادي بها التي تقوم عليها الأقلية الحاكمة، وكذلك برؤسائه في الكنيسة الذين كانوا ينظرون إليه بعين الحذر، ولكن مواقفه الجذرية حولته إلى زعيمٍ شعبي في الأوساط التي تنشد التغيير: المثقفون، والتقدميون، والنقابيون، والطلبة والجماهير المعدمة في المدن الكبيرة. وهنا علم توريز أن قلب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن أن يتم إلا بتوحيد جهود كل من يريدون تحقيقه، بصرف النظر عن أيديولوجية كل منهم، فاتصل بكل الاتجاهات السياسية والهيئات النقابية، والجماعات الطلابية والثقافية، وقرر البدء في العمل. لم تكن مهمته سهلة لأنه بالرغم من تعاطف الجميع معه، إلا أن البعض منهم لم يولوه ثقتهم لأنه راهب، خاصةً أمام الشيوعيين الذين رأوه ما زال خاضعًا لرؤسائه في الكنيسة، التي ترفض اشتراك الرهبان في العمل السياسي.
بعد ذلك أخذ الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في كولومبيا في الانهيار يومًا بعد يوم، وأصبحت بعض الأوساط الحكومية التي تود التغيير عاجزة عن أن تفعل أي شيء، وأصبح رئيس الجمهورية أكثر عجزًا. واشتد الغليان قبل الفترة الانتخابية فقرر توريز البدء بالعمل، ففي أواخر سنة ١٩٦٤م اقترح تكوين حركة سياسية تجمع كل العناصر التقدمية، واجتمع أنصار هذه الحركة لأول مرة لدى رئيس تحرير إحدى الجرائد، ثم في اليوم نفسه مساء لدى توريز، وقرروا بدء العمل الثوري بطريقٍ شرعي مع التأكيد على ضرورة وحدة القوى الثورية، واستبعاد كل عوامل الفرقة بينها. وحدث الاجتماع الثاني في أوائل سنة ١٩٦٥م، وضم كل ممثلي الاتجاهات التقليدية، وكونت لجنة برئاسة توريز من أجل كتابة بيان يلتزم به الجميع. وبعد قراءة جزء من البيان في ١٢ مارس ١٩٦٥م، قوبل بحماسٍ شديد، ثم أذيع على الناس جميعًا في ١٧ مارس بعنوان «بيان لحركة الوحدة الشعبية». وكان النجاح الذي لاقاه البيان عند الشعب منقطع النظير، وانتشر في أرجاء البلاد، وانضمت إليه كل الأوساط التقدمية والتفت حوله الجماهير. أما الأوساط الحكومية ورؤساء الكنيسة فقد عادوه، ووقفوا ضده، وبدأ الصراع بينهم وبين توريز. والبيان هو بداية تجمع «الجبهة المتحدة للشعب الكولومبي» التي أيدها الحزب الاشتراكي الديمقراطي المسيحي، والحركة الثورية الليبرالية، والطليعة الوطنية الثورية، والحزب الماركسي اللينيني «من أنصار النموذج الصيني»، والحركة العمالية، والطلبة والفلاحون أنصار ٧ يناير، والرابطة الوطنية الشعبية، والحزب الشيوعي الذي انضم أخيرًا بعد طول تردد من أجل تقوية الجبهة المتحدة، والسيطرة على جريدتها. ولكن سرعان ما تخلت الجماعات المختلفة عنها واحدةً تلو الأخرى، إما بدافعٍ من الحسد والغيرة من مؤسس الجبهة بعد أن نجحت مظاهراتها في عديدٍ من المدن، وإما لصعوبة تكوين لجان محلية في غياب القادة القادرين على تجنيد القواعد، هذا بالإضافة إلى نقصٍ في التنظيم، وردود فعل أنصار المحافظة على الوضع القائم، وكان أهم سبب من أسباب تفكك الجبهة المتحدة، وانفصال توريز عن الجماعات السياسية الأخرى هي انتخابات مارس سنة ١٩٦٦م، والموقف الذي كان على الجبهة اتخاذه منها. كان توريز من أنصار الامتناع الكامل عن التصويت، كموقفٍ إيجابي ثوري، وأيدته في ذلك الحركة الثورية الليبرالية والرابطة الوطنية الشعبية. خرج الحزب الشيوعي من الجبهة، مع بقائه في علاقةٍ طيبة مع توريز، ولم يستمر معه حتى النهاية إلا الحزب الاشتراكي الديمقراطي المسيحي، حتى بعد انفصال توريز عن الكنيسة الكاثوليكية. وقد حدث هذا الانفصال بعد نشره للبيان؛ إذ أمره الكاردينال بترك منصبه في معهد الإدارة الاجتماعية، وعيَّنه في مكاتب العمل من أجل نشر الدعوة المسيحية التابعة للأسقفية. وفي ٢٠ مارس سنة ١٩٦٥م، وجه توريز خطابًا للكاردينال، يرجوه فيه القيام بالإجراءات القانونية اللازمة من أجل خروجه من سلك الرهبان إلى الحياة المدنية العلمانية، ولكن الكاردينال لم يرد عليه. وفي ٢٥ مارس أعلن الكاردينال رسميًّا أن بيان العمل السياسي والاجتماعي الذي كتبه الأب توريز وقدمه للشعب، يحتوي على نقاطٍ تعارض عقيدة الكنيسة، فكتب توريز للكاردينال من جديد، يطالبه بتحديد هذه النقاط، فيجيبه الكاردينال بأنه ابتعد عن تعاليم الكنيسة مع سبق الإصرار، فيما يتعلق بالشئون السياسية والاجتماعية، ويعلن أمام الرأي العام أن أعمال الأب كاميلو توريز تعارض لباسه الكهنوتي الذي يرتديه. وفي ٢٤ يونيو، يذيع توريز طلبه للخروج من سلك الرهبنة إلى الحياة المدنية العلمانية، فيصدق عليه الكاردينال في ٢٦ يونيو، ولكن توريز يظل يعتبر نفسه حتى اللحظة الأخيرة راهبًا مسيحيًّا ثوريًّا.
وبعد فشل الجبهة المتحدة، رأى توريز أنه لا سبيل إلى نجاح الثورة إلا بالطرق غير الشرعية، فقرر اللحاق برجال العصابات، فبالكفاح المسلح وحده يمكن الاستيلاء على السلطة، وتحقيق النصر للثورة. فاتصل أولًا ببعض القيادات الشيوعية التي كان يعرفها منذ وقتٍ طويل، حتى ينضم إلى رجال العصابات التابعة للحزب، ولكن هذه القيادات ترددت في أخذه بين صفوفها؛ لأنها لم تعد تؤمن بفاعلية حرب العصابات، ولم تشأ ضم راهب له شهرة توريز بين جماعاتها المسلحة. فاتجه توريز إلى جيش التحرير الوطني الذي يسير على طريقة كاسترو. وفي ١٨ أكتوبر، سنة ١٩٦٥م، ترك توريز بوغوتا إلى الأبد، وانضم إلى رجال العصابات في شمال شرق العاصمة. وقد قويت شعبية قادة جيش التحرير الوطني بانضمام توريز له. وقد كانت مهمة توريز فيه الاتصال بالفلاحين، وظل يؤدي مهمته أربعة أشهر؛ وذلك لأنه في ١٥ فبراير سنة ١٩٦٦م، وقع صدام بين الجيش الحكومي، وعناصر من جيش التحرير الوطني، وكان توريز هناك صدفة لأنه كان عليه الذهاب في مهمةٍ مع بعض قادة رجال العصابات. وأثناء محاولته أخذ سلاح جندي وطني شهيد، كما تقضي بذلك نظم حرب العصابات، سقط شهيدًا بدوره … وفور إذاعة النبأ خرجت المظاهرات في كل أرجاء البلاد، وأقيم قداس على روحه في كنيسة بوغوتا، تلته مظاهرة ضخمة، وبعد ذلك بسنتين ظهرت جماعة من رجال العصابات باسم «جبهة كاميلو توريز» واستأنفت النضال.
ثانيًا: الجامعة والعمل الوطني
الجامعة في البلاد النامية لها دورٌ مخالف تمامًا عن دور الجامعة في البلاد المتقدمة، ولو أن الجامعة اليوم في البلاد المتقدمة أخذت تمارس نفس الدور الذي على الجامعة في البلاد النامية أن تمارسه. وينحصر هذا الدور أساسًا في قيادة العمل الوطني، وليس في التخصص العلمي الدقيق المنعزل عن الواقع الاجتماعي للبلاد. الجامعة في البلاد النامية جزء منها؛ وبالتالي فهي تعبير عن مشاكلها، وليست حكرًا على طبقةٍ أو تعبيرًا عن مصالح الطبقة الحاكمة، أو ميزة يحصل عليها كل من أراد خدمة الأقلية، أو التمتع بمزاياها. الجامعة جزء من المجتمع؛ وبالتالي فهي صدى له. إن شئنا فالجامعة جامعة للشعب وتعبيرًا عنه.
