اختيار الزوجة
مهما تعددت الغايات التي نهدف إليها في حياتنا فإنه لا شك في أن أولى هذه الغايات أن نحيا ونستمتع بما في هذه الدنيا من متع ذهنية أو عاطفية، وليس معنى هذا الاستمتاع أن نسترسل في الملذات الحيوانية الوضيعة، ولكن معناه أن نسعد بأطيب ما في الدنيا من نعم الوجود.
وأطيب هذه النعم هو الزواج الحسن؛ لأن الزواج هو أدوم مسراتنا؛ إذ هو يحسب بعشرات السنين، ولذلك يجب أن نُعنَى أكبر العناية ونتأنق أكبر التأنق في اختيار الزوجة التي قد نعيش معها أربعين أو خمسين سنة في معاشرة يومية واتصال حميم، يجب أن نختار الزوجة بحيث تكون صفات الجمال فيها على أوفرها: جسم جميل، وعقل ذكي، والذكاء هو جمال العقل، ويجب ألا ننخدع بالقيم الاجتماعية التي يحيطنا بها المجتمع الاقتنائي الذي نعيش فيه، فإن هذا المجتمع يكبر من شأن المال ويخيفنا، بل يرعبنا، من الفاقة والحرمان بحيث ننحرف إلى الناحية الأخرى انحراف الجنون، فنضحي بكل شيء تقريبًا من أجل المال، ونختار الزوجة الثرية بحيث نتغاضى عن جمال جسمها وجمال عقلها، ثم نعقب منها أولادًا دميمين ينقصهم جمال الجسم وجمال العقل، وعندئذ قد ننجح في المجتمع ولكننا نخفق في الحياة.
والحياة أكبر من المجتمع، وهي الخالدة وهو الزائل، وذلك الشاب الذي يختار الفتاة لثرائها لا يخون نفسه فقط بل يخون البشرية نفسها، يخون مستقبل الإنسان.
يجب على كل شاب حين يرى فتاة ويفكر في خطبتها أن يسأل: كيف يكون أبنائي منها؟ هل يكونون مصابيح تتلألأ بالصحة والجمال والذكاء أم يكونون غير ذلك؛ لأني آثرت المال والاقتناء على هذه الميزات؟
إن قيم الحياة أسمى وأدوم من قيم المجتمع، ويجب أن نتزوج كي نسمو بالحياة، حتى يكون أبناؤنا أجمل منا وأذكى.