لك الساعة التي أنت فيها
ستفن ليكوك أديب أمريكي، يمزج الحكمة بالفكاهة والفلسفة بالعيش، ومن أحسن ما قرأت له قوله: «ما أغرب هذه الحياة، فإن الطفل يقول: عندما أصير صبيًّا … والصبي يقول: عندما أصير شابًّا … والشاب يقول: عندما أتزوج …»
ولكن ماذا بعد الزواج؟ إن هذا الزوج يقول: عندما أترك العمل وأرتاح … فإذا جاء هذا الوقت المؤمل وترك العمل وارتاح، نظر خلفه فإذا به يرى هذا الفضاء الذي قطعه وكأن ريحًا عاتية قد اكتسحته، وكأن هذا العمر قد وَلَّى وفات، ثم يعرف بعد ذلك؛ أي: بعد فوات الفرصة، أننا إنما نحيا بأن نعيش في فسيح اليوم والساعة اللذان يمران بنا.» أو كما يقول الشاعر العربي:
وحكمة هذا القول تتضح عندما نتأمل الكثيرين وهم يجترون المحن الماضية، ويخشون الكوارث القادمة، وكأن هذا اليوم الذي يقف بين الماضي والمستقبل ليس له قيمة عندهم، مع أنه يجب أن تكون له أكبر القيمة.
يجب أن نعيش في يومنا وننسى الماضي، ونُؤدي عملنا، وحسبنا ذلك، أما المستقبل فإنه يكون مكفولًا لنا إذا أحسنا نحن عمل هذا اليوم، وليس هناك ما يمنع من أن نُفكر فيه تفكير السكينة والاتزان، ولكن يجب ألا نقلق بشأنه؛ لأن هذا القلق لن يُغير ما سوف يحدث فيه، ولكنه سيمنعنا من أن نُؤدي عمل اليوم، واليوم هو فرصة استمتاعنا بالحياة، وأخيب الناس هم أولئك الذين يرتهنون شبابهم لشيخوختهم، فيعملون جاهدين لهذا المستقبل البعيد، ويحرمون أنفسهم عيش الشباب، فإذا جاءت الشيخوخة عدموا القدرة على الاستماع، فلم يبق لهم سوى الندم فكأنهم لم يعيشوا.