وأحوج ما تحتاج إليه البلاد النامية هو خلق المواطن؛ فقد ورثت تركة ضخمة من عزلة الشعب عن الحياة السياسية، أو تكوين طبقة من الموظفين لخدمة الاستعمار، أو خلق طبقة أقلية متميزة تحاكي الاستعمار وتقلده، وتتمتع بما يتمتع به. وتكون هي الأقلية الحاكمة التي يحكم الاستعمار من ورائها. دور الجامعة هو خلق المواطن الذي يعلم رسالته والذي يعي واقعه، والذي يكون صورة صادقة لمجتمعه. فإن ما تقاسي البلاد النامية منه اليوم، هو عدم وجود العنصر البشري القادر على التنمية، خاصةً وأن الأحزاب فيها لا تؤدي دورها في خلق الكوادر الوطنية اللازمة لذلك. لقد اهتمت البلاد النامية حتى الآن بالعنصر المادي: استثمارات تصنيع، زيادة الإنتاج … إلخ. ولكن مشكلتها الأساسية هي العنصر البشري الذي يقوم بتحقيق كل ذلك. فالاستثمار يضيع في خطة التصنيع؛ لأن الأولويات تعطى للصناعات الاستهلاكية التي لا تقدر على شرائها إلا الطبقات التي تدور في فلك السلطة. وزيادة الإنتاج لا تعود إلا على سكان المدن الذين ترتفع قدرتهم الشرائية، فيرتفع مستوى المعيشة فتعجز الطبقات الشعبية أكثر فأكثر.
ولا يقال إن العلوم الاجتماعية منها ما هو تأملي معياري، ومنها ما هو وضعي علمي قائم على الملاحظة؛ لأنه لا خلاف بين المنهجين، فصدق النظرية العلمية في النهاية هو مطابقتها للواقع، وذلك لا يتأتى إلا بالنظرة العلمية له التي قد تكون تحليلًا مباشرًا إحصائيًّا للواقع الاجتماعي، أو تكون إدراكًا حسيًّا مباشرًا، أو قد تكون دراسة للروح الشعبية من خلال الأمثال العامية، أو قد تكون فكر قائد وطني يعاني من بؤس الجماهير. ولكن المهم أن تقوم الدراسات في الجامعة على أبحاث علم الاجتماع، أي على رؤية الواقع ذاته؛ لأن العلوم الاجتماعية يحددها نمط حضارتها، والاختيار السياسي لها؛ ولأن النظريات تتحدد بالواقع القومي.
والجامعة هي طلبتها وأساتذتها، ولكليهما مطلق الحرية في التعبير عن آرائهم، فلا يجب فصل أي طالب لآرائه السياسية أو لاشتراكه في التنظيمات الجماهيرية، كما يجب أن يظل حرم الجامعة آمنًا من تدخل أجهزة الأمن التابعة للدولة. ولمجلس الطلبة ولاتحاداته أن تشارك في أخذ القرارات مع سلطات الجامعة. ولا يجوز إغلاق الجامعة، فالجامعة هي الأمة، بل إن المشاكل المعروضة، وهي مشاكل فعلية، تعبر عن مشاكل الأمة، لا تحل بفرض العقوبات على من يتصدى لها، والطلبة هم الذين يعبرون عنها؛ لذلك تميز الطلبة عن غيرهم بأخذ زمام المبادرة باستمرار أكثر من الأساتذة، أو السلطات الجامعية، وهذا شيءٌ طبيعي؛ لأن مهمة الطلبة في البلاد النامية ليست الدراسة فقط، ولكن التعبير عن القضايا الوطنية. فالطلبة هم الشباب الذي يتمتع بمستوًى ثقافي عالٍ، ومن هنا جاء الدور السياسي الذي تلعبه الجامعات في البلاد النامية، فهي التي تحمل لواء التقدم، وهي الحارسة على مكاسب الشعب، كما أنها هي القادرة على نقد التقاليد.
ولكن حركة الطلاب التلقائية تحتاج إلى من يعطيها أساسها الواعي الرشيد، وهنا يظهر دور الأساتذة في تأييد الطلبة، ومشاركتهم إياهم في التعبير عن قضايا الأمة.
وأخيرًا، لا بد أن تتمتع الجامعات في البلاد النامية باستقلالٍ تام عن كل سلطة خارجية عنها، سواء ممثلة في جماعاتٍ ضاغطة، أو في سلطة الدولة. فالجامعة لا يمكنها أن تؤدي دورها القيادي إلا إذا كانت مستقلة، ولا يعني استقلالها انعزالها؛ لأن ظهور الجامعات في البلاد النامية كان مصاحبًا لبداية حركاتها الوطنية، وتعبيرًا عن استقلالها. إن ضياع استقلال الجامعات في البلاد النامية كان أحد معوقات تقدمها، إذ أصبحت الجامعات فيها أبواقًا للسلطة وليست قائدة للنضال القومي.
ثالثًا: علم الاجتماع القومي
وعند فريقٍ ثانٍ من الباحثين نجد التشدق بالموضوعية العلمية، وعدم الإفصاح عن الرأي، بدعوى الحاجة إلى مزيدٍ من الأسانيد العلمية، والبراهين القائمة على الملاحظة والتحليل الإحصائي، ويسمي توريز ذلك «الجبن المقنَّع تحت ستار الموضوعية»، عندما تؤدي الموضوعية بالباحث إلى نسيان المشاكل الحية التي يتأزم منها المجتمع، وعندما يحاول الباحث أن يصف المشاكل وصفًا محايدًا، وكأن هناك حلًّا نظريًّا لها، دون التزام حقيقي بها. فالمشاكل الاجتماعية الحية لا يعبر عنها فقط بأسلوب البحث العلمي الموضوعي، بل يمكن للباحث أن يلجأ إلى الحدس والخيال والثقافة الشعبية العامة، حتى تتنوع أساليب تعبيره، ويخاطب أكبر عدد ممكن من المواطنين. وتكون مهمة الباحث أيضًا اختيار الموضوعات القومية مثل: الثورة الاجتماعية، التغير الاجتماعي، الآثار الاجتماعية للإصلاح الزراعي، الاستعمار، العنف، التركيب الطبقي للمجتمع … إلخ؛ ومن ثم فإن علم الاجتماع جزءٌ من الخطة الوطنية للأبحاث العلمية، أو هو الطريق لخلق الثقافة الوطنية، والفكر القومي.
خلاصة الأمر أن علم الاجتماع الأوروبي مفيد، ولكنه غير واقعي؛ لأنه يعطي نظريات ولكنها لا تنطبق على واقع البلاد النامية، وعلم الاجتماع الأمريكي واقعي، ولكنه غير مفيد؛ لأنه تحليلٌ مباشر للواقع، ولكنه لواقع المجتمع الأمريكي، ولا يفيد في دراسة المجتمعات النامية. مهمة علم الاجتماع القومي هي إقامة علم اجتماع شامل، يقوم على المعياري والوضعي معًا، وكلاهما مأخوذ من الواقع الاجتماعي. فالنظرية تحكمها مبادئ التطور والثورة والتغير الاجتماعي، والملاحظات تقوم على أساس البحوث الميدانية، وبالتالي يكون علم الاجتماع القومي أقرب إلى فلسفةٍ للمجتمع منه إلى العلم بالمعنى الدقيق.
رابعًا: الريف والمدينة والتركيب الطبقي للمجتمع
وفي البلاد المتقدمة، وقفت حركة تكوين طبقة البروليتاريا؛ وذلك لأسبابٍ اقتصادية مثل تناقص رأس المال، أو اجتماعية مثل تحقيق بعض مطالب البروليتاريا، أو قانونية مثل تشريع بعض القوانين العمالية من أجل حماية مصالح البروليتاريا، أو تنظيمية مثل إنشاء النقابات واللجان المشتركة، ولجان التحكيم والوساطة، أو سياسية مثل ظهور الديمقراطية الاقتصادية ومشاركة العمال في مجالس الإدارة وفي التسيير الذاتي، هذا بالإضافة إلى زيادة أجور العمال نظرًا لزيادة الإنتاج، وتحولت الملكية الخاصة إلى ملكية للمؤسسات وللجمعيات، ففقدت الملكية الفردية قيمتها في الزهو والافتخار.
وفي البلاد النامية، تزداد حركة البروليتاريا بازدياد التصنيع، فالإنتاج ما زال ضئيلًا، والأجور منخفضة «الأجور الفعلية بالنسبة لارتفاع مستوى المعيشة»، والادخار قليل، وتمثل الملكية الفردية عنصر الأمان؛ لأن قيم المجتمع الإقطاعي ما زالت سائدة، فالملكية الصغيرة رد فعل على الملكية الكبيرة، والنظم والمؤسسات العمالية ناقصة أو ضعيفة.
وزيادة سكان أهل المدينة ظاهرة عالمية بالرغم من انخفاض معدل النمو السكاني في المدينة عنه في الريف. ويرجع السبب الحقيقي في ذلك إلى الانتقال المستمر إلى المدينة، رغبةً في رفع مستوى المعيشة؛ فالفرق بين المدينة والريف كالفرق بين عهدين من عهود التاريخ، وأكبر من الفرق بين البلاد المتقدمة والبلاد النامية، هذا بالإضافة إلى وسائل الجذب في المدينة مثل توفر الخدمات ووسائل الترفيه والراحة، وكذلك رغبة أهل الريف في البحث عن الأمان نظرًا لوجود العنف في الريف.
