حرية العقيدة
كانت الحكومات الأوروبية في القرون الوسطى تقيد التفكير وتمنع حرية الرأي أو العقيدة، بل كانت أحيانًا تعاقب المخالفين الذين يصرحون أو يلمحون بآرائهم أو عقائدهم، وكانت تحرق الكتب التي كانت تزعم أنها تُخالف العقائد العامة.
ولكن أوروبا انتهت إلى حرية الرأي والعقيدة، بل إن معظم حكوماتها قد فصل الدين عن الدولة؛ حتى لا يتحيز ساستها لإحدى العقائد.
وقد أخذت بعض الأمم الشرقية بهذا النظام وجعلت الرأي مباحًا والعقيدة حرة، كما فصلت الدين عن الدولة، ففتحت الطريق لأبنائها إلى المستقبل.
وربما كانت الهند أعظم هذه الدول الشرقية في الإكبار من حرية العقل في العصر الحديث؛ إذ إن دستورها الجديد ينص على عقوبة من يؤمن بالنجاسة أو يمنع المنبوذين من الدخول في المطاعم أو المدارس أو المسارح.
ولكن حرية العقل لا تحتاج إلى نصوص القوانين التي تصدرها الدولة فقط؛ ذلك لأننا جميعًا نرث من التقاليد الفكرية والمركبات العقيدية ما يشبه العقد النفسية التي تحول بيننا وبين النظر الحر والتفكير السليم، فإذا لم نتنبه إلى هذه العوائق وننفضها من عقولنا فإنها ترسخ في نفوسنا، وتقفل أبوابًا من التفكير الحر كنا نستطيع أن نفتحها، ونتطلع منها إلى آفاق جديدة في الابتكار والتغيير والتطور، وأيضًا في زيادة الروابط للأخاء البشري، وهو الإخاء الذي تفصمه، مع الأسف، العقائد والأديان.
ولذلك مع أن حكومة الهند قد كفلت حرية الرأي والعقيدة لرعاياها، فإن الملايين من الهنود لا يزالون مقيدين بالعقائد الموروثة التي تحبس عقولهم وضمائرهم في سياج.
وكلنا مثل هؤلاء الهنود إلى حد ما، وقد ورثنا عادات ذهنية وعقائد خرافية تتصل بالمجتمع أو الغيبيات، وهي بمثابة الجدران الكثيفة التي تمنعنا من التفكير الحر.
ولذلك يجب أن نفحص عن أنفسنا ونتخلص من هذه القيود الموروثة.