أعظم الألم توقع الألم
تقدم ثمانية من أعضاء البرلمان الإنجليزي بمشروعات كي يبحثها المجلس ويجعلها قوانين، وكل من هؤلاء الأعضاء ينفرد بمشروع خاص، ولكنها جميعًا تهدف إلى الرحمة بالحيوان.
فواحد منها يُراد منه النص على أن يمنع وضع شرك؛ أي: فخ، إذا كان يُؤذي الحيوان الذي يقع فيه بجرح أو يؤلمه بأية صورة أخرى، وآخر ينص على طريقة «إنسانية» لذبح الحيوان في المجزر، وآخر ينص على منع الصيد بالطراد، حين يخرج الصائدون وكلابهم، ويعدون وراء الوعل أو الأرنب أو الثعلب، ولا يزالون في العدو حتى تقع الطريدة إعياء وإغماء، وآخر ينص على منع البتر للذنب، كما يفعل بعض الذين يقتنون الكلاب أو القطط.
وهذا الاهتمام بالحيوان، والرغبة في حمايته من الآلام أو تخفيفها، هما برهان على رقي نفسي، وعلى إحساس قد أرهف بالتأمل، والأغلب أننا نبالغ في تصورنا لآلام الحيوان؛ لأننا نجد في حياتنا البشرية أن أعظم ما يؤلمنا ليس هو الألم، وإنما هو توقع الألم، والحيوان سعيد من هذه الناحية؛ لأنه يجهل المستقبل.
ولكن هؤلاء الأعضاء قد نقلوا إحساسهم البشري الذاتي إلى الحيوان، وهم لم يفعلوا ذلك، ولم تنشأ فيهم هذه العواطف الرحيمة، إلا بعد تفكير طويل في الحب والرحمة، وهم؛ أي: هؤلاء الأعضاء أنفسهم، قد ارتقوا بهذه العواطف التي أضفوها على الحيوان، فزادوا إنسانية.
ونحن والحيوانات أسرة واحدة، وبيننا وبين كل منها قرابة تطورية، فإن كلًّا منا يعرف من أعماق نفسه ونخاع عظمه أنه حيوان، كما أن كل حيوان ينطوي على النفس البشرية، ولذا فإن القسوة بالحيوان هي فظاظة وغلظة وجهالة يجب أن يترفع عنها الإنسان المثقف.