ويدل التركيب الاجتماعي للمدينة على وجود طبقتين اجتماعيتين: طبقة عمالية تشمل عمال المدن الذين يعملون في الصناعة لا الذين يعملون خارجها، وطبقة متوسطة تقوم بالعمل العقلي هي طبقة الموظفين، أجور الطبقة الثانية أعلى من أجور الطبقة الأولى. ويقارن توريز بين حياة الطبقتين، وينتهي إلى أن حجم مصاريف الطبقة العمالية أقل بكثيرٍ من حجم مصاريف الطبقة المتوسطة، خاصةً فيما يتعلق بالإسكان والملبس والتغذية والخدمات، وهنا تبرز المشكلة الأساسية في البلاد النامية، وهي التركيب الطبقي للمجتمع، فبؤس الأحياء العمالية لا يرجع إلى نقص في العائد المالي للصناعة، وتغطية ذلك بخفض مستوى الأجور، ولا يرجع أيضًا إلى هجرة العمال غير المؤهلين من الريف إلى المدينة، كما لا يرجع ثالثًا إلى زيادة السكان مما يضر بمستوى الأجور، بل يرجع أساسًا إلى عيوب في البناء الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
ويتضخم في المجتمع المدني القطاع الثالث، قطاع الخدمات؛ إذ يحتاج التجمع السكاني الكبير إلى خدماتٍ كما يحتاج إلى القطاع الثاني، وهو الصناعة، أكثر من احتياجه إلى القطاع الأول، وهو الزراعة التي يقوم بها أهل الريف خارج المدينة، تكثر في المدينة خدمات النقل والإدارة والتجارة، والصناعات الصغيرة، ويظهر الاقتصاد الكبير وتقل التكاليف.
وفي المدينة، تبدأ عمليات التنمية، فيتجمع رأس المال وتتغير القيم التقليدية، ويقوم المجتمع الجديد على الترشيد اللازم للتصنيع. يبدأ «تصوف التنمية» أي اعتبار التنمية وسيلة لإظهار النشاط الإنساني، وقدرات العقل على التخطيط، وتتم التنمية باستمرار لصالح المدينة لتلبية حاجاتها للرفاهية، ويظل أهل الريف دون تغيير. وتحاول طبقة المدينة خلق اقتصاد سوق، والدخول في المنافسة في الأسواق العالمية، وإدخال التقدم التكنولوجي، وإنشاء شبكة محكمة للمواصلات. وقد كانت الخطة المسماة «عملية كولومبيا» من وضع أهل المدينة الذين تعلموا في الخارج، والذين يكونون جماعات ضاغطة على السلطة، من أجل إصدار قرارات في صالح الطبقات الجديدة التي يعاد توزيع الدخل القومي لأجلها، باسم التنمية، وهي الطبقات التي نشأت بتضخم القطاع الثالث، ولا يكفي إدخال الإصلاح الزراعي في خطة التنمية، ما لم يكن مصاحبًا بتوسيع الأراضي المزروعة، واستصلاح أراضٍ جديدة، وإدخال أساليب الزراعة الحديثة، وتكوين الجمعيات التعاونية للمساعدة الآلية، والتسليف والتسويق، والتثقيف الزراعي، ولكن أهم ما يؤدي إليه الإصلاح الزراعي هو هدم الكيان الطبقي في الريف؛ أي إنه ظاهرةٌ اجتماعية أكثر منها اقتصادية.
خامسًا: التخطيط والتنمية الاقتصادية
لكي تكون هناك تنمية اقتصادية، لا بد من وضع برنامج اقتصادي يضع المستقبل في حسابه وهو ما يعادل التخطيط. فالتخطيط هو مجموع الوسائل والغايات التي تستخدم من أجل تنمية الثروات والخدمات في مجالٍ معين، ويختلف التخطيط من جماعةٍ لأخرى ومن بلدٍ لآخر، ومن نظامٍ لآخر ومن سلطةٍ لأخرى.
وأهم العقبات الاقتصادية هي نقص الاستثمارات الإنتاجية. فالاستثمارات إما وطنية أو أجنبية، والأولى نادرة لأن الادخار نادر، بسبب ضعف الدخول، أو لوجود المدخرات في بلادٍ أكثر أمانًا (مدخرات البترول العربي في بنوك سويسرا مثلًا)؛ ولأن معظم المواد المنتجة مواد استهلاك، لا مواد إنتاج، والاستثمارات الأجنبية تعطى بشروط، وغالبًا ما تمس السيادة الوطنية. يجب إذن أن تخضع الاستثمارات لخطةٍ قومية حتى تقل تكاليف الإنتاج، ويكون قوامها التصنيع، والتصنيع الثقيل. وبفضل التكامل الاقتصادي للمنظمة، يمكن التخصص في الزراعة، أو في الصناعة، ويكون التسويق أيضًا قوميًّا (السوق العربية المشتركة). وثانية العقبات الاقتصادية هي نقص الخبرة البشرية المتخصصة، وبالتالي فيجب تخصيص جزء من استثمارات البلاد النامية في الاستثمار البشري وتكوين الكوادر المتخصصة. وتفضل البلاد النامية حاليًّا الاستثمار في التسلح، أو في تضخيم جهاز الدولة، لمواجهة خطط الاستعمار الخارجية التي وضعت من أجل استنزاف الموارد (كالصهيونية مثلًا في قلب العالم العربي) وكذلك لتعيين الخريجين، والقضاء على البطالة، أو لتوجيه الاستثمارات لسد حاجات الأقلية الحاكمة. يجب إذن القضاء على الأمية العامة، والأمية الخاصة (خلق الكوادر المؤهلة)، كما يجب إعادة التخطيط الإداري، والحد من هجرة الكفاءات، بدلًا من تعويضها بخبراتٍ أجنبية. وثالثة العقبات الاقتصادية هي عيوب خطة التنمية ذاتها ووجود التخطيط في يد الأقلية الحاكمة، أو الجماعات الضاغطة المرتبطة بها، والمتفقة معها في المصالح والأهداف التي يقوم على تنفيذها طبقة أخرى من الموظفين الإداريين. وكثيرًا ما تقوم في البلاد النامية تحت ضغطٍ عسكري إرهابي من الجيش. وما يقال عنه إنه ثورة في البلاد النامية، ليس ثورة حقيقية بل هي مجرد تغيير نسبي داخل الأوضاع القائمة، واستعمال السلطة لوسائل غير شرعية، إذا عجزت عن استعمال الوسائل الشرعية. فالأقلية الحاكمة لها السلطة العسكرية والاقتصادية والثقافية والدينية. ومع ذلك يمكن للبلاد النامية رفع مستوى المعيشة برفع القدرة الشرائية، وذلك لا يتم إلا بوجود اقتصاد وطني للسوق، وإعطاء الأرض للعمال الزراعيين لا للملاك الغائبين، واستثمار الأموال والمدخرات الوطنية داخل البلاد، والقضاء على الاحتكار، ووضع الحمايات الجمركية للصناعات الوطنية. ومع ذلك فالنتيجة النهائية هي أنه من الصعب على الطبقات الحاكمة في البلاد النامية أخذ قرارات لصالح الجماهير وليس لصالحها الخاص، وهي تبلغ من القوة حدًّا تستطيع معه احتواء كل جماعة ضاغطة، فلا يمكن أن تأتي منها المبادرة لطبيعة التركيب الطبقي للمجتمع.
أما العقبات الاجتماعية، فهي تأتي من تكوين الجماهير التي لا تستطيع بسهولة ممارسة الضغط الكافي لتوجيه سياسة الأقلية الحاكمة. وأهم هذه العقبات هي أولًا نقص الاهتمام، وفقدان الحماس، وعدم الثقة بالنفس، واللامبالاة بكل ما يدور حولها؛ نظرًا لأنها لم تنظم تنظيمًا حزبيًّا أو سياسيًّا. ثانيًا نقص في التعليم؛ وذلك لأميتها، ولغياب الحركة الاجتماعية بداخلها، وإطلاق الشعارات دون تحقيق لها. ثالثًا: سلبية الإعلام، وعدم قيادته للجماهير، ونقص عمليات التوعية الجماعية. رابعًا: نقص حرية العمل السياسي النقابي أو الحزبي، وشراء القيادات وإغرائها بالمناصب، وبزيادة المرتبات، أو تهديدها، وتطبيق المكارثية ضد الزعماء.
