ثراء بلا ثروة
أجل، يجب أن نكون أثرياء، ولكن أثرياء في الحياة ذلك أن كثيرين منا يظنون أن الثراء بالمال هو كل شيء.
ولكن هذا الثراء في المال كثيرًا ما يعمينا عن الثراء في الحياة، بل يحرمنا إياه.
فالحياة تكون فقيرة محدودة إذا لم تكن غنية بالأصدقاء الذين نخلص لهم ويخلصون لنا، فنستمتع برفقتهم وحديثهم، ونفرح لفرحهم، ونبتئس لتعسهم.
والحياة تكون فقيرة محدودة إذا لم نكن أغنياء بالصحة، صحة الجسم من الأمراض، وصحة النفس بالضمير السليم والعواطف البشرية النبيلة.
والحياة تكون فقيرة محدودة إذا لم نكن أغنياء بالحب؛ أي: تلك المرأة التي نحبها وتحبنا، وتلك العواطف الباردة التي تجعلنا نحس أخوتنا مع سائر البشر؟
والحياة تكون فقيرة محدودة إذا لم تكن نفوسنا معمورة بالاتجاهات الفلسفية، وعقولنا مؤثثة بالثقافات القديمة والحديثة.
الحياة تكون فقيرة محدودة إذا لم نستمتع بالفن والجمال، ولكن الاستمتاع بالفن والجمال ليس صورة نشتريها أو أثاثًا فاخرًا نقتنيه، وإنما هو قبل كل شيء نفس فنانة قد ربيناها على التأنق، وعقل يستجيب للإيقاع في الطبيعة.
وهذا هو الثراء في الحياة، والحياة أكبر من المال، ويجب لذلك أن يرتفع معنى الثراء من جمع المال إلى اقتناء الصحة والأصدقاء، والثقافة والحب والفن، حتى نعيش العيش العريض الذي يحفل بالشرف والسعادة، أجل ونعرف فيه الألم والتعس.