لا نخف الحياة
من أعظم ما يدل على أن بعض شبابنا يخافون من الحياة، ويؤثرون الوقوف على شاطئ السلامة والأمن، مهما يكن في وقوفهم هذا من ضعة وجبن، أن كثيرًا منهم يسألون ويبحثون عما تملكه الفتاة التي يخطبونها للزواج، بل هم أحيانًا يضعون هذه المسألة في مقدمة ما يطلبون، كأنها الغاية الأولى من الزواج.
وهذا يدل على خوف من الدنيا، وعلى أنهم يبغون قضاء حياتهم على هذه الأرض بلا اقتحامات، وبلا صعوبات، وليست هذه هي الحياة المثلى للرجل الأمثل؛ لأن الحياة يجب أن تحتوي النور والظلام، والمتعة والمحنة، كي نعيشها حافلة بالاختبارات والتجارب، وكي نسبر أعماقها كما نرتفع إلى قممها.
ومع أن مجتمعنا ليس وطيدًا في بنائه الاقتصادي، بل إنه كثير التزعزع، فإن الشباب الذي ينشد من الزواج أمنًا اقتصاديًّا قبل كل شيء إنما يضحي بسعادته ومسراته العليا من أجل الوقاية من الخوف، وهو في هذه التضحية خاسر بلا شك.
إنما متعة الزواج في رفقة الحياة التي قد تبلغ نصف قرن أو تزيد وهو تكوّن، ثم نمو، ونضج، بل هو خلق جديد يستتبع تبعات قاسية سامية في تربية الأبناء وتنشئتهم.
وهذا المال الذي يتطلبه الشاب من خطيبته ليس سوى الهباء الذي لا قيمة له بالمقارنة إلى ما يرثه هؤلاء الأبناء من الذكاء والجمال والصحة، هذه الصفات الثلاث التي يجب أن تطلب أولًا في الشاب أو الفتاة اللذين يبغيان الزواج، بل ليست هناك صفة أخرى تُطلب إلى جنب هذه الصفات؛ لأنها أزلية تُورث في الأعقاب.
أيها الشاب: إذا فكرت في الزواج فانشد الفتاة الذكية الجميلة التي عاشت مع أبوين كريمين فاضلين، فحصلت بذلك على ميزتي الوراثة والوسط، وتهيأت بذلك للزواج والأمومة، وحسبك هذا.