لم يبقَ أمام الجماهير في البلاد النامية إلا تكوين جماعات للضغط السياسي، إما عن طريق الإعلام، أو عن طريق نشاط الجماعات، أو بالضغط السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي. وقد يكون الضغط السياسي شرعيًّا أو غير شرعي، سلميًّا أو قائمًا على العنف، كما يمكن أن يؤدي إلى تغيير نسبي أو إلى تغييرٍ جذري في الهيكل الاجتماعي نفسه؛ النسبي من أجل الحصول على بعض الحقوق، والجذري من أجل الحصول على كافة الحقوق، الأول إصلاحي والثاني ثوري، الأول في حدود الوضع القائم والثاني من أجل تغيير البناء الاجتماعي: الملكية، العائد، الاستثمارات، الاستهلاك، نظم التعليم، التنظيم السياسي والإداري، العلاقات الدولية. وتتغير إرادة التقدم ورؤية المستقبل للطبقات الحاكمة طبقًا لنوع الضغط الممارس عليها من الطبقات الشعبية، طبقًا للجدول الآتي:
الوضع قبل تغير الأبنية الاجتماعية | الوضع بعد تغير الأبنية الاجتماعية | |||
---|---|---|---|---|
الطبقة الشعبية | الطبقة الحاكمة | المثل | النتيجة | |
الضغط | القدرة على التنبؤ | إرادة التغيير | ||
حد أقصى | حد أقصى | متوسط | شيلي | ثورة سلمية |
حد أقصى | حد أدنى | حد أدنى | كوبا | ثورة مسلحة |
متوسط | متوسط | حد أدنى | كولومبيا | إصلاح |
متوسط | حد أقصى | حد أدنى | البرازيل | انقلاب يميني |
حد أدنى | حد أقصى | حد أدنى | فنزويلا | قهر |
متوسط | متوسط | متوسط | أورجواي | الوضع القائم |
حد أقصى | حد أقصى | حد أقصى | ؟ | ثورة سلمية مثالية |
- (١)
لا تحدث التغيرات في الأبنية الاجتماعية في البلاد النامية إلا بضغط الطبقات الشعبية.
- (٢)
ترتبط فرصة الثورة السلمية بدرجة التنبؤ لدى الطبقة الحاكمة لأنه من الصعب أن تكون لديها إرادة تغيير.
- (٣)
الثورة المسلحة هي البديل عن صعوبة التنبؤ للطبقة الحاكمة وعدم وجود ثورة سلمية مثالية إذا بلغ الضغط الشعبي إلى الحد الأقصى.
سادسًا: العنف والتغيرات الاجتماعية
وإذا كان العنف في بعض المناطق لم يستطع تحقيق الحركة الاجتماعية في الميادين السابقة، فإنه استطاع في مناطق أخرى خلق «عداء كامن» فردي واجتماعي بالنسبة للسلطة القائمة. وهذا العداء الكامن شعورٌ طبيعي، يعبر عن الحرمان الاجتماعي والاقتصادي، ويتحول إلى تدمير. استطاع العنف إذن توليد الشعور بالحرمان، ثم تقوية هذا الشعور، ثم إعطاء الوسائل العملية للقضاء على هذا الحرمان.
وفي المجتمع الكولومبي بوجهٍ خاص نجد الطائفية الحزبية سائدة، ولا بد للفرد فيه من الانتماء إلى حزبٍ معين حتى يترقى اجتماعيًّا؛ ومن ثم يلعب الحزب دورًا خطيرًا في المجتمع الكولومبي؛ فهو أداة في يد السلطة للمحافظة على الوضع القائم، وامتصاص غضب الجماهير بإعطائها ما تطلب بشرط ضمان الولاء منها للسلطة، ويتسلق عليه كل من يريد الوصول إلى السلطة. ثم نشأ العنف، كتعبيرٍ عن طائفة المحرومين المقسمين بين الأحزاب التقليدية، والتي ترفض الدخول في الألاعيب الحزبية بعد أن استعملت السلطة العنف للقضاء على هذه الجماعات الثورية المنشقة على الأحزاب السياسية أو العاملة من خلالها. ونجد أيضًا في المجتمع الكولومبي غياب الوعي الطبقي، نظرًا لسيادة الأبنية التقليدية فيه، وغياب التنظيمات الشعبية، ووقوع الجماهير في الفردية والعزلة نظرًا لقلة الاتصال بينها، ونقص وسائل الإعلام، وغياب الحركة الاجتماعية وسيادة القيم التقليدية، والعواطف التواكلية والقدرية. ثم نشأ العنف، ونشأ معه الوعي الطبقي، ووحد بين الفلاحين، وحقق التضامن بينهم. وأخيرًا نجد في الشعب الكولومبي غياب الملكية الفردية كجزءٍ من تقاليده القديمة؛ وذلك لأنه لم يعرف في تاريخه القديم إلا الملكية الجماعية، ولكن الملكية الفردية لم تأتِ إلا مع المستعمرين الإسبان، وبالأفكار الليبرالية التي تؤله الملكية الفردية، ثم عادت الملكية الجماعية للظهور من جديدٍ بفضل العنف، ودفاع جميع الفلاحين عن الأرض.
ولكن ماذا عن الطبقات العمالية؟ لقد نشأ العنف في الريف كظاهرةٍ ريفية محضة وليس في المدينة. فالفلاحون هم الطبقات المحرومة في حين أن طبقة العمال تشارك إلى حدٍّ ما في خيرات المدينة. ومع أن العنف في المدن قد نشأ حاليًّا إلا أن توريز حاول بذر بذوره في المدينة، في الطبقة العاملة. فثورة العمال ضرورية مع ثورة الفلاحين؛ لأن كليهما له عدو مشترك، وهو الأقلية الحاكمة التي لا تعمل إلا لمصالحها الخاصة. ومع أن من العمال من ينتسبون إلى الطبقة البورجوازية في المدينة، إلا أنهم يمكنهم الانضمام إلى الثورة؛ لأنهم أقرب إلى الطبقات الشعبية منهم إلى الأقلية الحاكمة، ويستطيعون المشاركة في الثورة بالفعل، وليست بمجرد إعلان النوايا. والمشكلة العمالية ليست كما يصورها البعض مشكلة تكنولوجية: تصدير، نقد، مدفوعات … إلخ، بل المشكلة في جوهرها مشكلة اجتماعية في تسلط الأقلية الحاكمة، وهو ما يعلمه رجل الشارع دون حاجةٍ إلى علمٍ غزير وإحصائيات للتعمية أو للتعالم. فطريق العمال هو طريق الإضراب، والمطالبة بالمشاركة في الأرباح، وفي إدارة المصانع، بل وحقهم في التسيير الذاتي لها. طريقهم رفض الدخول في ألاعيب الأحزاب، ورفض الاشتراك في الانتخابات المزيفة التي تجريها الأقلية الحاكمة. طريقهم تغيير البناء الاجتماعي كله من القاعدة إلى القمة، وإعطاء من يعملون حصيلة عملهم، فهم أصحاب الإنتاج الوطني. العمال كلهم ينتمون إلى طبقةٍ واحدة، والوعي بمصالحهم المشتركة يزيد من حدة شعورهم الطبقي. وتلك مهمة النقابات العمالية. لقد استخدمت السلطة العنف، ولا يقابل العنف إلا بالعنف، لا بالانتخابات المزيفة، أو بالعمل الحزبي المتواطئ، مع السلطة، فالطبقات الشعبية، الفلاحون والعمال، هي التي لها حق الحكم، وهي التي يجب أن تكون لها السلطة، وقادة الشعب ينبعون من الشعب ولا يُفرضون عليه، ويعبرون عن مصالحه ولا يتواطئون مع الأقلية الحاكمة.
سابعًا: الثقافة والوعي الطبقي
إذا كانت مهمة العنف الأساسية هي خلق الوعي الطبقي لدى طبقات الشعب، فإن ظهور الوعي الطبقي يؤدي إلى تغيير المفاهيم السياسية التي تستعملها الطبقة الحاكمة، وتأخذ معاني ومدلولات جديدة عند الطبقات الشعبية. هناك إذن ثقافتان: ثقافة الأقلية الحاكمة التي تمثل ١٥٪ من الشعب الكولومبي والتي يبدأ دخلها بأكثر من ثلاثة آلاف دولار في السنة، وثقافة الأغلبية المحكومة التي تمثل ٨٥٪ من الشعب الكولومبي. ولكل طبقةٍ قيمها ومفاهيمها، ويستحيل الحوار بينهما، ولا يكون هناك حوارٌ ممكن إلا العنف. مهمة المثقف الثوري هي تحليل لغة الثورة، وتحليل المفاهيم الدائرة وإرجاعها إلى نشأتها الطبقية، كما هو واضح في الجدول الآتي الذي يقدمه لنا توريز:
التعبير | معناه عند الطبقة العليا | معناه عند الطبقة الدنيا |
---|---|---|
الأقلية | إهانة | الامتياز |
العنف | قطع الطريق | الخروج على المحافظة |
الجماعة الضاغطة | الصفوة | المستغلون |
الثورة | قلب للأوضاع منافٍ للأخلاق | التغير البناء |
تغير الأبنية | ثورة | التغيرات الأساسية |
الإصلاح الزراعي | نزع غير شرعي للملكية | استيلاء الفقراء على الأرض |
الأحزاب السياسية | تجمعات سياسية ديمقراطية | الأقلية |
الحساسية الاجتماعية | اتجاه شعبي | الوصاية |
الصحافة | السلطة الرابعة | الصحافة الكبيرة |
مانو نجرا «اليد السوداء» | مركز الدراسات والعمل الاجتماعي | الجمعية السرية المكارثية |
الحركة النقابية | صراع الطبقات | مطالبة |
العمل | الحل السلمي | تنظيم محلي |
اليسار | قلب الأوضاع | الخروج على المحافظة |
الشيوعية | هذيان | الثورة |
الرأسمالية | نظام اقتصادي | الاستغلال |
الاستعمار | شعار ماركس | أثر اليانكي «الأمريكيين» |
فيدل كاسترو | زعيم شيوعي | زعيمٌ ثوري |
انخفاض القيمة | إجراء اقتصادي | بؤس |
الجبهة الوطنية | سياسة التعايش السلمي | اتحاد الأقليات |
«الرابطة من أجل التقدم» | مساعدة من أمريكا الشمالية | استعمار |
الكنيسة | مؤسسة في صالح النظام | قوة رجعية |
الجيش | قوة تستعمل في الردع | العنف |
البيروقراطية | الإدارة | طفيليات الدولة |
البرلمان | الديمقراطية | طفيليات الشعب |
العودة إلى السلام | القضاء على قطاع الطرق | موت رجال العصابات |
«جيش السلام» | متطوعون نزهاء | السياح أو الجواسيس |
ثامنًا: الدين والثورة
- (١)
طالب المعهد الديني: طبقة متوسطة دنيا.
