الأعياد والهدايا
يحتفل الغربيون بأعيادهم فيخرج الصبيان يوم ٢٥ من ديسمبر مثلًا وهم في عربدة من الألوان، يحملون معهم هداياهم التي أُهديت إليهم من آبائهم أو من الأصدقاء … ويقضون ذلك اليوم وهم في مهرجان من المرح والزئيط.
ولكن هذه الهدايا لا تقتصر على الصبيان والأطفال، فإن عيد الميلاد فرصة للتهادي أيضًا بين الزوجين وبين الأصدقاء والأقرباء.
ونحن الشرقيين كرماء، ولكن كرمنا لا يزال يسير على أساليبه البدائية القديمة، من حيث إننا نثقل الضيف بأثقال من الطعام، كأننا نتفاخر بعدد السعرات التي نقدمها له، ولكننا لا نكاد نعرف التهادي، مع أن الإهداء هو خير ألوان الكرم، وهو وسيلة الذكرى واستدامة الصداقة.
ولنا أعياد يحتشد فيها الاستهتار، وينفرج الكظم العام، بالشراب والطعام، ولكننا لا نهدي إلى أطفالنا وأصدقائنا من الهدايا النافعة في هذه الفرص ما يستديم صداقتهم وحبهم وينبه فيهم الغرائز الاجتماعية.
والهدية التي نهديها إلى صديق، أو إلى صبي، تحمل في ثناياها إحساسًا اجتماعيًّا يزيد كثيرًا على قيمتها المادية، ومن الحسن أن نحرك هذا الإحساس من وقت لآخر في أنفسنا، وفي غيرنا؛ لأننا لا نكون على تربية حسنة ما لم نكن اجتماعيين، والتهادي هو تدريب اجتماعي للمتهادين.
وقد تكون الهدية عربونًا للصداقة، كما تكون تأييدًا أو تجديدًا لها، وعلى كل شاب لهذا السبب أن يخص جزءًا من دخله لشراء الهدايا لأصدقائه أو لأبنائه الصغار، وما ينفقه من مال في هذه الهدايا سيعتاض بأكثر من قيمته حبًّا ومكانة في وسطه الاجتماعي.
وهذا اللون من الكرم هو خير من إيلام الولائم الشرقية القديمة التي كثيرًا ما تُؤدي إلى التخمة، والتي لا تزيد لذتها على أن تكون لذة حيوانية.