لا حياة بلا شجاعة
من قصص الحياة التي تحمل عبرة كبيرة لكل شاب، قصة المستر هاني، وهو رجل أمريكي كان يشكو قرحة معوية استعصى علاجها، وقد عالجه ثلاثة من الأطباء يئسوا من شفائه حتى طلب أحدهم منه أن يكتب وصيته وأن يترك عمله؛ لأن الموت قريب.
ولكن هذا المستر هاني كان يمتاز بالشجاعة، وهي فضيلة تعلو على جميع الفضائل البشرية، فإنه تساءل: «مادام لم يبق لي غير القليل من الأيام كي أعيش، فإني يجب على الأقل أن أستمتع بهذا القليل، وقد كنت أشتهي السياحة حول العالم قبل أن أموت، وها هي ذي الفرصة تسنح لي الآن فيجب أن أنتهزها.».
ولكن أطباءه أنذروه بأنه إذا غادر البلاد فإنه سيموت ويُدفن في البحر، وكذلك أنذرته عائلته، وحاولت أن تكفه، ولكنه أبى أن ينصاع.
وعمد، في حنين وتعقل معًا، إلى أحد اللحادين فاشترى منه نعشًا من المعدن الذي يمكن أن تحكم منافذه حتى لا يتسرب منه أو إليه الهواء، وطلب من ربان الباخرة أن يُوضع في هذا النعش عندما يموت، وأن يبقى في الثلج حتى يُرد إلى أسرته ويُدفن في الجبانة إلى جوار أقربائه.
وكان قد ساءت حالته حتى لصق الجلد بالعظم، ولكنه تحامل إلى الباخرة، وما هو أن استقبل الاقيانوس وهبت العواصف حتى انتعش وانبعث فيه روح الاقتحام، ثم رأى الهنود في عريهم، والصينيين في بؤسهم، فذكر همومه التي جلبت إليه هذه القرحة، وتعجب كيف أجاز لنفسه أن يتحمل هذه الهموم مع أنه لم ير جزءًا من ألف مما يراه هؤلاء الهنود أو الصينيون.
وعاد إلى أمريكا وقد زاد وزنه تسعين رطلًا، وباع النعش واكتسب فوق الصحة تربية وفلسفة للحياة، ولباب هذه الفلسفة أو الشجاعة هي خير ما نواجه به المصاعب ونقتحم به المستقبل، وهي العلاج السامي لجميع همومنا وأمراضنا الجسيمة والنفسية.