- (٢)
نائب الخوري أو المرشد: طبقة متوسطة متوسطة.
- (٣)
خوري الريف: طبقة متوسطة متوسطة.
- (٤)
خوري المدينة في الحي العمالي: طبقة متوسطة متوسطة.
- (٥)
خوري المدينة في الحي الراقي: طبقة متوسطة عليا.
- (٦)
سيدنا أو الكاهن: طبقة عليا دنيا.
- (٧)
معاون الأسقف: طبقة عليا متوسطة.
- (٨)
الأسقف: طبقة عليا متوسطة.
- (٩)
رئيس الأساقفة: طبقة عليا متوسطة.
- (١٠)
الكاردينال: طبقة عليا متوسطة أو عليا حسب النسب.
وهنا يحاول توريز تفسير الدين تفسيرًا ثوريًّا، ويعيد بناء عقائده كما أعاد بناء نظمه ومؤسساته، فيرى أن المسيحية أساسًا تقوم على حب الجار وعلى الإحسان. ولا يعني ذلك تأسيس ثورة على أساسٍ خلقي؛ فالثورة لا تقوم إلا على تحليلٍ اجتماعي للواقع، والتعرف على البناء الاجتماعي الطبقي. ولكن توريز يحاول هنا إقناع رجال الكنيسة من الرهبان الصغار الذين هم أقرب إلى الشعب منهم إلى الرؤساء الذين يمثلون مصالح الأقلية الحاكمة والطبقة المسيطرة. وحب الجار معناه التضحية من أجله، وإيثاره على نفسه، والإحسان يعني نزع ملكية الفرد، وإعطاء الحق لأصحابه. يحاول توريز إعطاء هاتين الفضيلتين في المسيحية مضمونًا ثوريًّا كأحد الوسائل لنشر الدعوة الثورية في مجتمعٍ ما زال الطابع الغالب عليه هو الطابع التقليدي. بل ويستعمل توريز منهج النص المباشر، فيذكر للشعب النصوص الدينية التي تحث على الثورة مثل: «لو قال أحدٌ إنه يحب الله الذي لا يراه ولا يحب جاره فهو كاذب»، أو مثل قول المسيح: «لقد كنت جائعًا ولم تعطني ما أطعم به، وكنت ظمآن ولم تعطني ما أروي به ظمئي» … لقد جعل الوحي الإحسان هو الوصية الأولى؛ الإحسان إلى الله والإحسان إلى الجار. وليس الإحسان هو الصدقة، بل هو حالة من العطاء والتضحية من أجل الآخر، سواء كان هذا الآخر هو الله أم الإنسان، وفي خدمة الله عن طريق خدمته للإنسان، الله هو المجتمع، وتحليل الواقع الاجتماعي هو اللاهوت الوحيد الممكن. مهمة علم الاجتماع توجيه الأبحاث نحو خدمة الله؛ أي من أجل المحافظة على مصلحة الجماعة. فالإيمان بالله محافظة على مصلحة الجماعة؛ لأن حق الله هو حق الآخر. ولقد وُضع القانون من أجل الإنسان ولم يوضع الإنسان من أجل القانون. إن القلق الديني ليسير جنبًا لجنب مع القلق الاجتماعي وتوجيه الأبحاث نحو خدمة الله؛ أي من أجل المحافظة على التحليل المباشر للواقع بعين الحذر. والحقيقة أن اللاهوت التقليدي وعلم الاجتماع شيء واحد؛ لأن اللاهوت هو تحليل للواقع الاجتماعي؛ وبالتالي يمكن لكثيرٍ من المتدينين تغيير أحكامهم على العقائد وعلى المجتمع على السواء.
تاسعًا: وحدة القوى الثورية
وينتهي توريز من كل ذلك إلى تحقيق حلمه الأخير، وهو وحدة القوى الثورية التي أراد أن يحققها بالفعل في «الجبهة المتحدة للشعب الكولومبي». وتعني وحدة القوى الثورية شيئين؛ الأول: اتفاق جميع هذه القوى على حدٍّ أدنى من العمل الثوري، في برنامجٍ موحد. ثانيًا ضرورة تحقيق ذلك بالثورة المسلحة، وبالاستيلاء على السلطة. وقد صاغ توريز هذا البرنامج الموحد في «بيان حركة الوحدة الشعبية»، ثم عاد صياغته من جديدٍ في «بيان الجبهة المتحدة للشعب الكولومبي» الموجه لجميع طوائف الشعب، وإلى التنظيمات المحلية، والنقابات والتعاونيات، وإلى كل الغاضبين من الرجال والنساء والأطفال، وإلى كل المجاهدين الذين لم ينضموا حتى الآن للأحزاب السياسية، وإلى جميع الأحزاب السياسية نفسها التقدمية الليبرالية والمحافظة.
- (١)
القرارات اللازمة الآن من أجل توجيه سياسة الدولة لصالح الجماهير، وليس لصالح الأقلية الحاكمة تأتي ممن بيدهم السلطة.
- (٢)
إن من بيدهم السلطة اليوم هي الأقلية الحاكمة، وهي المسيطرة على الاقتصاد الوطني، والتي تصدر القرارات السياسية.
- (٣)
إن هذه السلطة لا تأخذ أي قرارات تمس مصالحها الخاصة أو المصالح الأجنبية التي تمثلها أو المرتبطة بها.
- (٤)
إن القرارات المطلوبة من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجماهير تمس بالضرورة مصالح الأقلية الحاكمة اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا.
- (٥)
إن هذه الظروف تحتم تغيير بناء السلطة السياسية حتى يمكن للجماهير أن تكون مصدر القرارات.
- (٦)
إنه لا توجد في البلاد الآن قوة اجتماعية يمكنها أن تكون أساسًا لقوةٍ سياسية جديدة. لذلك لا بد من تكوين هذه القوة في أسرع وقت.
- (٧)
إن الجماهير الآن ترفض الأحزاب السياسية التقليدية وترفض نظمها القائمة ولكنها لا تملك جهازًا سياسيًّا يمكنها من الاستيلاء على السلطة.
- (٨) إن الجهاز السياسي الجديد لا بد أن يقوم على تعدد الاتجاهات Pluralisme، كما يجب أن يقوم على الجماهير، وليس على فردٍ بعينه حتى لا يقع في معارك الشلل، أو في الديماغوجية، أو في عبادة الأشخاص.
- (١)
الإصلاح الزراعي: الأرض لمن يفلحها، ويجب تعيين مفتشين لاستلام الأرض من كبار الملاك، وتوزيعها على المزارعين الذين لا يملكون، وأن تقوم جمعيات تعاونية من أجل عمليات التسليف والتسويق والمساعدات الفنية، ولا يجوز دفع تعويضات للأرض، أو شراؤها من الملاك، بل يجب انتزاعها منهم دون تعويض، ثم تتحول الزراعة من نمط الاستهلاك إلى نمط الإنتاج.
- (٢)
الإصلاح العمراني: يقوم الإصلاح العمراني على آثار الإصلاح الزراعي، وعلى الربط بين التغيرات في الريف وفي المدينة، كما يوجب أيضًا أن يتحول كل ساكن في منزلٍ بالإيجار إلى مالكٍ له، حتى يمكن القضاء على إقطاع العقار، إلا من يعيشون من التأجير (وللدولة الحق في تغريم كل مالك لا يستفيد من عقاره، أو لا يحسن استخدامه، كما أن لها الحق في نزع ملكية الأراضي الخالية، وأن تقوم الدولة ببنائها من أجل حل أزمة المساكن).
- (٣)
إصلاح المؤسسات: يجب إلغاء المؤسسات الحرة وتحويلها إلى مؤسساتٍ تعاونية أو جماعية؛ وذلك بإنشاء شركات مساهمة يكون حق إدارتها لكل العاملين بها، وليس فقط لكل المساهمين فيها، مع احترام النقابات العمالية الحرة وحقها في توجيه العمل.
