ضرورة الفلسفة
يتغير معنى الحياة الصالحة أو الحياة السامية بتغير الظروف والأزمنة، ولكن الإنسان في جميع الأقطار، وفي مختلف العصور، قد وصل إلى معنى للدين تبلورت فيه فلسفته، وتجوهر فيه إلهامه، وهو الحب للبشر والارتفاع من الأهداف الأنانية إلى الأهداف البشرية والاجتماعية، وهذا المعنى الديني هو الذين يعين لنا أسلوبًا للحياة الصالحة أو السامية.
ومن هنا ضرورة الفلسفة لكل شاب أو فتاة؛ أي: يجب أن ندرب عقولنا على التفكير السليم حتى نصل إلى الرأي السديد في شئون الحياة ونعيش متسائلين مستطلعين عن قيمة نشاطنا؛ أي: يجب أن نعيش المعيشة الدينية الفلسفية، ونقيس رقينا بمقدار ما نرتفع عن الأنانية المادية الوضيعة إلى الخدمة البشرية والحب للناس والرغبة في رقيهم.
والواقع أنه ليس هناك إنسان يخلو من العواطف تمام الخلو، وهو لو كان كذلك؛ أي: لو خلا من هذه العواطف تمامًا، لما ائتمناه على أن يجاورنا في مقعد بالترام أو القطار؛ لأننا عندئذ لا نجد أقل الضمان عندنا ألا يجرؤ على سرقتنا.
ولكننا نختلف في هذه العواطف، فهي قوية في البعض ضعيفة في الآخرين، ومن هنا حاجتنا إلى الغذاء الفلسفي بالدرس والتأمل والبحث فيما ينفع الناس حتى نشحذ شباة العاطفة الاجتماعية التي تحملنا على العمل الإيجابي للخير، فضلًا عن الكف عن الشر.
علينا أن نتفلسف ونرفع مشكلتنا الخاصة الفردية إلى مقام المشكلة العامة الاجتماعية، فنجعل من فلسفتنا كفاحًا للخير والرقي، وبهذا فقط نستطيع أن نُمارس القداسة في معناها العصري.