المروءة تثقفنا وتصقلنا
عندما ننصح لأحد الشبان بأن ينشط إلى معاونة الغير، أو إلى إسداء المروءة إلى المحتاجين، يكاد هذا الشاب المستمع يعتقد أنه يُطالب بالتضحية، وأننا نكلفه شيئًا يتجاوز الفروض والواجبات.
ولكن قليلًا من النظر السيكلوجي لمواقف المروءة والتعاون والبر يجعلنا نفهم، أو نوقن بأن هذا الشاب البار الذي يُمارس المروءة ينتفع ببره ومروءته مثلما ينتفع ذلك الشخص الذي أسدى إليه البر أو المروءة، بل ربما أكثر منه.
ذلك أننا بهذه الممارسة تزيد الإحساس الاجتماعي في نفوسنا، ونتعود ما يلابس هذا الإحساس من مجاملات لفظية أو إيمانية تحمل كل من يصادفنا على احترامنا وحبنا، بل أكثر من هذا، وهو أننا نتجه اتجاه الخدمة والحب للمجتمع، فنتجنب الإثم والعار والجريمة، ونُمارس الفضيلة الاجتماعية في غير تكلف.
ممارسة المرءوة تجعلنا اجتماعيين، بحيث ننأى عن الشذوذ والإجرام؛ لأن أبرز صفات المجرم أنه انفرادي يُفكر في نفسه فقط، فهو يتجلف في لغته، ويمدح نفسه، ويعد المروءة سخفًا، ثم لا يبالي بعد ذلك أن يخدعك ويسرك؛ لأن «الغرائز» الاجتماعية لم تجد عنده ما يرويها ويصقلها من التعاون والبر والمروءة.
مارسْ أيها الشاب المروءة والنجدة والشهامة، واعلمْ أنك وأنت تُسدي المعاونة إلى أحد المحتاجين، إنما تخسر مادة يسيرة ولكنك تكسب تربية نفسك وصقلها ورفعها إلى المستوى الاجتماعي الذي ينأى بك عن الشذوذ أو الإجرام، واذكرْ أننا نحس الحب للناس عندما نخدمهم، ونحس الشهامة عندما ننجدهم.
والنفس السوية هي في النهاية النفس الاجتماعية.