- (٤)
التعاونيات: يجب خلق جمعيات تعاونية على جميع المستويات في الادخار، والإنتاج، والتجارة، والبناء، والاستهلاك.
- (٥)
التخطيط: وضع خطة كاملة للاقتصاد الوطني من أجل التصنيع والتصدير ومنع الاستيراد ودخول القطاع الخاص ضمن الخطة الوطنية للاستثمار، وتحويل العملات الأجنبية من حق الدولة وحدها، وتسويق المنتجات في سوقٍ مشترك لدول أمريكا اللاتينية.
- (٦) السياسة الضريبية: وضع ضرائب تصاعدية على كل دخلٍ يزيد على ألف بسوس١١ شهريًّا، وهو الحد الأدنى الذي يسمح لعائلةٍ أن تعيش، الحد الأعلى هو خمسة آلاف، وكل ما يزيد على ذلك يدخل ضمن الاستثمارات العامة للدولة، ولا يوجد أي استثناء من الإعفاء من الضرائب، أو من تحويل زيادة الدخول لصالح الخطة القومية للتنمية.
- (٧)
السياسة المالية: لا تصدر الدولة أوراقًا مالية إلا من أجل تنمية قطاعات الإنتاج التي تقوم على العمليات القصيرة والطويلة الأجل، وتكون العملة السائلة على قدر هذه العمليات، وتقوم الدولة بتغطية عملتها عن طريق رصيدها الذهبي، ويكون هو المقياس في العلاقات المالية الدولية.
- (٨)
التأميم: تؤمم البنوك والمستشفيات والعيادات الخاصة والمعامل والصيدليات. وتكون استثمارات الثروات الطبيعية من حق الدولة وحدها. وتقوم الجمعيات التعاونية والشركات الجماعية بأمور المواصلات العامة، وإلا فإن ذلك يكون من حق الدولة. تكون الصحافة والإذاعة والتليفزيون والسينما تحت إشراف الدولة من أجل مصلحة الجماعة، ويكون التعليم مجانًا لجميع الشعب، وإلزاميًّا حتى التعليم الثانوي أو الفني، وتوقع العقوبة على الآباء الذين لا يلتزمون بتعليم أبنائهم. وتمول خطة التعليم من الاستثمارات العامة للدولة أم من زيادة الضرائب. وتستثمر الدولة البترول لصالحها ومن أجل الاقتصاد الوطني، ولا يعطى هذا الحق للشركات الأجنبية إلا إذا أقيمت معامل التكرير داخل البلاد، وأن يكون حق الدولة ٨٠٪ من الإنتاج (أو ليس أقل من ٧٠٪)، وأن ترجع الشركات إلى ملكية الدولة في ظرف عشر سنوات (أو على الأكثر عشرين سنة)، وأن تقوم الدولة بعملية التوزيع والنقل، وألا تكون أجور المواطنين أقل من أجور الأجانب.
- (٩)
العلاقات الدولية، يكون للدولة علاقات مع جميع بلاد العالم بلا استثناء، وعلاقات تجارية وثقافية على أساسٍ من الاحترام المتبادل لسيادة كل دولة.
- (١٠)
الصحة العامة (والتأمينات الاجتماعية): تقوم الدولة بتأمين اجتماعي وصحي شامل للعاملين بها، فمن حق الشعب الرعاية الصحية والاجتماعية، والتأمين ضد البطالة والمرض والعجز والشيخوخة والموت، وتعتبر الدولة العاملين بالصحة العامة موظفين، وأن يكون لكل منهم عدد معين من العائلات.
- (١١)
السياسة العائلية: تعاقب الدولة كل الآباء الذين يتركون أبناءهم أو زوجاتهم.
- (١٢)
الجرائم الاجتماعية الخاضعة للعقوبات: ترك الأسرة، الربا، المضاربة، تهريب رءوس الأموال، سحب البضائع من السوق من أجل بيعها بعد ذلك في السوق السوداء، التهريب، السب العلني، التمويه على الرأي العام بالأخبار المكذوبة أو الناقصة أو المغرضة.
- (١٣)
حقوق المرأة: المرأة مساوية للرجل في النشاط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
- (١٤)
القوات المسلحة: الخدمة العسكرية إجبارية على الموطنين جميعًا رجالًا ونساء (ابتداء من سن ١٨)، وأن تكون تكاليف الدفاع عن السيادة الوطنية من الشعب، وأن تكون الميزانية طبقًا للمهام الموكلة للقوات المسلحة.
- (١)
تكوين الحركة من القاعدة إلى القمة لضمان تجنيد الشعب والموافقة على هذا البيان.
- (٢)
توزيع البيان لأخذ الموافقة عليه من الأفراد والجماعات والحركات السياسية.
- (٣)
تجميع كل الاتجاهات السياسية الموافقة على البيان تحت اسم «الجبهة المتحدة للحركات الشعبية».
- (٤)
تكوين جماعات عمل في كل حي وفي كل شارع، وانتخاب رئيس لها ونائب رئيس.
- (٥)
اجتماع رؤساء هذه الجماعات في مناطق من أجل انتخاب جماعة للعاصمة.
- (٦)
اجتماع جماعة العاصمة من أجل أخذ موقف من انتخاب الرئاسة القادمة.
- (٧)
انتخاب لجنة سياسية من ممثلي الاتجاهات السياسية من أجل تضافر الجهود لدعايات الجبهة المتحدة.
- (٨)
يكون الاعتماد في العمل على التنظيمات الشعبية في المجالس المحلية وجمعيات الفلاحين والنقابات والتنظيمات الطلابية والمهنية.
- (١)
يؤدي الانتخاب إلى قسمة الشعب إلى محافظين وليبراليين، وكل تقسيم للشعب مضاد لمصالحه.
- (٢)
يوجد الجهاز القائم على الانتخابات في يد الأقلية الحاكمة، وتجري في مكاتبها؛ وبالتالي فإنها ستزيفها.
- (٣)
لن تستطيع الجماعات الثورية التي يقدَّر لها النجاح في الانتخابات تكوين جبهة معارضة في البرلمان، وتحقيق أي تغيرات ثورية ثورية بل إن وجودها داخل البرلمان يكون ستارًا للأقلية الحاكمة، تفعل من وراءه ما تشاء، ودليلًا لها على ديمقراطية الحكم، ووجود المعارضة.
- (٤)
تقتضي التربية الثورية ألا يقال للشعب أن يحذر من الأقلية الحاكمة، ثم يُطلب منه بالفعل الاختيار بين مرشحيها، وتعريض نقائه الثوري للامتحان.
- (٥)
يستحسن تخصيص المال والجهد اللذين سيبذلان في الانتخابات لمصلحة الشعب، وتوحيد القوى الثورية.
- (٦)
حتى لو افترضنا، بمعجزةٍ ما، نجاح الجماعات الثورية في الانتخابات وحصولها على الأغلبية، فإن الأقلية الحاكمة تستطيع تدبير انقلاب للإطاحة بالحكم الثوري، كما يحدث دائمًا في أمريكا اللاتينية؛ إذ إنها تملك القوة العسكرية والاقتصادية التي تمكنها من تدبر هذا الانقلاب، ولا يوجد حكم واحد في أمريكا اللاتينية لم يلطخ يده بدماء الثوار.
لذلك، على كل القوى الثورية الامتناع عن الدخول في ألاعيب الانتخابات ومظاهر الديمقراطية. وهذا الامتناع ليس موقفًا سلبيًّا بل هو موقفٌ إيجابي؛ لأنه رفضٌ لنظام ومحاربة له، وهو موقفٌ عسكري لأن الثوار يمكنهم الانقضاض على صناديق الانتخاب وعلى جهاز الدولة، وهو موقف ثوري لأنه تنظيمٌ للقوى الشعبية، من أجل الاستيلاء النهائي على السلطة.
فإلى المسيحيين: لا يكفي حب الجار أو الإحسان لإعطاء الطعام لكل الجوعى، ولا بد للبحث عن وسائل أكثر فاعلية من أجل إجبار الأقلية الحاكمة على التنازل عن امتيازاتها، وعلى إخراج رءوس أموالها واستثمارها داخل البلاد. ولما كان ذلك لن يحدث، فيجب نزع السلطة من الأقلية الحاكمة كي تكون للأغلبية الفقيرة، وأن يحدث ذلك بسرعةٍ فتلك هي الثورة، وقد تكون سلمية إذا لم تعارض الأقلية، وسنلجأ إلى العنف إذا ما عارضت. إنها الثورة وحدها التي تعطي الخبز لكل جائع، والملبس لكل عارٍ، والدواء لكل مريض، والعلم لكل أمي. إن الثورة ليست جائزة فقط، بل إنها واجبةٌ على كل المسيحيين من أجل القضاء على الطغيان الذي يعتمد فقط على أصوات ٢٠٪ من الناخبين. ولن نلتفت لأخطاء الكنيسة؛ فالكنيسة بشر، والبشر مخطئون، ولا يطلب الله منا أضاحي أو قرابين ولكنه يطلب علاقات إنسانية عادلة «فإذا كنت تقرب قربانك إلى المذبح، وذكرت هناك أن لأخيك عليك شيئًا، فدع قربانك عند المذبح هناك، واذهب قبل ذلك فصالح أخاك، ثم عد فقرب قربانك».
