اجعلْ المجد هدفك
يعيش كثير من الشباب سادرين يجرون مع التيار كأنهم حطامة يحملها السيل ويتجه بها أية وجهة، ويقنعون من الدنيا بما تعين لهم الحوادث، ليس لهم هدف أو برنامج.
ولو أن أحدًا أسس مدرسة وأعلن أنه ليس له برنامج ولا هدف لتجنبه الناس، وعدوا مدرسته مؤسسة للفوضى؛ لأن غاية المدرسة هي التعليم، وهو يحتاج إلى درجات مرتبة من التثقيف تنتهي إلى نهاية.
وكذلك يجب أن يكون الشأن في الحياة، نهدف منها إلى تربية الشخصية، فنعمل جاهدين إلى أن نصل إلى نضجها فأيناعها، ونحن نتربى وننضج بما يقع بنا من حوادث وتجارب، فالحياة هنا مدرسة تربينا مدى سبعين أو ثمانين سنة نعيشها على الأرض، ولكن يجب علينا أن نقف من هذه التربية موقف المعلم والتلميذ معًا نختار البرنامج ونعين الهدف، ولا نترك أنفسنا منفعلين مندفعين بالتيارات المحيطة بنا.
ومما تثبته السيكلوجية الحديثة أن لكل منا هدفًا يتعين لنا أيام الطفولة، فنرسم لأنفسنا الصورة المثلى التي تتمنى أن تتحقق، ثم نجهد على غير دراية منا كي نصل إلى تحقيقها.
ولكن هذه الصورة طفلية، وهي ليست جديرة بأن نجهد لتحقيقها، فيجب ألا ننخدع بها.
والشاب الناضج هو الذي يقف حوالي العشرين من عمره موقف الوجدان والاختيار، فيعين هدفه لنصف القرن الباقي من عمره ويسأل: ماذا أريد من هذه الدنيا؟ كيف يجب أن أكون بعد ٣٠ أو أربعين سنة؟ وهل أسلوب الحياة الذي أتخذه الآن سيُؤدي بي إلى المجد والصحة والمعرفة واليسر؟ أم إلى الحقارة والمرض والجهل والفقر؟
فإذا هو عين هدفه، واستقر عليه بعد المراجعة والتنقيح، فعليه أن يعين البرنامج على مراحل، كل مرحلة خمس سنوات مثلًا، يرتقي بها من حال إلى حال أخرى في كل ما يمتاز به الإنسان الراقي من الصحة والمعرفة واليسر، بل أيضًا من المجد، بل الحق أن الشاب الذي يتوخى المجد لا يحتاج إلى أن يفكر في غيره؛ لأن هذا الهدف وحده سيوجهه، وسيضطره إلى ممارسة كثير من الفضائل.
أجل: أيها الشاب، احترف المجد من الآن، واجعله هدفك، وعين برنامجك لتحقيقه.