الاستعداد للتطور الحالي
قد يكون عصرنا أسوأ العصور من حيث الأخطار التي تتكاثف يومًا بعد يوم وتنتظر الانفجار، فقد رأيت في حياتي حربين تحطم فيهما نحو ثلاثين مليون عائلة، وأوشك أن أرى حربًا ثالثة قد تؤدي بمئة مليون عائلة أخرى، وهذه الحرب الثالثة سوف تجعل كلًّا منا يعيش في شقاء مركز يقلق في نهاره، ويأرق في ليله، ويخشى البتر والموت لجميع من يحب، فإن القنبلة الذرية سوف تكون كابوسًا لجميع من يعيشون في هذه الحرب القادمة، سواء في ذلك الجندي والمدني، والآباء، والرجال والنساء.
وليس شك في أن كل هذا يُحزن، ولكن هناك ما يجب أن يبعثنا على الآمال الواسعة، حتى مع وقوع هذه الحرب الثالثة، ذلك أن العالم سوف ينتقل من المباراة والتحاسد والجشع، إلى حضارة اشتراكية جديدة تقوم على الإخاء والتعاون والقناعة.
وهذا الانتقال أو التطور الذي نمر فيه هو ظاهرة اجتماعية يجب على كل شاب أن يدرسها، وذلك بأن يكون على وجدان يقظ، وتنبه دائم للحركات السياسية والاقتصادية في العالم، بل إن كل شاب يعد مسئولًا في عصرنا عن هذا التطور الذي يجري هادئًا صامتًا، أو صاخبًا متفجرًا، ويجب أن يشترك فيه، ويعمل لاستعجاله، مجاهدًا بما يمليه فهمه وتعقله للحوادث، حتى يقف إلى جانب الخير ويقاوم قوات الشر.
ولذلك يجب على كل شاب أن يقرأ الجرائد التي تُعنَى بدراسة الشئون العالمية، وأن يُوالي هذه الدراسة التي ترفعه إلى آفاق من الفهم والمعرفة والحكمة لا يصل إليها أولئك الذين يقتصرون على قراءة المجلات التي تخاطب الغرائز وتجمش الشهوات، وتكافح الذكاء، وتطارد العقل، أو أولئك الآخرون الذين يعيشون على الخبز وحده.
ويقول الحديث الشريف: «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته».
ويقول المثل الأوروبي: «كل فرد في أمة ديمقراطية يعد ملكًا؛ لأن له رأيًا في الحكم».
والأمة أو الرعية هذه الأيام هي النوع البشري كله على هذه الأرض، وأنت أيها القارئ مسئول عنه، وأنت مضطر لهذا السبب إلى دراسة السياسة والاقتصاد وهما أساس التطور الاجتماعي الذي نرجوه، أو الانفجار الذري الذي نخشاه.