وإلى الشيوعيين: فإنني ثائر باعتباري مواطنًا وعالم اجتماع ومسيحيًّا وراهبًا، والحزب الشيوعي حزب ثوري أصيل؛ وبالتالي فلا يمكن أن أكون معاديًا للشيوعيين باعتباري مواطنًا وراهبًا. العداء للشيوعية معناه التواطؤ على استغلال الطبقات المحرومة. وباعتباري عالم اجتماع، تقدم التحليلات الماركسية صورة صادقة لحال الفقراء والجوعى والأميين، وباعتباري مسيحيًّا، لا أحكم على الشيوعية حكمًا ظالمًا وإلا أكون ظالمًا، وباعتباري راهبًا، أجد من الشيوعيين مسيحيين حقيقيين وهم لا يعلمون ذلك. إني أعمل مع الشيوعيين ضد الأقلية الحاكمة عميلة الولايات المتحدة، ومن أجل استيلاء الطبقة الشعبية على السلطة.
وإلى العسكريين: فإنه لا يجب عليهم التوجه للشعب بل ضد أعداء الشعب؛ فالجنود أبناء الشعب. لقد ارتضت بعض طبقات الجيش لنفسها مقاسمة الأقلية الحاكمة في الثروات، فاشتروا من الولايات المتحدة معدات وأسلحة لقهر الشعب. وقد يحتج البعض منهم بالمحافظة على النظام والدستور وسلامة الوطن، ولكن الوطن للأغلبية، والدستور من وضع الأقلية، وطالما خرقت الأقلية الدستور لأنها نهبت ثروات الشعب، ولم توفر العمل أو التعليم أو الصحة أو التأمين للطبقات المستغلة. لقد خرقت الأقلية الدستور بفرضها الأحكام العرفية، وحصار المدن، والقبض على المواطنين، والزج بهم في السجون بلا محاكمة. إن ثروات الشعب كلها في يد أربع وعشرين عائلة فقط. فليترك الجندي جيش الأقلية، فإنه سيجد عملًا مع الطبقات الشعبية، حين تنتصر الثورة، ويتم تخطيط الاقتصاد الوطني. إن شرف العسكريين منوط بالدفاع عن الشعب ضد أعدائه، فليتحد الجنود مع طبقات الشعب في الجبهة المتحدة من أجل استيلاء الشعب على السلطة.
وإلى المحاربين: لقد كانت نسبة الامتناع عن التصويت ٧٠٪؛ أي إن ثلاثة أرباع الشعب ضد الأقلية الحاكمة، وليست مع الجبهة المتحدة، وهؤلاء هم الثوار الذين لم يتم تنظيمهم بعد في جماعاتٍ سياسية أو في الجبهة المتحدة، ولكنهم ثوارٌ يرفضون العشائرية السياسية، والفُرقة الحزبية، وهم قاعدة الجبهة المتحدة التي صاغت بيانها لهم. فإليهم: ألا يخافوا من أخطاء الحركات الثورية السابقة، وعليهم إن كان من الصعب إحداث الثورة في المدن، أولًا: الاعتصام بالريف. ثانيًا: ألا يقوموا بأي عملٍ مضاد إلا بعد إقامة تنظيم ريفي يعتمدون عليه.
وإلى النقابيين: إن تاريخ النضال العمالي سابقٌ على نشأة النقابات، ولا توجد جماعات منظمة مثل جماعات العمال. إن العمال لهم قدوة على النضال، ولكن سرعان ما يتحول قادة النقابات إلى أوصياء متواطئين مع الأقلية التي تحاول وضع بذور الفتنة بين العمال لتقضي على وحدة الحركة العمالية، فتصف بعضًا منهم بالشيوعية! ومع ذلك فإن الجبهة المتحدة تعمل على وحدة النضال العمالي، وعلى استمراره بالإضرابات ومعاضة الديكتاتورية السياسية أو العسكرية، واتحاد العمال مع الطلبة هو دعامة النضال الشعبي.
وإلى الفلاحين: إن الشعوب الكولومبي أغلبيته من الفلاحين وهم الذين يعطون بعملهم ٩٠٪ من الدخل القومي، ومع ذلك فهم لا يستفيدون من نتاج عملهم، بل يرجع كله إلى الأقلية الحاكمة ولمديري البنوك. لذلك نشأ العنف في الريف كوسيلةٍ لاسترداد حقوق الفلاحين، ولمواجهة عنف السلطة التي تأتمر بأوامر الولايات المتحدة قاهرة الحركات الشعبية في سان دومينغو. فيجتمع الفلاحون في جماعاتٍ صغيرة، خمسة أو عشرة أفراد من أجل تحرير الأرض، وإيواء العمال الثوريين والطلاب.
وإلى النساء: المرأة الكولومبية متأخرة، ومتخلفة عن الرجل في المجتمع؛ فالمرأة في الطبقات الشعبية ليس لها سوى الأعمال المادية دون أي حق في وجودها الأدبي، أمية، تعمل ليل نهار، والمرأة في الطبقة العمالية لا تتمتع بأية حماية اجتماعية، كثيرًا ما تقوم بأعباء الأسرة إذا ما تعطل الزوج عن العمل، والمرأة في الطبقة المتوسطة يستغلها رئيسها في العمل، في المكتب، أو الشركة، أو المؤسسة، أما المرأة في الطبقة العالية، فإنها تنعم بالحياة الراقية، وتعيش في الفراغ والبطالة، تعتمد عليها الأقلية حين أعطتها حق الانتخاب. والحقيقة أن المرأة الكولومبية إنسانٌ وليس مجرد وسيلة، ولديها شعور بأنها مستغلة، وهي تناضل بطريقها الخاص، فترفض الدخول في ألاعيب الانتخابات، وتساعد الرجل الثوري، فهي قلب الثورة، ولا يمكن أن تُحل مشاكل الأسرة مثل تحديد النسل إلا في مجتمعٍ لا يقوم على القهر أو على التقاليد، وهو مجتمع الثورة.
وإلى الطلبة: الطلبة في البلاد النامية جماعة متميزة؛ فقد تعلموا في بلدٍ فقير، ففي كولومبيا، تسود الأمية بنسبة ٦٠٪، والحاصلون على الثانوية العامة ٨٪، والجامعيون ١٪. فالطالب متميزٌ في مجتمعه، كما يتميز الطالب بأن لديه الوسائل التي يستطيع بها تحليل الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لوطنه، ويمتاز أيضًا بأنه يمكنه الترقي الاجتماعي نظرًا لمؤهلاته، وبأنه يمكنه العصيان دون ما خوف. كل هذه الميزات جعلت الطلبة عنصرًا هامًّا للثورة في أمريكا اللاتينية، فهم عنصر في الإضرابات وفي المنظمات وفي النضال المباشر، ولكن بعضًا منهم ينقصهم الالتزام التام بالقضايا الوطنية من أجل الحصول على بعض الامتيازات الاجتماعية، أو يكون عصيانهم انفعاليًّا، أو رفضًا تعامليًّا. فعلى الطلبة أن يشعروا بدورهم التاريخي في لحظات التطور الحاسمة للبلاد النامية، لا يكفي أن تكون رسالتهم ثقافية، فلا وجود للثقافة بلا ثورة، خاصةً وأن الجماهير تتطلع إليهم باعتبارهم الأمناء على مصالحها. وقد يصيبهم الفقر والاضطهاد، ولكن هذا هو ثمن الثورة، بتضامنهم مع طبقات الشعب، العمال والفلاحين.
وإلى العاطلين: إذا كان هناك عاطلون بالولايات المتحدة، فما بالنا بالعاطلين في البلاد النامية؟ إن البطالة إحدى سمات البلاد النامية؛ وذلك لأن الأقلية الحاكمة تفضل استثمار أموالها في الخارج؛ فذلك أكثر أمنًا وسلامًا لها. فلا توجد صناعات تستوعب الأيدي العاملة في المدينة أو المهاجرة من الريف، وتفضل الأقلية استيراد المنتجات من الولايات المتحدة، حتى تكون هي المستفيدة من البيع والشراء، وتعطي ما بقي من المدخرات الوطنية للولايات المتحدة، لشراء أسلحة لقمع ثورات الطبقات الشعبية، ولا تبيع المنتجات إلا للولايات المتحدة التي احتكرت معظم المنتجات الزراعية في أمريكا اللاتينية، تورد البلاد لها موادها الأولية وتستورد عربات للطبقة الحاكمة! فالعاطلون هم ضحية الأقلية الحاكمة عميلة الولايات المتحدة؛ لذلك فهم في طليعة الثوار، من أجل أن تكون السلطة للأغلبية. وتزداد المشكلة يومًا بعد يوم، عندما تفصل الأقلية الحاكمة مئات العمال عقابًا لهم على اشتراكهم في الإضرابات والمظاهرات، وكل ذلك يعني أن ساعة النضال قد حانت.
