يجب أن نعمل كي نعيش
كتب إليّ أحد الشبان يقول: إن مرتبه الشهري أقل من خمسة عشر جنيهًا، وأنه يعول زوجته، وأولاده، وأبويه، وبعض أقاربه المحتاجين بهذا المبلغ، ولذلك هم في قحط، وهو يطلب إليَّ أن أحل هذه المشكلة.
وواضح أن هذا المبلغ لا يكفي كل هؤلاء، وفي أوروبا المتمدنة يُمنح المسنون الذين بلغوا الستين معاشات من الحكومة يعولون بها أنفسهم، سواء كانوا من رجال أم نساء، وكذلك الحكومات المتمدنة تعالج الغلاء الذي نُعانيه في مصر ولا نجد له أي علاج.
ولكن، حتى مع هذه الاعتبارات، يبقى هناك اعتبار ضخم له أكبر الشأن فيما يعاينه هذا الشاب؛ إذ لو كان هو أوروبيًّا لعملت زوجته وكسبت، بل لعمل كل فرد يتجاوز سن التعليم من أولئك الذين يعولهم هو الآن في مصر، وكانوا عندئذ يكسبون، ويصونون صحتهم بالطعام الوفير، وكرامتهم باحترام المجتمع لهم.
ولذلك يجب أن نعترف بأن شبابنا منكوبون بثقافة شرقية تمنع، أو تؤخر، استخدام المرأة وكسبها، في الوقت الذي يعيشون فيه في ظروف غريبة تُطالب كل شاب وكل فتاة بأن يعملوا وينتجوا ويكسبوا.
وهذه الثقافة الشرقية هي التي تمنع المرأة أو الفتاة، في كثير من بلدان الشرق، من العمل والكسب، وتطالب الزوج أو الأب أو الابن بأن يعمل وحده كي يعول سبعة أو ثمانية أعضاء في عائلته، وهو بالطبع يعجز، ولذلك هم يعيشون في قحط دائم، بل أحيانًا يعيشون في خلاف يُؤدي إلى المحاكم حين تطلب السيدة أو الفتاة نفقة من عمها أو ابن عمها بدلًا من أن تعمل وتكسب.
ولذلك علينا أن نترك ثقافتنا الشرقية القديمة، وأن نأخذ بالأوزان والقيم الأوروبية حتى نخفف عبء العيش عن الرجل، وعلى كل امرأة وفتاة في الشرق أن تعمل وتكسب كما تفعل الأوروبيات.