وإلى المعتقلين السياسيين: إن الأقلية تعلم أنها لن تترك السلطة إلا بالقوة؛ لذلك تعتقل زعماء الحركات الثورية، وتعذبهم في السجون، وتقتلهم، وفي نفس الوقت تعلن أنها تدين أعمال العنف. ولكن الأقلية المتسلطة لا تستطيع أن تعتقل الشعب الكولومبي كله، ويكون من واجب قادة الثوار ألا يتركوا أنفسهم يقتلون ويعذبون، وأن ينقلوا الثورة من المدن إلى الريف، فهناك يتحرك الفلاحون معهم. ومع ذلك يمكنهم المقاومة من السجون بمراجعة أفكارهم، وتحرير نداءاتهم وإعطائها لزملائهم. كما أن من واجبهم إثبات أنهم وطنيون شرفاء لسجانيهم، لكسبهم لقضية الثورة. إن الوسيلة الوحيدة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين هي مزيدٍ من الثورة حتى يأخذ الشعب السلطة.
وإلى الأقلية الحاكمة: إن مخاطبة من لا يريدون أن يسمعوا أو أن يعقلوا لأمرٌ عصيب، ومع ذلك فهو واجبٌ لا بد من القيام به. منذ أكثر من مائة وخمسين عامًا قد استولت العشيرة الاقتصادية، المكونة من بضع عائلات، على خيرات البلاد، واستولت على السلطة لصالحها الخاص، ولكن الشعب لم يعد يثق بهم، ولا ينتخبهم، بل كفر بهم ويئس منهم، وأصر على أخذ مصيره بيده.
«يا شعب كولومبيا!
منذ سنوات طويلة، انتظر الفقراء في وطننا إشارة لبدء المعركة لكي يقذفوا بأنفسهم في صراعٍ نهائي مع الأقلية.
ولكن في هذه اللحظات التي وصل فيها الشعب إلى آخر درجات اليأس، وجدت الطبقة الحاكمة باستمرار وسيلةً لخداع الشعب، وتلهيته وتهدئته بصيغٍ جديدة، تؤدي دائمًا إلى نفس الشيء: الألم للشعب، والنعيم للعشيرة المتميزة!
والآن، لم يعد الشعب يثق بشيء، لم يعد الشعب يؤمن بالانتخابات، يعلم الشعب أن الطرق الشرعية قد استُنفدت، ويعلم الشعب أنه لم يعد هناك إلا الكفاح المسلح. لقد يئس الشعب، وقرر المخاطرة بحياته حتى لا يكون الجيل القادم في كولومبيا جيلًا من العبيد، حتى يستطيع أبناء الذين هم على استعدادٍ الآن للتضحية بحياتهم أن يجدوا علمًا ومنزلًا وغذاء وكساء، وبوجهٍ خاص كرامة، وحتى تستطيع الأجيال القادمة من شعب كولومبيا أن يكون لها وطن خاص مستقل عن قوة أمريكا الشمالية.
يجب على كل ثوري مخلص أن يعترف بأن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد الباقي، ومع ذلك ينتظر الشعب أن يعطي الزعماء، بمثلهم وحضورهم، إشارة بدء المعركة.
أريد أن أقول لشعب كولومبيا إن هذه اللحظة قد حانت، وإنني لست خائفًا، فلقد طفت ميادين القرى والمدن، وسرت من أجل الدعوة إلى الوحدة، وتنظيم الطبقة الشعبية، من أجل الاستيلاء على السلطة، وطلبت أن نهب أنفسنا من أجل تحقيق هذه الأهداف حتى الموت.
والآن، كل شيء مُعَد، تريد الأقلية تنظيم ملهاة أخرى أثناء الانتخابات، بمرشحين يرفضون ثم يقبلون من جديد، بلجانٍ تضم حزبيين، وبحركة تجديد تقوم على أفكار وعلى شخصيات قديمة خانوا الشعب. يا شعب كولومبيا، ماذا تنتظر؟
لقد دخلت في الكفاح المسلح، ومن جبال كولومبيا أريد أن أستمر في النضال، والسلاح في يدي حتى يستولي الشعب على السلطة. لقد التحقت «بجيش التحرير الوطني»؛ لأنني وجدت لديه نفس المثل التي في «القاعدة المتحدة»، وجدت لديه الرغبة لتحقيق الوحدة من القاعدة قاعدة الفلاحين، دون فروق دينية، أو أحزاب تقليدية، ولم أجد لديه أي نية للصراع مع العناصر الثورية، لأي قطاعٍ أو حركة أو حزب، ولم أجد لديه أية ديكتاتورية، بل وجدت حركة تحاول تحرير الشعب من استغلال الأقليات والاستعمار، ولن تضع الأسلحة ما دامت السلطة بأكملها ليست في يد الشعب، وتقبل، بهذه الأهداف، بيان «الجبهة المتحدة».
يجب علينا جميعًا، أيها المواطنون في كولومبيا، أن نجهز للحرب، وسيبرز شيئًا فشيئًا قادة رجال العصابات، في كل ركنٍ من أركان البلاد. وانتظارًا لهذه اللحظة، يجب أن نأخذ حذرنا. يجب جمع الأسلحة والمؤن، وتطوير تدريب رجال العصابات، والحديث مع أكثر الناس تعاطفًا معهم، وجمع الملابس والأدوية والمواد التموينية، والاستعداد لصراعٍ طويل الأجل.
ولنوجه للعدو ضربات صغيرة يكون الانتصار فيها مؤكدًا، ولنمتحن كل من يدَّعون أنهم ثوار، ولا نَكُفنَّ عن العمل ولنصبرنَّ. ففي الحرب الطويلة، يجب أن يعمل الجميع في لحظةٍ محددة. المهم أن الثورة، في هذه اللحظة المعينة، تجد الجميع مستعدين جاهزين. وليس من الضروري أن يقوم الجميع بكل شيء، بل يجب أن نقسم العمل، فيكون أنصار الجبهة المتحدة في طليعة المبادرة والعمل. فلنصبر ولننتظر ولنؤمن بالنصر النهائي.
يجب أن يتحول كفاح الشعب إلى كفاحٍ وطني. ولقد بدأناه منذ وقتٍ مبكر لأن اليوم طويل.
- (١)
المشاكل الاجتماعية للجامعة الحالية (١٩٥٧م).
- (٢)
بوغوتا، مدينة في مرحلة ما قبل التصنيع (١٩٥٨م).
- (٣)
مستوى المعيشة في بوغوتا (١٩٥٨م).
- (٤)
حديث حول الإصلاح الزراعي (١٩٦٠م).
- (٥)
هل الراهب ساحر؟ (١٩٦١م).
- (٦)
مشكلة إقامة علم اجتماع أصيل أمريكي لاتيني (١٩٦١م).
- (٧)
أزمة الجامعة (١٩٦٢م).
- (٨)
الهجرة إلى المدينة والإصلاح الزراعي (١٩٦٢م).
- (٩)
العنف والتغيرات الاجتماعية والثقافية في المناطق الريفية في كولومبيا (١٩٦٣م).
- (١٠)
بُعدا الإنسان (١٩٦٣م).
- (١١)
كيف تمارس الجامعات الضاغطة السلطة (١٩٦٤م)؟
- (١٢)
العلم والحوار (١٩٦٤م).
- (١٣)
ثقافتان في طريقهما إلى الظهور (١٩٦٤م).
- (١٤)
الثورة، أمرٌ مسيحي (١٩٦٤م).
- (١٥)
النقد والنقد الذاتي (١٩٦٤م).
- (١٦)
خطاب إلى سيادة روبن إيزازا (١٩٦٤م).
- (١٧)
بيان الجبهة المتحدة إلى الشعب الكولومبي (١٩٦٥م).
- (١٨)
الشيوعية في الكنيسة (١٩٦٥م).
- (١٩)
إمكانيات اليسار (١٩٦٥م).
- (٢٠)
نزع ممتلكات الكنيسة (١٩٦٥م).
- (٢١)
خطاب إلى كاردينال أسقف بوغوتا (١٩٦٥م).
- (٢٢)
محاضرة أمام النقابات العمالية (١٩٦٥م).
- (٢٣)
كنيسة أمريكا اللاتينية على مفترق الطرق (١٩٦٥م).
- (٢٤)
الجبهة المتحدة (١٩٦٥م).
- (٢٥)
بيان للشعب الكولومبي (١٩٦٦م).
Camilo Torres: Ecrits paroles: Trad. Fran. Par D. Coste I. M. Fossey et H. de la Vega. Ed. Du Seuil, Paris 1968.
(١) طالب المعهد الديني = | Séminariste |
(٢) نائب الخوري أو المرشد = | Aumônier |
(٣) خوري الريف = | Curé rural |
(٤) خوري الحي العمالي في المدينة = | Curé de quartier urbain |
(٥) خوري الحي في المدينة = | Cure de quartier residential |
(٦) سيدنا أو الكاهن = | Monseigneur ou Chanoine |
(٧) معاون الأسقف = | Évêque conjoint |
(٨) أسقف = | Évêque |
(٩) رئيس الأساقفة = | Archêveque |
(١٠) كاردينال = | Cardinal |
Camilo Torres ed. Venceremos, Heverlee, Belgique.